استعراض قوة إيران في البحر الأحمر يفاقم مخاوف تعطل التجارة

المدمرة التي أرسلتها طهران هدفها الدعاية الإعلامية لكن الدخول في مواجهة حربية مباشرة مع واشنطن وحلفائها "أمر مستبعد"

time reading iconدقائق القراءة - 17
صورة جوية توثق لحظة اختطاف سفينة غالاكسي في البحر الأحمر  - المصدر: بلومبرغ
صورة جوية توثق لحظة اختطاف سفينة غالاكسي في البحر الأحمر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يعد إرسال إيران سفينة حربية إلى البحر الأحمر أكثر خطواتها جرأةً حتى الآن لتحدي القوات الأميركية في ممر التجارة الرئيسي، حيث تعطي هذه الخطوة دفعة للمسلحين الحوثيين الذين عطلت صواريخهم سفن الشحن خلال الشهرين الماضيين.

على الأرجح لن ترغب طهران في الدخول بمواجهة حربية مباشرة؛ فسفنها الحربية المتهالكة لا تضاهي قوة فرقة العمل البحرية التي تقودها الولايات المتحدة وتقوم بدوريات في المياه قبالة اليمن، لكنها تنقل حدود القوة الإيرانية في المنطقة إلى مستوى آخر. ويثير ذلك التوترات بصفة خاصة بعدما بدأ الحوثيون في مهاجمة السفن التي زعموا أنها متجهة إلى إسرائيل أو تابعة لشركات في إسرائيل في محاولةٍ لإنهاء الهجوم العسكري على غزة.

رفضت إيران دعوات من الدول الغربية للضغط على جماعة الحوثي لإنهاء هجماتها في البحر الأحمر. ولم تكن بعض السفن التي استهدفها المتمردون مؤخراً على صلة واضحة بإسرائيل، وفقاً لكيفين ليم، المحلل في "إس آند بي غلوبال ماركت إنتلجنس" (S&P Global Market Intelligence) المقيم في تل أبيب. ويشمل ذلك هجوماً على سفينة حاويات تابعة لشركة "إيه بي مولر-ميرسك" (AP Moller-Maersk A/S)، بعدما قالت الدنمارك إنها ستنضم إلى فرقة العمل الحربية.

قال ليم: "إنهم لا يظهرون أي استعداد لخفض التصعيد، لذلك يُحتمل أن نشهد استهدافاً متزايداً للأصول التجارية والسفن البحرية الأميركية في المستقبل".

تهديد كبير لسفن الشحن

نتيجة لهجمات جماعة الحوثي، رفضت بعض أكبر شركات الشحن في العالم عبور سفنها قناة السويس، ما يعقد التدفقات بين أوروبا وآسيا، ويجبر بعض السفن على اتخاذ طريق أكثر تكلفة حول رأس الرجاء الصالح. وأعلنت كل من "ميرسك" التي يقع مقرها في كوبنهاغن و شركة "هاباغ-لويد" (Hapag-Lloyd AG) الألمانية يوم الثلاثاء عن مواصلة تجنبهما المرور عبر البحر الأحمر.

وفي مؤشر على مدى خطورة الوضع، أعلن مجلس الأمن الدولي عن خطط لعقد اجتماع طارئ بشأن التوترات الراهنة في البحر الأحمر يوم الأربعاء. حيث تشكل الهجمات "تهديداً خطيراً للتجارة الدولية والأمن البحري"، بحسب ما قاله المتحدث باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيت إيفانز، في بيان.

أطلق الحوثيون مساء الثلاثاء، صاروخين باليستيين مضادين للسفن من اليمن على جنوب البحر الأحمر، حسبما ذكرت القيادة المركزية الأميركية في منشور على منصة "إكس" (X) ، المعروفة بـ"تويتر" سابقاً.

أشارت الولايات المتحدة إلى أن عدة سفن تجارية أبلغت عن تضررها من الصواريخ في المياه المحيطة، على الرغم من عدم إبلاغ أي منها عن وقوع خسائر. وأضافت أن هذا هو الهجوم رقم 24 في جنوب البحر الأحمر منذ 19 نوفمبر الماضي.

تعطيل التجارة العالمية

"هناك خطر حقيقي من التصعيد، وقد رأينا ذلك يتضح بالفعل خلال الأيام القليلة الماضية". لقد أوضح الحوثيون أنهم لا يخشون تنفيذ تهديداتهم" حسبما قالت دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري منطقة الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، التي تقيم في لندن، في إشارةٍ إلى مقتل 10 مقاتلين حوثيين في تبادل مع البحرية الأميركية يوم الأحد.

من جانبه، انتقد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم الاثنين، ما وصفه بـ"المعايير المزدوجة" للغرب بشأن غزة، متهماً الولايات المتحدة وحلفاءها باهتمامهم أكثر بتعطيل التجارة العالمية أكثر من اكتراثهم لحياة المدنيين الذين يقتلون جراء القصف الإسرائيلي للقطاع الفلسطيني. وتشير إسرائيل إلى أن هدفها الأساسي هو القضاء على حركة "حماس" التي شنت هجوماً مفاجئاً في 7 أكتوبر وتصنفها الولايات المتحدة على أنها جماعة إرهابية.

جاءت تصريحات أمير عبد اللهيان بعد اجتماع مع محمد عبد السلام، أحد أبرز الشخصيات القيادية في جماعة الحوثي، وبعد محادثات عقدها مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، يوم الأحد، حيث أبلغه أنه على طهران الحد من هجوم المتمردين.

وقال أمير عبد اللهيان: "ستواصل إيران دعم إرادة ورغبة الشعب اليمني".

استعراض قوة إيران

من جهته قال جويل رايبورن، الدبلوماسي الأميركي السابق والقائد العسكري، إن القيادة الإيرانية اختارت اتخاذ خطوات جريئة ضد إسرائيل والولايات المتحدة، بما في ذلك الهجمات في البحر الأحمر، كجزء من استراتيجية لاستعراض قوتها في المنطقة.

مع ذلك، قد تكون إيران مترددة حول الدخول في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة، خاصة بعدما سمحت مرونة تنفيذ واشنطن للعقوبات لطهران بتعزيز صادراتها النفطية.

تعليقاً على ذلك، قال رياض قهوجي، رئيس مركز الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري الذي يقع مقره في دبي: "الغرض من المدمرة الإيرانية هو عمل دعاية إعلامية وحسب، حيث تستهدف جمهوراً محلياً وإقليمياً، وتظهر إيران كقوة إقليمية قادرة على نشر أسطول بحري لتحدي الولايات المتحدة"، لكن يُستبعد أن تواجه هذه المدمرة السفن الحربية الغربية في المنطقة لأن طهران لا تريد الدخول في أي حرب مباشرة مع الولايات المتحدة".

احتمالات ارتفاع أسعار النفط

تقدم تحركات إيران في البحر الأحمر تذكيراً بنقطة اختناق حيوية أخرى هددت طهران منذ فترة طويلة بتعطيلها إذا تعرضت مصالحها للخطر، وهي: "مضيق هرمز" الذي يربط الخليج العربي بأسواق النفط الدولية. ويشير التجار إلى أن ذلك سيشكل تهديداً أكبر.

قد يؤدي إغلاق مضيق هرمز إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 20% في غضون شهر وربما أعلى بعد ذلك، وفقاً لكالوم بروس، المحلل في بنك "غولدمان ساكس" والمقيم في لندن. مُشيراً إلى أن هذا السيناريو مستبعد؛ لأنه من المحتمل أن يؤدي إلى رد فعل عالمي أكثر حدة.

مع ذلك، يشعر الحوثيون بالجرأة، ويستفيدون من الدعم الشعبي العربي الأكبر منذ الهجمات الإسرائيلية على غزة، وفقاً لاسفندياري. التي اختتمت حديثها قائلة: "إذا خرج الانتقام عن السيطرة ورفض كل جانب الالتزام بالخطوط الحمراء للطرف الآخر؛ سيؤول بنا الأمر إلى حرب كارثية".

تصنيفات

قصص قد تهمك