كيف تحوّل معرض "إكسبو" من صراع إمبراطوري إلى حدث عالمي جامع؟

تتنافس الرياض السعودية وروما الإيطالية وبوسان الكورية الجنوبية على حق استضافة نسخة 2030

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من الحضور في معرض \"إكسبو شيكاغو\" بالولايات المتحدة الأميركية عام 1933  - المصدر: بلومبرغ
جانب من الحضور في معرض "إكسبو شيكاغو" بالولايات المتحدة الأميركية عام 1933 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

من المخطط الإعلان عن المدينة التي ستستضيف فعاليات معرض "إكسبو 2030" اليوم الثلاثاء، إذ تتنافس كلّ من الرياض السعودية وروما الإيطالية وبوسان الكورية الجنوبية على حق الاستضافة.

التنافس ليس وليد اليوم، إذ أقيمت أول نسخة من المعرض عام 1851 في لندن، وعرفت آنذاك بـ"المعرض العظيم"، وشهدت استعراض أحدث إنجازات الثورة الصناعية. ولكنها في الوقت نفسه، أطلقت العنان للتنافس بين الإمبراطورية الفرنسية الثانية، والبريطانية، قبل أن يصبح الحدث عالمياً تتنافس دول العالم على استضافته.

بداية المعرض والمنافسة الإمبراطورية

رغم أن أول نسخة من "إكسبو" كانت في بريطانيا عام 1851 باسم "كريستال بالاس"، إلا أنها كانت مستوحاة من المعارض التي نظمتها فرنسا على نطاق محلي نهاية القرن الـ18 وبداية القرن الـ19، بهدف دعم المصنعين الفرنسيين في منافسة نظرائهم البريطانيين على المستوى الدولي، بحسب الموسوعة البريطانية.

شارك في "إكسبو لندن" الذي وصف بـ"المعرض الكبير" نحو 17 ألف عارض، عرضوا 100 ألف قطعة داخل "كريستال بالاس". وكان نصف العارضين تقريباً من المملكة المتحدة والدول المرتبطة بها، وجاء النصف الآخر من 24 دولة.

وتم تجميع المعروضات في 4 أقسام هي المواد الخام، الآلات، المصنوعات، والفنون الجميلة. وكان العديد من الابتكارات المعروضة عبارة عن أيقونات الثورة الصناعية، مثل أحدث القطارات والآلات التي حولت القطن الخام إلى قماش، والمكبس الهيدروليكي، وآلة الطباعة التي يمكنها إنتاج 5 آلاف نسخة في الساعة.

وكان من بين المعروضات الأميركية في هذا المعرض الأسنان الصناعية والأقدام الاصطناعية البديلة لذوي الاحتياجات، فيما عرض البريطانيون المحركات البخارية والمضخات، بحسب الموسوعة البريطانية.

حصاد أول "إكسبو"

وفقاً للأرقام الرسمية، فإن المعرض اجتذب 6 ملايين و39 ألفاً و195 زائراً، وحقق أرباحاً بلغت 186 ألف جنيه إسترليني، أي ما يعادل أكثر من 18 مليون جنيه إسترليني اليوم، بحسب الموقع الرسمي لمعارض إكسبو، والذي أشار إلى أن الهيئة الملكية المنظمة للمعرض استثمرت هذه الأموال في إنشاء منطقة جديدة للعلوم والتعليم في جنوب كنسينغتون، وتعرف اليوم باسم "ألبرتوبوليس"، في إشارة إلى الأمير ألبرت الذي كان وراء الفكرة.

انطلاق السباق

ما هي إلا أعوام قليلة، حتى دخلت الإمبراطورية الفرنسية على خط المنافسة، إذ أصدر الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث مرسوماً في 8 مارس 1853 بعقد معرض عالمي في باريس. لكنه أراد التأكد أن النسخة الفرنسية تفوق النسخة البريطانية من حيث الحجم والدول المشاركة ومجالات العرض. لذلك ركز "إكسبو 1855" ليس فقط على الزراعة والصناعة، لكن أيضاً على الفنون الجميلة.

وتأخر افتتاح "إكسبو باريس" بسبب اندلاع حرب القرم بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية في 4 أكتوبر 1853، ولكنه عاد وانعقد في 15 مايو 1855 بمشاركة 28 دولة، من إمبراطوريات وممالك، وسط غياب روسيا.

ولأهمية الحدث بالنسبة لفرنسا، أشرفت على "إكسبو باريس" لجنة برئاسة الأمير لويس نابليون، ابن عم الإمبراطور. وشمل المعرض بناء قصور متخصصة من بينها قصر الصناعة بطول 252 متراً وعرض 108 أمتار، بسقف زجاجي ضخم مدعوم بعوارض وأعمدة من الحديد، وضم العديد من المباني الملحقة لاستيعاب 24 ألف عارض بمختلف المجالات، وكان من بينها أرقى الحرف اليدوية، بما في ذلك المجوهرات، والأعمال الزجاجية، وأعمال الكريستال والذهب والبرونز، وخزف سيفر.

كما شهد "إكسبو باريس" الكشف عن مجموعة من الاختراعات، مثل أول آلة لجز العشب في العالم، وأول غسالة، وأول ماكينة خياطة من "سينغر"، وأول دمية ناطقة، ومسدس سامويل كولت. وتوافدت الحشود لتجربة آلة صنع القهوة التي كانت قادرة على إنتاج 50 ألف فنجان يومياً.

ومع بلوغ عدد الزوار 5 ملايين و162 ألفاً و330 زائراً، بات الحدث بمثابة تدشين التنافس بين بريطانيا وفرنسا، القوتين العظميين آنذاك، في تنظيم معارض "إكسبو" في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فنظمت لندن المعرض التالي عام 1862 بينما استمرت العاصمة الفرنسية في تنظيم 4 معارض أخرى في 1867 و1878 و1889 و1900.

التوسع خارج الإمبراطوريتين

ومنذ ذلك الحين، بدأت فكرة المعرض بالتحول ليصبح تجمعاً للعالم في مشروع مشترك، يشجع على تبادل الأفكار وأفضل الممارسات والتجارب بين الدول، من أجل التوصل إلى حلول، وتطوير أشكال جديدة من التعاون. كما أصبحت عملية استضافة المعرض تنافسية، وتتطلب إمكانات وقدرات اقتصادية، وقوة في العلاقات الدبلوماسية لضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من الدول والجهات.

شهد عام 1873 أول معرض خارج الإمبراطوريتين، إذ نظمت النمسا نسخة "إكسبو فيينا 1873"، ثم الولايات المتحدة الأميركية عبر "إكسبو فيلادلفيا 1876" ثم "إكسبو شيكاغو 1893"، و"إكسبو سانت لويس 1904" و"إكسبو سان فرانسيسكو 1915" و"إكسبو شيكاغو 1933" و"إكسبو نيويورك 1939"، و"إكسبو سياتل 1962".

ظهرت أستراليا عبر "إكسبو ملبورن 1880"، تلتها إسبانيا عبر "إكسبو برشلونة" مرتين عامي 1888 و1929 و"إكسبو إشبيلية 1992".

وانضمت بلجيكا إلى السباق عبر "إكسبو بروكسل" في أعوام 1897 و1910 و1935 و1958، و"إكسبو لييج 1905"، و"إكسبو جينت 1913".

وبعد ذلك دخلت إيطاليا على الخط عبر "إكسبو ميلانو" مرتين عامي 1906 و2015، ثم هاييتي عبر "إكسبو بورت أو برينس 1949"، تلتها كندا عبر "إكسبو مونتريال 1967" واليابان عبر "إكسبو أوساكا 1970" و"إكسبو آيشي 2005" فضلاً عن "إكسبو أوساكا كانساي 2025" المنتظر بعد عامين.

وشاركت ألمانيا في الحدث الدولي عبر "إكسبو هانوفر 2000"، ثم الصين عبر "إكسبو شنغهاي 2010"، وأخيراً جاء الظهور العربي الأول للإمارات عبر "إكسبو دبي 2020" الذي تأخر بسبب فيروس كورونا، وتم افتتاحه في أكتوبر 2021.

وبعد إكسبو 2025 الذي سيقام في أوساكا اليابانية، ونسخة 2027 التي ستقام في بلغراد الصربية، تتنافس الرياض السعودية، وروما الإيطالية، وبوسان الكورية الجنوبية، على استضافة نسخة 2030.

تصنيفات

قصص قد تهمك