مستقبل لامع ينتظر "المدير المحترف" في الصين

time reading iconدقائق القراءة - 11
رسم توضيحي من إعداد دافني غايسلر - المصدر: بلومبرغ
رسم توضيحي من إعداد دافني غايسلر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بشَّرت عملية التحوُّل المدفوعة بالبيانات التي قادها ألفرد سلون في شركة "جنرال موتورز" خلال النصف الأول من القرن العشرين ببدء عصر "المدير المحترف". منذ ذلك الحين، ساد الاعتقاد لدى العديد من الشركات الضخمة حول العالم أنَّ المدير التنفيذي الحاصل على تدريب أكاديمي- الذي غالباً يكون حاملاً لشهادة ماجستير في إدارة الأعمال، وصاحب خبرة محدودة في المجال الذي يتمُّ تكليفه بالإشراف عليه- هو قادر في الواقع على قيادة الشركات، وتشخيص التحديات، وإنشاء مسار جديد، من أجل إعادة إحياء حتى أكثر المؤسسات تعقيداً.

لكن الشركات في الصين لا تبحث عادة عن أشخاص من الخارج لملء الشواغر في المناصب التنفيذية. كما أنَّ الشركات الكبرى المملوكة من الدولة، التي ما تزال تسيطر على الجزء الأكبر من الاقتصاد، تختار غالباً مديرين من داخلها للمناصب التنفيذية، على أن يحظوا بقبول المسؤولين الحكوميين، وكوادر الحزب الشيوعي، الذين تعود إليهم الكلمة الفصل غالباً.

وعلى الرغم من وجود العديد من الشركات الخاصة الناجحة في الصين، إلا أنَّ جزءاً كبيراً منها يديره أشخاص مقرَّبون من المؤسسين، بينهم أبناء الجيل المقبل من العائلة المالكة. وبالتالي؛ فإنَّ عدد المديرين أصحاب الخبرة الذين ظهروا في الصين، ممن حصلوا على نوع التدريب المخصَّص للشركات السائدة في الغرب -كما هي الحال في شركة "بيبسي"، أو "مارس" على سبيل المثال- هو أقل بكثير. فالصين، وعلى الرغم من تصنيفها كثاني أكبر اقتصاد في العالم، ما تزال سوقاً لمواهب المديرين المحترفين فيها في مرحلة النشوء.

تعليقاً على ذلك، يقول جو نغاي، الشريك الإداري في شركة "ماكنزي" (McKinsey Greater China)، والمقيم في هونغ كونغ، إنَّ "الصين بَنَت مواهب عظيمة في ريادة الأعمال، ويعني ذلك الأشخاص القادرين على بناء شركات من الصفر". لكنَّه يضيف أنَّ "الأصعب هو إيجاد مواهب ذات قدرة تحويلية في طبيعتها، تقود شركة مبنية أصلاً نحو مستوى جديد".

دور الشركات الاستشارية

هنا يأتي دور الشركات الاستشارية. إذ تقدِّم "ماكنزي" بشكل خاص أرضية خصبة للشركات التي بدأت تبحث عن مواهب خارجية في الصين للمرة الأولى. فمارتين لاو، رئيس شركة "تينسنت القابضة" العملاقة في مجال الإنترنت، سبق أن عمل لفترة في "ماكنزي"، وكذلك فعل ديفيد لين، نائب الرئيس الأعلى في الشركة لشؤون التطوير الاستراتيجي.

كذلك، يتولى موظفون سابقون في "ماكنزي" مناصب عليا في العديد من الشركات متعددة الجنسيات، مثل "ولمارت–الصين"، بينهم الرئيسة التنفيذية كريستينا تشو، والمديرة التجارية لشؤون الصين في "سامز كلوب" (Sam’s Club) تينا تشانغ. ومن بين المديرين الآخرين البارزين الذين سبق وتتلمذوا في "ماكنزي"، نذكر إيفان غوو، المدير التنفيذي لمنصة (Zhaopin) للتوظيف عبر الإنترنت، وجسيكا تان، المديرة التنفيذية لمجموعة "بينغ آن" (Ping An) التأمينية في الصين، وجوي وات، الرئيس التنفيذي لشركة "يم تشاينا" القابضة، وغيرهم.

قدَّمت الشركات الاستشارية المنافسة هي الأخرى عدة مواهب انتقلت إلى إدارة شركات صينية في طور النموّ والتقدُّم. فستيفان تشو، الموظف السابق في مجموعة "بوسطن للاستشارات" يشغل حالياً منصب المسؤول عن الاستراتيجية، وأسواق رأس المال، والتجارة الدولية في شركة "ديدي غلوبال" المتخصصة بمنصات نقل الركاب، التي تتعرَّض اليوم إلى الملاحقة من الحكومة الصينية إثر صدور قواعد جديدة حيال طريقة التعامل مع البيانات. (lh) كانت شركة خدمات الموارد البشرية الصينية (51Job) قد وافقت على أن تُباع في يناير الماضي إلى مجموعة استثمارية تضمُّ الرئيس التنفيذي ريك يان، الذي كان يعمل في السابق في شركة "باين آند كو" (Bain & Co).

وفي حين تحقِّق الشركات الصينية المزيد من النمو، قد يرتفع الطلب على المديرين التنفيذيين من أصحاب الخبرات الاستشارية، بحسب ما تقوله ليندا تشانغ، الشريكة في شركة توظيف المديرين التنفيذيين الدولية "هايدريك آند ستراغلز"، المقيمة في شانغهاي. وتضيف:

حين تحقق الشركات المحلية نمواً بمستوى محدد، يتعين عليها أن ترفع قدراتها لتتمكن من الانتقال إلى المستوى التالي من النمو.

يجيد المديرون من أصحاب الخلفية الاستشارية التفكير الاستراتيجي، كما يحسِّنون إدارة الشركات ذات النمو المرتفع، ما إنْ تبدأ بالنضوج، وهذا ما يحظى بتقدير وكلاء التوظيف وزبائنهم أيضاً، بما أنَّ هذه النقطة تشكِّل مصدر قلق للعديد من الشركات الصينية التي انتقلت بسرعة من مرحلة الشركات الناشئة.

في هذا الصدد، قالت أوليفيا ليانغ، المديرة التنفيذية في الشركة البحوث والاستشارات في مجال القيادة "راسل رينولدز أسوشياتس" (Russell Reynolds Associates) في شانغهاي: "لا يمكنك الاعتماد فقط على العمل بجهد وبتصميم.. هنا يكتسب نوع التفكير الإطاري المعتمد في ماكنزي، والشركات المشابهة أهميته".

وفي حين يزيد الإقبال على المديرين المحترفين في الصين، يبدو أنَّ شعبيتهم تنحسر في الولايات المتحدة، إذ تركِّز الشركات الأمريكية بحثها عن مهارات ريادة الأعمال المصقولة في وادي السليكون، أكثر من المواهب التي خضعت للتدريب في مجال الشركات.

في هذا الإطار، لا يقف وكلاء التوظيف في الصين الذين يبحثون عن مديرين تنفيذيين واعدين بعيداً عن نظرائهم الأمريكيين. فالكثير من الشركات غير التكنولوجية في الصين بدأت تبحث عن مديرين تنفيذيين من أصحاب الخبرة في التجارة الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي، بحسب نيل موريسون، الشريك الإداري في شركة "بويدن" المتخصصة بالتوظيف في المناصب التنفيذية، والمقيم في هونغ كونغ، خصوصاً بعد أن أجبر الوباء العديد من الشركات على التحوُّل بشكل أكبر نحو الرقمنة. يقول موريسون: "علي بابا، جيه دي، تينسنت، وهذا النوع من الشركات يزداد أهمية، وهي تضمُّ الكثير من المواهب الرائعة".

تصنيفات

قصص قد تهمك