بلومبرغ
قالت ماري بارا، الرئيسة التنفيذية لشركة "جنرال موتورز"، إن العام الجاري سيشهد تخطي الشركة لمنافسيها التقليديين والبدء في محاولات الحد من الفجوة بينها وبين شركة "تسلا" في سباق تصنيع السيارات الكهربائية.
هذه هي الدفعة التي طال انتظارها، حيث ظلت "جنرال موتورز" تتحدث لأربعة أعوام عن 30 طرازاً لسيارات كهربائية جديدة تستخدم بطاريات ألتيوم الخاصة بالشركة، لكنها لم تبدأ إنتاجها إلا مؤخراً. واعتماداً على هذه البطاريات ستطرح الشركة 7 سيارات كهربائية جديدة هذا العام، من ضمنها سيارتا الدفع الرباعي "كاديلاك ليريك" و"شيفروليه بليزر" وشاحنة "شيفروليه سيلفيرادو".
تعتقد بارا أن "جنرال موتورز" ستتجاوز منافستها التقليدية "فورد موتورز" في مبيعات السيارات الكهربائية وتبدأ في الاستحواذ على السوق الذي سيطرت عليه "تسلا" خلال العقد الماضي.
قالت بارا في مقابلة إن "هذا هو عام انطلاقتنا"، مؤكدة "أنا أعتقد، بل أنا على يقين تام بأن هذا سيكون عام انطلاقتنا نتيجة المنتجات التي لدينا والطلب الذي شهدناه".
عام مصيري
تدخل بارا عاماً مصيرياً في ولايتها لرئاسة أكبر مصنعي السيارات في أميركا. بحلول أغسطس، ستكون بارا الرئيس التنفيذي الأطول مدةً لـ"جنرال موتورز" منذ تخلي الأسطوري ديفيد سلوان عن المنصب في 1956 حيث تولاه منذ 1946. تسارعت الدفعة التي قدمتها بارا تجاه السيارات الكهربائية في الربع الأول من العام الحالي وستتزايد بشكل أكبر خلال العام المقبل. تعتزم "جنرال موتورز" صنع مليون سيارة كهربائية بحلول 2025، وقد تتجاوز مبيعات "تسلا"، طبقاً لتنبؤات "بنك أوف أميركا".
"جنرال موتورز" لن تكون لديها أعذار هذا العام في ظل تحسن إمدادات أشباه الموصلات، بالتالي يجب أن تتمكن الشركة من تعزيز مبيعات كل من سياراتها التقليدية والكهربائية.
سيعزز مصنع البطاريات القائم بولاية أوهايو، الذي تديره شركة "ألتيوم سيلز" (Ultium Cells LLC) ، من الإنتاج بنسبة 20% بشكل ربع سنوي، ليمد مصانع تجميع السيارات الكهربائية باحتياجاتها. حيث تعهدت "جنرال موتورز" برفع إيرادات مبيعات السيارات الكهربائية إلى 50 مليار دولار بحلول 2025 من خلال اتِّباع طرق مربحة.
باعت الشركة ما يقل عن 40 ألف سيارة كهربائية العام الماضي، لينتهي بها الحال في المركز الثالث بعد "تسلا" و"فورد"، حيث استحوذت "شيفروليه بولت" المدمجة تقريباً على كافة مبيعات "جنرال موتورز" من السيارات الهجينة التي تعتمد على تكنولوجيا من الجيل السابق. من المقرر أن تظل "تسلا" في صدارة مبيعات السيارات الكهربائية هذا العام وسط ما يقارب من 427 ألف سيارة مباعة، طبقاً لشركة الأبحاث "إل إم سي أوتوموتيف" (LMC Automotive)، التي تتوقع أيضاً تجاوز "جنرال موتورز" لـ"فورد" وبيع 117 ألف سيارة.
أفاد كيفين ريدل، المحلل لدى "إل إم سي"، عبر البريد الإلكتروني، أن "مصنعي السيارات التقليديين يحققون تقدماً ملحوظاً، لكن مازال الطريق طويلاً للحاق بمبيعات "تسلا"".
طريق طويل
قررت "جنرال موتورز" أن تسلك الطريق الأطول للتحول نحو السيارات الكهربائية عبر صناعة حزمة بطاريات ومنصة سيارات كهربائية خاصة بها بدلاً من إتِّباع طريق مختصرة تتسم بمعدات احتراق داخلي محولة. نتيجة لذلك، حافظت "تسلا" على تفوقها الهائل، فيما حققت "فورد" تفوقاً أيضاً على منافستها التقليدية. وسجلت كل من الكوريتين "هيونداي موتور" و"كيا" حضورهما في سوق السيارات الكهربائية.
مع ذلك، فإن هذا التأخير يوفر بعض المزايا، حيث يعمل كافة منافسي "جنرال موتورز" على نسختهم الخاصة من بطاريات ألتيوم، التي تستخدمها "جنرال موتورز" في كل الأغراض بدءاً من سيارة الدفع الرباعي الصغيرة الكهربائية "إكوينوكس" (Chevy Equinox SUV)، وصولاً إلى "هامر إي في" (Hummer EV) التي يصل وزنها إلى 9000 رطل.
تتمتع الشركة الآن بمرونة أكبر كما ينمو إنتاج البطاريات خاصة بعد أن أصبحت المنصة جاهزة. وفي المقابل، حول المنافسون في الغالب المنصات الحالية للسيارات التقليدية لتناسب البطاريات، وهو ما قد يكون عاملاً مميزاً لـ "جنرال موتورز".
تعد أرباح "جنرال موتورز" القوية خلال العام الماضي، والتكرار المتوقع في 2023، عاملاً رئيسياً يتيح للشركة إنفاق المليارات على أعمال السيارات الكهربائية. تعهدت بارا، الخميس الماضي، بأن تحقق الشركة أهدافها المالية هذا العام، وهي تشمل أرباحاً قبل الفوائد والضرائب تصل إلى 12.5 مليار دولار، علماً بأن الشركة حققت مستهدفها في 2022.
أخبرت بارا المستثمرين، في مؤتمر عقدته "ولف ريسيرش" (Wolfe Research) مؤخراً بنيويورك، أنه "لم يؤمن بنا أحد عندما قلنا إننا سنحقق أهدافنا.. لم يقل أحد إننا سنحقق أهدافنا لكننا فعلناها".
أهداف "كروز"
هذا العام سيكون مصيرياً أيضاً بالنسبة لـ"كروز" (Cruise)، وهي وحدة السيارات ذاتية القيادة التابعة لـ"جنرال موتورز". تفرض "كروز" أجرة نظير ركوب السيارات ذاتية القيادة في سان فرانسسكو وفينيكس وأوستن بولاية تكساس. قدمت الشركة طلباً لزيادة ساعات الخدمة في سان فرانسسكو، وربما تتطلع للتوسع في مدن أخرى. تستهدف الشركة تحقيق إيرادات تصل إلى مليار دولار في 2025 وزيادة الأجرة الإجمالية للرحلات إلى 50 مليار دولار بحلول نهاية العقد.
بالرغم من ذلك، تتكبد "جنرال موتورز" مليارَيْ دولار سنوياً بسبب وحدة "كروز"، ناهيك عن بعض الأخطاء التي تسببت في مشاكل مرورية. لا يزال سجل السلامة الخاص بالشركة جيداً، لكن الأمر قد يستغرق أعواماً للبدء في تحقيق الأرباح.
قالت بارا إن الشركة ستواصل تمويل وحدة "كروز"، بجانب خططها لتوسيع نشاطات سيارات الأجرة الآلية لتمتد إلى توصيل البضائع والسيارات ذاتية القيادة. وأضافت، "جنرال موتورز" ليست لديها خطط لطلب تمويلات خارجية في الوقت الراهن.
صرحت بارا أن "جنرال موتورز لا تواجه حالياً مشكلة في التمويل.. نحن ملتزمون للغاية تجاه كروز، فهي تمثل جزءاً شديد الأهمية من مستقبلنا".
مع ذلك، يمكن أن تواجه طموحات بارا لعام 2023 بعض التعقيدات نتيجة الركود الاقتصادي الأميركي. بارا قالت إن "جنرال موتورز" تراقب الوضع الاقتصادي عن كثب وتخطط لمختلف السيناريوهات، لكن الطلب لا يزال قوياً حتى الآن.
كما أفادت: "ما زلنا نستقبل طلباً قوياً نسبياً، فنحن لا نزال نشهد طلباً على شاحناتنا وسياراتنا للدفع الرباعي الأكثر رفاهية.. نحن نخطط بشكل متحفظ، لكننا نسجل حالياً طلباً مرتفعاً من الولايات المتحدة".