بلومبرغ
علامات جديدة تظهر كل يوم تقريباً على أزمة الائتمان في الصين، حيث برزت أخيراً المحاولات الحثيثة التي تبذلها شركة عقارية عملاقة لتجنب التخلف عن السداد، في وقتٍ يعاني فيه مصرف حكومي مسؤول عن إدارة ديون سيئة من هبوط في السندات جراء مخاوف متعلقة بسلامته المالية.
في أحدث مؤشر على الصعوبات التي تواجه "كانتري غاردن هولدينغز" (Country Garden Holdings Co) في ما يتعلق بالسيولة، طلبت الشركة فترة سماح تمتد لـ40 يوماً لسندات باليوان استحقت السداد، حيث تسعى إلى الحصول على دعم الدائنين لتمديد موعد السداد حتى عام 2026. وفي الوقت ذاته، سجلت سندات مقومة بالدولار تابعة لمصرف "تشاينا غريت وول أسيت مانجمنت" (China Great Wall Asset Management Co) اليوم الثلاثاء، أكبر تراجع لها خلال العام الجاري، حيث أثار المحللون مخاوف بشأن تأخر إعلان المصرف عن أرباحه لعام 2022.
الإشارات المقلقة التي تظهر بشكل متواصل في أسواق الائتمان، تؤجج المخاوف واسعة النطاق بشأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إذ لا تزال الحكومة مترددة في اتخاذ إجراءات تحفيزية أكثر قوة، حتى مع تفاقم أزمة العقارات غير المسبوقة. تزايدت علامات انتشار عدوى مشكلات الإسكان في الأسابيع الأخيرة، بدءاً من المدفوعات المتأخرة من قبل أحد أكبر بنوك الظل في الصين، وصولاً إلى تراجع سندات شركات التطوير العقاري في هونغ كونغ.
أضرار أكبر
قال تينغ مينغ، كبير استراتيجيي الائتمان في مجموعة "أستراليا آند نيوزيلاند بانكينغ غروب" (Australia & New Zealand Banking Group): "تتزايد الاحتمالات بحدوث أضرار جانبية أكبر، لكن في الوقت الحالي، لا أتوقع أن تتحول الأزمة إلى مشكلة منهجية". وأضاف: "هناك عوامل عدة متداخلة، ليس فقط في قطاع العقارات، بل وفي إعادة الهيكلة الشاملة للاقتصاد الكلي أيضاً".
تقدمت "كانتري غاردن"، التي تمتلك مشروعات عقارية في كل مقاطعة تقريباً في الصين، باقتراح إلى حاملي السندات من المقرر أن يجري التصويت عليه في اجتماع سيعقد في 31 أغسطس، وفقاً لإشعار من الشركة نُشر على منصة الإفصاح الخاصة في بورصة شنغهاي، واطلعت عليه "بلومبرغ نيوز".
سندات الشركة التي تحمل في الأصل تاريخ استحقاق في 2 سبتمبر المقبل، والذي يصادف يوم السبت، ستستحق فعلياً بتاريخ 4 سبتمبر.
قالت "كانتري غاردن" في الإشعار إنها إذا نجحت في الحصول على فترة السماح، فإن أي دفعة خلال تلك الفترة من "أصل و/أو فائدة" السند، أو تأمين التمديد، لن تؤدي إلى التخلف عن السداد.
لم تقدم "كانتري غاردن" تعليقاً على الفور عندما تواصلت معها "بلومبرغ نيوز" في هذا الشأن.
الأكبر سابقاً بين شركات العقارات
الاقتراح الأخير الذي تقدمت به "كانتري غاردن" التي تعاني أزمة سيولة متفاقمة هزّت الأسواق الصينية في الأسابيع الأخيرة، يأتي بعد أن طلبت الشركة في وقت سابق من الشهر الجاري تمديد سداد السندات البالغة 3.9 مليار يوان (535 مليون دولار) من أصل الدين المستحق حتى عام 2026. ومن شأن تخلف أكبر شركة تطوير سابقة في الصين عن السداد، أن يؤثر على سوق الإسكان بشكل يفوق أزمة تخلف شركة "تشاينا إيفرغراند" عن السداد في أواخر عام 2021، نظراً لأن "كانتري غاردن" تمتلك أربعة أضعاف عدد المشروعات التي كانت لدى "تشاينا إيفرغراند".
من المقرر أن يصوّت حاملو السندات على اقتراح تمديد فترة السماح خلال اجتماع يُعقد بين 29 و31 أغسطس، وفقاً لإيداع يوضح تفاصيل جدول أعمال الاجتماع. كانت "كانتري غاردن" في وقت سابق قد أجّلت التصويت على تمديد السداد من الموعد الأصلي، وهو 25 أغسطس إلى 31 أغسطس.
على صعيد آخر، تراجعت اليوم الثلاثاء السندات المقومة بالدولار الصادرة عن "غريت وول أسيت مانجمنت"، وهو أحد أكبر أربعة مصارف عاملة في مجال الديون المتعثرة في الصين.
جاءت التراجعات في وقت أشارت فيه مذكرة صادرة عن مكتب التداول في مصرف "بي إن بي باريبا" اطلعت عليها "بلومبرغ نيوز"، إلى أن فترات سداد السندات المستحقة في 2027 تتطلب أن يتلقى أمين السند القوائم المالية المدققة في غضون 180 يوماً من انتهاء العام، مع فترة سماح مدتها 60 يوماً، وبخلاف ذلك سيكون هناك خرق للتعهدات.
كان مصرف "غريت وول" ونظيرته شركة "تشاينا هوارونغ أسيت مانجمنت" (.China Huarong Asset Management Co) قد تأخرا في السنوات الأخيرة في نشر تقاريرهما السنوية، ما أثار مخاوف بشأن وضع القطاع في أعقاب جائحة كورونا أدت إلى تراجع قيمة سنداتهما المقومة بالدولار. تلقت "هوارونغ" خطة إنقاذ منسقة من قبل الدولة بقيمة 42 مليار يوان، بعد أن كشفت عن خسائر قياسية بلغت 102.9 مليار يوان في عام 2020.
أزمة "إيفرغراند"
في الوقت ذاته، أرجأت "تشاينا إيفرغراند غروب"، التي لا تزال حتى الآن بؤرة أزمة السيولة في قطاع التطوير العقاري، التصويت الرئيسي على خطة إعادة هيكلة الديون الخارجية قبل ساعات فقط من انطلاقه يوم الإثنين. زاد القرار حالة عدم اليقين بشأن العملية المطولة لإنهاء واحدة من أكبر عمليات إعادة الهيكلة في البلاد على الإطلاق.
في حالة أخرى مثيرة للقلق، تشير تقارير إلى أن شركة التطوير العقاري "سينو أوشن غروب هولدينغ" (Sino-Ocean Group Holding Ltd) المدعومة من الدولة، تجري محادثات لتعيين شركة "هوليهان لوكي" (Houlihan Lokey Inc) كمستشار مالي، بهدف استكشاف خيارات ديون خارجية. حصلت شركة التطوير في وقت سابق من الشهر الجاري على موافقة لتمديد ثلاث دفعات قسيمة سندات، مما يمنح الشركة متنفساً بعدما تسببت مخاوف الرافعة المالية والسيولة في خفض سنداتها المقومة بالدولار إلى مستويات قياسية.
في ما يلي أبرز التواريخ الجديرة بالمتابعة بشأن التحركات المقبلة لشركات التطوير المتعثرة:
- 30 أغسطس: انتهاء اجتماع حملة سندات الوحدة التابعة لـ"سينو-أوشن"، بالتصويت على تمديد سندات بقيمة ملياري يوان.
- 31 أغسطس: الموعد النهائي لحاملي سندات "كانتري غاردن" لعقد اجتماع عبر الإنترنت للتصويت على اقتراح تمديد فترة السماح وطلب سابق لتمديد السندات نفسها باليوان المستحقة فعلياً في 4 سبتمبر.
- 1 سبتمبر: سندات "سينو-أوشن" بقيمة ملياري يوان تستحق مع انتهاء فترة سماح مدتها 30 يوماً.
- 4 سبتمبر: استحقاق سندات "كانتري غاردن" المقومة باليوان، مع سندات بقيمة 3.9 مليار يوان رئيسية مستحقة.
- 5 أو 6 سبتمبر: انتهاء فترة سماح لمدفوعات قسيمة اثنين من سندات "كانتري غاردن" بالدولار.
- 25 - 26 سبتمبر: اجتماع "إيفرغراند" مع الدائنين للتصويت على خطة إعادة هيكلة ديون خارجية.