بلومبرغ
دفع (كوفيد-19) عشرة ملايين مستهلك روسي إضافي إلى منصات التسوق عبر الإنترنت، مما أدى إلى احتدام السباق بين الشركات، لتصبح المقابل الروسي لشركة "أمازون" الأمريكية.
ولا تزال فرصة السيطرة على التجارة الإلكترونية، في أكبر دولة في العالم من ناحية المساحة، سانحة إلى حدٍّ كبير، إذ تستحوذ شركة "Wildberries"، وهي أكبر شركة تجزئة على الإنترنت في روسيا، على 13٪ فقط من السوق، وذلك عقب مضاعفة مبيعاتها في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي. في حين تسيطر شركة "أمازون" الأمريكية على حوالي نصف سوق الولايات المتحدة.
ويقول مارات إبراجيموف، المحلل في مصرف "Gazprombank": "بمساعدة الوباء أصبحت منصات التجارة الإلكترونية الكبيرة تستحوذ على حصتها في السوق من المتاجر عبر الإنترنت، والمتاجر التقليدية غير المتصلة بالإنترنت. إذ تحتدم المنافسة، وستكون الهيمنة لاثنين أو ثلاثة من هؤلاء في المستقبل".
إغلاق المتاجر ينعش التجارة الإلكترونية
وتمتلك روسيا عدداً من مستخدمي الإنترنت يفوق ألمانيا، وهي الثانية من جهة الحجم لشركة "أمازون"، ومع ذلك، فإنَّ عادات المستهلك الراسخة، والتحديات اللوجستية، أعاقت التجارة الإلكترونية في البلاد، وأثنت الشركات الأجنبية مثل "أمازون" على ممارسة الأعمال التجارية هناك.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإغلاق المتاجر مدَّة شهرين تقريباً، خلال الموجة الأولى من (كوفيد-19) في الربيع الماضي، ولم يترك ذلك للمستهلكين خياراً سوى تجربة التجارة الإلكترونية.
ومن المتوقَّع أن ترتفع مبيعات الإنترنت بنسبة 44٪ في عام 2020، لتصل إلى 2.5 تريليون روبل (32 مليار دولار)، وفقاً لشركة الأبحاث "داتا إنسايت".
وتقول "ناديجدا نيكولينا" البالغة من العمر 62 عاماً، التي تعيش في شمال غربي روسيا، وتستخدم متجر "وايلدبيريرز" (Wildberries) بشكل أساسي للتسوق: "عندما أغلقت السلطات السوق المحلي بسبب كورونا، كان كلُّ ما يمكنني فعله، هو تجربة الشراء عبر الإنترنت، ووجدته مناسباً فعلاً، والخيارات المتاحة عبره هائلة".
ومن المتوقَّع أن تمثِّل عمليات الشراء عبر الإنترنت ما يزيد قليلاً عن 10٪ من مبيعات قطاع التجزئة الروسية في عام 2020، مرتفعة من 6٪، حققتها العام الماضي، وفقاً لمجموعة "AKIT"، وهي جماعة ضغط مختصة بالقطاع. ويقارن هذا الرقم بـ 16٪ في الولايات المتحدة، و37٪ في الصين في عام 2019.
ويعود عدم انتشار التسوق في روسيا عبر الإنترنت، بسرعة كبيرة بشكل جزئي، إلى الصعوبات التي تواجه إجراء عمليات تسليم البضائع في البلد المترامي الأطراف؛ إفخدمة البريد الوطنية بدأت مؤخراً فقط في تجربة التوصيل إلى المنازل. كما لَعِبَ الإحجام، على نطاق واسع عن دفع الثمن قبل الاستلام، دوراً أيضاً، وهو جزء من التحول الفوضوي لروسيا نحو اقتصاد السوق في التسعينيات من القرن الماضي.
أكبر شبكة توزيع
وفي حين يبقى السوق مقسَّماً بين الآلاف من متاجر الإنترنت، بما في ذلك العروض من تجار التجزئة التقليديين، مثل متجر الإلكترونيات "إم.فيديو"، وسلسلة متاجر سلع الأطفال "ديتسكي مير".
و يبرز اتجاه نحو الأسواق الإلكترونية على غرار شركة "أمازون"، ومنها شركة "وايلد بيريز" التي بدأت في عام 2004، كمتجر لبيع الملابس عبر الإنترنت، ولكنَّها الآن تبيع سلعاً، بداية من الأغذية، ووصولاً إلى السلع الإلكترونية.
وتتمُّ أكثر من 90٪ من عمليات التسليم عبر شبكة مكوَّنة من 26 ألف نقطة استلام منتشرة في جميع أنحاء روسيا، وهي أكبر شبكة توزيع خارج البريد الوطني. وتتيح الشركة للعملاء تجربة البضائع قبل أخذها إلى المنزل.
وهناك ثلاثة منافسين رئيسيين آخرين يمكن أن يصبحوا التوءم الروسي لأمازون، الأولى، هي شركة "علي إكسبريس"، وهي مشروع مشترك بين شركة "علي بابا" الصينية، ومجموعة "مايل رو جروب" الروسية.
وبدأت شركة "مايل رو" العمل مع المزيد من المورِّدين المحليين بعد خسارة حصتها في السوق، بسبب طول مدَّة التسليم للطلبات القادمة من الصين.
وتدعم شركة "علي اكسبريس" تكاليف التسليم، وتوفِّر خدمة التسليم في اليوم نفسه على بعض السلع من خلال شراكة مع الخدمة البريدية الحكومية.
النسخة المقلدة من "أمازون"
وتقدِّم شركة "أوزون" خدمة التوصيل في اليوم التالي إلى 40٪ من السكان، وهي النسخة الروسية المقلدة لشركة "أمازون"، التي افتتحت بدعم من الملياردير فلاديمير يفتوشينكوف، ومؤسسة الاستثمار "Baring Vostok Capital". إلا أنَّ عمليات التسليم إلى إقليم سيبيريا، قد تستغرق ما يصل إلى خمسة أيام.
وأعلنت شركة "أوزون" في شهر أكتوبر أنَّها تقدَّمت بطلب لبيع أسهم في الولايات المتحدة لتمويل المزيد من النمو، وذلك بعد مضاعفة المبيعات في النصف الأول. وقد أنشأت الشركة شبكة من صناديق التسليم المعلَّقة بالمناطق السكنية، لتوصيل البضائع، في حين تقدِّم شحنات مباشرة من خلال عدد من الشركاء أيضاً.
وتعدُّ شركة "Yandex NV" أصغر منافس حتى الآن، وتستحوذ على 2٪ من سوق تجارة التجزئة عبر الإنترنت. وتدير شركة "Yandex" بالفعل محرِّك البحث الرائد في روسيا، وأكبر خدمة لطلب السيارات عبر تطبيقات الهواتف الذكية.
وبعد إنهاء محاولة إنشاء سوق عبر الإنترنت بالشراكة مع "Sberbank PJSC" في وقت سابق من هذا العام، باعت شركة "Yandex" أسهماً بقيمة مليار دولار، للملياردير رومان أبراموفيتش وشركاء آخرين، وذلك لزيادة الاستثمار في التجارة الإلكترونية.