بلومبرغ
تجاوزت إيرادات "علي بابا" التوقعات بعد عودة النمو إلى ذراعها الأساسية للتجارة الإلكترونية، بما يمثل خطوة مهمة للمجموعة الصينية التي تُعدُّ أيقونةً وطنية تحاول إنعاش أعمالها في ظل اقتصاد متقلّب.
أعلنت الشركة الرائدة بالتجارة الإلكترونية في الصين، والتي يمثل نشاطها مرآةً لقطاع الاستهلاك الأوسع، عن إيرادات بنحو 234.16 مليار يوان (32.3 مليار دولار) للربع المنتهي في يونيو، مقابل متوسط توقعات عند 223.75 مليار يوان. في حين بلغ صافي الدخل 34.3 مليار يوان، متجاوزاً التقديرات أيضاً.
يُعدُّ هذا الأداء القوي بمثابة دفعة لجهود "علي بابا" لاستعادة مكانتها، بعد عامٍ خامل كافحت فيه الاضطرابات الاقتصادية التي أعقبت كورونا، وصعود شركات مثل "بي دي دي هولدينغز" (PDD Holdings)، والقيود التنظيمية التي فُرضت على أعمالها الرئيسية. هذا العام، جنّدت "علي بابا" اثنين من المؤسسين المشاركين ليحلّوا مكان دانيال زانغ على رأس الشركة، وليقوموا بالإشراف على عملية تجزئة معقدة لأعمالها الرئيسية إلى ستة أقسام، بدءاً من السحابة إلى التجارة الإلكترونية المحلية والعالمية.
ينتظر المستثمرون مزيداً من التفاصيل حول الأقسام الفرعية التي سيتم إنشاؤها، بما في ذلك ذراع البقالة "فريشيبو" (Freshippo)، والأعمال السحابية الشبيهة بـ(AWS) و"ساينياو" (Cainiao) للخدمات اللوجستية. يترقب المستثمرون أيضاً سماع خطط المديرين التنفيذيين لإنعاش تلك المنصات وإمكانية جذب مستثمرين جدد إلى قطاع هش.
توقعات بلومبرغ إنتليجنس
طروحات وحدات "علي بابا" المقترحة، والتي قد تصل إلى ما يقرب من 60 مليار دولار من أصولها حتى عام 2024، يمكن أن يمنح المجموعة موارد لتعزيز جهودها للمنافسة في تجارة البقالة بالتجزئة في الصين، وفي الذكاء الاصطناعي السحابي، وقطاعات الخدمات اللوجيستية. قد تستخدم "فريشيبو" العائدات من الاكتتاب العام الأولي والذي يقيمها بـ4 مليارات دولار لملاحقة وول مارت الرائدة في مبيعات تجارة البقالة الإلكترونية. وبعد الاكتتاب العام الأوّلي للوحدة السحابية التابعة لـ"علي بابا" والتي قد تقيم بـ 45 مليار دولار، فإن الوحدة قد تتوسع بدعم من مستثمرين استراتيجيين جدد للتصدي لـ"تينسنت" و"هواوي" و"تشاينا تليكوم". إضافة إلى ذلك فإن طرح "ساينياو" (Cainiao)، المقيمة بـ10 مليارات دولار، قد يقود إلى تسريع توسع وحدة الخدمات اللوجستية في الصين وخارجها.
تمكنت أكبر شركتي تكنولوجيا في الصين "علي بابا" و"تينسنت هوليدنغز" من الاستحواذ على حوالي 70 مليار دولار من القيمة السوقية منذ نهاية مايو، مدفوعة بتوقعات بعودة تدريجية للنمو ليستقر عند رقم من خانتين، وهو المستوى الذي كانت عليه الشركتان قبل أن تشن بكين هجوماً تنظيمياً عنيفاً ضد كبرى الشركات الخاصة في عام 2020.
وبدافع الحاجة إلى تجديد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، قاد شي جين بينغ اجتماعات في الأشهر الأخيرة جمعت كوادر الحزب ووسائل الإعلام الحكومية لإعلان بكين دعمها لقطاع مزقه عامان من الإجراءات غير المتوقعة. وفي يوليو، أشارت بكين إلى أنها مستعدة لتخفيف القيود على القطاع عندما أغلقت تحقيقاً لشركة "أنت غروب" المملوكة لجاك ما. ومع ذلك فإن بعض المستثمرين يحذرون من أن الاحتفال بخطوات بكين تلك قد يكون سابقاً لأوانه.
السياسة النقدية
توقف صانعو السياسة الصينيون عن تقديم دعم مالي أو سياسي رئيسي مباشر للشركات، ولا يزال الإنفاق الاستهلاكي متباطئاً مدفوعاً بتوقعات ضعيفة للأجور ومعدلات بطالة قياسية بين الشباب. كما تظل هوامش الربح ضعيفة وسط منافسة متزايدة من الشركات الناشئة التي نجت غالبيتها من وطأة الضغط التنظيمي مثل "بايت دانس" و"بي دي دي".
خفضت كل من "علي بابا" و"تينسنت" أكثر من 20 ألف وظيفة العام الماضي للنجاة من الاضطرابات التنظيمية والاقتصادية. تواجه هاتان الشركتان هجوماً من شقين؛ منافسون يحاولون الهيمنة على الإنترنت بفضل ظهور الذكاء الاصطناعي، مثل شركتي "بايدو" و"ميتوان" فقد خطفت"بايدو" بالفعل الكثير من الأضواء حتى الآن في فترة ما بعد سباق "تشات جي بي تي"، حيث ظهر نموذجها للذكاء الاصطناعي "إيرني" لأول مرة في مارس بصورة متكررة قبل إطلاقه رسمياً.
على الصعيد الخارجي، تواصل كل من "بايت دانس" و"تيمو" التابعة لـ"بي دي دي" التقدم بخطوات واسعة، لتبني على التوسعات التي بدأتها في الوقت التي أجبرت فيه كل من "علي بابا" و"تينسنت" على كبح أنشطتهما. فخلال الحملة التنظيمية، قامت شركات مثل "تيك توك" و"تيمو" التابعتين لـ"بايت دانس" بتسريع اقتحام الأسواق الخارجية بهدف تحقيق النمو. وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية المتزايدة، فإن هذا الجيل من الشركات الناشئة قدم نموذجاً لنظرائه من الشركات الأقدم التي تسعى إلى استعادة النمو التي كانت عليها قبل الحملة.