2023 عام الحسم لشركات أميركية مأزومة

أوضاع صعبة تعيشها الشركات مع تراجع أسعار الأسهم وأكوام من الديون تسعى بعضها لإعادة هيكلتها

time reading iconدقائق القراءة - 19
سفينة \"كرنفال فالور\" السياحية تنطلق في رحلة بحرية من ميناء نيو أورلينز الأميركي - المصدر: بلومبرغ
سفينة "كرنفال فالور" السياحية تنطلق في رحلة بحرية من ميناء نيو أورلينز الأميركي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كان لدى الشركات الأميركية الكثير من الأمور لتتغلب عليها خلال النصف الأخير من 2022 في ظل صعود أسعار الفائدة، ووجود مستهلكين أكثر من ذوي الميزانية المحدودة وتدهور سوق الأوراق المالية. وضع هذا بعضها في مواقف صعبة تماماً مع بداية السنة الجديدة. نستعرض فيما يلي 5 من تلك الشركات التي من المفترض مراقبتها بطريقة وثيقة:

شركة "كرنفال"

دخلت شركة "كرنفال" عام 2020 بكامل حيويتها وعنفوانها، بعد أن حققت مبيعات وأرباح قياسية في السنة السابقة. عقب 3 أعوام من تفشي الوباء، تحولت لشركة مختلفة.

أوقفت عملاقة خطوط الرحلات البحرية نشاطها، على غرار شركات تشغيل السفن الآخرى، لأكثر من سنة جراء تفشي مرض كوفيد. باعت الشركة أسهماً جديدة واقترضت بشدة وضاعفت ديونها طويلة الأجل 3 أضعاف لتبلغ 32 مليار دولار على مدى الأعوام الثلاثة الماضية. سيجعل صعود أسعار الفائدة دفع هذا المبلغ أشد صعوبة.

في هذه الأثناء، انكمش حجم أسطول كرنفال 11% مع بيع السفن الأقدم والأقل كفاءة باستهلاك الوقود أو خروجها من الخدمة. بقيت سعة الركاب دون تغير تقريباً، إذ إن السفن المضافة حديثاً تحظي بسعة أكبر. يكمن التحدي الذي يتعرض له الرئيس التنفيذي الجديد جوش وينشتاين، الذي تولى منصبه أغسطس الماضي، في شغل مقاعد السفن المتبقية بالأسعار التي تتيح للشركة العودة إلى تحقيق الأرباح. كان ذلك أمراً صعباً عقب ضعف الاقتصادات بأوروبا وموجات تفشي مرض كوفيد بالصين. أعلنت الشركة الأسبوع الماضي أن حجم حجوزات أوروبا وآسيا خلال 2023 هبطت مقارنة بمستويات ما قبل الوباء، بينما تتقدم أميركا الشمالية وأستراليا.

يطمح وينشتاين إلى جذب الناس للعودة إلى الرحلات البحرية السنة المقبلة عن طريق خطوة مهمة على صعيد مجال الإعلان، وهو يعمل مع كل من العلامات التجارية لـ"كرنفال" لتعزيز مكانتها بالسوق. وصف أثناء مؤتمر حديث عبر الهاتف حول الأرباح، عملية إعادة إطلاق الشركة على مدى الـ18 شهراً الماضية لتصبح "أكبر شركة ناشئة على مستوى العالم".

يجري تداول أسهم "كرنفال" وكأنه يوجد متاعب أكثر في انتظارنا. هبط السهم بأكثر من 80% منذ ديسمبر 2019 - الأسوأ أداءً وسط شركات الرحلات البحرية الـ3 الكبرى – ولامس مؤخراً مستوى هو الأدنى له خلال 30 سنة. قال بنجامين تشيكين وهو محلل لدى شركة "كريدي سويس سيكيورتيز" "في نهاية المطاف، نعتقد أن التوقعات متدنية".

شركة "بيوند ميت"

كانت سنة عسيرة أيضاً على شركة "بيوند ميت"، إذ هبطت مبيعات اللحوم المصنعة في متاجر البقالة، ولم تسفر اختبارات المنتجات مع شركاء الوجبات السريعة عن تحول أي من منتجات "بيوند" إلى عناصر دائمة بقائمة الطعام في الولايات المتحدة.

استبعدت جولتان منفصلتان من عمليات تسريح العمالة على ما يفوق 20% من الموظفين، أو حوالي 240 وظيفة. كما عانت الشركة نصيبها من الفضائح – بداية من توقيف مدير العمليات التشغيلية في حادثة مزعومة مرتبطة بمشاجرة على الطريق عقب مباراة لكرة قدم، وصولاً إلى مصنع ببنسلفانيا على صلة بتلوث الليستريا، وقضايا أخرى مرتبطة بإجراءات السلامة. رحل كل من مدير العمليات التشغيلية، والمدير المالي، ورئيس قسم سلاسل التوريد، ومدير شؤون عمليات النمو، خلال الشهور الأخيرة.

أشارت "بيوند ميت" إلى أن التدفق النقدي سيكون إيجابياً في نهاية الأمر خلال النصف الثاني من 2023، لكن المحللين يشككون في إمكانية ذلك حتى تستقر المبيعات. تراجع الإنفاق الفصلي، لكن الشركة لم تكن تمتلك سوى 390 مليون دولار من النقدية مع نهاية الربع الثالث من العام الجاري وأكثر من مليار دولار في صورة ديون.

يؤكد الرئيس التنفيذي للشركة إيثان براون أن اللحوم المُصنّعة من النباتات ستحل بنهاية المطاف محل اللحوم الحقيقية. المستثمرون بعيدون تماماً عن الاقتناع بذلك. هبط سعر السهم 95% تقريباً عن ذروته في 2019، وتمثل حيازة الأسهم المباعة على المكشوف 40% من الأسهم المتاحة للتداول. من غير الواضح إلى متى سيستمر براون - أو شركته – في النجاة دون حدوث تغيير ملومس.

شركة "كارفانا"

من الممكن أن يكون شهر مارس المقبل بمثابة لحظة تحذيرية بالنسبة لشركة "كارفانا" لتجارة السيارات المستعملة بالتجزئة عبر الإنترنت المثقلة بالديون.

يأتي ذلك عندما يحل موعد سداد الفائدة المستحقة على سنداتها لسنة 2029. في حال سددت الشركة، فربما يكون ذلك مؤشراً على امتلاكها خطة لإعادة هيكلة الديون مع الدائنين والمضي قُدماً. إذا لم يحدث ذلك، فإن الإفلاس "يتعين أن يُنظر إليه بوضوح على أنه نتيجة محتملة"، بحسب محلل بلومبرغ إنتليجنس جويل ليفيغتون.

تمر "كارفانا" بمأزق حقيقي. اشترت الشركة مخزوناً من السيارات المستعملة بجراة عندما كان الطلب عالياً، وكانت الأسعار النهائية للبيع آخذة بالصعود بوقت مبكر من العام الحالي، معتمدة على اتفاقيات الحصول على الائتمان ومبيعات الأسهم لزيادة السيولة. ثم انحفضت الأسعار إذ وجد صُنّاع السيارات أشباه الموصلات أكثر، وزادوا من إنتاج السيارات الحديثة، ما أسفر عن تغير في اهتمام المشترين. هبط سوق السيارات المستعملة، الذي كان يوماً ما نشطاً، أكثر من ذلك نظراً لأن معدلات التضخم وزيادة أسعار الفائدة جعل المشتريات أقل تكلفة للمستهلكين من ذوي الدخل المنخفض.

في الـ12 شهراً الماضية، انخفضت أسعار السيارات المستعملة 14%، بحسب شركة "مانهايم" (Manheim)، أكبر شركات مزادات لبيع السيارات بالجملة بالبلاد. تتوقع شركة "كوكس أوتوموتيف" (Cox Automotive) مالكة "مانهايم" أن تنخفض مبيعات السيارات المستعملة والأسعار بدرجة أكبر خلال 2023. عقب تحقيق شركة "كارماكس" المنافسة الأكبر لأرباح دون التوقعات الأسبوع الماضي، أشار ليفينغتون إلى أن "كارفانا" ربما تتعرض لـ"إخفاق مدمر لخطط إحداث تغيير".

وافق أكبر دائني الشركة على العمل بصورة مشتركة للتوصل لاتفاق مع الإدارة حول عملية إعادة تمويل ديونها. جرى تداول سندات "كارفانا" دون 50 سنتاً مقابل الدولار، مما يدلل على أن هناك فرصة كبيرة للتخلف عن السداد.

شركة "فيرف ثيرابيوتيكس"

ستكون السنة المقبلة حاسمة لشركة "فيرف ثيرابيوتيكس"، وهي شركة تكنولوجيا حيوية تطور علاجاً لأمراض القلب باستخدام التعديلات الجينية.

تسعى "فيرف" لتعديل الحمض النووي البشري للحد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية، وهي الفكرة التي جذبت مستثمرين، عندما طُرحت الشركة للاكتتاب العام منتصف 2021. ترمي الخطة أولاً للتركيز على الأشخاص الذين يعانون من نمط موروث لارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم، والذي يؤثر سلباً على 31 مليون شخص حول العالم، قبل التوسع في استخدامات أكثر للعلاج. لكن اتضح أن المسار المرتبط بالجهات التنظيمية أصعب كثيراً مما كان يُعتقد بالسابق.

أوقفت هيئة الغذاء والدواء الأميركية بنوفمبر الماضي أبحاث الدواء الأساسي بالنسبة للشركة حتى الحصول على معلومات أكثر حول مدى الفاعلية والتغيرات العارضة بالحمض النووي وخطر انتقال هذه التغيرات إلى الأبناء. في حين تعمل "فيرف" على الرد على هذه التساؤلات والعودة إلى مسار العمل، هبط سعر السهم في ظل تنامي حالة من عدم اليقين.

ما زالت التجارب السريرية مستمرة بالخارج، وتعتزم "فيرف" نشر بيانات منها السنة المقبلة. يتعين أن يوفر ذلك للمستثمرين فكرة أفضل عن مدى كفاءة عمل العقار ومدى أمان استخدامه. لكن حتى إذا كان كل شيء يبدو على ما يرام، فستبقي "فيرف" تحتاج إلى أعوام حتى تثبت أن الدواء يحقق المأمول منه، وطمأنة المستثمرين بأن هناك رغبة كافية للحصول عليه. تؤكد الشركة أنها تمتلك سيولة نقدية كافية لتواصل عملها حتى 2025.

شركات المركبات الكهربائية الناشئة

جمعت الشركات الناشئة بمجال السيارات الكهربائية ما يفوق 10 مليارات دولار خلال عامي 2020 و2021 عن طريق الاستفادة من طرحها للاكتتاب العام عن طريق عمليات الاندماج مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أو (SPACs).

رغم هذه التدفقات النقدية، تعرضت شركات عديدة لصعوبات للبقاء صامدة في 2022 عقب مواجهتها لواقع صعب يتمثل بمقدار الأموال المطلوبة لإنتاج سيارة وبدء طرحها بالأسواق. صعود أسعار الفائدة وأسواق رأس المال كانت أقل ترحيباً. في يونيو الماضي، باتت شركة "إلكتريك لاست مايل سوليوشنز" (Electric Last Mile Solutions) أولى الشركات الناشئة العاملة بمجال السيارات الكهربائية التي تتوقف عن العمل، إذ قامت بتصفية أصولها عبر طلب حماية من الإفلاس بموجب الفصل السابع. أُغلقت شركة "نيوترون" (Niutron) الصينية الناشئة بوقت سابق من الشهر الجاري بدون أن تسلم سيارة واحدة لما يقرب من 24 ألف عميل سددوا دفعات مقدمة للتعاقد.

على ما يبدو أنه من الممكن بصورة متزايدة المضي قدماً في هذا الاتجاه. حذرت شركتا "كانو" و"فاراداي فيوتشر إنتليجنت إلكتريك" فعلاً بشأن أرصدتيهما النقدية، وسيكون صعباً عليهما جمع مئات الملايين من الدولارات المطلوبة لزيادة حجمها. حتى الشركات التي تحظى بتدفقات نقدية أكثر، على غرار شركة "لوسد غروب" التي تسيطر عليها السعودية، خفضت من أهدافها الإنتاجية في ظل عراقيل أمام سلاسل التوريد وعمليات الإنتاج.

في ظل ندرة الخيارات المتاحة للتمويل، قد تتطلع بعض الشركات الناشئة بمجال السيارات الكهربائية إلى صفقات الإندماج كوسيلة للنجاة. كما أشار الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" "إيلون ماسك" بوقت سابق من العام الجاري، إلى أن عملية إطلاق شركة سيارات "تنطوي على متاعب جمة".

تصنيفات

قصص قد تهمك