بلومبرغ
حقق اقتصاد تايوان أسرع وتيرة نمو منذ 11 عاماً في 2021، ويُتوقع أن يشهد النمو قفزة أخرى خلال 2022، بفضل فورة إنفاق غير مسبوقة من جانب أكبر شركة في البلاد.
قال مكتب الإحصاء الحكومي في بيان الخميس، إن الناتج المحلي الإجمالي نما 6.3% في 2021، متجاوزاً تقدير 6% في استطلاع بلومبرغ لاقتصاديين، ما يمثل أسرع معدل توسع منذ قفزة 10.3% في 2010 بعد الأزمة المالية العالمية.
كانت نتيجة العام بأكمله مدفوعة بتوسع بنسبة 4.9% في الربع الأخير من العام الماضي، متقدمة بحد ذاتها على أوسط تقديرات الاقتصاديين البالغ 3.9%.
ما تزال التوقعات لعام 2022 متفائلة أيضاً بعدما كشفت شركة "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" (Taiwan Semiconductor Manufacturing) عن خطط في وقت سابق من يناير، لإنفاق ما بين 40 مليار دولار و 44 مليار دولار على مدى 12 شهراً لإنشاء مصانع جديدة للمساعدة بتخفيف النقص في أشباه الموصلات.
يعادل حجم إنفاق "تي إس إم سي" التقديري حوالي 5% من اقتصاد تايوان البالغ 760 مليار دولار. فيما يذهب جزء من النفقات الرأسمالية لشركة "تي إس إم سي" إلى الخارج، ستُنفق غالبية الاستثمارات في البلاد لتوسيع قدرة المصانع التي تصنع أشباه الموصلات التي يتعاظم عليها الطلب.
نهضة قطاعات أخرى
بيّن وينستون تشياو، الخبير الاقتصادي لدى "تايشين سيكيوريتيز" ( Taishin Securities) في تايبيه، أن خطط الإنفاق لدى "تي إس إم سي" تعني أنه من المرجح أن يرفع توقعاته الأخيرة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.2% خلال 2022.
قال وينستون الأربعاء "إنّ إنفاق (تي إس إم سي) البالغ 30 مليار دولار على النفقات الرأسمالية العام الماضي أدى إلى سلسلة من الإنفاق الاستثماري وبناء مصانع جديدة لجميع الشركات المشاركة في سلاسل التوريد، مثل الصلب والكيماويات والمواد الخام الأخرى".
كان النمو في الغالب مدفوعاً بعام ممتاز لشركات التصدير في تايوان. ارتفع الطلب العالمي على أشباه الموصلات وغيرها من المنتجات الإلكترونية، بدفع من ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، حيث خففت معظم الدول إغلاقات فيروس كورونا خلال العام.
عكست عائدات الشركات ذلك، حيث ارتفعت المبيعات السنوية المجمعة للشركات في بورصة تايوان 15% لتصل إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 38.2 تريليون دولار تايواني (1.4 تريليون دولار أمريكي)، وفقاً لبيان صادر عن البورصة.
بلغ مؤشر الأسهم القياسي "تاييكس" (Taiex) عدة مستويات قياسية على مدى العام، وارتفع الدولار التايواني إلى أعلى مستوى له في 24 عاماً.
خطر الإغلاقات
يتمثل الخطر الرئيسي للاقتصاد في 2022، فيما إذا كانت الحكومة ستتبنى تدابير جديدة صارمة للقضاء على تفشي "كوفيد -19" الذي يصيب أعداداً قليلة، لكنها متزايدة.
يُتوقع أن يكون الاستهلاك المحلي قد انتعش في الربع الأخير من 2021، بعد إغلاق جزئي في منتصف العام، شمل أماكن الترفيه وحظر تناول الطعام في المطاعم.
قد تؤدي القيود المتجددة لزيادة تفاقم الاختلالات المتزايدة بين القطاعات التي تعتمد على الاستهلاك المحلي وصناعات التصدير المزدهرة، حسبما قالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة اقتصاديي آسيا والمحيط الهادئ لدى شركة "ناتيكسيس" (Natixis).
كتبت هيريرو في تقرير الأربعاء: "بدأ هذا الاختلاف في النمو يؤثر على الأجور والتضخم... تمتعت القطاعات المتعلقة بالتجارة العالمية، مثل أشباه الموصلات والشحن، بنمو مرتفع في الأجور، في حين أن قطاع الخدمات يعيش في عالم موازٍ".
قالت إن الاقتصاد التايواني قد يواجه تفشي المرض الهولندي، أي عدم قدرة القطاعات غير التصديرية على مواكبة صناعة التقنية، ما يؤدي لزيادة عدم المساواة.
ترى الحكومة حالياً أن الاقتصاد ينتعش بشكل سليم، وتتوقع أن يرتفع الاستهلاك المحلي 5.36% خلال 2022.
قال تشياو من "تايشين سيكيوريتيز": "مع تراجع عدد الدول التي تستهدف القضاء تماماً على كوفيد، وتوقعات بأن تتعلم تايوان كيف تتعايش مع الفيروس، لن نعود على الأرجح إلى مرحلة الإغلاق التي أعاقت القطاعات المحلية في 2021... لذلك، هناك فرصة ضئيلة لأن يشهد اقتصاد تايوان تذبذباً بين تقدم وتراجع هذا العام بنفس الشدة التي شهدها في 2021".