بلومبرغ
تتبنى الشركات اليابانية الكبرى وجهات نظر مختلفة حول حالة الاقتصاد، إذ تتجمع الغيوم لتحيط بنمو الاقتصاد العالمي بينما يوفر فتح الحدود وتخفيف القيود فرصاً متجددة في الداخل.
انخفض مؤشر الثقة بين أكبر الشركات الصناعية في البلاد من 8 إلى 7 نقاط في ديسمبر، في حين ارتفعت القراءة لقطاع الخدمات الكبير وشركات البناء ، وفقاً لتقرير “تانكان” (tankan) الفصلي لبنك اليابان الصادر يوم الأربعاء. وجاءت هذه النتائج أقوى مما توقعه الاقتصاديون. وتعني الأرقام الموجبة أن عدد المتفائلين يفوق عدد المتشائمين.
قادت شركات منتجات النفط والفحم التراجع الفصلي الرابع على التوالي بالنسبة للشركات الصناعية، لكن التحسن في مجموعة من القطاعات الأخرى يشير إلى أن تشاؤم الشركات لم يتعمق في جميع القطاعات.
تخفيف القيود
من الناحية الأخرى، اتخذت الشركات غير الصناعية وجهة نظر أكثر إيجابية وسط إعادة فتح اليابان حدودها أمام الوافدين الدوليين وتحسن التوقعات التي تبشر بتراجع حالات الإصابة بفيروس كورونا بعد الارتفاع الملحوظ في عدد الاصابات خلال فصل الصيف. وتحسن مؤشر الثقة من 14 إلى 19 نقطة.
"تتبنى الشركات الصناعية موقفاً حذراً، وخاصة في قطاع السيارات، وسط مخاطر التباطؤ المحتمل في الولايات المتحدة وأوروبا"، كما قال نوبوياسو أتاغو ، كبير الاقتصاديين في شركة "إشيوشي سيكوريتيز "(Ichiyoshi Securities ) ومسؤول سابق في بنك اليابان، الذي أضاف أن: "الشركات غير الصناعية، من ناحية أخرى، تتلقى دفعة بفضل تخفيف قيود كورونا المتشددة".
يعكس تحسن معنويات مقدمي الخدمات الشخصية والضيافة بشكل ملحوظ تحسن البيئة المحلية. حيث اتسمت مشاعر الثقة عند الفنادق والمطاعم الكبيرة بالحياد بعد مرور 11 فصلاً من التشاؤم العميق عقب تفشي الوباء، عندما كانت حدود اليابان مغلقة أمام السياح لأكثر من عامين.
يعتبر الاستثمار النشط للشركات المدفوع بضعف قيمة العملة المحلية والطلب المكبوت من العوامل الإيجابية الأخرى. فقد ساعد تراجع قيمة الين المصدرين على تعزيز ربحيتهم وفتح المجال لمزيد من الاستثمار. كما خصصت الحكومة 7 تريليونات ين (51.2 مليار دولار) في أحدث ميزانياتها الإضافية لتشجيع الشركات على إنفاق المزيد ، خاصة على الرقمنة والحد من انبعاثات الكربون.
وأظهر تقرير منفصل أن الطلب على الآلات في البلاد ارتفع بنسبة 5.4% في أكتوبر مقارنةً بالشهر السابق، ما يُشير أيضاً إلى مرونة الاستثمار الرأسمالي في الربع الحالي.
رأي بلومبرغ إكونوميكس
"ربما أثر ضعف الطلب الخارجي على الشركات الصناعية. وربما قدمت إعانات السفر على الصعيد الوطني وتخفيف القيود على الحدود أمام المسافرين الوافدين دعماً لقطاع الخدمات ".
- يوكي ماسوجيما، خبير اقتصادي
ومع ذلك، يشير انخفاض معنويات منتجي السلع إلى أن المصنعين في اليابان ما يزالون في حالة تأهب لمواجهة تباطؤ عالمي محتمل للاقتصاد. حيث يتوقع المزيد من الاقتصاديين أن تشهد الولايات المتحدة الأميركية ركوداً خلال العام المقبل، بعد تشديد الاحتياطي الفيدرالي السريع لسياسته النقدية.
ماتزال حالات عدم اليقين تُخيّم على سياسات الصين المتعلقة بتفشي الوباء، على الرغم من أنها بدأت أخيراً في تخفيف القيود المفروضة. وأظهرت البيانات في وقت سابق من هذا الشهر أن إنتاج المصانع اليابانية انخفض، متجاوزاً بذلك تقديرات المحللين في أكتوبر، وهو ما يعود جزئياً إلى ضعف الطلب من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
مخاطر التضخم
تسارع ارتفاع الأسعار ما يزال يشكل مصدراً للقلق، حيث بلغ التضخم في اليابان أعلى مستوى له في أربعة عقود في أكتوبر، في حين انخفضت الأجور الحقيقية للشهر السابع على التوالي.
تهدف إدارة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا إلى حماية المستهلكين من أضرار التضخم المتسارع من خلال أحدث إجراءات التحفيز الاقتصادي. وتشمل الحزمة، التي تبلغ قيمتها 39 تريليون ين (288 مليار دولار) من الإنفاق المالي، إجراءات لكبح جماح التضخم ومساعدات مختلفة تسمح للشركات بمواصلة نموها وسط تزايد حالة عدم اليقين.
أظهر تقرير "تانكان" أن الشركات اليابانية تتوقع أن يبلغ سعر صرف الين 130.75 ين مقابل الدولار في السنة المالية الحالية، مقارنةً مع 125.71 في المسح السابق. حيث حقق الين مكاسب خلال الأسابيع الأخيرة، وحصل على دفعة أخرى بين عشية وضحاها بعد أن وضعت أرقام التضخم الأميركية الأقل من المتوقع إمكانية وقف بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بشكلٍ مؤقت، في الاعتبار.
سيأخذ بنك اليابان البيانات الصادرة عن "تانكان" في الاعتبار خلال اجتماع السياسة النقدية القادم المقرر عقده من 19 إلى 20 ديسمبر.
"هناك قلق مستمر داخل الصناعة التحويلية بشأن الانكماش بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي" ، وفقاً لشركة"ميتسوبيشي يو أف جي ريسيرش آند كونسالتينغ" (Mitsubishi UFJ Research and Consulting)، التي قالت: "لن يوقف بنك اليابان التيسير النقدي هنا لكنه سيواصل معالجة المخاطر المستقبلية المحتملة من خلال سياسته النقدية".