بلومبرغ
لم تتضرَّر قطاعات كثيرة من الاقتصاد العالمي المنهك بشدة بالدرجة نفسها التي تضرر بها قطاع الطيران في عام 2020.
وتسبَّبت جائحة فيروس كورونا في توقُّف أساطيل الطائرات عن العمل، وانخفاض حركة المسافرين عبر الجو بنسبة 94 %. وتكافح شركات النقل الجوي التي تعاني من ضائقة مالية من أجل إعادة بناء نشاطها، إذ أعاقتها موجات أخرى من تفشي العدوى، والقيود الصارمة على السفر.
وأصبح القطاع في مأزق جرَّاء الخسائر المالية المحبطة، وتراجع قيم الشركات السوقية على نحو مؤلم، علاوة ًعلى انكماش شبكات طرق السفر، وزيادة الديون المتراكمة. وقال ألكسندر "دي جونياك"، المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا IATA): "إذا كانت هناك سنة مروعة، فهذه هي، ولن يشعر أي شخص في مجال الطيران بالرغبة في تذكُّر عام 2020."
ونعرض في الآتي مجموعة مختارة من الرسوم البيانية التي تتبع تأثير كوفيد-19 على قطاع الطيران العالمي:
ارتفعت قروض شركات الطيران إلى مستويات قياسية، إذ تكافح الشركات للنجاة من الغرق. وبلغت مساعدات الحكومات للقطاع 220 مليار دولار ، بحسب اتحاد النقل الجوي الدولي. وتتوقَّع وكالة "موديز" التصنيف الائتماني إضافة التزامات أخرى بقيمة 22 مليار دولار في عام 2021.
ومن المتوقَّع أيضاً أن تحتاج الشركات إلى إعادة تمويل بعض الديون الطارئة المتراكمة، في حين يتعيَّن على أولئك المثقلين بديون مساهمين حكوميين حالياً دراسة ما إذا كان بإمكانهم سداد قروضهم لتعود لهم السيطرة علي الإدارة مرة أخرى.
وتشير التقديرات إلى أنَّ شركات النقل الجوي، ستستنزف أكثر من 118 مليار دولار من خسائر لهذا العام، ونحو 39 مليار دولار في عام 2021 ، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي، مما يخالف تماماً من توقعاته تماماً في شهر يونيو؛ عندما احتفظت شركات النقل بآمالها في زيادة حركة نقل الركاب في أواخر صيف 2020، التي تحطمت بسبب موجات جديدة من فيروس كورونا.
تعد هذه الخسائر المتوقعة الأسوأ في عامين بالنسبة لقطاع النقل الجوي، إلى درجة أنَّ تلك الخسائر الناجمة عن آخر ركود كبير للطيران في عام 2008، تتضاءل أمامها. كما أنَّها تمثل نهاية مفاجئة لعقد من الأرباح الإيجابية، مما يسلط الضوء على الضعف المستمر لشركات الطيران، حتى بعد سنوات من صفقات الاندماج والاستثمار في شراء طائرات أكثر كفاءة.
وفي الوقت نفسه، ظلَّ عدد الرحلات المجدولة في جميع أنحاء العالم منخفضاً بشدة منذ هبوط شهر مايو الماضى، ممَّا أدى إلى تراجع أعداد المسافرين إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة قبل 17 عاماً. وألقت شركات الطيران باللوم في الركود الممتد لفترة طويلة على القيود الحكومية، مثل الحجر الصحي للركاب عقب وصولهم لجهات السفر، فضلاً عن الفشل في استخدام اختبارات فيروس كورونا في المطارات، بحجة أنَّ وضع الطلب المكبوت على السفر في طريقه للنهاية.
يضع طرح لقاحات فيروس كورونا كوفيد 19، جنباً إلى جنب مع قبول إجراء اختبارات الإصابة بالعدوى داخل المطارات بما يسمى بـ "جوازات سفر كوفيد"، وهذه النظرية موضع اختبار، لأنَّه قد يسمح ببدء فتح الحدود الوطنية للدول.
ومع ذلك، فإن أيَّ توقيت لحدوث إنفراجة حقيقية قد يكون بعيداً بعض الشيء. وفي حين أنَّ شركات الطيران الأوروبية الترفيهية (منخفضة التكلفة) قد أبلغت في وقت سابق عن وجود علامات على انتعاش الطلب مع حلول "عيد الفصح"، لكن تسبَّبت سلالة جديدة من فيروس كورونا، ظهرت في المملكة المتحدة مؤخراً، في حدوث فوضى قبل عطلة عيد الميلاد، مع تعليق أجزاء من القارة العجوز وأماكن تمتد من كندا إلى الهند، وهونج كونج فجأة خطوط السفر.
وبالرغم من أنَّ أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا كانت في آسيا، إلا أنَّ تأثيره على الرحلات الجوية هناك لم يكن شديداً، ولا طويل الأمد كما هو الحال في الغرب. وكانت نتيجة التأثير النهائية هي قلب الترتيب الهرمي للقائمة (ترتيب كبريات أسواق الركاب)، وتسريع التحوُّل نحو هيمنة الجانب الشرقي من العالم على السفر العالمي.
تلقت أوروبا، المعرضة لمخاطر السفر الدولي بشدة، ضربة عنيفة بصفة خاصة، مع خسارة المملكة المتحدة لمرتبتها كثالث أكبر سوق، وخروج ألمانيا وفرنسا من المراكز العشرة الأولى.
في المقابل، أثبتت حركة المرور المحلية الصينية مرونةً من نوع خاص، إذ انتعشت إلى مستوى مشابه للعام الماضي، ودفعت بدورها ترتيب البلاد للتقدُّم على الولايات المتحدة كونهاأكبر سوق للركاب في العالم للمرة الأولى، منذ بزوغ فجر الطيران بالوقود منذ أكثر من قرن مضى.
ويتوقَّع جون غرانت، كبير المحلِّلين في شركة "أو جي أيه " المتخصِّصة في حجوزات الطيران، حدوث انتعاش أمريكي العام المقبل، وإن كان لفترة وجيزة.
وعلى المنوال نفسه، صعدت شركات الطيران في آسيا، والمحيط الهادئ في تصنيفات شركات الطيران، بالرغم من أنَّ المشغِّلين الأمريكيين لا يزالون يحتلّون المراكز الثلاثة الأولى، مدعومة بالرحلات الداخلية التي استمرت بلا هوادة إلى حدٍّ كبير حتى مع استمرار تفشي الوباء.
كما عانت الدول الغربية من خسارة غير متكافئة لـ 425 ألف وظيفة في قطاع الطيران. ومن بين 42 شركة نقل جوي؛ أفلست، أو تقدَّمت بطلب للحماية من الإفلاس، توجد 25 شركة منها في أوروبا وأمريكا الشمالية.
وعلى الرغم من وجود لقاح؛ فقد يجري استئناف عمليات السفر الجوي في القريب العاجل، إلا أنَّ شركات النقل الجوي تنتظر شهوراً محبطة. ومن المحتمل أن يصل عدد شركات الطيران المنهارة، أو التي تدخل تحت إدارة قانون الحماية من الإفلاس إلى 70 شركة حتى شهر مارس، وفقاً لمجموعة المكتب الدولي للطيران ( IBA ) الاستشارية.
في حين لا يتوقَّع اتحاد النقل الجوي الدولي عودة حركة المسافرين إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2024.