بلومبرغ
علَّقت شركات أوروبية، من "نستله" إلى "كارلسبرغ"، عملياتها في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، بينما تسعى جهات التصنيع لضمان استمرار إمدادات المواد الخام، وتواجه صانعات الساعات السويسرية مخاطر تراجع المبيعات.
أعلنت شركة "كارلسبرغ" الدنماركية، التي يعمل بها 1300 شخص في أوكرانيا، إيقاف عملياتها في اثنين من مصانعها الثلاثة الموجودة هناك، مع اتخاذ خطوات "لضمان أمن وسلامة" الموظفين. كذلك، علقت شركة الشعير التركية "أنادولو إفيس"، التي تدير مشروعاً مشتركاً مع "أنهاوسر-بوش إنبيف" (Anheuser-Busch InBev) في أوكرانيا ويعمل بها 3000 موظف، المبيعات والإنتاج هناك.
أغلقت شركة "نستله"، وهي أكبر شركة أغذية في العالم، بصفة مؤقتة ثلاثة مصانع تنتج الحلويات والأطباق الجاهزة والمشروبات البودرة والسوائل، وتوظف نحو 5000 شخص في أوكرانيا. بينما أعلنت "ويز إير هولدينغز"، إحدى شركات الطيران الأجنبية القليلة التي لها قواعد في البلاد، أنها تسعى إلى إجلاء الطائرات والموظفين.
وضع مُعقَّد
أشعل الغزو الروسي أسوأ أزمة أمنية في أوروبا منذ عقود زمنية، فضلاً عن مواجهة الشركات التي تعافت للتو من الوباء لمجموعة جديدة من التحديات. يبدو أن ارتفاع أسعار النفط والمعادن والطاقة سيؤدي إلى تصاعد التكاليف على الشركات والمستهلكين على حد سواء، بينما يتسبب تعهد الغرب بفرض عقوبات أشد صرامة على روسيا في تعقيد التوقعات للشركات التي تعمل في المنطقة أو تعتمد على الغاز والمحاصيل والمواد الخام المنتجة هناك.
قال كريستيان بروش، الرئيس التنفيذي لشركة "سيمنز إنرجي"، في الاجتماع السنوي العام للشركة يوم الخميس: "يتعين علينا كشركة الآن أن نحلل بالضبط ما يعنيه هذا الوضع بالنسبة لأعمالنا التجارية". وتابع: "بالطبع، نحن نتبع أولوية الشأن السياسي، الذي سيقرر الآن كيف سيكون رد الفعل".
صناعة الساعات
وبالنسبة لشركات صناعة الساعات، يمكن أن تعني الأزمة المتصاعدة تراجع المبيعات. انخفضت أسهم "سواتش غروب" مُنتجة ساعات "أوميغا" و"بلانشبان"، بـ 4% في بورصة زيورخ يوم الخميس. وهوت أسهم شركة "ريتشمونت"، التي تصنع مجوهرات وساعات "كارتييه" بجانب علامات تجارية مثل "فاشيرون كونستانتين"، بنسبة 6.5%، وهي أكبر نسبة انخفاض منذ أغسطس 2021.
يقول محللو "يو بي إس"، بمن فيهم زوزانا بوش، إن صُناع الساعات أكثر تعرضاً بشكل طفيف لهذه الأزمة مقارنة بشركات السلع الفاخرة الأخرى، حيث تمثل روسيا ما بين 2-3% من إجمالي إيرادات "سواتش غروب"، ونحو 2% من إيرادات "ريتشمونت".
ألواح الجبس
أغلقت شركة "كناوف" الألمانية لصناعة مواد البناء مصنعاً لألواح الجبس في دونباس شرق أوكرانيا لحين إشعار آخر "بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة"، وأرسلت نحو 600 عامل إلى منازلهم، بحسب عضو مجلس إدارة الشركة يورغ شانو. كذلك، أغلقت شركة "أورجين إنتربرايزس" الأيرلندية، وهي شركة هندسة زراعية، مكاتبها وأوقفت الإمدادات في أوكرانيا.
المحركات النفاثة
يعمل صناع المحركات النفاثة "سافران" و"رولز رويس هولدينغز" على تنويع مصادر التيتانيوم بعيداً عن روسيا، وهي مورد رئيسي، لأن الصراع في أوكرانيا يهدد فرص الحصول على المعدن اللازم لصنع المعدات الحيوية لطائرات "بوينغ" و"إيرباص".
قال الرئيس التنفيذي لشركة "سافران"، أوليفييه أندريس، يوم الخميس، إن شركة "فيسيمبو-أفيسما" (VSMPO-Avisma) الروسية تعد المورد الرئيسي لشركته، فهي تمد "سافران" بما يقرب من نصف المشتريات. وأضاف في مؤتمر عبر الهاتف أن الشركة الفرنسية اشترت التيتانيوم من موزعين في ألمانيا في ظل تصاعد التوترات العسكرية خلال الأسابيع الأخيرة.
أفاد أندريس: "لقد عززنا مخزوننا من التيتانيوم منذ بداية العام"، مضيفاً "ما زال أمامنا بضعة أشهر لأجزاء المحركات ومعدات الهبوط، وبالتالي بعض الوقت للانتقال سريعاً نحو مصادر أخرى".
سوخوي – لادا
تعمل شركة "رولز رويس"، التي تمدها روسيا بـ 20% من التيتانيوم الذي تحتاجه، أيضاً على تعزيز مخزوناتها وتنويع مصادرها، حسبما قال الرئيس التنفيذي للشركة وارن إيست في مكالمة منفصلة للأرباح. يُستخدم هذا المعدن على نطاق واسع في المحركات ومعدات التثبيت وأجزاء الطائرات الأخرى بسبب خفة وزنه وقوته ومقاومته للتآكل.
كذلك، تمتلك شركة "سافران" مشروعاً مشتركاً مع شريك روسي يصنع طائرة نفاثة إقليمية من طراز سوخوي. وينتج صانع فرنسي آخر، وهو "رينو إس إيه"، سيارات لادا ذات الشعبية في مصانع في روسيا من خلال مشروعها "أفتوفاز" (AvtoVaz) المملوك بنسبة 68%. تراجعت أسهم صانعة السيارات الفرنسية في الأيام الأخيرة بسبب مخاوف متعلقة بتعرضها لروسيا، وهي ثاني أكبر سوق لها، وتستحوذ على 18% من حجم المبيعات.
ويز إير
في الوقت نفسه، قالت شركة "ويز إير" إنها تعمل على استكشاف تدابير كفيلة بإخراج أربع طائرات وعدد غير محدد من الموظفين من قواعدها في أوكرانيا على وجه السرعة.
قالت المتحدثة باسم الشركة كريستي رولينغز، لـ "بلومبرغ نيوز" يوم الخميس، إن أكبر شركة طيران منخفضة التكلفة في أوروبا الشرقية تسعى لإجلاء الموظفين وعائلاتهم من كييف ولفيف في أقرب وقت ممكن بعد اندلاع العمليات العسكرية هناك.
حرب أوكرانيا تربك الطيران وتؤجج مخاوف حول الموظفين والطائرات
هناك جهود حثيثة أيضاً لاستعادة ثلاث طائرات من العاصمة الأوكرانية وطائرة أخرى من لفيف. في حين أن حظر الطيران المفروض بين عشية وضحاها يعني تعطل خدمات الركاب، إلا أنه ربما يتاح إقلاع الطائرات لإجلاء الموظفين، وفقاً لرولينغز.
جدير بالذكر أن شركة "ويز إير"، التي يقع مقرها في بودابست، لديها عمال على أراضي أوكرانيا لأن نموذجها منخفض التكلفة يتضمن نشر الطائرات في عشرات القواعد حول أوروبا. في حين أن معظم شركات الطيران الأخرى التي تخدم البلد تتجه إلى هناك من مراكزها الأصلية بطائرات تعود كل مساء وبالتالي لديها عدد قليل من الموظفين أو ليس لديها موظفون هناك.