بلومبرغ
تسارع شركات الطيران في شراء عقود المشتقات النفطية للتحصن ضد ارتفاع أسعار النفط الذي شهدته في الأسابيع الأخيرة، حيث تُنذر الحرب بين إسرائيل وحماس بزيادة فواتير الوقود.
يُشير تجار وسماسرة في سوق النفط إلى وجود زيادة ملحوظة في نشاط التحوط من قبل المستهلكين منذ اندلاع الصراع. كما أكد مسؤولون تنفيذيون في الصناعة هذه التحركات خلال إعلانات الأرباح في الأيام القليلة الماضية. موجة النشاط تلك تظهر جلية في ارتفاع أحجام صفقات الشراء والخيارات حيث يهدف المشترون إلى حماية أنفسهم من الارتفاع الكبير في الأسعار.
على الرغم من تراجع أسعار النفط إلى مستويات ما قبل الحرب وعدم توسع الصراع إلى المناطق الرئيسية المنتجة للنفط الخام، ما تزال شركات الطيران تتوقع خطر ارتفاع سعر هذه السلعة التي عادةً ما تمثل أكبر نفقاتها.
وقال ستيفن زات المدير المالي لشركة "إير فرانس-كيه إل إم" (Air France-KLM) خلال إعلان الأرباح الأسبوع الماضي "سننجزها بسرعة كبيرة" في إشارة إلى السرعة التي تستهدفها شركته للوصول إلى حجم التحوط المطلوب البالغ 70% من استهلاك الشركة للوقود بأوائل العام المقبل. "نقترب من نسبة 70% لتفادي أي زيادة مفاجئة في أسعار النفط في ظل ما يجري في إسرائيل".
مكاسب وخسائر التحوط
تقوم شركات الطيران عموماً بالتحوط من زيادة قيمة فواتير الوقود الخاصة بها من خلال مجموعة متنوعة من أدوات المشتقات، بما في ذلك عقود الخيارات والمقايضات.
لا تخلو هذه الاستراتيجية من المخاطر. فخلال فترة الوباء خسرت شركات الطيران مليارات الدولارات بسبب هذه الممارسة؛ حيث أدى تدهور السفر العالمي إلى تكبد الشركات خسائر ضخمة من مراكز المشتقات التي اتخذتها، ولم تستطع تعويض فواتير الوقود مع توقف الرحلات الجوية.
أدت الخسائر التي تكبدتها العديد من شركات الطيران، وخاصة تلك الموجودة في أوروبا، إلى بطء عودتها إلى السوق ودفعتها إلى تقليص مراكز التحوط الخاصة بها. حتى قبل الوباء، تسببت الخسائر في تخلي بعض الشركات في الولايات المتحدة عن هذه الممارسة.
في الآونة الأخيرة، ارتفعت أرباح شركات الطيران بفضل الإجراءات التي اتخذتها تحسباً من ارتفاع أسعار الوقود، حيث حققت كل من شركة "إير شاتل" (Air Shuttle) النرويجية و "إير كندا" (Air Canada) مكاسب من التحوط في أحدث تقارير أرباحهما.
انتعاش الطلب على التحوط
إلى جانب "إير فرانس"، أبلغت شركات الطيران الكبرى الأخرى مؤخراً عن مراكز تحوط أكبر. حيث أعلنت شركة "دويتشه لوفتهانزا" (Deutsche Lufthansa) يوم الخميس عن تحوطها بأكثر من 70% للعام المقبل، متجاوزةً بذلك المستويات التي كانت عليها في الفترة نفسها قبل عام بنحو 20%. وبالمثل، أبلغت شركة "آي أيه غي" (IAG SA) المالكة لـ"بريتيش إيرويز" عن تغطية تحوط أعلى لنهاية العام الجاري والعام المقبل مما كانت عليه قبل عام.
اقترب سعر خام برنت من 100 دولار للبرميل في وقت سابق من هذا الربع. ودفعت ظروف أسعار النفط المرتفعة بشكل عام بعض الجهات الفاعلة بالعودة إلى التحوط بعد سنوات من الابتعاد عن السوق. وكشفت شركة "إير كندا " في أغسطس، أنها أمنت حوالي 30% من تكلفة وقود الطائرات لأول مرة منذ عام 2019. وقالت الشركة هذا الأسبوع إنها عززت هذه الأحجام إلى 45% للربع الرابع.
قال المدير المالي لـ"إير كندا "جون دي بيرت في إعلان الأرباح هذا الأسبوع: "تعكس مواقف التحوط لدينا في النصف الثاني من العام نهجاً حكيماً لإدارة التقلبات الحالية في أسعار الوقود".