بورصة مصر بين غموض ضريبة الأرباح الرأسمالية وشح حصيلة الدمغة

مسؤول بوزارة المالية لـ"الشرق": تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية معقد ويواجه تحديات

time reading iconدقائق القراءة - 11
قاعة التداول الرئيسية لبورصة مصر في مقرها بوسط العاصمة - المصدر: بلومبرغ
قاعة التداول الرئيسية لبورصة مصر في مقرها بوسط العاصمة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

شهدت البورصة المصرية على مدار 11 عاماً رحلةً متباينة بشأن فرض الضرائب، بين ضريبة الدمغة على المعاملات بيعاً وشراءً، وفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية المحققة من التداولات بالسوق. وكلما أُثير هذا الملف تتكبد البورصة خسائر ملحوظة، بخلاف صعوبة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بين وزارة المالية وشركة مصر للمقاصة.

بدأت البورصة المصرية عام 2013 تحصيل ضريبة الدمغة، وجمعت في العام الأول 350 مليون جنيه حين كانت قيمة تداولات السوق لا تتجاوز 500 مليون جنيه يومياً. وعندما أُعيد تطبيقها في أعوام 2017 و2018 و2019، جمعت 354 و583 و729 مليون جنيه على التوالي. فيما جرى إلغاء وتأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية 5 مرات لصعوبة تطبيقها في ظل تخارج مستثمرين من البورصة بمجرد الإعلان عن تطبيقها.

مع إصرار وزارة المالية هذه المرة على تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية رغم عدم الانتهاء من اللائحة التنفيذية للقانون، مقابل تمسك البورصة وشركة مصر للمقاصة بصعوبة وأضرار التنفيذ، فهل يكون الحل هو اللجوء مجدداً لضريبة الدمغة؟ أو إلغاء فكرة الضريبة على تداولات البورصة من الأساس؟

البورصة المصرية كانت معفاة تماماً في السابق من أي ضرائب على الأرباح المحققة نتيجة المعاملات أو التي توزع في شكل نقدي أو مجاني على المساهمين بالشركات المقيدة، لكن حكومة إبراهيم محلب ألغت في يوليو 2013 ضريبة الدمغة على المعاملات التي فُرضت في مطلع العام نفسه، وفرضت ضريبة على التوزيعات النقدية بواقع 10%، إلى جانب ضريبة أخرى بنسبة 10% على الأرباح الرأسمالية المحققة من الاستثمار في البورصة، لكنها أُلغيت بعد عام واحد فقط من تنفيذها بعد أن تكبدت الأسهم حينها خسائر حادّة لم تتذوقها من قبل، وخروج مستثمرين من البورصة.

مجلس النواب

عبدالمنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، قال لـ"الشرق" إنه علم بأن "وزارة المالية المصرية تُعِد مشروع قانون جديداً موحداً للضرائب، يتضمن إمّا إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية أو استبدالها بضريبة الدمغة".

غير أن مستشاراً ضريبياً بوزارة المالية المصرية أوضح لـ"الشرق" أن "الاستبدال قد يكون مقترحاً من مجلس النواب، لكن وزارة المالية ومصلحة الضرائب لم تُعدّا أي مشروع أو مواد في هذا الإطار ضمن مشروع قانون الضرائب على الدخل الذي أصبح شبه نهائي، وسيتم إحالته إلى وزارة المالية من مصلحة الضرائب لمراجعته تمهيداً لطرحه على الحوار المجتمعي".

لكن مستشاراً آخر بوزارة المالية المصرية أكّد لـ"الشرق"، مشترطاً عدم نشر اسمه، أن "تطبيق ضريبة الدمغة يُعدُّ أكثر سهولة ويسراً في الاحتساب والتحصيل لشركة مصر للمقاصة ولمصلحة الضرائب. بينما تطبيق وتحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية أكثر تعقيداً، كما أنه يواجه تحديات حالياً".

وتسري الضريبة على الأرباح الرأسمالية المحققة من التصرف في الأوراق المالية المقيدة في بورصة الأوراق المالية المصرية وكذلك الأرباح الرأسمالية المحققة من التصرف في الأوراق المالية للشركات المصرية المقيمة غير المقيدة في بورصة الأوراق المالية المصرية.

أما ضريبة الدمغة، فهي ضريبة تطبق بنسبة مئوية في الألف على كل عملية بيع وشراء بمعاملات البورصة.

تراجع المؤشر الرئيسي لبورصة مصر لليوم الثالث على التوالي، حيث سجل في ختام تداولات اليوم انخفاضاً قدره 3.21% ليغلق عند 25917 نقطة، وسط مبيعات مكثفة من المؤسسات المالية المحلية الحكومية، بموازاة تأثير المخاوف بشأن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية. رغم أنها شهدت بالمقابل مشتريات قوية من قِبل مؤسسات المال الأجنبية والعربية والأفراد المصريين.

موقف البورصة من الضريبة

مصدر في سوق المال المصرية أبلغ "الشرق"، شرط عدم الإفصاح عن هويته، أن إدارة البورصة المصرية ترفض تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، وأبلغت اعتراضها الرسمي للقائمين على الملف والجهات التشريعية والرقابية.

وأضاف: "ضريبة الأرباح الرأسمالية ستضر بسوق المال والمستثمرين، كما أنها غير مطبقة في جميع أسواق المنطقة، ولا يمكن مقارنتنا بالأسواق المتقدمة، حيث يطبقون ضريبة على الودائع البنكية أيضاً".

بحسب بيانات بورصة مصر، بلغ عدد المستثمرين الأفراد النشطين 385.6 ألف مستثمر في 2023، مقابل 175.8 ألف مستثمر في 2022. وكان متوسط قيم التداولات يبلغ نحو 500 مليون جنيه يومياً في 2014، فيما بلغ 2.5 مليار جنيه في 2023.

الميزة التنافسية

يرى الشخص من سوق المال الذي تحدث لـ"الشرق" أنه "لو تم تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية في السوق، فإنها ستفقدنا الميزة التنافسية أمام أسواق المنطقة، كما أنها ستؤدي لخروج بعض الاستثمارات من السوق وتحويلها للأسواق المجاورة، بخلاف تأثيرها السلبي على جاذبية طروحات الشركات الحكومية مما قد يعيق خطة الدولة".

أطلقت مصر في مارس 2023 برنامجاً لطرح حصص في ما يصل إلى 40 شركة وبنكاً موزعة على 18 قطاعاً حتى مارس 2024، وجرى تمديده إلى ديسمبر 2024، جمعت مصر 3.1 مليار دولار حصلتها البلاد من الطروحات الحكومية منذ مارس 2023 وحتى الآن، وسبقها 2.5 مليار دولار عبر التخارج من أصول حكومية في 2022.

محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في "إي إف جي" القابضة، صرح لـ"الشرق": "منطقياً لا أحد يحب الضرائب، لكن لو أن الأمر سيُنفذ في أي حال من الأحوال، فإن ضريبة الدمغة سهلة التنفيذ وتم تطبيقها من قبل، بعكس ضريبة الأرباح الرأسمالية المعقدة من حيث التنفيذ والتحصيل والتي لم تُنفذ بالفعل من قبل".

أحد المحللين الماليين الأجانب الذين يقومون بتغطية السوق المصرية في أحد بنوك الاستثمار الخليجية، أفصح لـ"الشرق"، شرط عدم نشر اسمه لأنه غير مسموح له بالحديث مع الإعلام: "كلتا الضريبتين، سواء الدمغة أو الأرباح الرأسمالية، ستكون مدمرة لقيمة الأسهم في البورصة، خاصةً وأن تكلفة رأس المال مرتفعة بالفعل في مصر حالياً. بالإضافة إلى ذلك، مصر بحاجة إلى جذب الأجانب إلى البورصة في الوقت الحالي، وليس لطردهم خارج السوق".

تصنيفات

قصص قد تهمك