بلومبرغ
تقدمت شركة "بد باث آند بيوند" (.Bed Bath & Beyond Inc) لبيع الأدوات المنزلية في الولايات المتحدة بطلب الحماية من الإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر في نيوجيرسي، وفقاً لإيداع قضائي.
تبلغ القيمة التقديرية لأصول الشركة ما يتراوح بين مليار دولار إلى 10 مليارات دولار، فيما تبلغ قيمة الالتزامات المستحقة عليها من مليار دولار إلى 10 مليارات دولار، وفقاً للإيداع. ويُقدر عدد دائني الشركة ما بين 25,001 و50 ألف دائن.
كانت أزمة شركة تجارة التجزئة التي يقع مقرها في "ذا يونيون" بنيوجيرسي تصاعدت خلال العام الجاري، بدءاً من يناير الماضي، عندما قالت إن هناك "شكاً كبيراً" بشأن قدرتها على مواصلة نشاطها، وإنها تدرس خيارات لإعادة هيكلة ديونها. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، تلقت إشعاراً بالتخلف عن السداد من "جيه بي مورغان تشيس" (.JPMorgan Chase & Co) بسبب خرقها شروط حد ائتمان.
تلقت الشركة طوق نجاة في اللحظة الأخيرة من صندوق التحوط "هادسون باي كابيتال مانجمنت" (Hudson Bay Capital Management)، في صفقة كانت ستمنح "بيد باث آند بيوند" أكثر من مليار دولار وفق شروط معينة. لكن الشركة أخفقت في تلبية الحدود الدنيا لسعر السهم، وأُلغيت الصفقة. ثم قالت "بد باث آند بيوند" إنها ستبيع المزيد من الأسهم في محاولة لتجنّب طلب الإفلاس.
في عام 2022، شرعت الشركة في مبادرة تحوّل منحتها قرض إنقاذ بقيمة 375 مليون دولار تمثلت في إغلاق متاجر وتقليص ما يقرب من 20% من قوتها العاملة.
كانت الخطة، التي كُشف عنها في أغسطس، من بين أحدث محاولات الشركة لمعاودة النشاط، حيث كانت تكافح لمواكبة منافسي التجارة الإلكترونية وتغيير عادات التسوق الاستهلاكية.
في السنوات الأخيرة، دفع الأداء المتردي للشركة كي تكون هدفاً للمستثمرين النشطين. ففي عام 2019، أجبر المساهمون مجلس إدارة الشركة على إجراء تجديدات وإقالة الرئيس التنفيذي، بينما أطلق المستثمر الناشط ريان كوهين حملة لاحقة في مارس انتهت بإقالة رئيس تنفيذي آخر بعد تغيير مجلس الإدارة.
تراجع غير حتمي
لا يشكّل انهيار "بد باث آند بيوند"، كما يصر بعض المنتقدين، مثالاً على التراجع الحتمي لشركات التجزئة التي تكافح من أجل المنافسة ضد "أمازون" (.Amazon.com Inc)، لكن الشركة هي المسؤولة إلى حد كبير عن هذا الانهيار. ووفقاً للموردين والمحللين والمديرين والموظفين السابقين لما يقرب من عقد من الزمان، اتخذت أطقم القيادة لشركة التجزئة قرارات دفعتها تدريجياً نحو حافة الانهيار المالي.
ففي عهد ستيف تيماريس، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لفترة طويلة، أنفقت "بد باث آند بيوند" الكثير من المال والوقت في الاستحواذ على شركات، مثل "كوست بلس وورلد ماركت" (Cost Plus World Market) في 2012، و"ديكوريست" (Decorist) في 2017، وهي الجهود التي كان مصيرها الفشل في نهاية المطاف. كما أنفقت الشركة مليارات الدولارات لإعادة شراء الأسهم.
في الوقت نفسه، لم تكن "بد باث آند بيوند" تستثمر ما يكفي لتحسين عملياتها عبر الإنترنت واللوجستيات، مما وضع شركة التجزئة في وضع غير مؤاتٍ، في الوقت الذي كانت فيه تباشر الشركات المنافسة، بما في ذلك "تارغت كورب" (.Target Corp) و"وول مارت" (.Walmart Inc) و"لويز كوز" (.Lowe's Cos)، لتسليم الطلبات في اليوم التالي وشحنها في اليوم نفسه، وعرض خيارات مثل الشراء عبر الإنترنت والاستلام من المتاجر.
كانت المتاجر الكبرى المتخصصة الأخرى تجري أيضاً تطويراً للتنافس بفعالية مع "أمازون"، بما في ذلك "بيست باي" (.Best Buy Co)، التي أصبحت متجراً مفضلاً للمستهلكين للتحدث إلى الموظفين أصحاب الخبرة وجهاً لوجه واختبار المنتجات الإلكترونية ذات الأسعار التنافسية بأنفسهم.
تركيز على العلامات الخاصة
في عام 2019، تولى مارك تريتون، المدير التنفيذي السابق لشركة "تارغت"، دفة القيادة في "بد باث آند بيوند" في الفترة التي كانت فيها الشركة تخسر حصتها السوقية وتسجل مبيعاتها الفصلية انخفاضاً. وفي محاولة منه لوقف هذا التراجع، قرر "تريتون" إنتاج المزيد من المنتجات داخلياً، والتي يمكن أن تساعد في خفض التكاليف في حال أُنتجت بشكل فعال بمرور الوقت. ولكن في "بد باث آند بيوند"، انتهى الأمر بهذه الاستراتيجية إلى مجرد ملء المتاجر بالعديد من المنتجات ذات العلامات الخاصة غير المعروفة على حساب العلامات التجارية الوطنية المعروفة.
قال ديكلان غارغان، المحلل في وكالة "إس آند بي غلوبال" للتصنيفات الائتمانية في مقابلة إن "الخلل الأساسي، على ما أعتقد، كان يتعلق بقرار التسويق" الذي ركّز على المنتجات ذات العلامات التجارية الخاصة. العميل الأساسي لشركة التجزئة لم يكن مهتماً بذلك".
تراجع المتسوقون وهبطت المبيعات. وفي وقت سابق من هذا العام، كانت "بد باث آند بيوند" تتأهب لتقديم طلب الحماية من الإفلاس، لكن الأمر الذي أثار دهشة العديد من الموردين والمحللين أن شركة التجزئة وقّعت على صفقة تمويل معقدة في اللحظات الأخيرة في مطلع فبراير من أجل بيع أسهمها إلى صندوق التحوط "هادسون باي". وجمعت الصفقة 360 مليون دولار، أي أقل بكثير من المبلغ المستهدف البالغ مليار دولار. إلا أن غيوم الإفلاس بدأت تلوح في الأفق مجدّداً.
بعد ذلك، أعلنت شركة تجارة التجزئة عن إبرام صفقة تمويل أخرى في اللحظة الأخيرة وذلك بنهاية مارس الماضي، لكن هذه المرة من دون صندوق تحوط كوسيط، وكان أمام "بد باث آند بيوند" عدة أسابيع لبيع أسهم مباشرة بقيمة 300 مليون دولار إلى المستثمرين. ومع ذلك، لم يبدوا اهتماماً إلى حد كبير، واستمر سعر السهم في الانخفاض.
التخفيف "المستمر"
قال جيمس غيليرت، الرئيس التنفيذي لشركة التقييمات "رابيد ريتينغز" (Rapid Ratings): "فكرة أنه يمكنك دعم شركتك باستمرار حتى في مواجهة التخارج المستمر لمستثمريك ليست استراتيجية تمويل مؤسسية طويلة الأجل وقابلة للتطبيق. يبدو أن بد باث آند بيوند كانت تتجاهل حاملي الأسهم العادية".
أصبحت وظائف آلاف العاملين بالشركة، ومدخراتهم التقاعدية ومكافآت نهاية الخدمة الخاصة بهم، على المحك. ومع ذلك، هناك بعض الرابحين وسط انهيار أحد أكبر متاجر التجزئة المتخصصة في السلع المنزلية بالولايات المتحدة.
وشهدت الشركات التي تمكنت من التحوّل الفعّال في السنوات الأخيرة بهدف التنافس أمام "أمازون" وغيرها من الشركات العملاقة للبيع عبر الإنترنت زيادة في الطلب على منتجاتها. وأشار نيل سوندرز، المحلل "غلوبال داتا" (GlobalData)، إلى أن كلاً من "تارغت" و"وول مارت" و"هوم غودز" (HomeGoods) و"أمازون" نفسها كانت من بين هؤلاء المستفيدين. وأضاف: "إغلاق المتاجر وفقدان حركة العملاء التي تشهدها بد باث آند بيوند، آخذ في الانتشار على نطاق واسع إلى حد ما بين مجموعة متنوعة من شركات التجزئة".