الشرق
يشهد قطاع البناء في المغرب بوادر انتعاشة قد تستمر لسنوات، بفضل زخم ميثاق الاستثمار الجديد الذي أصدرته الحكومة، والاستعداد لاستضافة كأس العالم بنهاية العقد الجاري، ما ينعكس إيجابياً على شركات البناء.
خلال السنوات الماضية، واجهت شركات البناء أزمات متتالية نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، والصعوبة في الحصول على تمويلات من البنوك خصوصاً مع ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً وتشديد البنوك لعمليات الإقراض، فضلاً عن توقف عدة مشاريع بسبب تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا.
قال محمد محبوب، رئيس الاتحاد الوطني للبناء والأشغال العمومية، إن "قطاع البناء في المغرب يشهد انتعاشاً ملحوظاً منذ أشهر"، مشيراً إلى ارتفاع مبيعات الإسمنت بصفته مؤشراً رئيسياً لهذا الانتعاش، في قطاع يسهم بنحو 6% في الناتج المحلي الإجمالي.
مشاريع البنية التحتية والعقار
الزخم المسجل في المشاريع الاستثمارية بفضل ميثاق الاستثمار الجديد، له تأثير إيجابي مباشر على قطاع البناء، بحسب تصريحات محبوب لـ"الشرق"، لافتاً إلى أن البدء ببناء عدة مشاريع استثمارية كبيرة في قطاعي البنية التحتية والعقارات السكنية خصوصاً، سيكون له تأثير إيجابي ممتد لسنوات على مجمل القطاع".
اقرأ أيضاً: المغرب يخصص 6 مليارات دولار لمشروعات البنية التحتية هذا العام
يُشغّل قطاع البناء والأشغال العمومية في المغرب نحو 1.2 مليون شخص، وتعتمد 7000 شركة مرخصة في هذا المجال على المشاريع الحكومية.
ارتفع حجم المشاريع الحكومية الخاصة بالبنية التحتية خلال العام الجاري بنسبة 42% على أساس سنوي، لتصل قيمتها إلى 64 مليار درهم (6.3 مليار دولار)، وتشمل قطاعات الماء، والموانئ، والطرق، والأبنية الحكومية.
حتى نهاية مايو، بلغت مبيعات الإسمنت 5.5 مليون طن بارتفاع 7.31% على أساس سنوي. تعمل في قطاع إنتاج الإسمنت خمس شركات فقط، بلغ حجم مبيعاتها العام الماضي 12.4 مليون طن، بارتفاع طفيف نسبته 0.19% على أساس سنوي، وذلك بعد عام من الانخفاض بنحو 11% على أساس سنوي، بحسب معطيات وزارة التعمير والإسكان وسياسة المدينة.
يرى أمين مرنيسي، الخبير في القطاع العقاري، أن عام 2024 سيكون بمثابة فرصة للقطاع بعد سنوات الأزمة التي عاشتها شركات البناء في البلاد، مشيراً إلى أن "المشاريع العقارية التي انطلقت، فضلاً عن مشاريع البنى التحتية المهمة استعداداً لكأس العالم، ومشاريع محطات تحلية مياه البحر وسدود التخزين، تؤشر إلى حراك بدأ هذا العام".
حراك مستمر حتى 2030
بحسب تقرير لشركة "أم إس آي إن" للوساطة المالية، يُتوقع أن ترتفع مبيعات الإسمنت بمتوسط 4.8% ابتداءً من العام الجاري لمدة خمس سنوات متتالية، بعدما سجلت متوسط انخفاض نسبته 1.6% خلال نفس الفترة الماضية. قد يصل إجمالي مبيعات الإسمنت 15.8 مليون طن بحلول عام 2028، وهو أعلى رقم محقق منذ 2012، حين بلغت 15.9 مليون طن.
اقرأ أيضاً: العقار السكني في المغرب مرشح للانتعاش بفضل دعم حكومي
مرنيسي، أشار إلى أن برنامج الدعم المالي سيعزز من مساهمة العقار السكني في قطاع البناء، نظراً لأنه سيحفز الطلب، ويزيد من مشاريع المطورين العقاريين لتوفير ما يكفي من الوحدات السكنية طيلة فترة برنامج الدعم الممتد لأربع سنوات.
خصصت الحكومة هذا العام دعماً مالياً بقيمة 9.5 مليار درهم (948 مليون دولار) لصالح الأسر من الطبقتين المتوسطة وذات الدخل المنخفض، والتي ترغب في شراء مسكن رئيسي. يُتوقع من هذا القرار أن يعيد الانتعاش إلى سوق العقارات السكنية.
مرنيسي توقع أن "يستمر الأداء الإيجابي لقطاع البناء حتى عام 2030، وقد يستمر الحراك حتى بعد هذا الموعد، نظراً لوجود مشاريع ضخمة في البنية التحتية، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص".
رئيس الاتحاد الوطني للبناء والأشغال العمومية يتفق مع هذا الرأي، متوقعاً انتهاء فترة استمرت لسنوات، عاشت خلالها شركات البناء أزمات متتالية.