بلومبرغ
نشب حريق هائل أثار الذعر في نفوس العديد من الأشخاص في كوريا الجنوبية بشأن موثوقية السيارات الكهربائية، الحادث دفع البلاد لاتخاذ تدابير غير مسبوقة لتهدئة المخاوف العامة بشأن سلامة البطاريات.
قبل أربعة أشهر، اشتعلت النيران في سيارة سيدان كهربائية من طراز "مرسيدس بنز" غير متصلة بالكهرباء (لم تكن قيد الشحن) وانفجرت، مما أدى إلى تدمير مرآب (موقف سيارات) تحت الأرض في إنتشون غرب سيول.
تسبب الحريق في تشريد أكثر من 200 عائلة لأسابيع واستغرق إخماده من قِبل رجال الإطفاء أكثر من ثماني ساعات.
أدى الحادث سريعاً إلى تدهور صورة السيارات الكهربائية لدى الجمهور، حيث ركزت معظم التغطيات الإخبارية والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي على مخاطر احتراق السيارات الكهربائية ونقص اللوائح التنظيمية للسلامة في كوريا.
بعد الحادث، جرت نقاشات بين مصنعي السيارات والمشرّعين، مما دفع الحكومة إلى الإعلان عن إصلاح شامل للسياسات بشأن السيارات الكهربائية في أوائل سبتمبر.
تضمنت المجموعة الجديدة من اللوائح إلزام شركات صناعة السيارات بالإفصاح عن علامات بطارياتها التجارية، وتوسيع نطاق اختبارات السلامة للسيارات الكهربائية الحالية ومنع السيارات من الشحن الكامل.
كما تدخلت الحكومة بشكل مباشر لضمان سلامة البطاريات من خلال نظام رسمي تديره الدولة لتقديم شهادات جودة وسلامة للبطاريات.
وبدأ المشروع التجريبي منذ منتصف أكتوبر بمشاركة خمس شركات، بما في ذلك شركات صناعة السيارات "هيونداي موتور" و"كيا كورب" بالإضافة إلى شركة تصنيع البطاريات "إل جي إنرجي سوليوشن" (LG Energy Solution).
يهدف المشروع إلى تحسين سلامة المركبات الكهربائية من خلال قيام الحكومة بفحص واعتماد شهادة سلامة البطاريات قبل استخدامها في السيارات الكهربائية.
قبل المبادرة، كانت المركبات الكهربائية تُباع في كوريا الجنوبية دون أن تخضع لاختبارات أمان مستقلة. بموجب النظام الجديد، ستقوم الوكالات الحكومية مثل المعهد الكوري لاختبار وأبحاث السيارات، بإخضاع البطاريات لاختبارات قبل تركيبها لضمان أنها تلبي المعايير الأمنية الرسمية قبل استخدامها في السيارات.
كما تُلزم الحكومة شركات صناعة السيارات والبطاريات تقديم معلومات أكثر تفصيلاً حول بطارياتها.
في السابق، كانت الشركات تُقدم معلومات أساسية مثل سعة البطارية وأقصى كمية من الطاقة يمكن أن توفرها البطارية في فترة زمنية معينة. الآن، يُطلب منها تحديد نوع البطارية مثل البرمائي (ذات شكل مستطيل أو مربع) أو الكيس (في شكل أكياس لينة) أو الأسطواني (بطاريات ذات شكل أسطواني) والمواد الخام المستخدمة في تصنيعها.
يقول المسؤولون إن المشروع التجريبي الذي انطلق بعد حادث احتراق سيارة "مرسيدس-بنز"، يوفر المزيد من التفاصيل للمستهلكين عند شراء سيارة كهربائية. ويتوقع تطبيق النظام بالكامل بحلول شهر فبراير.
مع ذلك، شكك البعض في فعالية القواعد الجديدة لتحسين إجراءات السلامة بالفعل في السيارات الكهربائية.
في الأسبوع الماضي، قالت شرطة مدينة إنتشون إن تحقيقاتها لم تحدد سبب الحريق والذي دمر بالكامل سيارة مرسيدس بنز، لدرجة أنه لم يتبق أي معلومات أو أدلة قابلة للاسترجاع من السيارة بعد الحادث.
نظراً لطبيعة هذه الحوادث، غالباً ما تنتهي التحقيقات دون نتيجة واضحة، وفي الغالب يتم إلقاء اللوم على البطاريات كونها السبب في احتراق السيارات الكهربائية، على الرغم من أن هناك عوامل أخرى قد تكون مسؤولة، كما قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة تصنيع البطاريات.
قد تحدث مشكلات بعد تصنيع البطاريات وتسليمها إلى شركات صناعة السيارات، كون تلك الشركات تتعامل بشكل نهائي مع البطاريات وتركيبها.
قالت شركة " إس كيه أون"( SK On)، التي استثمرت 24 مليار وون (17.2 مليون دولار) العام الماضي لإنشاء مركز لتقييم السلامة في سيوسان، إنها تتعاون مع شركات صناعة السيارات الشريكة لتعزيز سلامة البطاريات. وبالمثل، تعمل شركة "إل جي إنرجي" على تعزيز جودة منتجاتها، بما في ذلك تحسين نظام إدارة البطاريات.
تقضي اللوائح أن تضم المباني الجديدة الآن أنظمة متطورة لمراقبة الحرائق واستخدام مواد أكثر مقاومة للحرائق بشكل أكبر. سيتم نشر سيارات إطفاء صغيرة في أنحاء البلاد، بدءاً من العام المقبل، حتى تتمكن من دخول المواقف تحت الأرض. هذه التدابير بالغة الأهمية بشكل خاص كون معظم الكوريين يعيشون في شقق ذات كثافة سكانية عالية، حيث يوجد عدد كبير من محطات الشحن في المرائب تحت الأرض.
في حين جذب الحريق، بسبب حجمه وكثافته، اهتمام الرأي العام في وقت صعب بشكل خاص إذ كان نمو مبيعات السيارات الكهربائية على مستوى العالم يتباطأ بالفعل. رغم هذا، أدى رد الفعل السريع من جانب الحكومة إلى استعادة بعض الثقة في السوق، وعاد تسجيل السيارات الكهربائية المستوردة الجديدة إلى الارتفاع مرة أخرى في كوريا خلال أكتوبر، وزادت بنحو 15% إلى 3159 وحدة مقارنة بشهر سبتمبر.
تعهدت الحكومة بالعمل مع فريق متخصص في سلامة السيارات الكهربائية حتى نهاية العام لتطوير تدابير إضافية تهدف إلى الحد من مخاطر الحرائق.
من المؤكد أن نشوب حريق في سيارة "مرسيدس بنز" كان حدثاً مؤسفاً، لكنه ألقى الضوء على مشكلات السلامة في السيارات الكهربائية، ودفع إلى المطالبة بتشديد القوانين واللوائح. ومن الممكن أن يصبح بمثابة جرس إنذار أو حافز لكوريا الجنوبية لتوفير بيئة أكثر أماناً ودعماً للسيارات التي تعمل بالبطارية.