تداعيات ابتعاد السفن عن البحر الأحمر تمتد عبر العالم

إعادة توجيه السفن زادت زمن العبور 40% للبحر المتوسط من آسيا، و15% إلى شمال أوروبا

time reading iconدقائق القراءة - 13
شاحنات تابعة لشركة الشحن العالمية \"هاباغ لويد\" - المصدر: بلومبرغ
شاحنات تابعة لشركة الشحن العالمية "هاباغ لويد" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لم يكن الأمر يسيراً إلى هذا الحد من قبل لتحميل العالم مثل هذه الأعباء والمصاعب الاقتصادية. أكد ماكسيميليان هيس، المدير بشركة "إنميتينا أدفيزوري" (Enmetena Advisory) لاستشارات المخاطر السياسية ومقرها في لندن، على هذه النقطة الصارخة الأسبوع قبل الماضي.

ففي حديثه في ندوة عبر الإنترنت لمديري سلاسل التوريد، عرض شريحة مصورة لطائرة مسيرة بحرية بحجم قارب الكانوي، وقال إن مثل هذه الأسلحة لديها القدرة على إعادة توجيه التجارة العالمية.

أزمة البحر الأحمر

قال هيس: "لا يوجد مكان يتجلى فيه هذا الأمر بشكل أكثر وضوحاً من الصراع في البحر الأحمر"، في إشارة إلى الهجمات التي تُشن من اليمن على السفن التجارية التي تحاول استخدام قناة السويس.

وبعد مرور نحو ستة أشهر على حملة جماعة الحوثي المتواصلة للاحتجاج على الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن التداعيات الاقتصادية آخذة في الاتساع.

وبينما تبحر السفن حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، فإن جداولها غير المتوقعة تؤدي إلى ازدحام الموانئ الآسيوية الكبرى، مما يحدث نقصاً في الحاويات الفارغة في بعض الأماكن، وتكدسها في أخرى. وأصبحت أوقات التسليم إلى الولايات المتحدة وأوروبا أطول، وأسعار الشحن آخذة في الارتفاع.

يقع اللوم على عوامل عدة منها الطلب القوي على السلع في الولايات المتحدة. لكن أحدث موجة من الاضطرابات التجارية تنبع إلى حد بعيد من عمليات تحويل مسار السفن بعيداً عن البحر الأحمر. ومؤخراً، أشارت حسابات شركة "سي-إنتيليجنس" (Sea-Intelligence) المتخصصة في البيانات والاستشارات البحرية ومقرها في كوبنهاغن، إلى أن إعادة التوجيه أدت إلى زيادة متوسط ​​الحد الأدنى لزمن العبور بنحو 40% إلى البحر المتوسط ​​من آسيا، و15% إلى شمال أوروبا.

الدوران عبر أفريقيا

ويساهم تأثير دوران السفن عبر أفريقيا في طريق عودتها إلى آسيا-والتي تخطت الآن جداولها الزمنية-في اختناقات في موانئ مثل شنغهاي ونينجبو وسنغافورة في الصين. يواجه جبل علي في الإمارات مشكلات الازدحام أيضاً، لقربه من البحر الأحمر، ولأنه مركز رئيسي للشحن العابر للبضائع التي تتحرك عبر دبي عن طريق كل من شركات النقل البحري والجوي.

وأصدرت سنغافورة، موطن ثاني أكبر ميناء للحاويات في العالم، بياناً الأسبوع الماضي أوضحت فيه كيف أنها شهدت زيادةً كبيرةً في عدد الوافدين منذ بداية 2024، مما أدى إلى زيادة 8.8% في أحجام الحاويات في يناير حتى أبريل مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وقالت هيئة الميناء إن فترة انتظار بعض السفن تتراوح بين يومين وثلاثة أيام.

وقال تان هوا جو، محلل سوق الحاويات في "لاينرليتيكا" (Linerlytica)، في رسالة بالبريد الإلكتروني يوم الجمعة: "من المتوقع أن يتفاقم الوضع بسبب الزيادة في وصول السفن خارج الجدول الزمني والاستخدام المرتفع للغاية للأحواض".

وبما أن السفن تقضي وقتاً أطول في المراسي وتواجه رحلات طويلة، فإن مديري سلاسل التوريد الذين يدفعون مقابل هذه الخدمات يشعرون بأنهم مجبرون على تقديم الطلبات مقدماً، مما يثير قلق البعض ويدفعهم إلى شراء أكثر مما قد يحتاجون إليه. وانخفضت حصة سفن الحاويات التي تصل في الوقت المحدد إلى نحو 52%، متراجعة كثيراً عن التحسن الذي شهدته العام الماضي من أدنى مستوياتها في حقبة جائحة كورونا والتي بلغت نحو 30% حتى أوائل عام 2022، بحسب "سي-إنتيليجنس".

بطء شديد في الشحن

يشوب البطء الشديد شحن البضائع المتجهة إلى أوروبا والساحل الشرقي للولايات المتحدة من الصين-لأن معظم السفن على هذه الطرق تتجنب الطريق المختصر عبر قناة السويس.

وعلى جانب الطلب، يضيف الاقتصاد الأميركي قوة جذب كبيرة، كما أظهرت أحجام الواردات عبر ميناء لوس أنجلوس خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام. وتُظهر القراءة المبكرة لأحجام شهر مايو عبر أكثر الموانئ ازدحاماً في الولايات المتحدة أن القوة الدافعة مستمرة، حيث شهدت ثلاثة من الأسابيع الأربعة الماضية مستويات أعلى من مستويات العام السابق.

ويحدث اختلال التوازن بين العرض والطلب قبل شهر على الأقل من ذروة موسم الشحن من يوليو إلى سبتمبر. وذلك عندما يقوم تجار التجزئة بتخزين مبيعات موسم العودة إلى المدارس وعطلات نهاية العام، ويقومون بطلب كميات كبيرة من مورديهم الآسيويين. لم يصل مستوى الذعر إلى مستوى الجائحة بعد، لكن محللين يقولون إن مثل هذا الوضع يحمل في طياته عوامل استمراره عندما تكون المخاطر الجيوسياسية والتهديدات الجمركية منتشرة للغاية.

وقال لارس جنسن، محلل الشحن ومؤسس شركة "فيسبوتشي ماريتايم" ( Vespucci Maritime) ومقرها في كوبنهاغن: "مع بدء المزيد من شركات الشحن موسم الذروة مبكراً، فإنها تواجه نقصاً في القدرات وترفع الأسعار، مما يتسبب في انضمام شركات الشحن الأخرى إلى التدافع المبكر" على الطلب. وأضاف أنها في هذه العملية "تخلق الأزمة التي تأمل في تجنبها".

وارتفعت أسعار الشحن الفورية بشدة على أثر ذلك.

الشحن الجوي

يشهد الشحن الجوي، وسيلة النقل الأكثر تكلفة، أيضاً هذه التأثيرات على طرق محددة مع زيادة الطلب. وقالت ترين نيلسن، المدير الأول ورئيس قسم المحيطات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة التكنولوجيا اللوجستيات "فليكسبورت" (Flexport)، إن هذا يشير إلى أن بعض أصحاب البضائع "يتوقعون أن تستمر الذروة لفترة أطول".

وقال روجير بلوك، مدير تطوير المنتجات في شركة "ورلد إيه سي دي" (WorldACD) ومقرها في أمستردام، إن معدلات الشحن الجوي من الخليج العربي وجنوب آسيا إلى أوروبا ارتفعت 80% تقريباً في مايو مقارنة بالعام السابق. وكان هذا ارتفاعاً هائلاً إذا ما قورن بمتوسط ​​الزيادة العالمية في المعدلات البالغ نحو 3% خلال الفترة نفسها.

أزمة الشحن البحري تنعش النقل الجوي وسط ابتعاد السفن عن البحر الأحمر

ولا يمكن لأحد أن يخمن كم من الوقت سيستغرق النظام المترابط للعودة إلى التوازن، وفق رولف هابن يانسن، الرئيس التنفيذي لشركة "هاباغ لويد" (Hapag-Lloyd)، ومقرها في ألمانيا، وهي خامس أكبر شركة نقل للحاويات في العالم.

وقال في مقابلة الأسبوع الماضي مع "تلفزيون بلومبرغ": "قد يستمر الأمر لشهرين آخرين إذا لم يتحسن الوضع في البحر الأحمر".

تصنيفات

قصص قد تهمك