بلومبرغ
يواصل رودولف سعادة، الملياردير الفرنسي الذي يترأس شركة الشحن العملاقة "سي إم إيه سي جي إم" (CMA CGM)، بلا هوادة محاولات إبرام صفقات استحواذ، إذ تقدم بعرض قيمته 5 مليارات يورو (ما يعادل 5.5 مليار دولار أميركي) لشراء ذراع شركة "بولور" (Bollore) اللوجستية غير المعروضة للبيع.
تلقت "بولور"، وهي شركة قابضة يسيطر عليها فينسينت بولور، وهو رجل أعمال فرنسي آخر فائق الثراء ومتعطش لإبرام الصفقات، عرضاً مبدئياً من شركة "سي إم إيه سي جي إم" محدودة الملكية، حسب بيان صادر أمس الثلاثاء. وكانت "بلومبرغ نيوز" أفادت في فبراير الماضي بأن "سي إم إيه سي جي إم"، ويقع مقرها في مرسيليا، وتسيطر عليها عائلة سعادة، كانت مهتمة بالاستحواذ على الوحدة.
ترمي "سي إم إيه سي جي إم" لتقديم عرض نهائي مع حلول 8 مايو المقبل بعد مفاوضات حول التدقيق المحاسبي والتعاقد، وفقاً للبيان. وأعلنت عملاقة الشحن في بيان منفصل أن صفقة الاستحواذ المحتملة تأتي في إطار استراتيجيتها لتطوير كل من الخدمات اللوجستية وأعمال الشحن.
صعدت أسهم "بولور" 5.5% بتعاملات بورصة باريس.
نشاط الصفقات
كان سعادة، الذي تسلّم منصب الرئيس التنفيذي لثالث أكبر شركة نقل حاويات على مستوى العالم من والده الراحل، في حالة من زخم عقد الصفقات، إذ أنفق قدراً من الأرباح الاستثنائية التي تكدست في أثناء أزمة جائحة كورونا عندما ارتفعت أسعار الشحن لمستويات تاريخية وتعطلت سلاسل التوريد. وبلغ صافي أرباح "سي إم إيه سي جي إم" خلال 2022 مستوى قياسياً عند 24.9 مليار دولار أميركي، ليتخطى 17.9 مليار دولار أميركي سجلها 2021.
بصورة مشابهة، نشط فنسنت بولور أيضاً على صعيد عمليات الاندماج والاستحواذ، وأنهى في الآونة الأخيرة صفقة بيع شركة الموانئ الأفريقية التابعة لمجموعته لشركة "إم إس سي ميديترينيان شيبينغ" (MSC Mediterranean Shipping)، وهي شركة نقل حاويات كبرى يترأسها الملياردير جانلويجي أبونتي، مقابل 5.7 مليار يورو.
"CMA CGM" تتعاقد لإنشاء منصة لوجستية في ميناء جدة الإسلامي بـ487 مليون ريال
في حال إبرام الصفقة مع "سي إم إيه سي جي إم"، سيخرج بولور من الأنشطة التجارية بمجال الخدمات اللوجستية التي استغرق أغلب فترات حياته المهنية في تشييدها. مدعوماً بمصادر تمويل هائلة، من المنتظر أن ينقل تركيزه لينصبّ على أصوله الإعلامية، ثاني أكبر مجال بإمبراطوريته متعددة القطاعات.
التركيز على "فيفندي"
يمكن أن يزيد بولور حصة ملكيته في الشركة متعددة الأنشطة "فيفندي" (Vivendi)، وهو يُعَدّ فعلياً أكبر مساهم فيها، حسب محللين. بدأ الرجل البالغ 71 عاماً فعلاً عملية إعادة رسم معالم "فيفندي" بواسطة عملية طرح عام أولي خلال 2021 لشركة "يونيفرسال ميوزيك غروب" (Universal Music Group)، إذ احتفظ بحصة ملكية 10%.
عن طريق العمليات التشغيلية للتليفزيون المدفوع "قنال+" (+Canal) والإعلانات والصحافة، تركز "فيفندي" في الوقت الحالي على الاستحواذ على منافستها الإعلامية شركة "لاغاردير" (Lagardere)، التي تمتلك شركة "هاشيت" (Hachette)، ثالث أكبر دار نشر عالمياً.
من جهته، أنفق سعادة فعلاً المليارات على شراء أصول النقل والخدمات اللوجستية، رغم تحوله القوي أيضاً نحو وسائل الإعلام.
"CMA CGM" الفرنسية تفوز بعقد إدارة وتشغيل مرفأ بيروت
خلال 2021، عقدت "سي إم إيه سي جي إم" صفقات استحواذ على الأعمال اللوجستية لشركة تعاقدات التجارة الإلكترونية "إنغرام مايكرو" (Ingram Micro) مقابل 3 مليارات دولار أميركي تشمل الديون، وأبرمت اتفاق شراء محطة حاويات في ميناء لوس أنجلوس بقيمة 2.3 مليار دولار أميركي لا تشمل الديون (Enterprise Price). ومؤخراً، اتفقت "سي إم إيه سي جي إم" على شراء محطتين رئيسيتين للشحن في الولايات المتحدة تمتلكهما شركة "غلوبال كونتينر تيرمنيلز" (Global Container Terminals) في كل من نيويورك ونيوجيرسي.
قسم وسائل الإعلام
أنشأ رودولف سعادة، الرئيس التنفيذي اللبناني الأصل البالغ من العمر 53 عاماً، قسماً للاستثمار بوسائل الإعلام داخل مجموعة "سي إم إيه سي جي إم"، تتضمن أصوله صحيفة "لا بروفنس" (La Provence) الإقليمية في مرسيليا، وحصة ملكية 10% في محطة البث التليفزيوني الفرنسية "إم6". كما اشترى 16% في أسهم شركة "بروت" (Brut)، وهي منصة إعلامية عبر الإنترنت تهتم بفئة الشباب.
تصل قيمة شركة عائلة سعادة إلى 32.5 مليار دولار أميركي، حسب مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات، فيما تبلغ ثروة فنسنت بولور 9.4 مليار دولار أميركي.
كال سعادة المديح لذراع "بولور" اللوجستية في أثناء رحلة إلى الصين الشهر الجاري برفقة وفد الشركات المصاحب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وصرح لـ"بلومبرغ نيوز": "إنهم يعملون بطريقة رائعة في مجال الخدمات اللوجستية، ونُكِنّ لهم قدراً كبيراً من الاحترام".
توظف شركة "بولور لوجيتسكس" (Bollore Logistics) 15 ألف موظف عبر 148 دولة، حسب موقعها على الإنترنت. وتتعامل مع مئات الآلاف من الأطنان المنقولة عن طريق الشحن الجوي والبحري للشركات في قطاعات تتنوع من الرعاية الصحية إلى الأطعمة والمشروبات.
تنتشر الأعمال اللوجستية التابعة لـ"سي إم إيه سي جي إم" عبر ما يفوق 160 دولة، وتقدم خدمات الشحن الجوي والبحري.