الشرق
تستمر مخاوف تأثير تركز سلاسل الإمداد وسياسة الحمائية على حركة التجارة ونمو الاقتصاد العالمي، وهو ما دفع بمسؤولين اقتصاديين إلى الدعوة لإنهاء "الشرذمة التجارية"، وإعادة صياغة العولمة، لإضافة الدول النامية إلى سلاسل الإنتاج والتوريد.
هذه الدعوات كانت حاضرة في فعاليات الاجتماعات السنوية المشتركة بين صندوق النقد والبنك الدوليين والمقامة في مراكش بالمغرب، إذ طالبت نغوزي أوكونجو إيويالا المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية إلى تنويع سلاسل الإمداد وتوسيع مناطق الإنتاج لتشمل الدول النامية أيضاً، مشيرةً إلى أن الأزمات التي مررنا ولا نزال نمر بها، أظهرت مدى هشاشة سلاسل الإمداد العالمية.
نغوزي قالت في ندوة، إن ضعف التجارة العالمية يأتي من التركيز المفرط على عدد محدود من سلاسل الإمداد، وتركّز الإنتاج في مناطق جغرافية من العالم، مضيفةً أن تنويع سلاسل الإمداد ومناطق الإنتاج بات ضرورياً من أجل العودة بالتجارة العالمية إلى المسار الجيد. قالت: "الاقتصادات النامية يحق لها المشاركة في الإنتاج وسلاسل الإمداد".
إفساح المجال أمام أفريقيا
وبخصوص القارة الأفريقية، قالت نغوزي إن القارة رغم امتلاكها وفرةً من الموارد الطبيعية والبشرية، إلا أن حجم مشاركتها في التجارة العالمية لا يتجاوز 3%، ودعت الدول الأفريقية إلى استغلال مواردها والطاقة الشبابية الهائلة لديها لرفع الإنتاجية والحد من الهجرة غير الشرعية.
حددت نغوزي عوائق أمام دول القارة يجب إزاحتها لتتمكن من رفع حصتها في التجارة العالمية، وطالبت بمساعدة الدول الأفريقية للتخلص من ديونها لتتمكن من التركيز على الصحة والتعليم. أضافت نغوزي أن على دول القارة رفع قيمة منتجاتها وإزالة الحواجز لممارسة التجارة البينية بشكل أفضل.
عبرت نغوزي أيضاً عن قلقها من سياسة الحمائية وعزلة الدول، مشيرةً إلى أن هذه السياسة تقوّض عمل المنظمة والمؤسسات الدولية، وتفاقم من تحديات الاقتصاد العالمي.
كانت منظمة التجارة قد توقعت في تقريرها الصادر في أكتوبر، تباطؤ نمو التجارة العالمية بنسبة 0.8% خلال 2023، وهي أقل من نصف الزيادة التي توقعتها في أبريل الماضي والتي بلغت حينها 1.7%.
ولكن المنظمة حافظت على توقعاتها للعام المقبل، متوقعة نمواً بنسبة 3.3%، من دون تغيير عن التقرير السابق.
اقرأ أيضاً: "التجارة العالمية" تعيد تخفيض توقعاتها لنمو البضائع في 2023
مزيد من القيود
في نفس الاتجاه دعت جيتا جوبيناث نائبة مديرة صندوق النقد إلى رأب الصدع الناتج عن التوترات الجيوسياسية والشرذمة، مشيرةً إلى أن عام 2022 شهد وضع 3 آلاف من القيود الجديدة على التجارة العالمية، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف عددها في عام 2019.
وفي هذا السياق، قال كولمان نيي الاقتصادي الأول في منظمة التجارة العالمية في مقابلة سابقة مع "الشرق"، إنه من أجل العودة إلى النشاط القوي الذي كانت عليه التجارة العالمية في التسعينيات من العام الماضي وأوائل الألفية، يتعين علينا العودة إلى تحرير التجارة العالمية، ليس بالنموذج القائم الآن، ولكن عبر توسيعها لتشمل بلاداً وقطاعات جديدة.
في المقابل قال رالف أوسّا، كبير الاقتصاديين في منظمة التجارة العالمية، في مقابلة مع "الشرق" إنه على الرغم من السردية الجديدة التي تقول إن العولمة تتراجع، وإن التجارة اليوم تُمثل المشكلة في ما يتعلق بالاستدامة والسلم والأمن على مستوى العالم؛ فإن أرقام التدفقات التجارية العالمية، لا سيما أرقام التجارة القياسية بين الولايات المتحدة والصين خلال العام الماضي، تؤكد أنه لا يوجد تراجع واسع النطاق للعولمة. رغم ذلك أشار إلى ظهور بعض العلامات التي تدل على التشتت والانفصال في السياسات التجارية.