بلومبرغ
تعد دُرة التاج في عملية استحواذ "شيفرون" على "هيس" في صفقة بقيمة 53 مليار دولار، هي جزء من أصل ثمين تابع لشركة "إكسون موبيل"، أكبر منافسيها، وهي منطقة تحتوي على 11 مليار برميل نفط قبالة سواحل أميركا الجنوبية.
ستستحوذ "شيفرون" على حصة 30% في منطقة ستابرويك النفطية في غويانا، موطن أكبر اكتشاف نفطي في العالم بالعقد الماضي، وأحد أكثرها دراً للأرباح. سيساعد الاستحواذ شركة النفط العملاقة، ومقرها في كاليفورنيا، على الاقتراب من حصة منافستها الأميركية الأكبر، التي تملك 45% من المنطقة النفطية، وتدير المشروع، وحققت أول اكتشاف في 2015، فيما تملك شركة "سينوك" الصينية الحصة المتبقية وقدرها 25%.
أظهرت رغبة "شيفرون" دفع علاوة لشركة "هيس"، بعد ارتفاع الأسهم بنحو الضعف في العام الماضي، أن شركات النفط الأميركية الكبرى مستعدة لاستخدام ثقلها المالي لتأمين إمدادات النفط منخفضة التكلفة لفترة طويلة. فجاذبية غويانا لا تتوقف على حجم الاكتشافات فحسب، بل وانخفاض نقطة تعادل التكاليف مع الإيرادات أيضاً؛ إذ تعد من عمليات التطوير الأقل كلفة للحقول البحرية في العالم.
الاكتشاف الأكبر منذ أكثر من عقد
قال مارسيلو دي أسيس، مدير بحوث التنقيب والإنتاج في أميركا اللاتينية بشركة "وود ماكنزي" (Wood Mackenzie Ltd.): "إنها ضمن الأفضل. هناك المزيد لاكتشافه، وبالتبعية، هناك فرصة للنمو".
اقرأ أيضاً: شركات النفط تتأهب للاستفادة من تخفيف العقوبات على فنزويلا
يتجه إنتاج غويانا من النفط للزيادة 3 أضعاف ليبلغ مليون برميل يومياً بنهاية العقد، ما يعد توسعاً سريعاً لحقل ضخ أول برميل في نهاية 2019. وبذلك، ستصبح البلد البالغ تعداد سكانها 800 ألف نسمة على قدم المساواة مع أنغولا، عضو منظمة "أوبك"، وواحدة من الدول الأكثر ثراءً من حيث نصيب الفرد من الموارد في العالم.
قال الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون"، مايكل ويرث، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "غويانا هي أكبر اكتشاف في القطاع منذ أكثر من عقد. إنها أصل فريد وجذاب، يصعب تحقيق هذا الاكتشاف وحدنا".
الاستحواذ هو الاستراتيجية المناسبة
وحذر ويرث هو وأقرانه الأميركيون من أن هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في الوقود الأحفوري، رغم ضغط المستثمرين عليه لاستخدام الأرباح في إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح، ومطالبة الساسة بمصادر طاقة منخفضة الانبعاثات. وفي ظل عزوف البنوك والمستثمرين عن تمويل مشروعات جديدة، تبدو الاستحواذات هي الاستراتيجية المناسبة لشركات النفط التي تملك القدرة المالية الكافية.
اقرأ أيضاً: عمال الغاز في أستراليا يلغون الإضراب بعد الاتفاق مع "شيفرون"
ستستحوذ "شيفرون" على الأسهم كلها، وستدفع 1.025 من أسهمها مقابل كلٍ سهم من شركة "هيس"، ومقرها في نيويورك، ويُتوقع إتمام الصفقة في النصف الأول من 2024. انخفضت أسهم "شيفرون"، ومقرها في سان رامون، كاليفورنيا، 3.7% إلى 160.68 دولار خلال التداول ببورصة نيويورك، فيما تراجعت أسهم "هيس" 1.1% إلى 161.30 دولار.
في وقت سابق من هذا الشهر، وافقت "إكسون" على شراء "بايونير ناتشورال ريسورسز" مقابل 60 مليار دولار، لتزيح "شيفرون" عن مكانتها، وتصبح المنتج الأكبر في حوض برميان، أكبر حقل نفط في الولايات المتحدة. الصفقتان الكبيرتان اللتان عقدتهما الشركتان سترسخان سيطرتهما على اثنتين من مناطق الإنتاج الأسرع نمواً خارج دول "أوبك"؛ غويانا وحوض برميان.
نجاح ساحق لـ"هيس" في البرميان
لعقود، عاشت غويانا في ظل فنزويلا، جارتها الأكبر من حيث إنتاج النفط والنفوذ. فأخفق إنتاج النفط من عشرات الآبار التي حُفرت في المياه الضحلة، وأعاقت النزاعات الإقليمية بين البلدين أعمال الاستكشاف والتنقيب.
اقرأ أيضاً: استحواذ "إكسون" على "بايونير" يُمهد لحقبة ساخنة بقطاع النفط الأميركي
قررت "إكسون"، قبيل موعد انتهاء صلاحية ترخيصها، حفر أول بئر تنقيب بالمياه العميقة في غويانا عام 2015، لكن "شل"، شريكتها في المشروع المشترك بينهما بحصة متساوية، انسحبت.
اتصل الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون" حينها، ركس تيلرسون، بجون هيس الذي وافق على شراء 30% في المنطقة النفطية، وضخ المال في بئر "ليزا 1"، المسمى تيمناً بسمكة محلية. وكان نجاحاً ساحقاً؛ حيث تم اكتشاف 90 متراً (295 قدماً) من الحجر الرملي المُشبع بالنفط، ما وصفه مدير التنقيب والإنتاج بالشركة، نيل تشابمان، بعدها بأنه "حدث خرافي". وتوالت بعدها عشرات الاكتشافات الأخرى في المنطقة النفطية. وحفر منتجون آخرون آبار تنقيب في البحر خارج ستابرويك، لكنها لم تحقق نجاحاً حتى الآن.
قال شراينر باركر، مدير شؤون أميركا اللاتينية بشركة "رايستاد إنيرجي" (Rystad Energy): "مناطق التنقيب في غويانا ليست كلها سواء. فمن الناحيتين الجيولوجية والمالية معاً، تأتي ستابرويك أولاً، وبعدها كل المناطق الأخرى. و(شيفرون) أرادت ستابرويك".