بلومبرغ
ما كان قد بدأ وكأنَّه عام يائس للشركات الناشئة، وتميَّز بكونه العام الذي شهد تسريحاً جماعياً للعمال في ظل انتشار الوباء؛ تحوَّل إلى عام عرف مستويات قياسية لتمويل رأس المال الاستثماري المُخاطر.
وعلى الرغم من الاضطرابات الاقتصادية التي حدثت جراء جائحة كورونا، فقد وصل الاستثمار في الشركات الناشئة في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي، إذ بلغ 130 مليار دولار في عام 2020، وفقاً لتقرير جديد من "موني تري" (Money Tree) صادر عن "برايس ووترهاوس كوبرز للاستشارات" (PricewaterhouseCoopers) و"سي بي إنسايتس" (CB Insights).
وساعدت شركات، مثل "إنستاكارت" (Instacart Inc)، و"سترايب" (Stripe Inc) في دفع هذه الزيادة من خلال جمع مئات الملايين لكل منها، على الرغم من أنَّ العدد الإجمالي لجولات التمويل، كان أقل مما كان عليه في عام 2019. وشهد أيضاً عام 2020 زيادة في التمويل للعديد من المُدن خارج منطقة خليج سان فرانسيسكو الذي يُشكِّل مركز عالم الشركات الناشئة.
وارتفع تمويل رأس المال الاستثماري في عام 2020 بنسبة 14% بالمقارنة مع عام 2019، وفقاً للتقرير ذاته، الذي يشمل أيضاً استثمارات الأسهم الخاصة والديون. وشهد العام الماضي أيضاً زيادة في الجولات الضخمة، أي الصفقات التي تفوق مبلغ 100 مليون دولار، حتى في ظلِّ انخفاض عدد جولات التمويل، خاصة بالنسبة للشركات الناشئة الصغيرة جداً.
أعلى من أي وقت مضى
ولقد كانت أكبر الصفقات عبارة عن ضخ 1.9 مليار دولار في شركة "سبيس إكس" ( Space Exploration Technologies Corp)، و 1.5 مليار دولار من التمويل لشركة "ايبك غيمز" (Epic Games Inc)، وكلاهما من جولات التمويل العملاقة التي ترمز إلى القوة المُتزايدة للأسهم الخاصة، والصناديق المُشتركة المُستعدة لكتابة شيكات كبيرة حتى لشركات تكنولوجيا ليست حديثة النشأة.
وفي عام 2016، مثَّلت جولات التمويل الضخمة 25% فقط من إجمالي الأموال المُستثمرة. لكنَّ التقرير توصَّل إلى أنَّ هذا الرقم ارتفع إلى 49% في عام 2020 -أي أعلى من أي وقت مضى. وكما ساعدت الشركات الكبرى، بما في ذلك "سوفت بنك غروب"، و "غوغل فينتشرز" (Google Ventures)، و "أوبر تكنولوجيز"، في تعزيز الاندفاع نحو تمويل الشركات الناشئة الكبيرة.
وشهد عام 2020 رقماً قياسياً آخر، إذ ارتفع عدد الشركات الناشئة الكبيرة (اليونيكورن) إلى 225 في الولايات المتحدة، كما حقَّقت المزيد من الشركات لأول مرة تقييماً بقيمة مليار دولار أو أكثر.
وفي غضون ذلك، عانت الشركات حديثة النشأة. إذ انخفض إجمالي عدد الصفقات للعام الثاني على التوالي، إلى 6022 صفقة. وفي الربع الرابع، حدث التراجع الأكثر حدَّة في جولات الاكتتاب الأولي، تليها صفقات سلسلة ألف (A).
كاليفورنيا مركز الدولارات المجازفة
وظهرت إلى درجة محدودة في هذه البيانات الهجرة الجماعية إلى وادي السيليكون التي كثر الحديث عنها. فقد احتفظت كاليفورنيا بلقبها في المركز الأول للدولارات المُجازفة خلال العام الماضي. واجتذبت الشركات الموجودة في الولاية، جنباً إلى جنب مع مراكز التكنولوجيا القائمة في نيويورك، وماساتشوستس، 74% من إجمالي التمويل الأمريكي.
لكنَّ مراكز التكنولوجيا الجديدة حققت تقدماً، فقد ضاعفت سان دييغو، وميامي، ودنفر،، وأتلانتا مبلغ تمويل رأس المال الإستثماري المُخاطر الذي تمَّ جمعه خلال الربع الرابع بالمُقارنة مع الربع الذي سبقه.
وشهدت منطقة مدينة ميامي أكبر زيادة، إذ سجَّلت 1.9 مليار دولار لهذا العام بفضل الشركات الناشئة بما في ذلك شركة "ريف تكنولوجي" (Reef Technology Inc) وشركة "شيب مونك" (ShipMonk)، في حين حققت مدينة سان دييغو أكبر عام لها على الإطلاق، إذ جمعت 5.3 مليار دولار.
وسيطرت التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، والصحة الرقمية، والأجهزة الطبية على نشاط الصفقات، في حين انخفض قطاع تكنولوجيا السيارات الذي كان رائجاً في السابق في عدد الصفقات، وإجمالي الزيادة.
لا توجد دلائل على أنَّ النمو في تمويل رأس المال المُخاطر سيتباطأ خلال هذا العام. فقد سمح عام قياسي للعروض العامة الأولية كعام 2020 للمستثمرين بتحقيق عوائد لشركاء محدَّدين، وجمع أموال جديدة. إذ يجلس رأس المال المُجازف على احتياطات نقدية كبيرة. وقد جمع المستثمرون الأمريكيون 1.1 تريليون دولار للاستثمار في الشركات الناشئة العام الماضي، بقيادة "أندريسن هورويتز" (Andreessen Horowitz)، التي جمعت 11 مليار دولار.