بلومبرغ
طلبت شركة الغاز العملاقة "يونيبر" (Uniper SE) من الحكومة الألمانية خطة إنقاذ، لتصبح بذلك أولى الشركات الكبرى التي تدفع ثمن ضغط موسكو على تدفقات الطاقة الأوروبية.
اقترحت "يونيبر"، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، شراء الحكومة حصة ملكية "ذات صلة"، كما طالبت بتمويل إضافي، من خلال زيادة تسهيل ائتماني مدعوم من الدولة.
تتفاوض الحكومة الألمانية و"يونيبر" بشأن حزمة إنقاذ محتملة منذ أسابيع، حيث بلغت تقديرات المسؤولين في وقت سابق من هذا الأسبوع احتياج الشركة نحو 9 مليارات يورو (9.15 مليار دولار)، وهي قيمة أكثر من ضعف قيمتها السوقية.
حذّر وزير الاقتصاد، روبرت هابيك من احتمال انتشار عدوى شبيهة بما حدث لبنك "ليمان براذرز"، حيث تدفع التكلفة المتصاعدة للغاز الموردين إلى حافة الهاوية، ما يؤثر بالسلب على الاقتصاد الأوسع نطاقاً.
زاد الرئيس التنفيذي للشركة، كلاوس ديتر موباخ، من الضغط على الحكومة يوم الجمعة، حين حذّر من اضطراره قريباً إلى سحب الغاز من المخزون، ورفع الأسعار على العملاء، وخفض العرض، وهي الآثار الضارة التي سعى "هابيك" إلى تجنبها، ضمن محاولاته للدفاع عن الاقتصاد من استخدام روسيا لمواردها من الطاقة كسلاح.
قال "هابيك" يوم الجمعة رداً على بيان شركة "يونيبر": "لن نسمح بإفلاس شركة مهمة للاقتصاد أو الاضطراب بسبب سوق الطاقة العالمية".
سارعت الحكومة إلى إصدار تشريعات هذا الأسبوع لتسهيل الاستحواذ على حصص في شركات الطاقة المضطربة، وصرح "هابيك" بأنه مستعد لاستخدام تلك السلطة، بينما لايزال شكل الدعم قيد المناقشة، وأضاف: "سنلجأ إلى ذلك الخيار الذي سيكون الأفضل لألمانيا، وللمستهلك الألماني، ولدافع الضرائب، وللدولة الألمانية".
فقدت أسهم "يونيبر" معظم مكاسبها في فرانكفورت يوم الجمعة، حيث لم ترتفع سوى بنسبة 0.3%، ليصل تراجع السهم إلى 70% منذ بداية العام، ما خفض قيمة الشركة السوقية إلى 4 مليارات يورو.
الشركة الأم
مارس "هابيك" ضغوطاً على شركة "فورتيم" (Fortum Oyj)، المساهم الرئيسي في "يونيبر"، وقال إنه يتعين على الشركة الفنلندية النظر في الموارد التي يمكن أن توفرها لوحدتها الألمانية. وأشار إلى أن: "يونيبر لديها علاقة مع فورتيم وبالتالي بشكل غير مباشر مع مالك قوي متمثل في الدولة الفنلندية"، وذكر أن الحكومة تدرس الأمر مع مالكي الشركة ضمن مفاوضات الإنقاذ.
أظهرت "فورتيم"، التي تملك الحكومة الفنلندية حصة فيها رغبة ضعيفة في إنفاق المزيد من الأموال، واقترحت "إعادة هيكلة يونيبر بهدف تأسيس شركة مملوكة للحكومة الألمانية تضمن تأمين الطاقة".
قالت "فورتيم" إنها قدّمت بالفعل "دعماً كبيراً" لـ"يونيبر"، حيث قامت بتقديم تسهيل ائتماني بقيمة 8 مليارات يورو، "تمّ استخدامه بالكامل تقريباً". وأضافت: "تركّز فورتيم على القيام بدورها لتحقيق الاستقرار في أسواق الغاز والكهرباء الأوروبية، التي تعتمد اقتصادات أوروبا عليها".
وفقاً لما ذكره الرئيس التنفيذي لشركة "يونيبر"، يوم الجمعة، فإن هناك مخاطر لخسارة الشركة ما يصل إلى نحو 10 مليارات يورو هذا العام، وأن خسائر الشركة من التدفقات النقدية اليومية يبلغ "رقمين" من ملايين اليورو.
تأسّست "يونيبر"، التي يشير اسمها إلى "الأداء" و"الفريد"، قبل 6 سنوات لتشغيل أصول الوقود الأحفوري القديمة. وتعرّضت الشركة لضغوط عقب ارتفاع أسعار الغاز بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ما أجبرها على شراء كميات كبيرة من الغاز في السوق الفورية بأسعار مرتفعة للغاية.
ضمن سعيها لإيجاد حلول لأزمة الغاز، تتطلع ألمانيا إلى إعادة تشغيل محطات الطاقة المتوقفة، التي تعمل بالفحم، كما أصدرت تشريعات تسمح لشركات الطاقة بتمرير ارتفاع التكاليف للمستهلكين، رغم عدم رغبتها في تنفيذ ذلك الإجراء في الوقت الحالي خوفاً من زيادة تكاليف المعيشة.
مع الضغط الذي تمارسه روسيا على إمدادات الغاز إلى ألمانيا، تواجه الحكومة احتمال تقنين الطاقة هذا الشتاء، ما قد يتسبب في كارثة اقتصادية للقوة الأوروبية، في ظل اضطرارها إلى إلغاء سياسة الطاقة المعتمدة على روسيا، والتي دامت لعقود.
واجهت "يونيبر" أزمة سيولة من قبل الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث أجبرت التقلبات الشديدة في الأسعار الشركة على اقتراض 10 مليارات يورو لتغطية طلبات دفع مستحقات الشراء بالهامش، وتضمن التمويل ملياري يورو من بنك "كيه دبليو إف للتنمية"، المملوك للدولة، إضافة إلى قرض بقيمة 8 مليارات يورو من "فورتيم".