تفكيك "فيسبوك" و"غوغل" لن يحل المشلكة

time reading iconدقائق القراءة - 9
العديد من أيقونات التطبيقات معروضة على شاشة هاتف ذكي - المصدر: بلومبرغ
العديد من أيقونات التطبيقات معروضة على شاشة هاتف ذكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بدأت جهود مكافحة الاحتكار التي طال انتظارها تكتسب قوة. لكنها تُركز على شركات التكنولوجيا الكبيرة مثل "فيسبوك" و"ألفابت" الشركة الأم لـ"غوغل"، والتي تطرح مُشكلات مُعقّدة لن تحلها دائماً طُرق مُكافحة الاحتكار التقليدية.

تستند القضايا على أشياء معيارية للغاية؛ حيث تتهم وزارة العدل الأمريكية "غوغل" بالمحافظة بشكل غير قانوني على حصتها المُهيمنة في السوق في إعلانات البحث، والبحث عن طريق دفع الأموال والضغط على صانعي الهواتف لتثبيت "غوغل" كمحرك البحث الاعتيادي الخاص بهم.

وفي الوقت نفسه، تُقاضي لجنة التجارة الفيدرالية وائتلاف من الدول "فيسبوك" بسبب سلوكها المُناهض للمنافسة بسبب ملكيتها لـ "إنستغرام" و"واتساب".

أسباب اقتصادية لتفكيك شركات التكنولوجيا الكبرى

أحد الحلول الجريئة التي نوقشت كثيراً، هو تفكيك الشركات لتخفيف تأثيرها. تضغط الحكومة على "فيسبوك" للتخلي عن "إنستغرام" و"واتساب"، ويمكن أن تطلب من "غوغل" فصل نظام تشغيله "أندرويد" للهواتف المحمولة.

ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت القضايا الجوهرية التي يهتم بها الناس فيما يتعلق بشركات التكنولوجيا ستشهد تحسناً من خلال حركة كهذه. وقد تكون أفضل نتيجة هي أن تبقى شركات التكنولوجيا الكبيرة كبيرة كما هي. ولكن يجب أن تخضع لإطار عمل جديد لتنظيم مكافحة الاحتكار الذي يقيّد سُلوك الشركات في جميع المجالات المهمة.

ليس من الواضح ما إذا كانت القضايا الجوهرية التي يهتم بها الناس فيما يتعلق بشركات التكنولوجيا ستشهد تحسناً

وبالفعل، يعمل الاتحاد الأوروبي على نهج قائم على تنظيم مُعالجة الخصوصية وتقييد المحتوى لعمالقة التكنولوجيا. وهُناك فعلاً بعض الأسباب الاقتصادية النظرية لتفكيك شركات التكنولوجيا الكبرى.

تُشير بعض الأبحاث إلى أن التفكيك القسري قد يكون خبراً جيداً للشركات الناشئة، كما أن من شأنه تعزيز المُنافسة على دولارات الإعلانات، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار الإعلانات للشركات الأُخرى.

ولكن من غير المرجح أن تكون هذه هي الأسباب الأساسية التي تجعل السلطات تحاول صفع "غوغل" و"فيسبوك"، هذا لأن كلاً من البحث وشبكات التواصل الاجتماعي قد تكون احتكارات طبيعية، مما يعني أن شركة واحدة تميل إلى مُزاحمة المُنافسين.

لُعبة قوة غير مُسيطر عليها

قد لا يؤدي إجبار "غوغل" على فصل "أندرويد" إلى كسر احتكارها للبحث؛ كانت هذه تجربة أوروبا عندما فازت بدعوى مكافحة الاحتكار ضد الشركة.

ومن المحتمل أن يكون "فيسبوك" و "إنستغرام" قادرين على البقاء كشبكات اجتماعية مُنفصلة لفترة من الوقت، ولكن في النهاية سيرغب الجميع بالتواصل مع الآخرين عبر منصة واحدة.

التفسير الأبسط هو أن التفكيك القسري هو لُعبة قوة غير مُسيطر عليها. حيث يشعر بعض القادة السياسيين أن شركات مثل "فيسبوك و"غوغل" قد تمكنت من وضع نفسها فوق بقية المجتمع، بما في ذلك الحكومة.

إنهم مُتشككون من أن "غوغل" تستخدم نتائج البحث لأغراض سياسية، وأن "فيسبوك" تقوم بقمع الأخبار لمُساعدة المعارضة. تبدو هذه وكأنها تعبيرات عن خوف أعمق -الخوف من أن الشركات، وليس الحكومة، هي الآن صاحبة الكلمة العليا.

إجبار شركات التواصل الاجتماعي على التفكك قد يرسل رسالة مفادها أن الحكومة ما زالت مسؤولة

لا تحب الحكومات أن يكون شخص آخر أفضل منها. وفي الأساس، الحكومات هي مُنظمات تم إنشاؤها لغرض واضح وهو الحفاظ على احتكار استخدام القوة، وهذا الحمض النووي يميل إلى جعل هذه الحكومات في غاية القلق عندما يبدو أن هُناك كيان آخر يفوقها قوةً.

بالإضافة إلى ذلك، فالمواطنون أيضاً قلقون بشأن هذا الاحتمال -إذا كانت "فيسبوك" و"غوغل" فوق الحكومة، فهذا يعني أيضاً أنهم فوق الإرادة الجماعية للشعب. لذا فإن إجبار شركات التواصل الاجتماعي على التفكك قد يرسل رسالة مفادها أن الحكومة ما زالت مسؤولة.

وحتى الاقتصاديين الذين يشككون في قوة الشركات الكبيرة دون أن يعرفوا دائماً السبب لفعل ذلك، عند سؤالهم، يدعم الكثير منهم اتخاذ إجراءات ضد شركات التكنولوجيا الكبرى. لكن الأسباب التي يقدمونها مُتنوعة. وهذا يشير إلى وجود شيء مُريب بحد ذاته حول وجود مثل هذه الشركات القوية المُهيمنة.

ولكن في حين أن ذلك سيكون بالتأكيد مُسهلاً، إلا أن من المشكوك فيه ما إذا كان التفكيك سيؤدي بالفعل إلى حل العديد من الشكاوى التي لدى الناس بشأن أكبر شركات التكنولوجيا. وفي ظل استمرار احتكار البحث، لا يزال بإمكان "غوغل" الترويج لمٌنتجاتها بشكل أكبر من مُنافسيها.

تفادي التفكيك

ستظل قضايا الخصوصية وحقوق ملكية البيانات موجودة، وقد لا تزال كلتا الشركتين مُتهمتين في بعض الأحيان بالقيام بالرقابة أو بالعمل مع حكومات أجنبية شريرة. وستظل المُؤسسات الإعلامية تشكو من أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي تأخذ الكثير من إيراداتها.

تكمن المُشكلة في أن قوانين مكافحة الاحتكار وُضعت في عصر مختلف، قبل أن تكون تقنية المعلومات وتأثيراتها القوية على الشبكة أمراً شائعاً. وفي نهاية المطاف، فإن وجود شركات المنصات هذه يعني أنه من المحتمل وضع سياسات جديدة لمُكافحة الاحتكار تسمح بتنظيم منصات التكنولوجيا مثل المرافق.

لا تزال "فيسبوك"و"غوغل" متهمتين في بعض الأحيان بالقيام بالرقابة أو بالعمل مع حكومات أجنبية شريرة

وفي غضون ذلك، قد تحاول شركات التكنولوجيا إبرام صفقة في مقابل السماح لها بالحفاظ على هيكلها المؤسسي سليماً. وكبداية، يمكن لهذه الشركات الخضوع للوائح التي من شأنها خفض أسعار الإعلانات، وتقييد عمليات الاستحواذ، ومنع الترويج الداخلي للمنتجات، وحماية الخصوصية، وضمان الحياد السياسي في الأخبار ونتائج البحث، ومنعهم من العمل بالنسبة للحكومة الصينية.

قد تتجنب صناعة التكنولوجيا المُتعادلة والمُتوافقة الحاجة إلى صناعة مُجزأة. والسؤال النهائي هو ما إذا كان من الممكن كتابة مثل هذه التشريعات وتطبيقها، دون اللجوء أولاً إلى إرسال الرسالة التي ستوصلها عمليات التفكيك.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

فى هذا المقال