بلومبرغ
مثل معظم وكلاء السفر، أمضت سارة فازيندن معظم أوقاتها خلال العام الماضي في إلغاء رحلات العملاء. وكانت مالكة شركة "فيدير ترافيل" (Videre Travel)، وهي وكالة سفر في دنفر بولاية كولورادو متخصصة في عطلات الأسر الراقية، تكرس معظم عملها لضمان إعادة الأموال المدفوعة من قبل العملاء، والقسائم المدفوعة مسبقاً، إلى جانب تحضير وإعداد الملفات اللازمة لمطالبات التأمين على السفر.
لم يكن ذلك أسوأ ما في الأمر، إذ تقول فازيندن: "عندما تعيد شركة طيران الأموال إلى عميل ما، فإنها تسترجع أيضاً العمولة التي نكون قد حصلنا عليها. لذلك، كنت أعمل على مدار الساعة، وأراقب إيراداتي كيف تتبخر كلياً بعدما كانت تحطم الأرقام القياسية". هذه القصة شائعة، فقد أشارت شركة الأبحاث "فوكوسرايت" (Phocuswright) إلى أن كل وكلاء السفر، سجلوا خسائر بقيمة 12.4 مليار دولار في عام 2020.
ربما تكون وكالة السفر، إحدى أكثر المجموعات المهنية التي يساء فهمها في كل مكان. ففي عالم اليوم، من منا يحتاج إلى مثل هذه الوكالات في ظل توافر هذا الكم الهائل من المعلومات وأدوات التخطيط الرقمية التي تساعدك على القيام بأي شيء بنفسك (Do it yourself) من دون مساعدة من أحد؟
لكن في ظل بروتوكولات اختبار كوفيد-19 سريعة التغيير، والقيود الحدودية، وتغير جداول الرحلات الجوية، وندرة السيارات المستأجرة، وغرف الفنادق المحدودة، يلجأ حتى أكثر المسافرين ثقة إلى الخبراء للحصول على المساعدة.
تأمل في وضع هوبي ساروخانوف. فقد اعتادت مديرة جذب المواهب في شركة "نتفلكس"، ومقرها لوس أنجلوس، التي تبلغ من العمر 39 عاماً، وضع خط سير لعطلاتها الخاصة حتى تشعر بالحماسة تجاه الرحلة. لكنها واجهت صعوبات في اختيار وجهة لقضاء إجازة على الشاطئ هذا العام مع زوجها ووالدتها الحاصلين على اللقاح، بسبب تقادم المعلومات المتاحة وتضاربها. ومن ثم، أخذت بنصيحة أحد الأصدقاء وتواصلت مع مستشار للسفر بدلاً عن ذلك.
بناءً على توصية من جوش غيلر في شركة "إمبارك بيوند" (Embark Beyond) في نيويورك، انطلقت ساروخانوف وعائلتها إلى بولينيزيا الفرنسية، وهي منطقة ذات سجل حافل ببروتوكولات السلامة ضد كوفيد. لقد تولى غيلر مسألة الحصول على الأوراق الخاصة بعبور الحدود وتتبع اختبارات كوفيد الأربعة التي طُلب منهم إجراؤها خلال الرحلة.
تقول ساروخانوف: "هذه الإجراءات كان يشوبها كثير من عدم اليقين، لدرجة أنني أوشكت على اختيار البقاء في المنزل". وتضيف: "من قبل، لم أكن أرى فائدة من التعاون مع مستشار سفر سوى توفير الوقت تقريباً، لكن جوش سهّل علينا الأمور المُرهقة، مثل حجز الرحلات الجوية والتنقلات وحجز المنتجع والأوراق، حتى نتمكن من التركيز على الأمور الممتعة".
عمولات الفنادق أهم مصادر الدخل
نظراً لأنهم يحققون معظم أرباحهم من عمولات الفنادق، فإن مستشاري السفر المتميزين يمكنهم تقاضي ما لا يقل عن 100 دولار، والبعض الآخر لا يتقاضى رسوماً على الإطلاق. وهذه القيمة يمكن أن ترتفع إلى مبلغ مكون من أربعة أرقام، اعتماداً على العمل المدرج في كل رحلة.
في كثير من الحالات، يمكن تطبيق التكلفة على إجمالي الرحلة، وحتى عندما لا يكون الأمر كذلك، فإنه من السهل تعويضها من خلال خصومات متفاوض عليها بشكل خاص على غرف الفنادق ورحلات الطيران والامتيازات المضافة، مثل الترقيات المجانية ووجبات الإفطار المجانية. (الجدير بالذكر أن هذه الامتيازات تُمنح فقط لمن يتبع الشركات التي تحجز بأعداد كبيرة- خصومات جماعية إن صح التعبير- وبالتالي، لا يمكنك أن تحصل على صفقات كتلك التي يحصلون عليها، حتى لو حاولت ذلك). وعند إضافة المكافآت التي تحصل عليها مواقع مثل "إكسبيديا غروب" (Expedia Group) وغيرها عندما تعرض عليك حجوزات غير قابلة للإلغاء ورد الأموال، فإن الفائدة المالية لمستشار السفر تصبح أكبر.
تراكم الطلبات الجديدة
يمكن للوكلاء المتميزين تسريع إجراءات عملائهم، كما في المطارات مثلا، أو من خلال تسريع عملية تجديد جوازات السفر الأمريكية، خصوصاً مع تراكم الطلبات خلال الفترة الأخيرة والذي أدى إلى إطالة متوسط وقت الانتظار من بضعة أسابيع إلى أشهر عدة.
كذلك، فإن معظم وكلاء السفر لديهم الدعم اللازم على مدار 24 ساعة ولسبعة أيام في الأسبوع، لحل أي مشكلة يمكن أن يواجهها العميل في حالة إلغاء الرحلات أو فقدان الأمتعة.
إلى ذلك، تمتلك بعض وكالات السفر، ومن بينها "إمبارك بيوند"، مكاتب وخطوط ساخنة لمتابعة ورصد أي تغيير في المتطلبات المتعلقة بكوفيد للدخول إلى كل بلد، وذلك بشكل يومي مع إبلاغ العملاء الذين أقدموا على الحجز بشأن أي تغييرات تتعلق بهذا الأمر، من دون أن ننسى قيام العديد من وكالات السفر بتنسيق زيارات منزلية لإجراء مسحات كوفيد من أجل السفر، وإخضاع أولئك العائدين إلى الولايات المتحدة لاختبارات كوفيد في الخارج.
يلاحظ المسافرون كل هذه الأمور، وهذا أسهم في زيادة معدلات استقطاب عملاء جدد إلى "إمبارك بيوند" بنسبة 325% خلال الفترة ما بين مارس ويونيو من عام 2021، كما أن الشركة تعمل بانتظام مع حوالي 2,875 عميلاً كعدد إجمالي، مع الإشارة إلى أن 65% تقريباً من عملائها الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً، لم يتعاملوا مع مستشار سفر من قبل.
بحسب استطلاع للرأي أجرته الجمعية الأمريكية لمستشاري السفر في يونيو، فإن 76% من مستشاري السفر يشهدون زيادة في عدد العملاء مقارنة بمستويات ما قبل الوباء، في حين أن 81% من المستشارين يعملون مع مسافرين لم يتعاملوا من قبل مع أي مستشار على الإطلاق.
لم تلجأ فابيان ديمارتينو البالغة من العمر59 عاماً، وهي مستشارة مبيعات تنفيذية في لوس أنجلوس، إلى وكيل سفر منذ عقد من الزمان. لكنها تقول إنها لم تكن لتخطط أبداً لرحلة عائلية مدتها 12 يوماً إلى إيطاليا في أواخر يونيو لولا جون كليفورد، وهو المؤسس وكبير مصممي السفر في "إنترناشونال ترافيل مانجمنت" (International Travel Management). لم يتلق أي من أقاربها لقاحاً ضد كورونا، وهو ما زاد من تعقيدات السفر، غير أن كليفورد أبقاها على اطلاع دائم بالتغييرات، وخصص وقتاً إضافياً لملء الأوراق المطلوبة، وبالتالي استطاعت العائلة اللحاق بالرحلات المتصلة.
تقول ديمارتينو: "أنا أعمل ولا أملك الوقت لمتابعة القواعد، وبالتالي إذا سافرت مرة أخرى في المستقبل، فسوف ألجأ إلى مشورة مستشار السفر".
مع ذلك، هناك حدود لسلطات مستشاري السفر، إذ يقول بيتر بيتس، مؤسس شركة "ستراتيجيك فيجن" (Strategic Vision)، وهي شركة اتصالات تسويقية في نيويورك تستهدف السياحة والضيافة: "مع بقاء العديد من البلدان خارج الحدود، فإن العالم يبدو وكأنه صغير جداً، واللائحة صغيرة للغاية". ويضيف بيتس: "المسافرون الذين يجرون حجوزات سريعة، وخلال مهلة قصيرة، لا يتسببون سوى في تفاقم المشكلة".
عن ذلك، يقول غيلر، من "إمبارك بيوند"، إنه كان لديه عملاء يتواصلون معه قبل 24 ساعة من طلب الإقامة في مزرعة فاخرة، والتي يتم حجزها بالكامل تقريباً خلال الصيف. كان يتعين عليه حينها استخدام نفوذه للحصول على الغرف ومراقبة مدى توافر الغرف المطلوبة في العقارات الأقل شهرة، بعيداً عن المسار المألوف.
وتقول كاري غراي، مؤسسة وكالة السفر الفاخرة النشطة "غراي آند كو" (Gray & Co.) في سانتا مونيكا بكاليفورنيا، إن النقص في العمالة الموسمية والابتعاد عن قطاع الخدمات، زادا من صعوبة تقديم المستوى ذاته من الخدمات التي اعتاد عليها العملاء. ففي أحد نُزل مونتانا الفاخرة التي زارتها مؤخراً، على سبيل المثال، كان الطعام المخصص للضيوف ينفد من المطبخ.
يحاول بقية العالم اللحاق بالولايات المتحدة في ما يتعلق بتخفيف قواعد كوفيد، لكن بلداناً عديدة لا تزال بحاجة إلى ارتداء الأقنعة الطبية وفرض حظر تجوال وحظر الحفلات الموسيقية الحية في الحانات وتقليص الطاقة الاستيعابية في المتاحف والمطاعم.
مع ذلك، فإن المجهود الإضافي المبذول في التخطيط للسفر بعد الجائحة، شجع بعض الوكلاء على فرض رسوم أعلى مقابل خدماتهم. فعلى سبيل المثال، فازيندن، التي كانت تعتمد على العمولات فقط قبل عام 2020، أصبحت تتقاضى الآن رسوم تخطيط تبدأ من 350 دولاراً. وتحول نشاطها التجاري من التخطيط لرحلات الأحلام النادرة إلى ماتشو بيتشو في بيرو، إلى حجز كثير من عطلات نهاية الأسبوع الطويلة في المكسيك أو هاواي.
كذلك، رفع غيلر الرسوم التي يتقاضها نظير التخطيط للرحلات من 500 دولار إلى 1000 دولار في شهر فبراير. وتبنى منطقاً أساسياً مفاده أن "الناس يشعرون بسعادة غامرة نظير الدفع مقابل المعرفة وراحة البال".
هل تحتاج حقاً إلى توظيف خبير؟
قمنا بتجميع اختبار من 10 أسئلة لنرى ما هي نتائجك على مقياس "أنا بحاجة إلى خبير". أعطِ نفسك نقطة واحدة لكل سؤال تجيب عنه بالإيجاب.
- هل تسافر خارج حدود بلدك؟
- هل ستكون هناك أي رحلات متصلة؟
- هل من المهم حقاً الحصول على امتيازات مثل المغادرة المتأخرة أو حجوزات المطاعم أو الوصول الخاص إلى المتاحف؟
- هل يعاني أي شخص في المجموعة التي تسافر معك من الحساسية أو أي احتياجات خاصة أخرى؟
- هل هناك أي شخص ضمن المجموعة المسافرة لم يتلق اللقاح؟
- هل ستذهب إلى مكان لا تتحدث فيه اللغة الأم لهذا المكان؟
- هل تخطط للذهاب إلى مواقع لا تتمتع خدمة الإنترنت أو الهاتف فيها بالاستقرار؟
- هل تسافر مع مجموعة كبيرة من الأفراد؟
- هل تفضل تجربة السفر الثقافي على عطلة تركز على المنتجعات؟
- هل هذه الرحلة منظمة في اللحظة الأخيرة؟
النتائج
0–2: يمكنك فعل ذلك
تتوافر صفقات الفنادق والرحلات الجوية المنظمة في اللحظة الأخيرة لدى شركة "إكسبيديا" ومواقع الحجوزات الأخرى. لكن احذر من سياسات الإلغاء المعقدة، فإذا لم تسِر الأمور على النحو المخطط له، فقد تواجه أوقاتاً عصيبة لحين الوصول إلى شخص ما لمساعدتك.
3–6: اعثر على خبير
حتى لو كنت لا ترغب في الإنفاق كثيراً، فإن الخبير العام الذي ينتمي إلى مجموعة سفر كبيرة -"فيرتوسو" (Virtuoso) على سبيل المثال- بإمكانه الحصول على ميزات في الفنادق، وإطلاعك على أي قواعد متغيرة لكوفيد، ومساعدتك في حال حدوث تعقيدات.
7+: احصل على متخصص
مخططو الرحلات القائمة على أساس الوجهة، مثل خبيرة السفر ويندي بيرين التي اختبرت بدقة كل الأفراد المندرجين ضمن قائمتها "واو" (Wow List)، يتمتعون بعلاقات جيدة بشكل استثنائي، ويمكنهم فتح الأبواب أمام تجارب السفر لكبار الشخصيات (كالوصول خلف الكواليس إلى متحف اللوفر، على سبيل المثال)، مع خدمات متاحة مدار الساعة وفي أي يوم.