بلومبرغ
خاضت شركة "آي سي دي بروكفيلد" مجازفة في دبي بعد افتتاح أكبر برج قائم بذاته مخصص للمكاتب أو الشركات، بالمدينة في سبتمبر 2020 إبان ذروة تفشي فيروس كورونا.
وبعد أكثر من 6 أشهر، واندلاع موجة جديدة من الإصابات بالفيروس في وقت لاحق، لايزال انتظام العمل في مقرَّات الشركات بعيد المنال.
وحتى في ظل غياب الوباء الذي ألقى بثقله على العقارات التجارية، جاء البرج بقيمة 1.5 مليار دولار في وقت ظل نحو ربع كل المكاتب شاغراً، على الرغم من انخفاض أسعار الإيجار بأكثر من 35% في الأعوام الستة الماضية.
بعد وقف مفاوضات الإيجار في البداية، بدأت العديد من الشركات متعددة الجنسيات بالعودة، وتتطلَّع إلى إبرام الصفقات، وفقاً لـ"روب ديفيروكس"، الرئيس التنفيذي لشركة "آي سي دي بروكفيلد" المسؤولة عن تشغيل البرج.
أبرمت 7 شركات عقودها في الربع الأول من 2021، بعد توقيع اتفاقيات مع 11 شركة بما في ذلك بنك "يو بي إس" السويسري، في الربع الأخير من 2020. ووقَّع مصرف "يوليوس بير" السويسري "Julius Baer"، وبنك الاستثمار "ناتيكسيس" (Natixis SA)، و"إرنست ويونغ" (EY) عقود إيجار قبل افتتاح البرج.
وقال ديفيروكس، إنَّ معدَّل إشغال البرج يقترب من 55% بموجب عقود الإيجار الموقَّعة. وبالنسبة لـ"ديفيروكس"، الذي يقود مشروعاً مملوكاً مناصفة بين "بروكفيلد" لإدارة الأصول (Brookfield Asset Management Inc)، والصندوق السيادي في دبي، فإنَّ التوقُّعات متفائلة، إذ تتطلَّع الشركات إلى إعادة بناء ثقافة عملها، وتشير معدَّلات التطعيم إلى أنَّ المدينة قد تكون قريبة من حدوث مناعة القطيع.
العودة مسألة وقت
يرى ديفيروكس أنَّ الشركات في دبي ستبدأ على الأرجح في إعادة الموظفين إلى مكاتبها بأعداد كبيرة في النصف الثاني من 2021. ويقول، إنَّ الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات "ترى مساراً مع طرح اللقاحات في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد رأت أنَّ الإنتاجية قد تأثَّرت"، لذا فإنَّ العودة إلى المكاتب هي "مجرد مسألة وقت".
واشتركت 44 شركة مستأجرة في مساحات مكتبية في المشروع البالغ مساحته 1.5 مليون قدم مربع (139 ألف متر مربع) في الحي المالي بالمدينة، الذي صمَّمته شركة "فوستر وشركاه" البريطانية للهندسة المعمارية، ويضمُّ وسائل الراحة بما في ذلك الحدائق الداخلية التي تناسب ارتفاع درجات الحرارة صيفاً في دبي.
وتعدُّ المخاطر كبيرة بالنسبة لدبي، إذ تخرج من الوباء بعد ما قدرته وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية بأنَّها تكبَّدت أكبر خسارة سكانية في الخليج.
كما يتعيَّن على الإمارة حالياً أيضاً التعامل مع تحديات تواجه نفوذها مع الشركات متعددة الجنسيات العاملة في العاصمة السعودية، الرياض.
على الرغم من ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في بداية 2021، بدأت دبي تجني ثمار إعادة فتح الاقتصاد تدريجياً. كما أنَّ تدفُّق الزوار الأثرياء إلى الإمارة في ديسمبر 2020، الذين جاؤوا هرباً من عمليات الإغلاق في أوروبا، كان بمثابة نعمة للبرج الجديد.
يستكشف العديد من "الأثرياء الذين يمتلكون شركات عالمية" حالياً إمكانية نقل مقارّها العالمية إلى مركز دبي المالي العالمي، وفقاً لِـ"ديفيروكس"، الذي رفض ذكر أسماء لسرية المحادثات. وقال، إنَّ وجود منطقة معفاة من الضرائب بموجب القانون، أحد أسباب احتفاظ دبي بجاذبيتها للشركات الدولية.
تشمل عوامل الجذب الأخرى بالنسبة للشركات الدولية إلى دبي، توافر شبكة مواصلات واسعة، وجودة تعليم عالية. وأوضح أن "كل هذه العوامل تجعل دبي مصدر جذب للشركات لتأسيس مقرٍّ إقليميٍّ بها".
حياة جديدة في دبي
يرى ديفيروكس أنَّ دبي تشهد نشاطاً اقتصادياً متجدداً؛ إذ تعيد الشركات تقييم خططها أثناء الخروج من الوباء. كما أنَّ وجود عدد كبير جداً من الشركات التي تبحث عن مساحات مكتبية جديدة يعني أنَّه من المحتمل أن يتمَّ شغل البرج بالكامل تقريباً مع حلول نهاية 2022.
ويقول: "دبي تنتعش مجدداً.. كان هناك بعض الاتجاه النزولي على مدى السنوات الخمس الماضية، ويبدو الأمر كما لو أنَّ الوباء أطلق العنان لحياة جديدة في دبي".
على الرغم من تطعيم العديد من موظَّفي الشركات متعددة الجنسيات في دبي، فمن المرجَّح أن تحدد الإرشادات الصادرة عن مقرَّاتها العالمية وتيرة العودة، إذ تقيد بعض الشركات عدد الأشخاص المسموح لهم بالعودة إلى مقر العمل بنسبة 30% من الإجمالي، وفقاً لـ"ديفيروكس".
قامت دولة الإمارات بتطعيم أكثر من نصف سكانها، في واحدة من أسرع عمليات إطلاق لقاح كوفيد-19 في العالم. ويقول ديفيروكس: "لن يكون التوقيت بالضرورة مدفوعاً بالقرارات المحلية، بل بما يحدث في أوروبا والولايات المتحدة". ويضيف أنَّ ظاهرة " العمل من المنزل"، استمرت "لفترة أطول بكثير مما كان يتوقَّعه الجميع".