بلومبرغ
اتخذت أكثر من 100 سفينة حاويات مساراً طويلاً حول أفريقيا لتجنب الهجمات التي يتعرض لها طريق البحر الأحمر، الأمر الذي يؤدي إلى تكاليف وتأخيرات إضافية، فيما تدرس الولايات المتحدة سبل التعامل مع أحدث تهديد يعصف بالاقتصاد العالمي.
وفقاً لشركة الخدمات اللوجستية العملاقة "كيون+ناغيل" (Kuehne+Nagel)، فإن 103 سفن حاويات غيّرت مسارها من البحر الأحمر متخذةً مسارات حول أفريقيا. بدأت الشركات أيضاً تدرس استخدام خطوط السكك الحديدية والجوية بدلاً من ذلك، في الوقت الذي يُعتبر فيه الممر المائي الذي تعبر فيه 12% من التجارة العالمية محفوفاً بالمخاطر للغاية بحيث لا يمكن المرور به.
تعد الهجمات على السفن التجارية من قبل المسلحين الحوثيين المتمركزين في اليمن بمثابة تصعيد للحرب بين إسرائيل وحماس، لكنها ليست ما توقّعه معظم المحللين.
ارتفاع أقساط التأمين
يأتي ذلك في الوقت الذي يدعم فيه الحوثيون حركة "حماس" حيث استهدفوا في البداية السفن المرتبطة بإسرائيل، وتعكف أميركا وحلفاؤها على إيجاد أفضل السبل لمواجهة هذه التطورات دون تفاقم العنف.
بينما تحاول واشنطن التوصل إلى موقف مشترك حيال هذا الأمر، حيث يمثل أحد الخيارات شنّ ضربات على اليمن، فإن شركات الشحن تترقب أسابيع من التعطل.
ترتفع أقساط التأمين بالنسبة إلى الشركات التي تعبر البحر الأحمر، وتقفز أسعار الشحن وكذلك النفط، وكلها عوامل محتملة لمزيد من التضخم في الوقت الذي يبدو فيه أن البنوك المركزية أصبحت لها اليد العليا.
قال توبي فالانس، عضو اللجنة التنفيذية لمنتدى لندن لمحاميي التأمين (London Forum of Insurance Lawyers): "كلا الخيارين المتمثلين في زيادة أقساط التأمين وإعادة التوجيه حول أفريقيا سيلقيان بظلالهما غير المباشرة على أسعار السلع".
الدبلوماسية النهج المفضل حالياً
تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على تشكيل قوة عمل جديدة للتعامل مع الحوثيين المدعومين من إيران، على الرغم من أنه ليس من الواضح متى سيتم تنفيذ ذلك. كما يدرسون شنّ ضربات عسكرية محتملة، لكن الدبلوماسية تظل هي النهج المفضل في الوقت الحالي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
لدى بعض الدول، من ضمنها السعودية، المجاورة لليمن، مخاوف من أن توجيه ضربات للحوثيين، الذين يمتلكون ترسانة من الصواريخ، من شأنه استفزازهم.
يسود القلق لدى شركات الشحن إزاء بعض الحلول التي تترتب عليها عواقب وخيمة. فالاستعانة بالقوافل البحرية، على سبيل المثال، تعني تأخير الرحلات.
قال ألكسندر سافريس، الرئيس التنفيذي لشركة "يوروناف" (Euronav NV)، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "سيؤدي ذلك إلى إبطاء حركة التجارة؛ لأنه سيتعين علينا انتظار مرور قافلة عبر المنطقة".
أوقفت شركة ناقلات النفط العملاقة شحناتها عبر البحر الأحمر، ولن تعود حتى يتم توفير مثل هذه الحماية العسكرية المرافقة.
حالة طوارئ بقطاع الشحن
تسببت الهجمات في حالة طوارئ بقطاع الشحن أسوأ وأكثر استمرارية مقارنة بإغلاق قناة السويس في عام 2021، عندما تسببت سفينة عالقة لمدة أسبوع في القناة في إعاقة التجارة العالمية لعدة أشهر.
يأتي هذا الاضطراب أيضاً في الوقت الذي تتباطأ فيه حركة الشريان الرئيسي الآخر، وهو قناة بنما، بسبب الجفاف.
مع ذلك، فإن منظومة الشحن العالمية تعاني من قدر أكبر من الركود مما كان عليه عندما تعطلت سفينة "إيفر غيفن" (Ever Given) في قناة السويس. قالت "بلومبرغ إيكونوميكس" يوم الثلاثاء إن هناك أسباباً تبعث على الاعتقاد بأن الاضطرابات لن يكون لها سوى تأثير اقتصادي خفيف.
قال محللون في تقرير: "على الأرجح، ستعني إعادة توجيه مسارات الشحنات ارتفاع الأسعار، خاصة بالنسبة إلى البلدان الأكثر اعتماداً على التجارة البحرية عبر قناة السويس، ولكن مع تأثير أقل بكثير من الارتفاع الكبير في أسعار النقل والطاقة في عصر كوفيد".