بلومبرغ
بعد مرور 6 أشهر على توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة رينو، كشف لوكا دي ميو، يوم الخميس عن خطة تحول الشركة إلى الربحية خلال المرحلة القادمة، بعد أن قبلت الشركة تكبد خسائر لبعض الوقت.
ويهدف دي ميو الإيطالي الجنسية البالغ من العمر 53 عاماً، والذي حقق نقلة كبيرة خلال عمله السابق لدى فولكس فاغن إيه جي ، إلى وقف الخسائر القياسية التي تكبدتها شركة رينو مؤخرا. ومن المتوقع أن يقدم مزيدًا من التفاصيل حول الهيكل الجديد الذي يسعى من خلاله إلى استعادة بريق العلامة التجارية للشركة.
وستكون الخطة الإستراتيجية التي أطلق عليها اسم "Renaulution" هي الأولى للشركة منذ الإطاحة بكارلوس غصن ، الذي أثار اعتقاله في اليابان في عام 2018 أزمة غير مسبوقة داخل رينو وشريكتها نيسان، حيث سيعتمد مستقبل التحالف المستمر منذ عقود على استعادة مكانته بالسوق.
وقال خوسيه أسوميندي، محلل جي بي مورغان تشيس، إن خطة دي ميو "يجب أن تتضمن تغييرًا جذريًا لطريقة إدارة كارلوس غصن للشركة".
إشكالية الربحية
كتب دي ميو إلى الموظفين في سبتمبر: "لنكن صادقين، لسنا معتادين في رينو على تحقيق أرباح قوية بشكل مستمر". وحذر من إمكانية تجاوز المستهدف من خفض التكلفة والمعلن عنه في مايو الماضي ملياري يورو (2.4 مليار دولار). ويتوقع أرندت إلينغورست المحلل في سانفورد سي بيرنشتاين أن يكون المستهدف من خفض التكاليف أكبر من تلك القيمة ما قد يدعم زيادة هامش الربح التشغيلي للمجموعة بنسبة 5-7٪ للعام 2022.
ويحتاج دي ميو إلى اتباع طريق محفوف بالمخاطر لإخراج رينو مما أسماه "المنطقة الحمراء"، وتحقيق التوازن بين أهدافه المتعلقة بخفض التكلفة وبين مخاوف الحكومة الفرنسية - أقوى مساهم في الشركة - بشأن تسريح العمالة.
وحتى من قبل الجائحة، تعاني الشركة من تراجع الأرباح بسبب الأداء الضعيف لشركة نيسان التي تمتلك 43% من التحالف وعدم التشغيل الكامل للقدرة الإنتاجية. وقد سجلت الشركة أكبر خسارة قياسية عن نتائج النصف الأول من العام الماضي عقب تسجيل أول خسائر سنوية لرينو منذ عقد.
واعتمدت رينو خلال الجائحة على دعم الحكومة الفرنسية، حيث حصلت على قرض بقيمة 5 مليارات يورو في بداية تفشي فيروس كورونا. ونتيجة لتداعيات الجائحة، تراجعت هوامش التشغيل بنتائج المجموعة عن الستة أشهر الأولى من العام والمنتهية أخر يونيو الماضي إلى - 6.5٪، مقارنة بـ 4.8٪ في عام 2019. فيما سجلت منافستها مجموعة "بي إس إيه PSA Group أداءً أفضل بكثير من رينو.
خطة الغاء الوظائف
وتضمنت عمليات خفض التكاليف التي تم الإعلان عنها قبل وصول دي ميو إلغاء 14600 وظيفة، وخفض الطاقة الإنتاجية بمقدار الخمس، والتركيز على القيمة مقابل الحجم الذي كان يسعى إليه غصن بقوة، فيما لم يعلن دي ميو عن خطة جديدة للتسريح.
وقال دينيس لو فوت، رئيس إدارة المبيعات، يوم الثلاثاء، إن سياسة التسعير الجديدة كان لها تأثير على الأداء وكانت أحد أسباب انخفاض مبيعات المجموعة عالمياً بنسبة 21% العام الماضي إلى 2.95 مليون سيارة بفارق كبير عن معدل متوسط تراجع مبيعات قطاع السيارات عالمياً البالغ 14%، وفي عهد غصن، كانت رينو تهدف إلى بيع أكثر من 5 ملايين سيارة سنويًا بحلول نهاية 2022.
محاور رئيسية
يدعو دي ميو الموظفين للتعلم من تجربة شركة PSA الفرنسية التي تحولت من الصراع للبقاء وبعد أن أوشكت على الانتهاء إلى تحقيق هوامش ربح قياسية على مستوى الصناعة، وهي الآن على مقبلة على إتمام الاندماج مع شركة فيات كرايسلر .
وترتكز خطة دي ميو لإعادة هيكلة الشركة على أربعة محاور رئيسية: أولها العلامة التجارية لرينو نفسها، وعلامة تجارية اقتصادية هي داتشيا Dacia ، وعلامة السيارات الرياضية الفاخرة ألبين Alpine ، وما سيجريه من تحول من خلال التكنولوجيا الجديدة في عالم السيارات الكهربائية.
والأولوية في خطة دي ميو لتقليص الانتاج بنسبة 30٪، والانتقال إلى سيارات الدفع الرباعي الأكثر ربحية، وإطلاق سيارة كهربائية فرنسية الصنع بتكلفة أقل من 20 ألف يورو. حيث تعتمد خطته على استخدام العلامة التجارية Alpine التي ظهرت منذ 65 عامًا وتم إحياؤها من جديد قبل بضع سنوات فقط لتعود إلى السوق كنموذج للسيارات الكهربائية الراقية، وكان دي ميو قد أعرب عن إعجابه بسيارة R4 الشهيرة التي يعود تاريخها إلى الستينيات.
وطالما اعتمدت رينو على سوق السيارات الصغيرة في القارة الأوروبية الأمر الذي عرضها لتراجع في الأداء في ظل ضعف الإقبال على ذلك النوع من السيارات في تلك المنطقة وضعف هوامش الربحية في هذا القطاع، ولذلك يحتاج ميو بعض الوقت لتنفيذ خطته لإعادة الهيكلة والتحول للربحية.
ويعتقد المحللون في مورغان ستانلي، أنه من غير المرجح أن يكون لدى رينو ونيسان مجموعة من الطرازات الجديدة المتوقع إطلاقها للعمل على تحسين أدائهم وزيادة الأرباح حتى عام 2023 أو 2024.
الولاء للتحالف
وحافظ تحالف رينو ونيسان وانضمام ميتسوبيشي إلى التحالف الثلاثي على تصنيف متراجع بين المنافسين بالصناعة بعد تدهور الشركات الثلاثة وصولاً إلى مرحلة الحفاظ على البقاء كهدف خلال الجائحة.
ولم يصبح هناك مجال لمناقشات الشركات الثلاثة حول توزيع الحصص السوقية بعدما تعهدوا باتباع نهج أكثر واقعية للعمل معًا في مجالات تشمل منصات السيارات والتكنولوجيا.
وحذر دي ميو من التحجج بالصعوبات السابقة والحالية. وقال إنه يفضل التعاون، لا سيما في مجالات مثل البحث والتطوير وتحسين الأداء والانتشار الجغرافي والأسواق التي تعمل بها كل شركة.