بلومبرغ
يسعى الصناع اليابانيون إلى نقل عملياتهم الخارجية إلى سوقهم الوطنية، وفق مسؤول كبير في شركة صناعة الصلب اليابانية "طوكيو ستيل مانيفاكتورينغ" (Tokyo Steel Manufacturing).
في مقابلة شخصية في طوكيو الأسبوع الماضي، قال كيوشي إمامورا، العضو المنتدب لشركة "طوكيو ستيل"، إن سعر صرف الين الياباني الذي يتدهور بمعدلات سريعة، وأزمات سلاسل التوريد العالمية، والمخاطر الجيوسياسية، وتغير أنماط الأجور كلها عوامل تشجع على هذا الانتقال.
أضاف إمامورا أن صناعاً في كل القطاعات من أجزاء السيارات إلى مستحضرات التجميل والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية ينقلون أنشطتهم الصناعية إلى اليابان، متوقعاً تسارع هذا الاتجاه بحلول نهاية العام الجاري.
كثير من الشركات اليابانية تنقل عملياتها من الصين وجنوب شرق آسيا وروسيا. وقد أدى قرارها ببناء المصانع في بلدها إلى اشتعال الطلب على الصلب المستخدم في البناء، إذ تتلقى شركة "طوكيو ستيل" نحو 30 طلبا ارتباطا بهذه الحركة، بحسب إمامورا.
مشكلات سلاسل التوريد.. تدفع المختصين لإعادة النظر بمقاييس الاقتصاد
أوضح إمامورا: "انخفض الين لدرجة أن الميزان التجاري لليابان لن يعود إلى تحقيق فائض تجاري. وفي ظل هذه الظروف، ترى الشركات أنه من الأفضل لها أن تقوم بنشاط التصنيع داخل البلاد". وأضاف أن شركته شهدت ارتفاعاً في الطلب على الصلب المستخدم في البناء بنسبة 10% منذ بداية العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
انخفض الين بنحو 11% أمام الدولار الأمريكي منذ بداية هذا العام، مما أدى إلى تفاقم زيادة أسعار السلع المستوردة في اليابان. وحتى قبل تدهور الين، كانت الحكومة اليابانية تدعم نقل القواعد الإنتاجية للشركات المحلية وعودتها إلى البلاد.
تمويل
تمول وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة الشركات حتى تساعدها على الاستثمار في بناء مصانع جديدة لصناعة منتجات حيوية وخامات بهدف تخفيف مخاطر اختناق سلاسل التوريد.
وافقت الحكومة أيضاً في شهر نوفمبر الماضي على تمويل بقيمة 774 مليار ين (6 مليارات دولار) للاستثمار المحلي في إنتاج أشباه الموصلات.
"بنك أوف أمريكا": اليابان قد تنفق 100 مليار دولار للحد من هبوط الين
في مقابلة شخصية منفصلة، قال تاكايوكي هوما، كبير الاقتصاديين لدى شركة "سوميتومو كورب غلوبال ريسيرش" (Sumitomo Corp. Global Research) للأبحاث: "والآن مع ضعف الين، فلن نندهش عندما تعمل كثير من الشركات على زيادة طاقتها الإنتاجية محلياً". وأضاف أن انخفاض الين، الذي كان يؤدي إلى زيادة عوائد التصدير، "يطرح خياراً لنقل السلع من اليابان بشكل استراتيجي".
تُعدّ الزيادة الكبيرة في تكاليف العمل في البلاد الأخرى أيضاً عاملاً من العوامل. قال إمامورا إن الأجور في اليابان لم تتغير تقريباً على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، في حين أن تضاعفت الأجور في جنوب شرق آسيا ثلاث مرات تقريباً في نفس الفترة.
ارتفاع الأسعار
يتفق تاكيشي أيرساوا، محلل لدى شركة "تاشيبانا سيكيوريتيز" (Tachibana Securities) في طوكيو، على أن هذا الاتجاه يُعدّ نقطة مضيئة في سوق الصلب اليابانية.
مع ذلك، يلاحظ أن الطلب الكلي على الصلب المستخدم في أعمال البناء في اليابان يعاني من الركود، وأن زيادة أسعار الصلب مؤخراً "ستمثل عائقاً، مما يزيد الصعوبة أمام الين الذي انخفضت قيمته" في دفع الإنتاج الياباني لأعلى على المدى القصير.
تواجه الشركات التي تنقل عملياتها إلى داخل اليابان أيضاً عراقيل أخرى، منها ارتفاع تكاليف الكهرباء ونقص الأيدي العاملة بسبب انكماش عدد السكان في اليابان وزيادة أعمارهم، بحسب هوما.
سيجب على الشركات أن تبتكر في كل من إنتاج السلع بكفاءة وبعدد قليل من العمال، والخروج إلى السوق بمنتجات ترتفع فيها القيمة المضافة.
قال إمامورا أيضاً إن زيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية ضرورة أساسية من أجل إحياء القدرة التنافسية للقطاع الصناعي في البلاد. وضم صوته إلى دعوات الشركات اليابانية إلى إعادة تشغيل المفاعلات النووية، التي توقفت عن العمل بعد كارثة "فوكوشيما" قبل أكثر من عشرة أعوام، بسرعة خاصة أن البلاد تصارع أزمة ارتفاع تكاليف الطاقة.