بلومبرغ
كشفت شركة "تويوتا" عن إعادة شراء أسهم بقيمة 250 مليار ين ياباني (2.3 مليار دولار)، فيما تتوقَّع أن تعود إلى الربحية التي كانت سائدة قبل تفشي وباء كورونا في السنة المالية الحالية، فقد وضعتها قدرتها على مواصلة إنتاج السيارات وسط النقص العالمي في رقائق السيارات في موقع رئيسي للاستفادة من التعافي السريع للطلب على السيارات.
توقَّعت شركة صناعة السيارات اليابانية 2.5 تريليون ين كأرباح تشغيلية للأشهر الـ 12 التي ستنتهي في مارس، مقارنة بأرباح 2.4 تريليون ين في السنة المالية لعام 2019، قبل الوباء. وتوقَّع المحللون، في المتوسط، ربحاً تشغيلياً قدره 2.7 تريليون ين.
تقوية سلسلة التوريد
خلال فترة مضطربة لصناعة السيارات، سرعان ما تقدَّمت "تويوتا" على نظيراتها في هذه الصناعة، عبر تقوية سلسلة التوريد الخاصة بها، وزيادة الإنتاج من أجل تلبية الطلب المتزايد على السيارات.
والآن، يقف صانع السيارات الأول في العالم على أهبة الاستعداد للتعافي من كوفيد على شكل حرف (V)، في الوقت الذي يعاني العديد من أقرانها، الذين يتعيَّن عليهم تقليص حجمهم بسبب النقص العالمي في الرقائق.
قال سيجي سوغيورا، المحلل في معهد توكاي طوكيو للأبحاث: "لقد تغلبت تويوتا على النقص في الرقائق، برغم أنَّ التوقُّعات متحفظة، ويمكن أن تكون هناك مراجعة تصاعدية، ربما تصل إلى 3 تريليون ين من الدخل التشغيلي."
من خلال مناوراتها خلال اضطرابات الوباء، صعدت خلال العام الماضي "تويوتا" لتصبح أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم، منتزعة اللقب مرة أخرى من شركة "فولكس واجن".
في المقابل، أعلنت شركة "نيسان موتور" اليابانية المنافسة عن خسائر تشغيلية قدرها 151 مليار ين للسنة المالية يوم الثلاثاء الماضي. ومن المقرر أن تعلن شركة "هوندا موتور" عن أرباحها يوم الجمعة المقبل، إذ يتوقَّع المحللون، في المتوسط، ربحاً قدره 549 مليار ين، بانخفاض حوالي 13% عن العام السابق.
التحرك المبكر
إنَّ التنفيذ المبكر لإجراءات الوقاية من العدوى، وزيادة الإنتاج في الوقت المناسب في الصين، فقد تبددت الاضطرابات المتعلِّقة بالفيروسات في وقت مبكر نسبياً، مما يعني أنَّ "تويوتا" كانت قادرة على زيادة إنتاجها العالمي فوق مستوى العام السابق لكلِّ شهر منذ أغسطس.
وسمح ذلك لشركة "تويوتا" بتلبية الطلب على السيارات الذي ارتفع بسرعة في المناطق التي بدأت في الخروج من الإغلاق. و بشكل عام، انخفضت مبيعات الوحدات للسنة المالية المنتهية في مارس 4% فقط مقارنة بالعام السابق.
وقال تاتسو يوشيدا المحلل في "بلومبرغ إنتليجنس": في وسط هذه العتمة تبرز نتائج "تويوتا" على أنَّها مشرقة بشكل استثنائي. إنَّ مبيعات الشركة أثبتت قوتها".
تأمين أشباه الموصلات
أدهش الطلب الذي فاق التوقُّعات عالم صناعة السيارات في بداية 2021، عندما أدرك الكثيرون أنَّهم لم يطلبوا ما يكفي من الرقائق لزيادة إنتاجهم.
من المتوقَّع أن يؤدي الفشل في تأمين أشباه الموصلات، التي تعدُّ ضرورية لصنع سيارات حديثة محملة بالتكنولوجيا، إلى خسارة ملايين مبيعات السيارات في هذا العام. إذ يقول الخبراء، إنَّ الندرة ستزداد على الأرجح قبل أن تتحسَّن.
من جانبه، قال ماكوتو أوشيدا الرئيس التنفيذي لـ"نيسان" متحدِّثاً بإيجاز قدَّمه أمس الثلاثاء، إنَّ النقص في الرقائق من المرجح أن يؤثِّر على 500 ألف وحدة من إنتاج نيسان في السنة المالية الحالية، على الرغم من أنَّها تهدف إلى تعويض حوالي نصف تلك الخسائر في النصف الأخير من العام عندما تبدأ الأزمة في الانحسار.
لقد خرجت "تويوتا" سالمة نسبياً حتى الآن بفضل ممارستها في مراقبة ورصد المورِّدين الصغار وتخزين الرقائق، على الرغم من أنَّ الحريق الذي اندلع في مصنع رقائق السيارات المملوك لشركة "رينيساس إلكترونكس" في مارس، ما يزال يشكِّل خطراً على كامل قطاع السيارات اليابانية.
الطلب الأمريكي والصيني
ومنح نظام "تويوتا" الهجين قدرة للشركة للاحتفاظ بمخزون بعض الأجزاء المهمة، مما أعطاها ميزة تتفوَّق من خلالها على شركات صناعة السيارات الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على استراتيجية التصنيع التي تسمى "نظم التوريد والانتاج عند الحاجة"، التي تتمثَّل في الاحتفاظ بمخزون منخفض من البضائع في متناول اليد.
وبرغم استمرار النقص، ما تزال "تويوتا" تتوقَّع أن يكون لديها ما يكفي من أشباه الموصلات للإنتاج على المدى القريب، على الرغم من أنَّ أشهر الصيف باتت تصبح أكثر غموضاً، كما قال بوب كارتر، كبير مسؤولي المبيعات في "تويوتا" في الولايات المتحدة، في مقابلة أجريت معه مؤخراً.
كان أداء الشركة في السنة المالية المنتهية لتوِّها مثيراً للإعجاب. وعلى الرغم من انخفاض إيرادات المبيعات، إلا أنَّ صافي الدخل ارتفع بفضل قوة أعمال الخدمات المالية لشركة "تويوتا"، وارتفعت الهوامش إلى 8.3% من 6.8%.
ويضع التخطيط العميق للطوارئ الذي تتمتَّع به الشركة في وضع جيد لجني المبيعات من المستهلكين في الولايات المتحدة والصين الذين يشترون السيارات، بدافع علامات انحسار الوباء، فقد ارتفعت مبيعات "تويوتا" العالمية في مارس 44% لتصل إلى 982,912 وحدة، وهو أعلى رقم قياسي لشهر واحد على الإطلاق.
الانتعاش سريعاً
وتتوقَّع الشركة أن تصل مبيعات السنة المالية الحالية إلى 10.6 مليون وحدة، فقد قال رئيس الاتصالات جون ناغاتا في إفادة اليوم الأربعاء، إنَّ مبيعات السيارات الكهربائية وحدها يجب أن تصل إلى 8 ملايين وحدة بحلول عام 2030.
وبرغم أنَّ حدوث انتعاش أقوى قد يتأخر بسبب نقص الرقائق، لكن من المرجح أن تستعيد "تويوتا" أي خسارة في المبيعات عندما يهدأ الوضع، بسبب الطلب الأساسي القوي على السيارات في أسواق مثل الصين. وذكر رومان شور، مدير في مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتمانى في تقرير حديث، أنَّ هذا النوع من المبيعات يمكن أن يساعد في تسريع الانتعاش في أدائها التشغيلي، ومقاييس الائتمان إلى مستويات ما قبل الوباء.
ارتفعت أسهم "تويوتا" بما يصل إلى 2.7% اليوم الأربعاء، مما رفع مكاسب العام إلى حوالي 7%. وستقوم الشركة بتقسيم خمسة أسهم مقابل واحد لكلِّ سجل، اعتباراً من 30 سبتمبر. والغرض من تجزئة الأسهم بحسب وصف "تويتا" هو "تقليل الحد الأدنى لسعر الاستثمار، وبالتالي خلق بيئة يسهل فيها الاستثمار في أسهمنا.".