شركة ناشئة خففت وطأة أزمة حليب الأطفال الأميركية

بنى حليب الأطفال "بوبي" سمعته عبر وسائل التواصل مع كل عبوة تباع وكل منشور يتناوله

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة تعبيرية عن ترويج حليب الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي - بلومبرغ
صورة تعبيرية عن ترويج حليب الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أوصت نجمة تلفزيون الواقع لدى قناة "برافو" ليندسي هوبارد باستخدام اختبار حمل من إنتاج "كلير بلو" (Clearblue) التي تثق بها، عندما أعلنت نبأ حملها. وحين أعلنت هوبارد عن ولادة طفلتها بعد أشهر عبر منشور كان ذلك برعاية شركة أخرى، فقد شاركت صورتها فيما كانت تتناول شطيرة من "جيمي جون" تحوي لحوماً باردة كانت تتجنبها طيلة حملها.

لكن في يناير، أخبرت هوبارد أكثر من 700000 متابع على "إنستغرام" أنها تدعم حليبها الطبيعي بالحليب الصناعي، مشددة على أن منشورها هذا ليس إعلاناً مدفوعاً. وكتبت فوق صورة لمجموعة من عبوات الحليب الصناعي للرضع "أورغانيك جنتل" (Organic Gentle) من شركة "بوبي" (Bobbie): "لا، هذا ليس إعلاناً، أردت فقط مشاركة هذا الجزء من رحلتي معكم".

تفاعل معها عشرات المتابعين، وقالت هوبارد، التي تستخدم الآن عبوة من هذا الحليب الصناعي كل بضعة أسابيع، إنها أصبحت منذ ذلك الحين شريكة رسمية للشركة. وأضافت: "معظم التعليقات التي تلقيتها كانت تشكرني لإيصالي هذه الرسالة ولكوني واثقة بما يكفي بتجربتي حتى أشاركها".

رواج عبر الإنترنت

ساعدت منشورات مشابهة، منها مدفوعة وأخرى مجانية، شركة "بوبي بايبي" (Bobbie Baby) على ترسيخ موقعها في سوق الحليب الصناعي للأطفال في الولايات المتحدة، التي بلغ حجمها 1.9 مليار دولار. وتبيع الشركة الناشئة منتجها مقابل نحو 25 دولاراً للعبوة عبر موقعها الإلكتروني، ويتوفر أيضاً في متاجر مثل "تارغت" و"ماير"، وقد ارتفعت مبيعاتها بين 2021 و2023 لتبلغ 100 مليون دولار، وفقاً لبياناتها.

كما جمعت حتى الآن 142 مليون دولار من المستثمرين، واستطاعت أن تقتطع من هيمنة علامات تجارية كبرى مثل "سيميلاك" من "أبوت لابوراتوريز" (Abbott Laboratories) و"إنفاميل" (Enfamil) من "ميد جونسون"، تابعة مجموعة "ريكيت بينكيزر" (Reckitt Benckiser).

يُعزى هذا النمو جزئياً إلى مشاركة الزبائن لمنشورات عن المنتج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ ينشر الأهل الذين يفضلون حليب "بوبي" قوائم بما يجب جلبه إلى المشفى عند ولادة الطفل، وغالباً ما تحتل عبوات حليب "بوبي" صدارة هذه القوائم.

كما يشارك بعضهم صوراً لأطفالهم وهو يطرقون بفرح على علب حليب يستخدمونها كطبول. بل إن الأمر بلغ بإحدى الأمهات أنها وشمت على ساعدها عبارة "من الثدي إلى قنينة الإرضاع"، وهي شعار "بوبي". أشارت الشركة إلى أنه أُعيدت مشاركة منشوراتها على "إنستغرام" 12400 مرة في يناير.

الحاجة أم الاختراع

تستند استراتيجية "بوبي" إلى جذب الأهل الباحثين عن بدائل لحليب الأطفال المتوفر تقليدياً في الولايات المتحدة. بعدما أنجبت مؤسسة الشركة ورئيستها التنفيذية لورا مودي طفلها الأول، صدمها اكتشاف أن كثيراً من مركبات حليب الأطفال المعروضة في السوق مشبعة بشراب الذرة. لذا سعت لابتكار منتج مستوحى من العلامات التجارية الأوروبية مثل "كينداميل" (Kendamil)، التي لم تكن آنذاك معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية وكانت تصل إلى السوق عبر قنوات استيراد غير رسمية.

واجهت "بوبي" بدورها بعض المصاعب مع إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ومن ذلك أنها اضطرت لسحب أول منتجاتها من السوق عام 2019 بسبب مشكلة في الملصقات. مع ذلك، تمكنت الشركة أخيراً في عام 2021 من طرح تركيبتها العضوية، المتوافقة مع المعايير العضوية الأميركية والأوروبية التي تحتوي على المستويات الموصى بها من حمض الدوكوساهيكسانويك الدهني (DHA) وفقاً لمعايير الاتحاد الأوروبي، وهو عنصر أساسي يدعم التطور الإدراكي والبصري لدى الرضع.

في العام نفسه، حققت "بوبي" إيرادات تجاوزت أربعة أضعاف هدفها المحدد عند 4 ملايين دولار.

قالت كيم تشابل، رئيسة تسويق العلامة التجارية في الشركة: "كان لدينا جيش من الأمهات المؤمنات برسالتنا وقد كنّ ينتظرن منتجاً وعلامة تجارية مثل علامتنا... مشاهدة مئات الأمهات يدعمننا وينشرن تجربتهن، دون أي مقابل أو رعاية مدفوعة أمر مدهش".

مصائب قوم عند قوم فوائد

أعطى النقص الحاد في حليب الأطفال خلال فترة الجائحة دفعة قوية لنمو "بوبي". تلا ذلك أن سحبت "أبوت"، أكبر منتج لحليب الأطفال في الولايات المتحدة، في فبراير 2022 عبوات الحليب المصنوعة في معملها بمدينة ستورغيس في ميشيغان بعد صدور تقارير عن إصابات بكتيرية لدى بعض الأطفال. كان هذا المعمل يسهم بإنتاج نحو خمس إجمالي حليب الأطفال المبيع في الولايات المتحدة، وتسبب ذلك بنقص كبير في المعروض على رفوف المتاجر.

اقرأ أيضاً: كيف بلغت بكتيريا فتاكة معمل "سيميلاك" وسببت أزمة حليب أطفال؟

فيما تسابق الأهل سعياً لتأمين الحليب لأطفالهم، تضاعف عدد زبائن "بوبي"، التي كانت في ذلك الوقت تتيح شراء الحليب عبر اشتراك إلكتروني حصراً. بحلول مايو 2022، توقفت الشركة مؤقتاً عن قبول زبائن جدد، وامتدت قائمة الانتظار لديها إلى 70000. كما شهدت شركات ناشئة أخرى تبيع الحليب الصناعي مباشرةً للمستهلكين، مثل "باي هارت" (ByHeart)، إقبالاً غير مسبوق.

تعزيز حصتها السوقية

سلّط هذا النقص الضوء على هشاشة سوق حليب الأطفال في الولايات المتحدة التي تعتمد على عدد قليل من المعامل لإنتاج معظم الإمدادات. في العام الماضي، افتتحت "بوبي" معملاً لإنتاج حليب الأطفال بكلفة 100 مليون دولار في مدينة هيث في أوهايو، يضم أكثر من 60 موظفاً.

تأمل مودي أن تتمكن الشركة من خلال التحكم بإنتاجها الخاص من زيادة حصتها في السوق. اليوم، تهيمن شركتا "أبوت" و"ميد جونسون" على 80% من السوق الأميركية، بحسب شركة بحوث السوق "أي بي أي إس ورلد" (IBISWorld). ووفق تقديرات مودي، فإن حصة "بوبي" لا تتجاوز 3.5% من السوق في الولايات المتحدة، وهي تسعى لزيادتها إلى 20% خلال السنوات الأربع المقبلة.

تضطلع وسائل التواصل الاجتماعي بدور محوري في تحقيق هذا الهدف. لدى "بوبي" 139000 متابع على "إنستغرام"، وهي المنصة التي تشهد أكبر تفاعل مع منتجاتها. هذا الرقم يفوق عديد متابعي "سيميلاك" وهو 36000، و"إنفاميل" التي لديها 98000 متابع.

لتعزيز حضورها، تعاونت "بوبي" مع شخصيات بارزة كسفيرات لها مقابل بدل مثل عارضة الأزياء آشلي غراهام ونجمة كرة المضرب نعومي أوساكا، وكلتاهما من الأمهات، بالإضافة إلى تان فرانس، نجم برنامج "كوير آي" وهو والد أيضاً. كما تعتمد العلامة التجارية على التعاون مع صانعي محتوى لديهم عدد متابعين أقل، لضمان استمرارية تدفق المنشورات مدفوعة الثمن.

اقرأ أيضاً: أزمة حليب الأطفال تُلحِق بالعائلات الأميركية خسائر اقتصادية

تقويض الرضاعة الطبيعية

لكن لهذا الأسلوب مخاطره أيضاً. فقد كشفت دراسة صادرة عن منظمة الصحة العالمية عام 2022 أن استخدام شركات الحليب الصناعي لوسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين يُضعف جهود المنظمة الرامية إلى تعزيز الرضاعة الطبيعية.

تعمل المنظمة منذ عقود على كبح استخدام الحليب الصناعي عالمياً، وتشجيع الرضاعة الطبيعية التي تُعتبر المعيار الذهبي لتغذية الرضع. برغم أن نسبة الأمهات المرضعات ارتفعت خلال العقد الماضي، إلا أن هناك تراجعاً ملحوظاً في هذه النسبة مع نمو الرضيع وعودة الأمهات إلى العمل.

كما بينت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن جزءاً على الأقل من غذاء معظم الرضع في الولايات المتحدة يأتي من الحليب الصناعي.

تشير "بوبي" إلى أن جهودها التسويقية تستهدف جميع الأساليب التي يعتمدها الأهل لتغذية أطفالهم، بما في ذلك دعم الرضاعة الطبيعية بالحليب الصناعي. وأشارت إلى بعض الحالات لا تكون فيها الرضاعة الطبيعية خياراً متاحاً، مثل حالات الأسر التي تربي أطفالاً بغياب والدتهم، أو عندما تعاني الأم مشكلات صحية تمنعها من الإرضاع.

اقرأ أيضاً: كيف يهدد الحليب الخام صحة الأطفال؟
 

قالت مالوري ويتمور، رئيسة قسم التعريف بالمنتج في "بوبي": "نتعرف عبر إنستغرام على أجهزة تمليس شعر جديدة ومساحيق لتحضير عصائر خضراء وغير ذلك من المنتجات، لذا، طبيعي أن يكون إنستغرام منصةً أيضاً للتعرف على الخيارات المتوفرة من الحليب الصناعي".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.