سد فجوة الأجور بين الجنسين يبدأ بالمساواة في الترقيات

احتمال حصول الرجال على ترقية دون طلبها أكبر بـ25%.. والتحيز اللا شعوري لا يزال يشكل عائقاً

time reading iconدقائق القراءة - 10
الطريق إلى المناصب العليا ما زال طويلاً - المصدر: بلومبرغ
الطريق إلى المناصب العليا ما زال طويلاً - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بينما ندور في حلقة مفرغة من مناقشة كيفية سد فجوة الأجور بين الجنسين نهائياً، يوجد حل بسيط: ترقية النساء بذات معدل ترقية الرجال.

لا بد أنك تظن أننا نفعل ذلك حالياً بالطبع، وأنت محقّ إلى حد ما، إذ يبدو أن النساء يطالبن بالترقيات بالمعدل ذاته الذي يطالب به الرجال، ويحصلن في تلك الحالة على الفرص ذاتها في الترقية، إلا أن الرجال ينالون ترقيات أكثر دون طلبها. فاحتمال حصولهم على ترقية بلا طلب أكبر بنسبة 25%، وفقاً لدراسة من المقرر نشرها قريباً.

لذلك تشكّل الشفافية في التقدم المهني أمراً لا غنى عنه، فإذا واجهت النساء عقبة عملية، فلن تتحقق المساواة بين الجنسين، وسيبقى التحيز اللا شعوري حاجزاً أمامهن.

إنصاف أصحاب المواهب

ساعدت لورا رايان، كبيرة الباحثين في شركة "أرديا إنفستمنت مانجمنت" (Ardea Investment Management) في سيدني، كبيرة معدي الاستبيان، على ابتكار مصطلح "ترقية الموهوبين" لوصف هذه الظاهرة.

فعند أخذ المتغيرات في الحسبان، مثل التعليم والخبرة وفترات الانقطاع المهني والوظيفة، نال 76% من متخصصي القطاع المالي في أستراليا ترقيات دون طلب، مقارنة بنسبة 60% من المشاركات، ما يستبعد مورداً غنيّاً للمواهب القيادية المعروضة.

وفي مقابلة حديثة قالت لي رايان: "فجوة الترقيات تُخفي في باطنها فجوة الأجور. يجب أن تكون معدلات الترقية متساوية بمرور الوقت، إلا إذا لم تكُن عملية الترقية متحيزة في الأساس، لا سيما في الشركات الكبيرة، ولو كان الفرق بين المعدلين كبيراً، فالأرجح أنه سيكون في العملية برمتها مشكلة".

لا يترددن في طلب ترقيات

تحمل رايان درجة الدكتوراه في الإحصاء، وسبق أن عملت لدى شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management). وتحمست لبدء البحث بعدما سمعت قصصاً شخصية من الزملاء تشير إلى عدم وجود فجوة أجور بين الجنسين في المجالات التي يعملون بها. فأرادت أن ترى إذا ما كانت الأرقام تؤيد ذلك، إذ لا تبحث دراسات كثيرة في كيفية تأثير الاختلافات بين الجنسين في الترقية في مكان العمل، وهل تؤثر على سلوكيات من ينالون ترقيات ومن لم يحصلوا عليها أم لا، ويبدو أنها تؤدي إلى ذلك فعلاً.

فترقية النساء إلى مناصب أعلى لا يعوقها الارتقاء الوظيفي غير الرسمي فحسب، بل و"الكفاءة المتوقعة" أيضاً. بعبارة أخرى، ما زالت فرص الرجال في نيل الوظيفة أكبر.

مع ذلك، كشفت دراسة رايان أنه عندما تطالب النساء بالترقيات بذات المعدل الذي يطالب به الرجال، ينلن فرصة أفضل في الحصول عليها (25.9% مقابل 17.2%)، وذلك على الأرجح لأنه عندما تطالب النساء بالترقية يكُنّ واثقات 100% من امتلاكهن المهارات والقدرات. ونتيجة مثيرة أخرى، فالنساء اللاتي مررن بفترة انقطاع مهني، كان احتمال ترشيحهن لأنفسهن لمنصب، أقلّ من الرجال الذين تعطلت حياتهم المهنية، في ما يُسمَّى "عقوبة الأمومة ومكافأة الأبوة".

لكن إذا أردت تمثيلاً أفضل للنساء في المناصب العليا، وتضييق فجوة الأجور بين الجنسين، وفرصاً مهنية أفضل للنساء، فمن المنطقي التأكد من عدم حرمانهن من الظروف المناسبة، إذا تعلق الأمر بالتقدم الوظيفي.

فرص أكبر للرجال

لن يحدث ذلك إذا كانت فرص المحادثات الودية أو خلف الأبواب المغلقة التي تميل إلى تفضيل الرجال جزءاً من عملية الترقية الخفية. وهذه جملة وردت في البحث، مضيفاً: "أثر العلاقات بين الرجال ومديريهم المباشرين من الرجال يتجلّى باعتباره عاملاً مهمّاً في تفسير معدلات الترقية الأعلى للرجال".

على الصعيد العالمي، ما زالت النساء غير ممثَّلات بالقدر الكافي في قطاع الاستثمار، حيث يتولين 10% من المناصب القيادية فقط، مثل الرئيس التنفيذي وكبير مسؤولي الاستثمار، وفقاً لمعهد المحللين الماليين المعتمدين، ومقره في الولايات المتحدة. ولا يزال عدد مديرات المحافظ الاستثمارية ضئيلاً.

لكن على الصعيد الآخر، يبدو معدل انضمام النساء من ذوات الكفاءات إلى سوق العمل قويّاً ومقارباً لمعدل الرجال تقريباً، إذ يسعين بجدية خلف الفرص الوظيفية. مع ذلك، وبينما يقدّمن أداءً باهراً، فإنهن ينلن تقديراً منخفضاً لإمكانياتهن، بما يوضح التحيزات الأصلية الكثيرة وأن للرجال فرصاً أفضل عندما يتعلق الأمر بالترقية في مكان العمل.

يجب أن يتغير هذا الوضع، ولا بد أن تتأكد الشركات من أن النساء لديهن فرص متساوية للتطور بالوتيرة ذاتها في ظل مسارات مفتوحة للتقدم المهني.

بدلاً من ذلك تراجع تَقدُّم المبادرات لتعزيز التمثيل النوعي والعرقي، وبالكاد تحسنت مقاييس التنوع بين الجنسين في الأعوام السابقة. فما زالت المناصب التنفيذية في أكثر من ثلث شركات العالم بلا نساء، وفقاً لشركة "ماكنزي آند كو" (McKinsey & Co). نتيجة لذلك بدأ ظهور الشعور بـ"الإرهاق من مطالبات التنوع"، وهو التأثير العاطفي الناجم عن مواجهة جدار صامد ضد مقاومة التغيير.

في الوقت الحالي، يوجد تركيز شديد على فجوة الأجور، إذ تجبر الحكومات الشركات على الإبلاغ عنها. لكن ماذا لو تحملت جهات العمل المسؤولية؟ ولا أتحدث هنا عن الفرق بين الأجور التي تدفعها الشركات للرجال والنساء فحسب، بل عن المبادرات التي تضمن سدّ تلك الفجوة. من هنا يمكن القول إن تهيئة فرص متكافئة للترقية ستكون نقطة بداية جيدة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك