بلومبرغ
تولى بريان دوناتو منصب كبير مسؤولي سلسلة التوريد في شركة "رينت ذا رانواي" (Rent the Runway)، بالتزامن مع قرب انتهاء عطلات عام 2019، أي في الفترة التي كانت فيها النساء في أرجاء الولايات المتحدة يتهيّأنَ للبس الأزياء، والفساتين، والسترات التي حصلن عليها من الشركة، لحضور حفلات وسهرات ذلك الوقت من العام وحفلات العمل. لكن، بعد شهر من أول يوم عمل له في شركة "رينت ذا رانواي" في مستودع نيوجيرسي، أُغلقت البلاد بسبب تفشي جائحة "كورونا"، وألغيت الفعاليات، بداية من حفلات التخرج في المدارس الثانوية، إلى الحفل الخيري السنوي لمتحف متروبوليتان في "معهد غالا" للأزياء.
يقول دوناتو البالغ من العمر 50 عاماً، والذي يملك خبرة طويلة في العمل مع "أمازون"، إذ كان يشرف على عمليات تلبية احتياجات البقالة الخاصة بعملاق التسوق عبر الإنترنت: "توقف العمل بشكل مؤقت".
اقرأ أيضاً: "لويس فيتون" و"غوتشي" تلتهمان المدخرات التي وفرتاها خلال "كوفيد"
الإفادة من فترة الإغلاق
استفاد دوناتو من التوقف، وقام بتحديث طريقة تتبع الملابس من العلامات التجارية مثل: "رالف لورين"، و"نانوشكا"، و"جيسون وو"، و"لولو ليمون" في "رينت ذا رانواي"، فقد قام بوضع بطاقات تصدر موجات راديو (RFID) في 1.5 مليون قطعة، وقام بتركيب ماسحات ضوئية لتسجيل خروج ودخول الملابس إلى مستودعات الشركة. كما أضاف آلات فرز تلقائي لدورات غسيل أنواع الملابس المختلفة.
قال دوناتو أثناء استعراضه تلك التكنولوجيا في مركز الإنجاز الصاخب للشركة في سيكاوكوس في نيوجيرسي، على بعد أميال قليلة من مانهاتن، ومطار نيوآرك ليبرتي الدولي: "قلت مرحباً، دعونا نحوّل هذا الأمر إلى شيء مفيد".
اقرأ المزيد: رغم عثرتها في الصين.. "دولتشي آند غابانا" تراهن على مستقبل مستقل
انطلاقة سريعة
عندما تأسست "رينت ذا رانواي" في 2009، استخدمت النساء منتجاتها من فساتين السهرات المؤجرة، لارتدائها في المناسبات لمرة واحدة، مثل الحفلات الرسمية، أو حفلات الزفاف، بدلاً من شراء فستان لارتدائه مرة واحدة، ثم يختفي بعد ذلك في الجزء الخلفي من الخزانة. أما اليوم؛ فأصبحت الشركة تجني معظم إيراداتها من الاشتراكات للحصول على الملابس لحضور يوم في المكتب، أو ليلة غير رسمية في الخارج، إذ يشهد هذا الاتجاه زخماً متزايداً.
تتوقَّع الشركة الوصول إلى 122 ألف مشترك ومشتركة، ومبيعات تبلغ حوالي 200 مليون دولار في السنة المالية التي تنتهي في 31 يناير، في حين يقول المسؤولون التنفيذيون، إنَّ السيولة التي ستحصل عليها الشركة كافية لتغطية نفقاتها في المدى المتوسط، دون إبداء التفاصيل.
هبوط السهم
انخفضت أسهم "رينت ذا رانواي" بأكثر من 70% منذ طرحها للاكتتاب العام في أكتوبر. ويعلق بعض المستثمرين بأنَّ الشركة تبالغ في تقدير الطلب على استئجار الملابس، في حين يقول آخرون، إنَّ التكلفة المرتفعة لفرز مئات الآلاف من الملابس وتسليمها، وإعادتها، وتنظيفها شهرياً تمنع الشركة من تحقيق الأرباح.
يقول ميلتون بيدرازا، رئيس شركة الاستشارات "لاكجري إنستيتوت" (Luxury Institute): "نموذج العمل يواجه تحديات كبيرة وسط تكاليف عامة لا يمكن خفضها".
برغم ذلك؛ تتوقَّع شركة "فيريفايد ماركت ريسيرش" (Verified Market Research) لأبحاث السوق، أن تتضاعف قيمة سوق تأجير الأزياء بحلول عام 2028 لتصل إلى 2.3 مليار دولار، مما يجذب عدداً من المنافسين، وأغلبهم من المتخصصين في الملابس الرياضية والترفيهية، أو ملابس الأمومة، أو ملابس الرجال.
منذ إطلاق أعمالها في عام 2012، وتركيزها في البداية على الملابس المخصصة لأصحاب الأوزان الزائدة؛ أضافت "غويني بي" (Gwynnie Bee) أنماطاً جديدة تبدأ من المقاس صفر. كما قدّمت "أوربان أوتفيتيرز" (Urban Outfitters) في 2019 خدمة "نولي" (Nuuly) لإيجار الملابس من علاماتها التجارية الخاصة والمئات غيرها. كذلك بدأت شركة "رالف لورين" (Ralph Lauren) العام الماضي تقديم خدمة "لورين لوك" (Lauren Look) باشتراك يبدأ من 125 دولاراً شهرياً.
توصية البنوك
أوصى بنك "ويلز فارغو" بشراء أسهم "رينت ذا رانواي"، وقال إنَّ الشركة يتعين عليها تعزيز الكفاءة، وزيادة عدد المشتركين 4 أضعاف لتحقيق إيرادات 800 مليون دولار سنوياً، بزيادة على توقُّعات البنك البالغة 300 مليون دولار للعام المالي 2022، حتى تصبح مربحة، في حين توقَّع "كي بانك كابيتال ماركتس" (KeyBanc Capital Markets) جذب "رينت ذا رانواي" 1.5 مليون مشترك على المدى الطويل، إذ تسعى المزيد من النساء إلى التوفيق بين رغباتهن في الملابس "الجديدة"، ونمط حياة أكثر استدامة. لكن "كي بنك" حذّر من احتمال رفض العديد من المستهلكين فكرة استئجار الملابس.
تقول جين هايمان، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "رينت ذا رانواي"، إنَّ المشككين يقللون من تأثير التغييرات التي تم تنفيذها خلال فترة تفشي الوباء، فقد زادت الأرباح في سبتمبر 2020 مع إنهاء خيار يسمح للمستخدمين باقتراض عدد غير محدود من الملابس مقابل 159 دولاراً شهرياً، واستبدلته الشركة بخطط تتراوح قيمة الاشتراك فيها من 89 دولاراً شهرياً مقابل استئجار 4 ملابس إلى 199 دولاراً مقابل استئجار 16 قطعة ملابس. كما أضافت هايمان مزيداً من الملابس الرياضية وغير الرسمية بسبب تغير العادات في الوباء. وتقول هايمان التي تبلغ من العمر 41 عاماً: "لم نعد نعتمد على من يرجعون إلى العمل من المكتب، أو يذهبون إلى الحفلات".
"وضعت الشركة بطاقات تصدر موجات راديو (RFID) في 1.5 مليون قطعة من الملابس"
أهمية التكنولوجيا
كما أشارت هايمان إلى الإصلاح الشامل الذي أجراه دوناتو، ودور العمل بموجات تردد الراديو (RFID) في تبسيط مهام فرز وغسيل وصيانة السترات، أو فساتين الحفلات، أو "البلوزات"، أو البناطيل؛ فقد كان الموظفون في مراكز التوزيع –أحدها في نيوجيرسي والآخر بالقرب من دالاس– في السابق يعملون على تفريغ أكياس الملابس داخل ستة صناديق لغسيل الملابس وفرزها يدوياً. أما الآن؛ فالملابس تمر من خلال ماسح ضوئي يقرأ بطاقات (RFID)، ويوجهها إلى واحدة من 26 حاوية مخصصة لدورات غسيل مختلفة، وهي مقسمة بين الحرير والصوف والقطن، وما إلى ذلك بهدف إطالة عمرها. وتقول الشركة، إنَّ ملابسها يتم استئجارها في المتوسط 20 مرة قبل أن يتم إهلاكها.
مع مرور الملابس، يمكن للموظفين أن يستخدموا ماسحات ضوئية للتعرف على تاريخ الملابس، والملاحظات المدونة الخاصة بها. فعلى سبيل المثال؛ أصبحوا يعرفون ما إذا كانت أزرار القميص تميل للسقوط، أو أنَّ السترة بدأت في التقرح، أو أنَّ "الجينز الداكن" يتلاشى. كما يتم إرسال الملابس المتسخة إلى فريق "مراقبين"؛ إذ يمكنهم إضافة تعليقات، أو سحب الثوب من دورة الاستئجار، وإرساله إلى الإصلاح. وبمجرد أن تصبح الملابس قديمة تعرض "رينت ذا رانواي" تلك الملابس للبيع، أو تتبرع بها، أو تعيد تدويرها.
معلومات مفصلة
تقول هايمان، إنَّ الشركة تهتم كثيراً بملاحظات العملاء، والتي من بينها مثلاً: "الجينز المناسب للمقاس" الذي يعتبر جذاباً، أو معطف الشتاء الدافئ بدرجة كافية، أو إذا كانت الذراعان على الفستان ضيقتين جداً، إذ تساعد تلك التعليقات والمعلومات المفصلة بشأن الملابس التي يتم تأجيرها في التعرف على تفضيلات العملاء التي تفتقر إليها بيوت الأزياء الراقية، مما يساعد الشركة على إنتاج ملابسها الخاصة. كما أضافت هايمان: "البيانات المتعلقة بالجودة، وما إذا كانت الملابس مناسبة وكيفية ارتدائها، لا يمتلكها أي نشاط تجاري آخر في صناعة الأزياء. وتقول هايمان، إنَّ الملابس التي تتدفق على الرفوف الدوارة في مستودع نيوجيرسي "تنتهي بياناتها بمجرد البيع".