مأزق صناع الوجبات الخفيفة هو استمرار المنتجات الرائجة مع إزالة الأصباغ

"بيبسيكو" صممت رقائق بطاطا حارة بلا ألوان صناعية .. لكن تعديل "دوريتوس" الأصلية ليس مهمةً سهلة

time reading iconدقائق القراءة - 10
رقائق بطاطس 'رفلز فليمن هوت' إلى جانب رقائق 'سيمبلي رفلز هوت آند سبايسي' الخالية من الأصبغة الصناعية - بلومبرغ
رقائق بطاطس 'رفلز فليمن هوت' إلى جانب رقائق 'سيمبلي رفلز هوت آند سبايسي' الخالية من الأصبغة الصناعية - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

إن لم يكن لون رقائق البطاطا ظاهر الاحمرار هل يعرف الناس أنها حارة؟ يكمن هذا السؤال في صلب جهود امتدت لسنة كاملة قادتها فرق الابتكار التسويقي والبحوث والتطوير واستشراف توجهات المستهلكين في شركة "بيبسيكو" بهدف ابتكار نوع جديد من التوابل، أفضت في النهاية إلى رقائق بطاطس "سيمبلي رفلز هوت آند سبايسي" (Simply Ruffles Hot& Spicy) الحارة التي طُرحت في أسواق أميركا الشمالية في 3 مارس. 

بدل اللون الأحمر الملتهب، تأتي رقائق البطاطس هذه بلون مائل إلى البرتقالي المنقّط بالتوابل، لكن إذا ما قارناها برقائق بطاطس "رفلز فليمين هوتس" (Ruffles Flamin’ Hots) الشهيرة، سيبدو لونها باهتاً. ومع ذلك، تلسع هذه البطاطس الفم بمذاق حار يتزايد عند مضغها ويستمر بعد ابتلاعها، على عكس "فليمين هوتس" التي تفاجئك بطعمها الحار فور ملامستها لسانك.

 لكن المظهر لا يقل أهمية عن النكهة، إذ تستمد " فليمين هوتس" لونها الأحمر الساطع من صباغين صناعيين مثيرين للجدل، رغم قانونيتهما، الأحمر رقم 40 والأصفر رقم 6. أما الرقائق الجديدة، فتعتمد على مسحوق الطماطم والفلفل الأحمر الحار.

مخاطر صحية

قال نائب رئيس "بيبسيكو" لشؤون الأبحاث والتطوير للمكونات الغذائية إيان بوديفات: "كان باستطاعتنا جعلها أشد حُمرةً"، لكن الشركة طلبت ألا نفعل ذلك لأن اللون الأفتح يوصل رسالة للمستهلك بأن رقائق البطاطا حارة، ولكنها طبيعية أيضاً.

علامة "سيمبلي" التجارية متواجدة منذ 2013، وتُسوّق على أنها خالية من المنكهات الصناعية والصبغات، لكن لمع نجمعها اليوم، حتى أن رئيس "بيبسيكو" التنفيذي رامون لاغارتا تناولها في مؤتمره الأخير عبر الهاتف مع المستثمرين في إطار حديثه عن مساعي الشركة لإنعاش قطاع الوجبات الخفيفة عبر تلبية الطلب المتزايد على المنتجات الطبيعية. قال: "زاد الوعي في أوساط المستهلكين الأميركيين عموماً حيال مسائل الصحة والعافية". 

أثار ذلك حالة طوارئ في مجال الأغذية المعلبة، تفاقمت العام الماضي بعد حملة مقاطعة حبوب الإفطار "دبليو كيه كيلوغ" (WK Kellogg) التي نالت اهتماماً واسعاً، ولم تقتصر تداعياتها على "فروت لوبس" (Froot Loops).

في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس جو بايدن، حظرت إدارة الغذاء والدواء استخدام اللون الصناعي الأحمر رقم 3 في الطعام، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في يناير 2027، إذ يُعد واحداً من عدة ملونات صناعية أصبحت رمزاً لمساوئ النظام الغذائي الأميركي الذي تهيمن عليه الأطعمة فائقة المعالجة.

لكن عدا عن اللون الأحمر رقم 3، ما تزال معظم الأصباغ الأخرى قانونية وتُستخدم في عشرات آلاف المنتجات المبيعة في المتاجر الكبرى والصغرى على امتداد الولايات المتحدة، بحسب بيانات "نيلسن آي كيو" (NielsenIQ). وباتت الحملة المناهضة لهذه المنتجات إحدى ركائز حركة "لنعد لأميركا صحتها" بقيادة وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت كينيدي الابن. 

اقرأ أيضاً: هل تصبح الوجبات السريعة هدفاً لحركة "لنعد لأميركا صحتها"؟

تتوافق هذه الانتقادات للملونات الصناعية مع تحذيريات خبراء الصحة منذ سنوات، فهذه الأصباغ لا تضيف إلى النكهة ولا تقدم أي قيمة غذائية ولا تزيد من صلاحية المنتج، بل كلّ ما تفعله هو جعل الأطعمة غير الصحية أكثر جاذبية للعين. والأخطر، ثمة مخاوف من احتمال أن تتسبب هذه الأصباغ بالسرطان أو بفرط الحركة لدى الأطفال. 

مهمة شاقة

أكد بوديفات أن "بيبسيكو" تسعى جاهدة "لإزالة أكبر قدر ممكن من هذه الأصباغ من محفظة منتجاتها"، لكنه وصف هذه المهمة بأنها شاقة. 

في مقر فريتو-لاي التابع للشركة في بلانو، في تكساس -وهو مجمع واسع، يتخذ شكل قطعة دوريتو بالصدفة- يستغرق تطوير منتج جديد من الفكرة إلى رفوف المتاجر عادةً بين 12 و18 شهراً. ولكن إزالة الصبغات الصناعية من المنتجات الموجودة حالياً قد يستغرق وقتاً أطول بكثير.

قال بوديفات إن لدى "بيبسيكو" عشرات العلامات التجارية، منها "سيمبلي"، التي تخلو من الأصباغ الصناعية، فيما تعمل الشركة على إزالتها من ثماني علامات تجارية أخرى خلال العام المقبل. أما المنتجات ذات الألوان الساطعة مثل "دوريتوس" و"تشيتوس" فهي تتطلب مزيداً من الجهد. 

وأشار إلى أن فريقه يحاول التخلص من الأصبغة الصناعية منذ سنوات، لكن الألوان الطبيعية تطرح بعض التحديات، فهي تتأثر بالضوء وقد تؤثّر على النكهة، كما أن سلاسل توريد بعض الألوان الطبيعية، مثل الأحمر المستخرج من الفجل أو البرتقالي من الأناتو، أقل استقراراً مقارنة بسلاسل إمداد الأحمر رقم 40 أو الأصفر رقم 6.

على عكس منتج جديد مثل "سيمبلي رفلز هوت آند سبايسي"، لدى المستهلكين توقعات راسخة تجاه رقائق "ناتشو تشيز دوريتوس". قال بوديفات: "تعديل المنتجات الحالية صعب بشدة، فالمستهلكون بارعون في ملاحظة حتى أصغر تغيير قد يطرأ".

مع ذلك، تستمر الشركات في المحاولة، رغم أن الأصباغ ليست إلا جزءاً واحداً من المشكلة. بحسب نامراتا شاه، الشريكة في مختبر "بي إي آر لاب" (PERLab) التابع لشركة "كيرني" (Kearney) الاستشارية التي تتعاون مع شركات صناعة الأطعمة على تطوير المنتجات، كان شهر يناير  الأكثر ازدحاماً على الإطلاق بالنسبة لها. 

لم تشارك "بي إي آر  لاب" في العمل على تطوير رقائق "سيمبلي رفلز" الجديدة، لكنها تساعد الشركات عموماً في هذا النوع من عمليات إعادة تصميم المنتجات منذ سنوات. وبين الضغط الذي يمارسه المستهلكون حالياً من أجل تحسين المنتجات والقوانين الناظمة المحتملة والمخاوف المتعلقة بسلاسل الإمداد، وحالة عدم اليقين الاقتصادية عموماً، بدأت الشركات تعير مزيداً من الاهتمام إلى الأمور التي تحتاج إلى تحسين. قالت شاه: "إن الضغوط كبيرة".

اقرأ أيضاً: هل تتبنى شركات الأغذية المصنعة الطعام الصحي بديلاً؟

محاولات سابقة

من التجارب السابقة المقلقة في مجال صناعة المنتجات الغذائية التي غالباً ما يُستشهد بها، أزمة رقائق "تريكس" (Trix) التي تعود إلى عام 2016. فشركة "جنرال ميلز" التي تأثرت بالموجة المناهضة لأصبغة الطعام، استبدلت بالملونات الصناعية في حبوب الإفطار "الفاكهية" أخرى طبيعية، ما غيّر لون الحبوب تماماً من الأحمر والأزرق والبرتقالي الساطع إلى ألوان أكثر هدوءاً من البنفسجي الداكن والبنفسجي الوردي الفاتح والرمادي. لكن المستهلكين لم يستحسنوا ذلك، فاضطرت "جنرال ميلز" للعودة إلى استخدام الأصباغ الصناعية في العام التالي. 

فاني هاري، الناشطة المخضرمة في مجال المنتجات الغذائية وهي تشتهر باسم "فود بيب" (Food Babe)، وكانت أطلقت حملة مقاطعة "كيلوغ" وأصبحت اليوم بمثابة مستشارة غير رسمية لكينيدي، تعتقد أنه كان يجدر بـ"تريكس" أن تكون "ذكية بما يكفي" لتسويق منتجها بشكل أفضل. يبدو أن هذا ما تحاول "بيبسيكو" أن تفعله مع "سيمبلي".

لكن لكل تجربة "تريكس" فاشلة، هناك تجربة "ماك آند تشيز" ناجحة. في 2016، أعلنت شركة "كرافت هاينز" أنها أوفت بوعدها بإزالة الأصباغ الصناعية من وصفاتها، وعلى ما يبدو، لم يلاحظ أحد ذلك. قال الرئيس التنفيذي لشركة "كرافت هاينز" كارلوس إبراهامز-ريفيرا "نحن ببساطة لم نعلن عن ذلك". (لكن اليوم باتت تشير إلى خلو المنتج من المواد الصناعية بشكل أوضح على العلبة).

وستضيف الشركة هذا الشهر منتجاً بلون طبيعي إلى علامتها التجارية "ميو" (Mio) للمياه المنكّهة، لكنها لا تنوي سحب الخيارات الصناعية من السوق. وما تزال "كول-أيد" تحتوي على الأصباغ الصناعية أيضاً، ولا تعتزم الشركة إزالتها قريباً. قال إبراهامز-ريفيرا: "فلنحرص على عدم استباق المستهلك، بل السير معه... كول-أيد منتج رائع ميسور التكلفة ومتاح للأطفال والأسر".

اقرأ أيضاً: المشروبات الغازية الخالية من السكر ضارة ولو لم تسبب السرطان

إقبال متزايد

أعلنت شركة" كوناغرا براندز" (Conagra Brands)، المالكة لعلامات تجارية مثل "سليم جيم" (Slim Jim) و"دانكن هاينز" (Duncan Hines) و"بيردز آي" (Birds Eye) خلال عرض تقديمي في مؤتمر لصناعة المواد الغذائية أقيم أخيراً  في أورلاندو، أن 92% من منتجاتها خالية من الأصباغ الصناعية. بعد ذلك، قال الرئيس التنفيذي شون كونولي للصحافيين إن الشركة ستلتزم بالقوانين إذا أجبرتها على إزالة الأصباغ من المنتجات القليلة المتبقية التي تحتوي عليها، لكن في الوقت الحالي، تترك للمستهلكين حرية الاختيار.

أشار كونولي إلى أن "كوناغرا" أزالت صبغة صفراء من مخللات "فلاسيك" واستبدلتها بـالكركم. (وكان ذلك في 2019، أي قبل سنوات من بدء اهتمام روبرت كينيدي الابن بمسألة الأصباغ). ومع ذلك، أضاف كونولي أن "تفضيلات المستهلكين ليست واحدة".

يحاول صانعو الأصباغ اللحاق بالركب. وقال بول مانينغ، الرئيس التنفيذي لشركة "سنيسنت تكنولوجيز" (Sensient Technologies)، إحدى كبرى الشركات المنتجة للأصباغ الصناعية والطبيعية، إن الاهتمام بالملونات الطبيعية يزداد منذ فترة، وأضاف "تسارع الإقبال كثيراً في الأشهر القليلة الماضية".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.