الشرق
تسببت وفرة المعروض من السكر في مصر بعزوف التجار عن الشراء من الشركات الحكومية والخاصة العاملة في البلاد، وهو ما تسبب في شل حركة البيع بتلك الشركات، بحسب رؤساء 5 شركات حكومية وخاصة تحدثوا مع "الشرق"، مشترطين عدم نشر أسمائهم.
عزا رؤساء الشركات وفرة المعروض من السكر إلى استيراد كميات كبيرة منها خلال الأشهر القليلة الماضية، إضافة لخروج كميات ضخمة كانت مخزنة من قِبل التجار خلال الأزمة التي عصفت بالبلاد نهاية 2023 واستمرت حتى نهاية شهر رمضان الماضي.
قفزت أسعار السكر لأعلى مستوى في تاريخ مصر خلال أول 4 أشهر من العام الجاري، ليصل سعر الكيلو إلى 50 و 60 جنيهاً في الأسواق، مقابل السعر الرسمي المقدر بـ27 جنيهاً، وسط توجه بعض التجار إلى تخزينه إثر توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار، في حين واصلت المتاجر التابعة للحكومة بيع الكيلو غرام بسعر 27 جنيهاً، ما أدى إلى ظهور طوابير طويلة من المواطنين الذين يحاولون الحصول على هذه السلعة الحيوية.
طالبت الحكومة المصرية في أكتوبر الماضي، شركات السكر الحكومية والخاصة العاملة في البلاد عدم بيع أي كميات سكر للتجار "مؤقتاً"، في محاولةٍ لضبط الأسعار التي ارتفعت بشكل قياسي رغم انخفاضها عالمياً، لكن الوضع تغير الآن، لدرجة أن الشركات لا تجد من تبيع له السكر.
استيراد 750 ألف طن
مسؤول حكومي أكد لـ"الشرق" أن الحكومة تعاقدت على شراء 750 ألف طن من السكر الأبيض من الخارج لتصل البلاد قبل نهاية هذا العام، وهو ما أدى لانخفاض أسعار السكر تسليم أرض المصنع من 32 ألف جنيه للطن، إلى 30.5 ألف جنيه للطن بنهاية مايو الماضي.
في وقت سابق من الأسبوع الجاري، طالب وزير التموين على المصيلحي بزيادة سعر السكر التمويني في بطاقات التموين من 12.6 جنيه إلى 18 جنيهاً للكيلو غرام مقابل 35 جنيهاً لسعر الكيلو غرام الحر بالأسواق.
قال أحد رؤساء شركات السكر التابعة لوزارة التموين، إن البيع شبه متوقف حالياً بأغلب مصانع الحكومة، نتيجة وجود كميات كبيرة من السكر بالأسواق المحلية، وخروج كميات ضخمة كانت مخزنة. موضحاً أن التجار يبيعون بأقل من 30.5 ألف جنيه للطن للتخلص من الكميات المخزنة لديهم.
قال رئيس شركة أخرى، لـ"الشرق"، إن بعض المصانع اضطرت لتقليل إنتاجها من السكر نتيجة تراجع الطلب، وتقليل الطاقة الإنتاجية، متوقعاً حدوث انفراجة عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى المبارك، بانتهاء جزء كبير من المعروض بالسوق، وعودة الحاجة مجدداً لسكر الشركات المحلية.
خلال الأشهر القليلة الماضية، سادت العشوائية عملية تسعير السلع في الأسواق المصرية، في ظل عدم توافر العملة الصعبة للمستوردين، ما دفع بعض القطاعات إلى تسعير المنتجات بالدولار.
اضطراب الأسواق
"هناك اضطراب في أسعار سلعة السكر بمصر، نتيجة إغراق السوق بكميات كبيرة سواء كانت مستوردة أو موجودة من قبل، مما جعلهم يلجؤون إلى الأقل سعراً"، بحسب أحد تجار السكر مشترطاً عدم ذكر اسمه.
يوجد في مصر 16 شركة كبيرة لإنتاج السكر، 8 منها حكومية، وعادةً ما يتم استيراد السكر من قبل هذه الشركات الحكومية.
يصل إنتاج مصر من السكر إلى نحو 2.8 مليون طن سنوياً، بينما يفوق الاستهلاك المحلي 3.2 مليون طن، وهو ما يعني وجود فجوة بين الإنتاج والاستهلاك تبلغ نحو 400 ألف طن سنوياً، تستوردها الحكومة من الخارج بالتعاون مع القطاع الخاص.
قال أحمد أبو اليزيد رئيس شركة الدلتا للسكر، لـ"الشرق"، إن السكر متوفر بكميات كافية في سلاسل التوريد، وتحدد الشركات أسعارها بناءً على أسعار البورصة العالمية، والتي تتراوح حالياً بين 31.5 و32 ألف جنيه للطن.