تريد الهند محاكاة كثير من الأمور المتعلقة بدفع بكين للبنية التحتية طوال عقود والنمو الذي يقوده الاستثمار، لكنَّ أجندة السياسة الهندية بعيدة جداً عن تتبّع الاقتصاد الاستهلاكي وازدهار الإقراض الرقمي الخارج عن السيطرة في الصين. تُظهر إرشادات بنك الاحتياطي الهندي الأخيرة حول القروض القائمة على التطبيقات رغبة واضحة بلجم القطاع بعد وقوع تجاوزات إبان الوباء.
يريد بنك الاحتياطي الهندي تحقيق توازن أفضل بين قدرة الإقراض الرقمي على إضفاء صبغة ديمقراطية على الائتمان وإيقاعه الناس في شرك الديون.
تتقاضى البنوك 5,000 روبية (60 دولاراً) كتكلفة ثابتة لإنشاء قرض وخدمته وتحصيله، أما منصات الإنترنت؛ فتحصل على بضع مئات من الروبيات، وفقاً لمصادر القطاع. نظراً للانتشار الواسع للإنترنت عبر الهواتف الذكية؛ يمكن للتطبيقات تحقيق نجاح في الائتمان الصغير عبر البلاد الكبيرة بكفاءة أكبر من البنوك التقليدية، مما يساعد في تفسير ارتفاع القروض التي قدّمتها شركة "بايتم" (Paytm) المحلية ثمانية أضعاف في العام الماضي فحسب.
من ناحية أخرى، يريد بنك الاحتياطي الهندي القضاء على الجوانب الشائنة للصناعة، خاصة تلك المتعلقة بانتهاك الخصوصية. تقول الجهة التنظيمية إنَّها تعمل على منع التطبيقات من الدخول إلى "موارد الهاتف المحمول مثل الملفات والوسائط وقائمة جهات الاتصال وسجلات المكالمات ووظائف الهاتف" وغيرها من البيانات الشخصية، التي تُستخدم لمضايقة المقترضين دون أي عقاب. نعم، يمكن لتطبيقات الإقراض طلب إتاحة الميكروفون والكاميرا للتحقق من عملائها الجدد، لكنَّ منح هذا الامتياز لمرة واحدة يتطلب موافقة صريحة من المقترض.
شفافية ومرونة
كما تلزم الجهة التنظيمية الهندية أيضاً بإبلاغ العملاء مسبقاً بتكلفة الفائدة الشاملة، ومنحهم فترة دراسة يمكنهم من خلالها تغيير رأيهم. ستتحمّل البنوك الخاضعة للتنظيم وشركات التمويل غير المصرفية مدفوعات الوساطة للتطبيقات الرقمية وليس المقترضين.
تسمح الجهات التنظيمية الصينية للبنوك بالاستعانة بمصادر خارجية بما يتعدى توزيع القروض، وصولاً بشكل خاص لإدارة جميع مخاطر الائتمان لشركات البرمجيات والتجهيزات غير المنظّمة. لذا يحصلون على الجزء الأكبر من الأرباح. على النقيض من ذلك؛ يشير بنك الاحتياطي الهندي إلى أنَّه يفضّل تقسيم هوامش الفائدة بالتساوي تقريباً بين البنوك التي تقدّم الأموال والمنصات الرقمية التي تنشئ القروض وتحصّل المدفوعات.
في حال قدّمت الشركة التي تقف وراء التطبيق ضماناً لجزء من خسارة البنك بسبب قرض متعثر، فستطبق قواعد البنك المركزي حول توريق الأصول. أي إنَّ بنك الاحتياطي الهندي لا يرغب بأن تنمو مخاطر الائتمان في الظل، حيث لا يمكن ضبطها.
إنَّه نهج أكثر عقلانية بالتأكيد، فقد انتشر حوالي 1100 تطبيق إقراض في الهند في ذروة الفوضى التي سبّبها الوباء، تعد بجميع أنواع الائتمان السريع وترتيبات الدفع اللاحق للشراء. كان أكثر من نصف هذه التطبيقات يعمل بشكل غير قانوني، فقد استأجر كثير منهم ميزانيات شركات التمويل المحلية غير المصرفية. اختفت بعض الشركات المريبة بين عشية وضحاها بعدما حوّلت أرباحاً لا تقل عن 125 مليون دولار إلى عملات مشفَّرة ونقلتها إلى محافظ أجنبية، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام. تسعى إرشادات بنك الاحتياطي الهندي لتنظيف القطاع بطريقة ما قبل أن يصبح الخطر راسخاً في النظام.