بلومبرغ
ستعاني أرباح شركات النفط الكبرى القياسية من تراجع طفيف فقط خلال الربع الثالث من العام الجاري، حتى مع إظهار الاقتصاد العالمي مؤشرات على التصدع تحت ضغوط تزايد معدلات التضخم وأسعار الفائدة.
ستكون مؤشرات التباطؤ واضحة في أنحاء الأعمال المترامية الأطراف، بداية من تراجع أسعار النفط الخام وصولاً إلى هبوط هوامش أرباح الكيماويات. رغم ذلك، لا يزال كبار النفط الخمسة مستعدين للإعلان عن ثاني أعلى أرباح منذ تأسيسها في مطلع العقد الأول من القرن الـ21، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ".
لن يكون الانخفاض الطفيف في الأرباح، عقب تحقيق أرباح قياسية في وقت سابق من العام الحالي، كافياً لإخراج القطاع من المشكلات السياسية. وبينما تناضل الحكومات في كافة أنحاء العالم مع تكلفة الطاقة حالياً والحاجة للتحول إلى بدائل أنظف مستقبلاً، لا يزال خطر تدخل الدولة قائماً.
نتائج قوية
قال أبهي راجيندران، الباحث المساعد في مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية: "إنه موقف محرج بالفعل، فلن ترغب هذه الشركات في إظهار شعورها بالذنب بسبب نتائج الأعمال القوية التي تأتي على حساب المستهلكين والبيئة الاقتصادية الصعبة".
ستُبلغ شركات "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"شل" و"توتال إنرجيز" و"بي بي" عن أرباح مجمّعة قيمتها 50.7 مليار دولار في الربع الثالث من السنة الجارية، متراجعة عن الرقم القياسي المسجل في الربع الثاني والذي تخطى 62 مليار دولار، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ".
قال بيراج بورخاتاريا، محلل في مصرف "أر بي سي كابيتال ماركتس": " تُعدّ هذه البيئة أضعف قليلاً من الربع الماضي، لكن في سياق الأعوام الـ10 إلى الـ15 الماضية ستكون النتائج قوية لأقصى حد". مع تباطؤ الاقتصاد الأوسع نطاقاً، يُعتبر قطاع النفط والغاز "واحداً من المجالات القليلة التي ستكون فيها الأرباح قادرة على الصمود".
الغاز مقابل الكيماويات
تعطي الأرقام الأولية الخاصة بالربع الثالث التي صدرت عن "شل" و"إكسون" إشارة إلى الأجزاء التي ستشهد صعوداً وهبوطاً داخل القطاع.
قالت شركة نفط تكساس العملاقة في وقت سابق من الشهر الجاري إن أرباح التكرير والمواد الكيماوية ستكون أقل. ويتوقع مصرف "مورغان ستانلي" أن تتراجع أرباح منتجات التكرير والمواد الكيميائية في "إكسون" بنحو 35% عن الربع الثاني، كما توقع أن يتكرر التدهور لدى آخرين. ورجحت بنوك الاستثمار أن تتقهقر أرباح "شيفرون" من أعمال التكرير والتسويق 45% تحت مستوى الشهور الثلاثة السابقة.
يتشابه هذا الأمر مع حالة "شل"، التي أعلنت عن هبوط في أنشطة التكرير وهامش أرباح سلبي قدره 27 دولاراً للطن من المواد الكيميائية. ويعبّر ذلك عن وجود تباطؤ اقتصادي هائل، خاصة في أوروبا، إذ تضطر أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة بعض القطاعات لخفض الإنتاج.
حالة الاقتصاد
قال راجيندران من جامعة كولومبيا، وهو أيضاً مدير وحدة الأبحاث والاستشارات في شركة "إنرجي إنتليجنس" (Energy Intelligence): "المواد الكيميائية على صلة وثيقة بحالة الاقتصاد، وتعطي مؤشر لقوة الاقتصاد".
على الجانب الآخر، راجع المحللون تقديرات أرباحهم من الغاز الطبيعي بعد بيان تعاملات "إكسون"، والذي كشف عن أن الشركة تستفيد من صعود الأسعار في هذه المرحلة، مما يعوّض التراجع في النفط الخام.
ضغوط سياسية
تُعتبر هذه أخبار جيدة للمساهمين، لكنها قد تفاقم الضغوطات السياسية على الشركات. فرضت المملكة المتحدة فعلياً ضريبة غير متوقعة على الشركات المنتجة للنفط والغاز في وقت سابق من العام الجاري، واقترح الاتحاد الأوروبي فرض ضريبته الخاصة في سبتمبر الماضي. وقال الرئيس التنفيذي لشركة "شل"، بن فان بيردن، الذي سيتقاعد بنهاية العام الحالي، مؤخراً إن شركات الطاقة ستحتاج إلى سداد مزيد من الضرائب لمساعدة الحكومات في حماية الأشخاص الأكثر فقراً من فواتير الطاقة.
في الولايات المتحدة، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي شركات الطاقة لاستثمار مكاسبها في الإنتاج الجديد عوضاً عن تقديم أموال أكثر للمساهمين. وقال في البيت الأبيض: "ليس من المفترض استخدام أرباحك في إعادة شراء الأسهم أو في توزيعات الأرباح، ليس في الوقت الحالي، وليس خلال نشوب الحرب".
في الماضي، استثمرت شركات النفط الكبرى فعلاً في أعمال إنتاج جديدة خلال أوقات الازدهار، لكن تلك القرارات في الأغلب كانت ترتد سلباً عليهم عندما تهبط الأسعار. وقبل وقوع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي نجمت عنه أزمة الطاقة الحالية، كانت الشركات أيضاً تواجه ضغوطاً للحد من الإنفاق على الوقود الأحفوري والتركيز على مصادر الطاقة المتجددة.
أولوية الإنفاق
يعني ذلك أن الشركات ستكبح نفسها، وتفضل سداد الديون بدلاً من إنفاق أموالها على الإمدادات الجديدة.
قال أوزوالد كلينت، محلل في شركة "سانفورد سي برينشتاين" (Sanford C Bernstein): " يتعين أن نكون حريصين دائماً عند القول إن هذه المرحلة مختلفة، لكن قطعاً تنبعث منها رائحة مختلفة في المرحلة الحالية".
من غير المرجح أن توافق "إكسون" و"شيفرون" على طلب "بايدن"، رغم أنهما قد لا تواصلان رفع توزيعات الأرباح وإعادة الشراء المتكررة التي شوهدت خلال السنة الماضية، بحسب بول تشينغ، وهو محلل مقيم في نيويورك بمصرف "سكوتيا بنك" (Scotiabank).