بلومبرغ
تلتزم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) خطة طُوّرت في الأيام الأولى من جائحة "كوفيد-19" لتسريع المدفوعات المرحلية لمقاولي الدفاع، وذلك رغم تزايد الأدلة على أن الشركات الكبرى تبدو صحية من الناحية المالية وتكثّف عمليات إعادة شراء الأسهم.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة جيسيكا ماكسويل في بيان، إنه بموجب خطة المدفوعات المعجَّلة، قدمت وزارة الدفاع 4.6 مليار دولار لمقاولي الدفاع اعتباراً من 31 مارس، مضيفة أن نحو 2.4 مليار دولار من هذا المبلغ قد دُفع لكبار المقاولين، وهم "لوكهيد مارتن" (Lockheed Martin Corp) و"بوينغ" (Boeing Co)، و"رايثيون تكنولوجيز" (Raytheon Technologies Corp)، و"نورثروب غرومان" (Northrop Grumman Corp)، ومشروع الطائرات المشترك "لوكهيد-بوينغ يونايتد لانش آليانس" (Lockheed-Boeing United Launch Alliance LLC).
يقول مسؤولو البنتاغون إن أمر إدارة "بايدن" الصادر في 24 فبراير بتمديد إعلان الطوارئ الصادر عن الرئيس السابق دونالد ترمب إبان تفجُّر الجائحة، يشير إلى أنه لا يزال بإمكان الشركات الاستفادة من البرنامج، بما يعزّز النسبة المئوية للمدفوعات المرحلية الدورية التي سيحصل عليها المقاول مقابل التكاليف المتكبَّدة.
يُذكر أن الهدف من هذا الإجراء هو ضمان حصول الشركات على السيولة اللازمة لدفع أجور العمال وضمان استقرار سلاسل التوريد وسط الاضطرابات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة.
وأضافت ماكسويل: "في هذا الوقت لا يمكن للوزارة أن تتوقع متى ستُلغَى معدلات الدفع المرحلي المتزايدة، إذ يستمر التأثير الاقتصادي لأزمة (كوفيد-19) على قاعدة الدفاع الصناعية".
تعزيز الأوضاع المالية لشركات
دُفع بموجب البرنامج ما يصل إلى 90% من التكاليف المتكبَّدة للشركات الكبيرة على أساس عاجل، ارتفاعاً من 80% سابقاً، كما يرتفع الرقم إلى 95% للشركات الصغيرة من 90%. وساهمت المدفوعات في تعزيز الأوضاع المالية لشركات الدفاع الكبرى.
وعلّق المحلل جيمس ماكاليز المقيم في فيرجينيا قائلاً: "تجاهَل معظم مقاولي الدفاع توجيهات التدفق النقدي قبل (كوفيد-19) في الربع الأول، ويرجع ذلك إلى مزيج من المدفوعات المرحلية الأعلى لوزارة الدفاع، وتأجيل ضرائب الرواتب بموجب قانون الرعاية البالغ 2.2 تريليون دولار، وخفض تكاليف الشركات الداخلية، وزيادة استخدام الخدمات العسكرية لممارسات التعاقد التي سمحت بفواتير أسرع"، على حد قوله.
وأضاف ماكاليز أن قانون خطة الإنقاذ الأمريكي الجديد الذي تبلغ قيمته 1.9 تريليون دولار يسمح أيضاً لبعض المقاولين بتأجيل مساهمات المعاشات التقاعدية المخطَّط لها لعام 2021-2023، مما يؤدِّي إلى زيادة التدفق النقدي مباشرة في الفترة 2021-2023.
إعادة شراء الأسهم
في مارس 2020 أثار تغيير السياسة تساؤلات حول ما إذا كان المقاولون الرئيسيون سيمررون المدفوعات إلى المقاولين من الباطن في الوقت المناسب، أو يحولون بعض صافي الزيادة لإعادة شراء الأسهم أو دفع توزيعات الأرباح. وبدأ هذا الموضوع يصبح مصدر قلق أكبر.
وقال بايرون كالان، المدير الإداري لشركة "كابيتال ألفا بارتنرز" (Capital Alpha Partners LLC)، إن شركات "لوكهيد مارتن" و"رايثيون" و"إل3هاريس تكنولوجيز" (L3Harris Technologies Inc) و"جنرال دايناميكس" (General Dynamics Corp) و"نورثروب غرومان"، أبلغت عن عمليات إعادة شراء للأسهم في الربع الأول بلغت قيمتها الإجمالية نحو 4.8 مليار دولار، مقارنة بـ4.6 مليار دولار لعام 2020 بأكمله.
كما أشار كالان في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى أنه في حال استمرت المدفوعات المرحلية المعجَّلة من شهر إلى ثلاثة أشهر أخرى، "فمن المحتمَل أن تظهر حاجة إلى مساعدة المقاولين الأصغر الذين تأثروا بالهبوط في مجال الطيران التجاري، ولكن لا أعرف ما إذا كان ذلك مبرراً لفترة أطول من ذلك، فقد تصبح الصورة أكثر قبحاً مع استئناف مقاولي الدفاع الكبار عمليات إعادة شراء الأسهم".
وفي بيان لها قالت السيناتور إليزابيث وارين، العضو الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، والتي شكّكَت في المدفوعات مع بداية البرنامج العام الماضي، إنها لا تزال متشككة.
استثمار الأموال
قالت وارن: "خلال الجائحة، بدأت وزارة الدفاع دفع أجور المقاولين العمالقة قبل الموعد المحدَّد من أجل الحفاظ على المشاريع في مسارها الصحيح وإبقاء الناس في أعمالهم، وفي حال كان هؤلاء المقاولون أنفسهم سيبدؤون إغراق أموالهم في عمليات إعادة شراء الأسهم بدلاً من إعادة الاستثمار في عمالهم، فعلى وزارة الدفاع قطع هذه المدفوعات المبكرة أو التأكد من عدم إمكانية استخدامها في عمليات إعادة الشراء أو توزيع الأرباح أو التعويض التنفيذي".
في حين قالت ماكسويل إنه لا دليل على تحويل المدفوعات المعجَّلة لعمليات إعادة الشراء أو التعويض المعزز، كما أشارت إلى أن الشركات كانت تقدّم طواعية وعلى أساس شهري معلومات الدفع عن الدولارات التي تتدفق إلى المقاولين من الباطن، مستشهدةً بمعلومات تتبعها وكالة إدارة عقود الدفاع.
وأوضحت أنه "لا مؤشر في الوقت الحالي على تحويل المقاولين الأموالَ لدفع أرباح الأسهم أو إعادة شراء الأسهم، إذ يبدو أن العدد المحدود الإجمالي للتأخيرات في البرامج المتعلقة بسلسلة التوريد يشير إلى أن البائعين في سلسلة التوريد لديهم وصول كافٍ إلى الأموال لتجنُّب اضطرابات العمليات. ولم تُشِر أي علامة إلى سوء استخدام".
صغار المقاولين
وأتمّت شركة "لوكهيد مارتن"، وهي واحدة من أكبر المستفيدين من البرنامج حتى الآن، "تدفُّق جميع المدفوعات المعجلة التي تلقتها إلى أكثر من 11,000 مورّد، بما في ذلك أكثر من 6,700 شركة صغيرة في جميع الولايات الخمسين، ومقاطعة كولومبيا، وبورتوريكو، و47 دولة"، حسب بيان للمتحدث باسم الشركة ترينت بيروتو.
أما جيف ديفيس، المتحدث باسم شركة "جنرال دايناميكس"، فقال: "عجّلنا بدفع أكثر من مليارَي دولار من المدفوعات المرحلية لمورّدينا خلال العام الماضي، وهو ما يزيد كثيراً على مبلغ الـ500 مليون دولار الذي قدمته لنا الحكومة"، إذ وصف هذه الدفعات بأنها "ضرورية لبقاء آلاف الشركات الصغيرة في سلسلتنا للتوريد".
كما أوضح كالان أنه يقبل استنتاج البنتاغون عدم تحويل المدفوعات بعيداً عن المقاولين من الباطن، إلا أن "القضية المفتوحة هي لماذا تتبقى حاجة إلى المدفوعات المعجلة في ظل استخدام أكبر أربعة مقاولين نقداً بقيمة 4.8 مليار دولار من أجل إعادة شراء الأسهم في الربع الأول؟".
وقال جون لودي، نائب رئيس سياسة الأمن القومي في جمعية صناعات الطيران، إن مدفوعات البنتاغون "واحدة من أكثر الأدوات تأثيراً" في التخفيف من أزمة "كوفيد-19"، "وفقاً لـ71% من أعضاء الجمعية، إذ وفرت للشركات التدفق النقدي المطلوب لدفع رواتب الموظفين ومواصلة العمليات".