المصدرون الروس يخشون أزمة السيولة مع تأخر المدفوعات بسبب العقوبات

كبار المنتجين الرئيسيين للسلع الأساسية يواجهون ضغوطاً على الاحتياطيات النقدية

time reading iconدقائق القراءة - 6
فلاديمير بوتين يلقي كلمة أمام رجال الأعمال في \"أسبوع الطاقة الروسي\" في موسكو في 26 سبتمبر - Getty Images
فلاديمير بوتين يلقي كلمة أمام رجال الأعمال في "أسبوع الطاقة الروسي" في موسكو في 26 سبتمبر - Getty Images
المصدر:

بلومبرغ

يواجه المصدرون الروس تحديات متزايدة في ما يتعلق بالسيولة وسط تأخيرات في تلقي المدفوعات من البنوك الأجنبية التي تخشى الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية.

في حين أن الشركات لا تتخلف عن دفع رواتب الموظفين أو الالتزامات الأخرى، فإن التخطيط للإنفاق اليومي أصبح أكثر صعوبة بسبب التدفقات النقدية غير المتوقعة، وفقاً لمديرين تنفيذيين في خمسة منتجين رئيسيين للسلع الأساسية، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأن المعلومات حساسة.

هذا الوضع يزيد من الضغوط على احتياطياتهم النقدية، خاصة وأن تكاليف الاقتراض لليلة واحدة على العملات المحلية والأجنبية ارتفعت إلى أكثر من 20%، وسط شح في توافر اليوان، العملة الأجنبية الرئيسية في روسيا الآن.

"إدارة المدفوعات أصبحت عملية تستغرق وقتاً طويلاً وتتم يدوياً، حيث تتصل فرق من الموظفين بالبنوك الدولية يومياً لشرح سبب عدم انتهاك المعاملات للعقوبات"، بحسب المسؤولين التنفيذيين. وأضافوا أن "المدفوعات تستغرق أحياناً أكثر من شهر للمعالجة، وسط خطر الرفض المستمر".

التأثير على الاقتصاد

تهدف التدابير الأميركية التي فُرضت في يونيو، إلى تكثيف الضغوط على قدرة الكرملين على تمويل حربه في أوكرانيا، وذلك عبر تعريض البنوك المحلية في البلدان التي تتعامل تجارياً مع روسيا لخطر أكبر من فرض ما يُسمى بالعقوبات الثانوية.

أدى ذلك إلى تأخير وتعطيل المدفوعات من وإلى بلدان مثل الصين وتركيا التي أصبحت شريكة تجارية رئيسية لروسيا منذ فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة الدول السبع قيوداً شاملة رداً على الحرب.

لفتت هذه الظروف انتباه الرئيس فلاديمير بوتين. فقد قال في اجتماع عقده مجلس الأمن الروسي في الرابع من أكتوبر، إن مشكلة المدفوعات عبر الحدود "تمثل أحد التحديات الخطيرة التي نواجهها".

قال دميتري بوليفوي، مدير الاستثمار في شركة "أسترا" لإدارة الأصول ومقرها موسكو: "لقد أثرت مشكلات الدفع منذ فترة طويلة على الاقتصاد من خلال زيادة تكاليف المعاملات وزيادة تقلبات سعر صرف الروبل، مما يؤثر على توقعات التضخم والتضخم نفسه"، وأضاف: "في البداية، واجه المستوردون المزيد من المشكلات، مما دعم الروبل، لكن الصعوبات التي يواجهها المصدرون تهدد بزيادة الضغوط على سعر الصرف".

رفع بنك روسيا المركزي سعر الفائدة الرئيسي إلى 19%، وحذر من زيادة محتملة أخرى هذا الشهر، وسط ضعف الروبل واستمرار التضخم الذي تجاوز ضعف هدفه البالغ 4%. وتنزلق العملة نحو 100 روبل مقابل الدولار، بعد انخفاضها بنحو 8% مقابل الدولار حتى الآن هذا العام.

"تكاليف المعاملات المرتفعة المرتبطة بالقيود المفروضة على المدفوعات عبر الحدود، فضلاً عن القيود المفروضة على البنية التحتية للتصدير" من بين التحديات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الروسي، بحسب تصريحات أليكسي مورداشوف، وهو مليادير يملك شركة صناعة الصلب "سيفيرستال" (Severstal)، في اجتماع لمسؤولين حكوميين ورجال أعمال هذا الأسبوع.

ذكر مورداشوف أن "هذه القضية خطيرة للغاية، والقيود تتزايد. وأود أن أطلب من الحكومة أن توليها اهتماماً وثيقاً".

نقص السيولة 

أقرت شركات تصدير كبرى في بياناتها المالية، بوجود صعوبات في الدفع. فقد قالت شركة "إم إم سي نوريلسك نيكل بي جي إس سي"، أكبر شركة تعدين في روسيا، إن مستحقاتها التجارية وغيرها من الحسابات المستحقة على العملاء زادت بأكثر من 300 مليون دولار في النصف الأول من العام، نتيجة لمشكلات في المدفوعات عبر الحدود.

من جهتها، ذكرت شركة "يونايتد كو روسال إنترناشيونال بي جي إس سي"، أكبر منتج للألمنيوم في روسيا، أن الحسابات المستحقة من أطراف ثالثة قفزت بنسبة 25%، أو 307 ملايين دولار، في نفس الفترة. ورفضت الشركات التعليق على الوضع.

لجأت بعض الشركات الروسية في ردها على القيود الأميركية، إلى نقل تسويات الصفقات، بما في ذلك باليوان، إلى بنوك في دول مجاورة مثل كازاخستان. ولجأت شركات أخرى إلى العملات المشفرة أو حتى اتفاقيات المقايضة للحصول على مستحقاتها.

نتيجة لذلك، خفض كبار المصدرين الروس مبيعاتهم من العملات الأجنبية في روسيا بنسبة 30% في سبتمبر إلى 8.3 مليار دولار فقط، مع اكتساب الروبل دوراً أكبر في التسويات، وفقاً لبيانات البنك المركزي التي نُشرت يوم الثلاثاء.

ساهم ذلك في نقص السيولة من العملات الأجنبية داخل روسيا بما في ذلك اليوان، الذي يعتبره البنك المركزي العملة "الصديقة" الرئيسية، على النقيض من الدولار واليورو "السامَّين".

صرح بوتين الشهر الماضي بأن روسيا حولت جزءاً كبيراً من تجارتها الخارجية إلى الروبل، الذي يمثل الآن 40% من عملياتها الدولية. وتعمل الحكومة على تطوير نظام دفع لاستخدامه داخل مجموعة دول "بريكس"، وقد يتم تقديمه عندما يستضيف بوتين قمة الدول الأعضاء في قازان هذا الشهر.

"إن ما نراه فيما يتعلق بمدفوعات المصدرين هو فترة مؤلمة من التكيف، ولكن إذا لم يحدث أي شيء آخر، فإن الوضع لن يزداد سوءًا. في عام 2023، شهدنا تأخيرات في المدفوعات لشركات النفط، ولكن تم حلها."

أليكس إيساكوف، خبير اقتصادي في روسيا

قال أوليغ كوزمين، الخبير الاقتصادي في "رينيسانس كابيتال" في موسكو، إن الصعوبات المتعلقة بالمدفوعات قد تؤثر على نشاط الاستثمار في روسيا، الذي زاد بنسبة 9% في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 5% أخرى هذا العام. وأضاف: "نتوقع أن تتباطأ معدلات نمو الاستثمار إلى 1.5% في العام المقبل".

لا توجد حلول سريعة في الأفق. وربما يتعين على المصدرين والمستوردين الاستمرار في البحث عن خيارات للدفع خارج روسيا، والاحتفاظ بجزء من أرباحهم في الخارج حتى مع اضطرارهم إلى إعادة بعض الأموال إلى الوطن للامتثال لمتطلبات الحكومة، كما قال دميتري بوليفوي.

تصنيفات

قصص قد تهمك