بلومبرغ
أخبر كارلوس غصن المدّعين العامين أثناء احتجازه في أواخر عام 2018 أنَّه لا يوجد التزام قانوني على شركة "نيسان" بدفع أيِّ تعويض مؤجل تمَّ التنازل عنه طواعية، وفقاً للبيانات التي تمَّت قراءتها بصوت مرتفع في المحكمة أثناء محاكمة المدير السابق غريغ كيلي.
وقال غصن للمدّعين العامين في ذلك الوقت، وفقاً لشهادة قرأها محامي كيلي في محكمة طوكيو الجزئية يوم الثلاثاء الماضي: "السبب في أنني خفَّضت راتبي كان بسبب الرأي العام، وللحفاظ على دوافع موظفي نيسان". ونفى كيلي اتهامات بمساعدة غصن على عدم الإبلاغ عن أجره بأكثر من 9 مليار ين (83 مليون دولار).
الإجراءات ضد كيلي البالغ من العمر 64 عاماً، على وشك الدخول في مرحلتها النهائية، فمن المقرر أن يقف كيلي أمام المنصة، بعد ثمانية شهور من الاستماع لشهادات المديرين التنفيذيين الحاليين والسابقين في شركة صناعة السيارات، والخبراء، وشهود آخرين. وبرغم فرار غصن من اليابان مما أسماه بالنظام القانوني غير عادل في نهاية ديسمبر 2019، إلا أنَّ وجوده كان يلوِّح في الأفق بشكل كبير خلال المحاكمة.
تعويض قانوني
وفي تصريحات ترجمت إلى اليابانية ثم إلى الإنجليزية، قال غصن: "بصفتي رجل أعمال، كنت آمل أن تقوم نيسان، أو من خلال التحالف، بتعويضي بشكل قانوني. أراد الناس من حولي إيجاد طرق لتعويضي قانونياً. لقد أرادوا أن أبقى في نيسان ".
تمَّ تقديم شهادة غصن كدليل من قبل محامي الدفاع عن كيلي، وكذلك من قبل المدّعين العامين، ونيسان التي اتُهمت أيضاً بتقديم معلومات خاطئة حول تعويض غصن. وبرغم وجود محامي الدفاع عن "نيسان" في المحكمة، إلا أنَّ الشركة لم تطعن فعلياً في أيِّ نزاع.
وأثار القبض على غصن وكيلي في نوفمبر 2018 ضجة كبرى في الشركات، وفي الأوساط القانونية، ومايزال صداها يتردد حتى اليوم الحالي. وسجَّلت "نيسان" أرباحاً منخفضة لعقد من الزمان، وشرعت في خطة لخفض التكاليف لتغيير نفسها. كما تهاوى تحالف صانع السيارات مع "رينو إس إيه"، و"ميتسوبيشي موتورز". وتمَّ تسليم الأمريكيان مايكل وبيتر تايلور إلى اليابان لمواجهة اتهامات بمساعدة غصن على الفرار من البلاد، وستعقد جلسة الاستماع الأولى الشهر المقبل.
يوجد غصن في بيروت حالياً، ويسعى لاستعادة سمعته. وإلى جانب إجراء المقابلات، أطلق غصن أيضاً موقعاً على شبكة الإنترنت، ونشر كتاباً، ويعمل على فيلم وثائقي. وتعدُّ شهادة المحكمة يوم الثلاثاء لمحة نادرة عما قاله المدير التنفيذي السابق لشركة السيارات إلى المدّعين العامين أثناء احتجازه في طوكيو.
اتهامات متبادلة
أمضى غصن، الذي اعتقل مرتين خلال عام 2019، حوالي 130 يوماً في السجن قبل إطلاق سراحه للمرة الأخيرة في شهر إبريل من ذلك العام.
وقال غصن للنيابة أثناء احتجازه:"ما كشفت عنه هو المبلغ الذي تلقيته، وإذا كان التعويض المؤجل مشروطاً، فهذا يعني أنَّني كنت أفهم أنَّه يقع ضمن منطقة رمادية. كما لن يتمَّ دفع المكافأة إذا لم يتم استيفاء الشروط، ولا يجب دفع المبلغ إذا لم يتم الإفصاح عنه. يجب الإفصاح عن التعويض الذي تقرر أنَّه مستحق الدفع."
وانتقد غصن النظام القانوني الياباني، ووصفه بأنَّه "نظام عدالة ينتهك المبادئ الأساسية للإنسانية". ووصفت الحكومة اليابانية هذه الادعاءات بأنْ لا أساس لها من الصحة، واتهمت الرئيس التنفيذي السابق بنشر معلومات كاذبة حول النظام القانوني في البلاد. كما تعهَّدت وزارة العدل بإعادة غصن إلى اليابان لمحاكمته، برغم أنَّ هذا غير مرجح، نظراً لأنَّ اليابان ليس لديها معاهدة تسليم المجرمين مع لبنان.
ولم تتضمَّن الشهادة في المحكمة تأكيداته المزعومة بأنَّ هناك مؤامرة داخل "نيسان" لطرده من الشركة والتحالف. وأظهرت التقارير التي نشرتها "بلومبرغ" أنَّ مجموعة صغيرة من المطَّلعين عملوا لشهور لرفع دعوى جنائية ضد رئيس مجلس الإدارة قبل اعتقاله.
كما خضع تحقيق "نيسان" الخاص بشأن غصن وكيلي للتدقيق الداخلي، لا سيَّما من قبل المستشار العام العالمي السابق رافيندر باسي، الذي شكَّك في أساليب شركة صناعة السيارات، وأثار مخاوف بشأن تضارب المصالح. وتمَّ تخفيض رتبة باسي واستبعاده من "نيسان" في أواخر العام الماضي لتحدثه قائلاً، إنَّ صانع السيارات
ما يزال مثقلاً بقضايا حوكمة الشركات العميقة.
انتهاكات جسيمة
وفي بيان عبر البريد الإلكتروني، قالت أزوسا موموز، المتحدِّثة باسم "نيسان": "أجرت نيسان تحقيقاً داخلياً قوياً وشاملاً شمل محامين خارجيين".
واستناداً إلى أدلة جوهرية ومقنعة؛ تمَّ العثور عليها في التحقيق، أثبتت "نيسان" أنَّ كارلوس غصن وغريغ كيلي ارتكبا عمداً سوء سلوك خطير، وانتهاكات جسيمة لأخلاقيات الشركة. كما تدَّعي الشركة أنَّ الحقائق المحيطة بسوء السلوك ستظهر أثناء إجراءات المحكمة، وسيأخذ القانون مجراه ".
وبعد صعود كيلي إلى المنصة في وقت لاحق من هذا الأسبوع، ستستمر الشهادة حتى أوائل يوليو، فيما سيتمُّ تحديد المرافعات الختامية بعد بضعة شهور، ليليها الحكم. وبحلول ذلك الوقت، تكون قد انقضت ثلاث سنوات منذ اعتقال غصن وكيلي.