بلومبرغ
شكّل الوباء فرصة تجارية عظيمة لشركة "بيوريتان" للمنتجات الطبية ومقرها غيلفورد بولاية مين الأمريكية، لكن رغم ضخ 250 مليون دولار من حكومة الولايات المتحدة في هذه الشركة، إلا أن هذا التمويل لم يؤدِ إلى تهدئة النزاع العائلي التاريخي الموجود بين مالكي "بيوريتان".
قبل عام تقريباً، وفي يوم الجمعة 13 مارس تحديداً، التقى حوالي 50 مسؤولاً وخبيراً حكومياً لأول مرة للحديث عن مشكلة خطيرة، وهي: كيفية إجراء اختبارات على المزيد من الأمريكيين، لتحديد ما إذا كانوا مصابين بفيروس كورونا المستجد أم لا. وشارك غاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقتها، في اللقاء. وظهر وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بنس، ليتحدث عن نفس الموضوع في وقت لاحق من نهاية هذا الأسبوع.
كان فيروس سارس- كوف- 2 قد انتشر وقتها في أكثر من 100 دولة، وأصيب الممثل الأمريكي توم هانكس به في أستراليا، وكان من المتوقع أن يصل عدد الوفيات في الولايات المتحدة إلى 250 ألف شخص. وتم إفراغ المكاتب والمدارس والشوارع، وكانت الأسهم تنخفض. وكان دوري السلة الأمريكي للمحترفين قد أوقف موسمه مؤقتاً للتو، وكان هذا اليوم هو البداية الرسمية للوباء العالمي.
كان الأدميرال بريت غيروير، الذي شغل وقتها منصب مساعد الوزير في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، مسؤولاً عن الاختبارات، وكانت لديه الكثير من المخاوف. ولكن بعد ظهر ذلك اليوم، شعر بقلق أكبر من أحد المكونات الأساسية لعملية الاختبار، وهو: المسحات.
بداية الأزمة
يبلغ قطر المسحة الواحدة على وجه التحديد 6 بوصات، وهي مرنة بما يكفي لاختراق أعماق "البلعوم الأنفي"، وهو المكان الذي يتكاثر فيه فيروس كورونا المستجد، ويعرف الآن باسم "دغدغة الدماغ"، وهي الطريقة الوحيدة المعتمدة لاختبار فيروسات الجهاز التنفسي.
كان لدى الولايات المتحدة ما يكفي من هذه المسحات لإجراء حوالي 8 ألاف اختبار يومياً. وكان ذلك أقل بكثير من العدد المطلوب، حيث احتاجت الولايات المتحدة وقتها إلى إجراء ملايين الاختبارات يومياً. وطلب كوشنر من الأدميرال تأمين مليار مسحة على قدر استطاعته ثم غادر.
وسأل غيروير، المسؤولين وقتها: "كم عدد المسحات الأنفية البلعومية الموجودة في المخازن الحكومية الأمريكية؟، وكانت الإجابة بـ"لا يوجد".
وسألهم مجدداً: "هل يعرف أحدكم من يصنع هذه المسحات؟"، فجاءت الإجابة بـ"لا".
وقتها، أمر غيروير، بإجراء تحليل سوقي عاجل لمعرفة معلومات عن هذه الصناعة. وبدأ البعض في البحث عن معلومات على موقع غوغل. وطوال المساء وحتى صباح اليوم التالي، بقيت المجموعة في غرفة الاجتماعات بجوار مكتبه في الطابق السابع من مبنى هيوبرت اتش همفري المطل على مبنى الكابيتول.
شرب مجموعة المسؤولين دايت كوك، وأكلوا بيتزا باردة، واتصلوا بالرؤساء التنفيذيين لشركات: "ثيرمو فيشر ساينتفيك"، و"بي دي"، و"هنري شين"، وبعض الموردين الآخرين للأدوات الطبية، وذلك للاستفسار عن مدى قدرتهم على تصنيع المسحات. وقال الرؤساء التنفيذيون واحداً تلو الآخر، إنهم لا يمتلكون القدرة على تصنيع هذه المسحات.
كان غيروير في مكتبه في وقت مبكر من بعد ظهر يوم السبت التالي، عندما قال له أحد موظفيه أخيراً: "سيدي، يؤسفني أن أبلغكم بما توصلنا له بعد سؤال 10 إلى 15 من منتجي المسحات، لقد وجدنا أنهم في الواقع موزعون فقط".
الشركة الإيطالية المنتجة للمسحات
تم إخبار غيروير أيضاً أن شركتين فقط في العالم تصنعان هذه المسحات، وهما شركة "كوبان دايغنوستيك" في شمال إيطاليا، وهي منطقة دمرها فيروس كوفيد-19، وشركة عائلية صغيرة أخرى في ولاية مين تسمى "بيرتن" للمنتجات الطبية.
"المسحات" عبارة عن أجهزة عالية التخصص تتطلب تصنيعاً دقيقاً عبر آلات بالمنشآت الصناعية الخاصة؛ لتلبية المتطلبات التنظيمية الصارمة التي تفرضها المستشفيات. ولا يمكن لأي شركة أخرى أن تدخل بسرعة إلى هذا القطاع.
يتذكر غيروير، شعوره وقت معرفته بأمر الشركة الموجودة في مين بقوله: "كان لدي وقتها هذا الشعور الطاغي بالسعادة، كما لو أن ضخ الدم يصل بالكامل إلى قدمي".
رتب غيروير، على الفور طائرات نقل عسكرية طراز "سي-17 غلوب ماستر"؛ حتى تتسلم طلب بالحصول على نصف مليون مسحة من شركة كوبان قبل أن تغلق إيطاليا حدودها.
اتصل غيروير، بشركة بيوريتان، وكان الوقت حينها مساء يوم السبت، عندما رأى تيموثي تمبلت، المالك المشارك ونائب الرئيس التنفيذي للمبيعات العالمية للشركة، رقماً من واشنطن العاصمة يرن على هاتفه المحمول.
أخبر غيروير، تمبلت، أنه يحتاج إلى حوالي 100 ألف مسحة أنفية في غضون أسبوع واحد فقط. وقال تمبلت للأدميرال، إن ذلك أمرٌ مستحيل. ولكن غيروير، طلب منه أن يعيد النظر في رده. وبالفعل، في صباح اليوم التالي، قال له تمبلت، إن ذلك ممكن.
لم يسبق أن كانت شركة بيوريتان، التي تأسست قبل قرن من الزمان في بلدة غيلفورد الصغيرة، أكثر أهمية من قبل. ولم يحدث أيضاً أن كانت مضطربة إلى هذا الحد من قبل.
عداء الأقارب
تسبب العداء الذي دام لسنوات عديدة بين مالكي الشركة، وهما: تمبلت وابن عمه جون كارترايت، في معاناة بيوريتان من أزمة إدارية طويلة.
قبل ثلاثة أسابيع من اتصال غيروير، رفع تمبلت دعوى قضائية في المحكمة العليا بمقاطعة كمبرلاند لإلغاء ملكيتهم المشتركة لشركة بيوريتان وأعمالها الأخرى، بما فيها شركة "هاردوود برودكتس" التي بدأت في صنع أعواد أسنان بنكهة النعناع، بسبب "الخلافات الكبيرة وطويلة الأمد بينه وابن عمه، حيث لا يمكن التوفيق بينهم" على حد قول تمبلت.
أدى هذا الصدع إلى تأخر الاستثمارات اللازمة لتحديث خطوط التصنيع، وتراجعت أجور القوة العاملة المتضائلة، واستخدام نظام دعم لتكنولوجيا المعلومات عفا عليه الزمن.
وحسب نص الدعوى فقد: "تسبب المأزق الذي يواجهه الشريكان في موقفٍ خطيرٍ، مما جعل الشركات ذات الملكية المشتركة بينهما تقترب من نقطة الانهيار".
وأضافت الدعوى: "لم يعد كارترايت وتمبلت يتحدثان، ولم يعدا يتخذان قرارات مشتركة، ولم يعد بإمكانهما في الأساس أن يكونا في نفس الغرفة معاً".
عندما سمع غيروير، عن الدعوى القضائية، افترض أن كارترايت وتمبلت سوف ينحيان عداواتهما جانباً. وكان يعرف أيضاً السيناريو الذي قد يحدث إذا لم يتفق الشريكان، وهو: أنه سيتعين على الحكومة الأمريكية وقتها شراء شركة بيوريتان - أو ضم أحد أبناء العمومة إلى جانبها - بسعر باهظ.
يقول غيروير: "لم يكن هناك سوى خيارين، الأول: أن تتحول بيوريتان إلى شركة جيدة ومستقرة، والثاني: أن نتدخل نحن للقيام بشيء يجعلها على هذا النحو".
قانون الإنتاج الدفاعي
ما فعلته الحكومة الأمريكية وقتها هو استخدام قانون الإنتاج الدفاعي، واستثمار ربع مليار دولار في شركة بيوريتان لزيادة الإنتاج بنحو عشرة أضعاف، على أمل أن تتحول إلى شركة جيدة ومستقرة، على الأقل طوال فترة الوباء.
في العام الذي أعقب تلك المكالمة الأولى بين غيروير وتمبلت، قامت بيوريتان بتعديل مصنعين شبه متوقفين في مدينة بيتسفيلد بولاية ماساتشوستس، ومصنع آخر بولاية مين، كما وضعت خططاً لبناء مصنع جديد في ولاية تينيسي.
بحسب تقديرات غيروير، أنتجت بيوريتان ما يصل إلى 90% من الـ195 مليون مسحة، التي اشترتها الحكومة الأمريكية حتى شهر يناير الماضي، حتى وقت مغادرة غيروير لمنصبه بعد رحيل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ويعمل غيروير الآن كمستشار لشركة "غاوس سيرجيكال"، التي تجري اختبارات كوفيد المنزلية السريعة.
كانت شركة بيوريتان معتادة على صنع حوالي 20 مليون مسحة شهرياً، ولكن قريباً سيصل هذا العدد إلى 300 مليون مسحة كل شهر.
وبلغت مبيعات شركتي بيوريتان وهاردوود حوالي 55 مليون دولار سنوياً في عام 2019. وعلى الأرجح فقد ضاعفت العقود الحكومية ذلك الرقم.
نظراً لتغير البروتوكولات الطبية التي تؤكد على ضرورة اختبار المستضدات السريعة ضد الفيروس، وتتطلب مسحات أنف من الإسفنج أو البوليستر بحجم 3 بوصات، ظلت بيوريتان توسع دورها فقط دون أدنى تراجع، كما تصنع الشركة هذا النوع من المسحات أيضاً. ويقول غيروير: "لا يزال العالم يعتمد بشكل كبير على شركة بيوريتان".
أعرب تمبلت عن سعادته بنجاح شركته في مكالمة هاتفية، بينما كان يتحدث على المحمول أثناء القيادة إلى أحد المصانع الجديدة في شهر يونيو الماضي، وقال: "لقد قدم موظفونا أكثر مما طلب منهم لخدمة للشركة والولايات المتحدة".
وفيما يتعلق بالدعوى القضائية، لم يكن لدى تمبلت الكثير من التصريحات، وقال: "لن أقوم بالتعليق.. إنه أمر شخصي، وهذا ليس من شأنكم، وبيوريتان في وضع جيد جداً لخدمة أمريكا… ثقوا بي".
كتب تمبلت لاحقاً في رسالة بريد إلكتروني: "لقد عملت عائلاتنا جنباً إلى جنب مع جميع موظفينا بجد منذ مارس 2020 لتوفير مسحات لاختبار فيروس كوفيد - 19". وأكد أن القيام بذلك يأتي على رأس اولويات موظفيه، وعلى رأس أولوياته أيضاً، مشيراً إلى أنه يلتقي بكارترايت وكبار مديري الشركة بانتظام.
تفاصيل الخلاف
رفض تمبلت مناقشة الشؤون المالية للشركة خلال العام الماضي، كما رفض كارترايت التعليق، وبدلاً من ذلك أشار إلى بيان سابق من محاميه، والذي قيل فيه، إن الأسرة التي تثق في تمثيل كارترايت لها "لا تعتقد أن الصحافة أو الجمهور لديهم أي حق في طلب معرفة تفاصيل الخلاف بين اثنين من أبناء العم حول كيفية إدارة شركتهما".
وتستمر المعركة بين المالكين حول مصير بيوريتان في جلسات محكمة خاصة، وفقاً لوثائق قانونية مختومة مسبقاً حصلت عليها بلومبرغ بيزنس ويك.
لدى بيوريتان الآن ثلاثة مصانع، وقريباً سيرتفع العدد إلى أربعة، إضافة إلى مئات الموظفين الجدد، وحصة مهيمنة من صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. لكن الولايات المتحدة لم تطور أبداً استراتيجية اختبار وطنية في عهد الرئيس ترامب، حيث حاول الرئيس الأمريكي السابق التقليل من أهمية هذه الصناعة، وقلل من البيانات المتوفرة.
هناك أكثر من 530 ألف أمريكي ماتوا بسبب فيروس كورونا - حتى وقت كتابة هذا المقال - وهو عدد أكبر بكثير من أي دولة أخرى.
في مدينة غيلفورد، يقول المقربون من أبناء العم مالكي الشركة، إن نزاعهم حول مستقبل الشركة من المرجح أن يصبح أكثر صعوبة الآن، بعد أن أصبحت قيمة بيوريتان أكثر بكثير مما كانت عليه من قبل.
تبعد مدينة غيلفورد، التي يبلغ عدد سكانها 1500 نسمة، حوالي ساعتين بالسيارة شمال مدينة بورتلاند، ويتوسطها نهر البيسكاتيس وتحيط بها غابات البتولا. وشكلت هذه الغابات موقعاً مثالياً منذ 100 عام لشركة "لويد كارترايت" لتصنيع خلات الأسنان المنكهة، والمنتجات الأخرى التي تستخدم لمرة واحدة، مثل: عصي الآيس كريم، وأسياخ نقانق الذرة، وخافض اللسان الخشبي الطبي.
بحلول عام 1950، تولى ولدي كارترايت، جو وإدغار، وصهرهما دون تمبلت زمام الشركة. وكان "الجنرالات الثلاثة"، كما كان للويد يُطلق عليهم بكل حب، يديرون الشركة على قدم المساواة. ويتذكرهم الموظفون السابقون بقولهم إنهم كانوا يزورون المصنع كثيراً، وكانوا يعرفون معظم العمال بالاسم، وفي كثير من الأحيان أسماء أطفالهم وكلابهم أيضاً. وفي الستينيات، اتخذ الجنرالات الثلاثة خطوة كبيرة في صناعة المنتجات الطبية التي تستخدم لمرة واحدة، وأطلقوا شركة جديدة تحت الاسم التجاري "بيوريتان".
تصنع بيوريتان أكثر من 65 نوعاً مختلفاً من المسحات، بما فيها: مسحات لتنظيف الأجهزة الإلكترونية، وجمع عينات الدم في مسرح الجريمة، واختبارات التهاب الحلق والأمراض المنقولة جنسياً.
كانت المسحات الأنفية البلعومية المتدفقة واحدة من أكثر منتجات الشركة تخصصاً، وعادة ما تستخدم فقط إذا كان المريض مصاباً بشدة بفيروس الجهاز التنفسي للدرجة التي تدفع لنقله إلى المستشفى. ويفضل الوسط الطبي هذه المسحات لأن الألياف الدقيقة الموجودة على طرفها تمتص الجزيئات الفيروسية بسهولة وتطلقها سريعاً للاختبار.
مراحل تصنيع المسحات
هذه المسحات أكثر تعقيداً مما تبدو عليه، حيث يجب أن تكون المسحة قادرة على الانتقال إلى أعلى العمود الضيق للأنف، عبر ممر يقل عرضه عن 4 ملليمترات، إلى منطقة في منتصف المسافة تقريباً بين الأذنين، ويجب أن تكون لينة بما يكفي حتى لا تتلف قناة الأنف، لكنها قوية بما يكفي أيضاً لتدخل بين المخاط وتجمع الخلايا من البلعوم الأنفي حيث تنمو الفيروسات.
يقول الموظفون، إنه يمكن للآلات المملوكة لشركة بيوريتان أن تنتج حوالي 2000 مسحة في الدقيقة. وتمر عملية تصنيع المسحات بعدة مراحل، كالآتي، أولاً: يدفع الطارد الأعواد الرفيعة من وعاء كبير من البلاستيك المنصهر، على غرار الطريقة التي يضغط بها صانع المعكرونة خيوط الاسباغيتي، وفي الخطوة الثانية: يتم تحميل العصي في حاوية تهتز بفتحة رفيعة في الأسفل والتي تضعها بشكل منفرد في فتحات سلسلة الحزام الناقل، وهناك جهاز يضع نقطة صغيرة من مادة لاصقة متخصصة على أحد طرفيه، ثم يتم إدخال كل طرف في صندوق مليء بالألياف الاصطناعية، وتؤدي الشحنة الكهروستاتيكية إلى وقوف هذه الألياف على طرف العصا، مثل منظف الأنابيب الرقيق، ويتم قياس كل طرف في مساحة تبلغ بضعة أجزاء من الألف من البوصة. وتسجل الشفرة محددة الوزن المؤشرات على العصا، مما يسمح للأطباء بإخراج الطرف في قنينة بعد استخلاص العينة. وأخيراً، يتم تعقيم المسحات وختمها باستخدام الحرارة بين طبقتين من الورق وإرسالها إلى الموزعين.
قبل الوباء، كانت المستشفيات الأمريكية تحتاج إلى حوالي مليون مسحة من البلعوم الأنفي سنوياً. وكانت كل من بيوريتان وكوبان تقومان بتصنيعها كلها. وكانت كوبان - الشركة الأكبر بينن الاثنين - توفر حوالي 60٪ من هذه المسحات. وقامت كلتا الشركتين بتسجيل براءة اختراع لمسحاتهما، ورفعا على بعضهما البعض قضايا مراراً وتكراراً بسبب انتهاك التصميم، بينما لم يكن للمصنعين المتنافسين أي مصلحة في دخول هذا السوق الخامل، وصناعة منتج بهامش ربح منخفض نسبياً، يهيمن عليه شركتان متنازعتان.
في عام 2005، عندما تقاعد الجنرالات الثلاثة وتولى أبناؤهم الشباب زمام الشركة، انتهت العلاقة الطيبة بين الإدارة والـ500 عامل، أو نحو ذلك، الذين يعملون في الشركة، كما يقول فرانك كونر، الذي أمضى أربعة عقود مع الشركة.
يضيف كونر: "كانت إدارة الشركة بأكملها عبارة عن عملية عائلية. وبدا الأمر وكأنها كانت تملك اسماً مميزاً في يوم، ثم فقدت هذا الاسم في اليوم التالي، وبدأ العد التنازلي على وقت نهايتها".
بعد مغادرة العمال الأكبر سناً وتراجع عدد سكان غيلفورد في ظل توجه الشباب إلى الدراسة في الكليات، عانى تمبلت وكارترايت من قلة توافر الموظفين. وتقع مصانع بيوريتان وهاردوود في أفقر مقاطعة في ولاية مين، حيث بلغ متوسط دخل الأسرة حوالي 30 ألف دولار في عام 2018، وفقاً لمنصة "داتا يو إس إيه".
تعتبر الشركة واحدة من الخيارات القليلة المتاحة هناك، للحصول على دخل ثابت. ولعدة سنوات، كان أبناء العم يدفعون للموظفين المدربين تدريباً كاملاً مبلغ 15 دولاراً في الساعة، وهو أعلى بكثير من الحد الأدنى للأجور في الولاية البالغ 12.15 دولاراً، كما قدموا مزايا كاملة للعمال، بما في ذلك راتب تقاعد وفق الخطة الحكومية الأمريكية (401 كيه). لكن فترات عمل المصنع التي تستغرق 10 ساعات، والتي تبدأ في الساعة 5 صباحاً، أو تنتهي في الساعة 1:30 صباحاً، كانت تسبب اضطراباً في الحياة الاجتماعية للعمال، إضافة إلى حظر استخدام الهواتف المحمولة داخل المصنع، مما نفٌر الموظفين من مواليد عام 2000 وما بعده، وطلاب الجامعات الذين اعتادوا العمل هناك خلال الصيف.
أهمية شركة "بيوريتان" لمدينة غيلفورد
تعتبر شركة بيوريتان مهمة لمدينة غيلفورد، حيث تحقق لها جميع الفوائد التي يمكن أن توفرها الشركات المزدهرة للمدن الصغيرة في كل مكان بالعالم. وتساهم الشركة في مخزن الطعام المحلي، وتتبرع بمعدات الملاعب، وتقدم منحاً دراسية لأطفال الموظفين، وتشجع الموظفين على التطوع لقسم الإطفاء، من خلال دفع أجور مقابل وقتهم إذا تم استدعاؤهم للمساعدة في إخماد الحرائق أثناء فترة العمل بالشركة. ويقول ويليام طومسون، الذي خدم في مجلس المدينة لأكثر من 40 عاماً عن الشركة: "إنها مصدر الرزق الرئيسي في غيلفورد".
لا يزال بإمكان السكان المحليين الإشارة إلى منازل الجنرالات الثلاثة السابقة البيضاء والمؤطرة بالخشب، التي تتجمع على أطراف المدينة، وتستخدم الآن كسكن لأفراد الشركة. ولا يزال خمسة من أفراد الأسرة يعيشون في غيلفورد. ويقول توم غوليت، مدير بلدة غيلفورد السابق، إن العلاقة المتوترة بين كارترايت وتمبلت معروفة للجميع. وعندما نُشرت أخبار الدعوى في صحف ولاية مين شهر فبراير الماضي، تفاجأ قليلون فقط بها.
يقول بعض سكان غيلفورد، إن الخلاف بين كارترايت وتمبلت بدأ بقتال بالأيدي في الفناء الخلفي عندما كان أبناء العمومة أطفالاً، ويقول آخرون، إنه بدأ في وقت لاحق، عندما توفي آباؤهم. وعلى الرغم من إدارتهما للشركة بشكل مشترك لمدة عقدين من الزمن، لم يسبق أن شوهد الاثنان في أرض المصنع معاً، وفقاً لعشرات الموظفين السابقين والحاليين. وحتى أفراد الأسرة لا يستطيعون تذكر آخر مرة قضى فيها أبناء العمومة الوقت معاً. وفي نزهة الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس شركة هاردوود برودكتس في غيلفورد خلال عام 2019، تجنب الاثنان لقاء بعضهما البعض طوال اليوم.
يوضح غوليت الأمر بقوله: "أعتقد أن المدينة تترقب ما يمكن أن يحدث بعد ذلك". وأضاف: "يعتقد الجميع أنه ربما بعد هذه المنح التي تقدر بملايين الدولارات قد تنصلح الأمور بينهما، وربما تكون كافية لإقناعهما بحل خلافاتهما". ثم صمت للحظة وقال ساخراً: "هذا يمكن أن يحدث فقط في الأحلام فقط."
في وقت مبكر من حياتهما المهنية، غامر تمبلت وكارترايت بالعمل خارج نطاق الشركة العائلية. وشغل تمبلت وظيفة مندوب مبيعات في الساحل الغربي، بينما عمل كارترايت كمقاول في ألاسكا. ولكن بحلول منتصف التسعينيات، عاد كلاهما إلى ولاية مين، وعملا في المبيعات، وكان تمبلت مع شركة بيوريتان، وكارترايت مع هاردوود، وكان جيري نوبل المدير العام للشركتين في ذلك الوقت.
يقول نوبل: "كنت أعلم أنه ربما يشتعل بينهما صراع، حتى في ذلك الوقت". وأضاف: "كانت عائلة كارترايت مهتمة في المقام الأول بالأعمال الخشبية، بينما كان تمبلت مهتم في المقام الأول بالجانب الطبي. وكانت هناك بعض الخلافات الأساسية حول الاتجاه الذي يريدون توجيه الشركة إليه".
يوضح نوبل، أن الخلاف جاء كنتيجة للتنافس الكلاسيكي بين أبناء العم. ويستطرد: "إذا أجريت أي بحث عن الأعمال التجارية في الشركة ستجد أن العديد من المشاكل ظهرت بعدما تولى الجيل الثالث من أبناء العم زمام الأمور". وتشير الدراسات إلى أن 30% من الشركات العائلية تستمر حتى الجيل الثاني، ولكن 13٪ منها فقط يستطيع مواصلة العمل خلال الجيل الثالث.
سمات إدارية
يقول المقربون من تمبلت وكارترايت، إنه ليس فقط أولويات أعمالهم هي من تتعارض - حيث يوجد خلافات في الشخصية أيضاً بينهما -. ويُعرف كارترايت بأنه مفكر منهجي، ومخطط مقتصد، ورئيس يدير العمل عن بعد في بعض الأحيان، كما أنه يمتلك نشاطاً تجارياً آخر في غيلفورد مع زوجته ستيفاني، حيث توفر شركتهما السكاكين البلاستيكية والشوك والقش المستخدم في احتساء العصائر.
أصبح جون كارترايت شخصية منعزلة بشكل متزايد مع نمو ثروته. وتقول غاني لاندر، زميلة الدراسة السابقة لكارترايت عنه: "لا يعرف الكثير من الناس جون الآن ... فهذه هي شخصيته". وبنى كارترايت وزوجته عقاراً مترامي الأطراف، يُعرف محليا ًباسم "قصر جون الأبيض الكبير"، في نهاية ممر بطول 320 قدماً، وبجوار المنزل الذي نشأ فيه. ويعتبر واحداً من عدد قليل من مالكي المنازل في غيلفورد الذين حظروا مجموعة من سائقي السيارات المحليين من عبور ممتلكاته.
أما تمبلت فهو شخصية أكثر تفاهماً، إلى حد ما. وخلال المراحل الأولى من تعاملاته مع الحكومة الأمريكية، اتصل به مسؤولو البيت الأبيض ونادوه وقتها باسم "السيد تمبلت"، وليس "تيموثي"، وبالتأكيد لم يستخدموا اسم "تيم" لمناداته.
يعيش تمبلت مع زوجته إليز في كمبرلاند على الساحل ويسافر لمدة ساعتين إلى غيلفورد. ويقول أقاربه وشركاؤه، إنه يعتبر نفسه شخص صاحب رؤية. وهو عنيد مثل ابن عمه، وأكثر استعداداً لإنفاق الأموال على الشركة، وأكثر احتمالاً للبقاء في فنادق الخمس نجوم، عندما يسافر للعمل، كما أنه يشعر براحة أكبر في لعب دور المتحدث باسم الشركة.
طوال فترة الوباء، كان تمبلت هو الشخص الذي يظهر على التلفزيون وفي الإذاعة الوطنية. ويصف الأقارب العلاقة بين تمبلت وكارترايت كالعلاقة بين السلحفاة والأرنب، حيث يتحرك كارترايت ببطء ولكن بهدف، في حين أن تمبلت يركض من أجل الجري فقط، حتى لو لم يكن لديه هدف.
ويقول الموظفون السابقون، إن الصراع بين أبناء العمومة كان حتمياً، حيث تحولت شركتا هاردوود وبيوريتان إلى أعمال منفصلة تماماً، تعمل بسرعات مختلفة، وتدرُّ هوامش ربح غير متساوية. ويقول ألفين ماكدونالد، الذي اعتاد على تتبع تكلفة صنع جميع المنتجات، إن أعمال هاردوود "لم تكن تماثل إطلاقاً معدلات الربحية التي تحققها بيوريتان".
يضيف ماكدونالد: "كان الجانب الطبي مهتماً دائماً باستثمار الأموال في معدات جديدة، لأن لديهم الموارد المتاحة، في حين أن مصنع هاردوود كان يعمل بميزانية محدودة". وفي الصيف قبل الماضي، أثناء مقابلة مع مجلة الأعمال "مين بيز" (Mainebiz)، قال تمبلت، إن الاتصال بين الشركتين سيء للغاية، وأضاف: "إن الشركتان مرتبطين باسم العائلة فقط، وهذا كل ما يربطهما". وأضاف أن الغابات المحيطة بغيلفورد رائعة بالنسبة للأخشاب التي تصنعها هاردوود، ولكنها لم تعد ضرورية لشركة بيوريتان، كما أن موقع البلدة البعيد يجعل من الصعب الحفاظ على كل عدد الموظفين.
معارك قضائية
تحول التوتر المتزايد إلى معركة كاملة بين الشركتين في صيف عام 2018، وفقاً لدعوى تمبلت المرفوعة، والتي تم تحويلها إلى المحكمة الاقتصادية للشركات والمستهلكين في ولاية مين. وكان الشريكان يعقدان في السابق اجتماعات عديدة في كل سنة للموافقة على الميزانيات وزيادة الرواتب والنفقات الرأسمالية. ولكن كارترايت انسحب من الاجتماع الأخير في مايو 2018، ولم تُعقد اجتماعات لاحقة، حسب الوثيقة التي تم تقديمها للمحكمة.
اختلف الشريكان حول زيادة الرواتب، واستثمارات رأس المال، وتحسين مستوى أنظمة التكنولوجيا، أي كل شيء في الشركة تقريباً. ويتذكر مايكل كومبس، الذي عمل لمدة عقدين في بيوريتان، كيف كان الخلاف بين الشريكين يمتد إلى أرض المصنع ويؤثر بالسلب عليه.
فعلى سبيل المثال، قبل ثلاث سنوات، تم تركيب قضبان الطاقة المحوسبة في بيوريتان، مما يسمح لمشغلي الآلات بإدخال بطاقة هوية مفتاحية، بدلاً من ملء الأوراق في بداية كل وردية. ويتذكر كومبس، الذي كان متحمساً لاستخدام التكنولوجيا الجديدة وقتها الأمر بقوله: "إن قضبان الطاقة كانت هناك يوماً ما، ثم اختفت في اليوم التالي" بدون تفسير. وتشير الدعوى القضائية إلى حادثة أنفقت فيها الشركة مئات الآلاف من الدولارات على ترقية تكنولوجية نظمها تمبلت وألغاها كارترايت فجأة.
في عام 2019، بدأ تمبلت في طلب الدعم من الأقارب حتى يوافقوا على عملية بيع محتملة للشركة، وفقاً لأشخاص لم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم أثناء مناقشتهم لهذه المعلومات الخاصة. وفي وقت من الأوقات وافق تمبلت على عرض شراء من صندوق استثماري، ولكن كارترايت رفض ذلك العرض.
سعى تمبلت أيضاً إلى الحصول على تقييم للشركة، على أمل أن يتمكن من بيع حصته فيها، لكنه اعتبر أن التقييم منخفض للغاية.
نهاية الشراكة العائلية
تنتهي الشراكة العائلية بين كارترايت وتمبلت في عام 2026، وينص العقد على أنه ما لم يتفق الطرفان على إنهائها مبكراً، يجب أن تظل الشراكة سارية.
كان لدى تمبلت خيار آخر لفض الشراكة. ففي ولاية مين، يمكن أن تنهي المحكمة شراكة محدودة إذا كان الحفاظ عليها أمر غير عملي. وطلب تمبلت من المحكمة فض ملكية الشركة والإشراف على بيعها. وفي غضون ذلك، عين المدير العام للشركة، تيري يونغ، وصياً مؤقتاً عليها، مع إعطائه سلطة إنهاء الخلافات بين المالكين.
عمل يونغ في شركة هاردوود برودكتس لمدة 20 عاماً، وكان طوال معظم ذلك الوقت يعمل كوسيط بين كارترايت وتمبلت. وبعد أسابيع قليلة من رفع تمبلت للدعوى القضائية، تقاعد يونغ، وبعدما وصل إلى منزله الجديد في فلوريدا، رفض التعليق.
كان الأدميرال غيروير هو الشخص الوحيد الذي استطاع جمع كارترايت وتمبلت معاً، ولو من خلال مكالمة هاتفية واحدة فقط. فبعد أن كشف تمبلت عن الدعوى القضائية لمسؤولي البيت الأبيض، تحدث غيروير مع ابني العم، وشكرهما على خدمتهما، وطلب منهما تجاوز خلافاتهما.
يقول الأدميرال: "أتذكر أنني أخبرتهما عن مدى أهميتهما". وأضاف: "قلت لهما إنهما قد لا يدركون ذلك الآن، لكن الكثير من جهود التصدي للوباء ستعتمد عليهما. وأضفت أن الولايات المتحدة تعتمد عليهما".
تقول راشيل بيتيل، النائب السابق لرئيس الموظفين في مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، والتي تمثل حلقة اتصال مع بيوريتان، إن المكالمة استمرت بضع دقائق فقط وكان غيروير هو الشخص الوحيد الذي يتحدث.
تضيف بيتيل: "كان غيروير يعلم أنهما بحاجة إلى نوع من الخطاب التحفيزي". واستطردت: "لا أعتقد أن أياً منا أدرك مدى أهمية هذه المكالمة في تاريخ الخلاف الموجود بشركة بيوريتان. ويبدو أن تمبلت كان موافقاً على ما قاله غيروير. وعندما تحدث تمبلت بعد ذلك إلى بيتل، قال لها: "هذا بالضبط ما كنا نحتاج إلى سماعه".
في أبريل 2020، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها تستثمر 75.5 مليون دولار في بيوريتان لمضاعفة إنتاجها من المسحات ذات الأطراف الرغوية المستخدمة في اختبار المستضدات السريعة. وقامت الشركة بتجديد مصنع شبة متوقف تبلغ مساحته 95000 قدم مربع في بيتسفيلد في غضون 8 أسابيع، حيث قامت شركة المقاولات الحكومية باث آيرون ووركس ببناء آلات تغليف المسحات في المصنع، خلال ربع الوقت المطلوب عادة. وينتج هذا المصنع الآن حوالي 100 مليون مسحة شهرياً.
وفي الرابع من يونيو الماضي، مر موكب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من أمام مقرات شركة بيوريتان، وكان ترامب وقتها هو أول رئيس حالي يزور غيلفورد بصفة رسمية، واصطف السكان في الشوارع لاستقباله، وتحدث ترامب إلى حشد كبير ضم مالكي شركة بيوريتان. ولاحظ الموظفون أن هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها الكثيرون كارترايت وتمبلت معاً. وقال الرئيس الأمريكي السابق: "بفضل تفاني الرجال والنساء في هذا المكان، أصبحت أمريكا رائدة حول العالم في اختبارات فيروس كورونا". وأضاف ترامب: "الآن تقوم بيوريتان بعمل أفضل مما كان عليه في أي وقت مضى، وتحسنت بفارق كبير، أليس كذلك؟" وفي الواقع، فقد تحسنت أعمال بيوريتان بفارق كبير فعلاً.
فبعد شهر واحد من خطاب ترامب، تلقت بيوريتان منحة إضافية بقيمة 51.2 مليون دولار من قانون الرعاية، وأعادت تخصيص منشأة ثانية في بيتسفيلد لإنتاج حوالي 50 مليون مسحة بلعومية متدفقة شهرياً. وفي شهر نوفمبر الماضي، تلقت الشركة دعم إضافي بنحو 11.6 مليون دولار من الأموال الأخرى، وفي شهر يناير الماضي، تم السماح بمبلغ إضافي قدره 110 ملايين دولار لشركة بيوريتان لشراء معدات لزيادة إنتاج مسحاتها ذات الرؤوس الرغوية. ومن المرجح أيضاً أن تمول الحكومة إنشاء مصنع بيوريتان الرابع في ولاية تينيسي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع، ولم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم أثناء مناقشتهم لبعض الأمور الخاصة.
قامت الحكومة الأمريكية باستثمار متواضع في شركة كوبان أيضاً. وفي شهر سبتمبر الماضي، قدمت الحكومة للشركة 10 ملايين دولار للمساعدة في زيادة إنتاج المسحات ذات الرأس المتدفق في مصنعها ببورتوريكو.
سوق المسحات
رغم استثمار الحكومة الأمريكية في كوبان، إلا أن بيوريتان تحتكر تقريباً سوق مسحات كوفيد - 19 في الولايات المتحدة الآن، وهي في وضع يسمح لها بالسيطرة على سوق المسحات الطبية العالمي، والذي يمكن أن تصل قيمته إلى 4 مليارات دولار، بحلول عام 2027.
ورغم توزيع اللقاحات إلا أن الفيروس لن يختفي، فمن المرجح أن تستمر السلالات الجديدة في الظهور، وسيظل الاختبار مهماً. وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن المنافسين الجدد لشركة بيوريتان يمثلون تهديداً كبيراً. وصمم الخبراء مسحات اختبار مصبوبة باستخدام الحقن والطباعة ثلاثية الأبعاد، لكن إنتاجها مكلف، والأطباء مترددون في التحول إلى الأجهزة التي تنتجها الشركات الجديدة.
بدأت إحدى الشركات المصنعة لفرش الأسنان في ولاية ويسكونسن في صنع مسحات متدفقة في شهر مايو الماضي، وبحلول سبتمبر كانت الشركة قد أنتجت 20 مليون قطعة.
أيضاً، قامت شركة يو إس كوتون إل إل سي، التي اشتهرت بصنعها للأعواد القطنية - بتعديل 7 من آلاتها البالغ عددها 180 للتحول من استخدام القطن - الذي يتعارض مع نتائج اختبار كوفيد -19 - إلى استخدام مسحات البوليستر المغزولة.
وفقاً لجون نيمز، الرئيس التنفيذي ليو إس كوتون إل إل سي، تنتج الشركة حوالي 80 مليون مسحة شهرياً لاختبار كوفيد، وتخطط لمواصلة التوسع لتلبية الطلب. لكن أجهزتها غير قادرة على إنتاج المسحات الرغوية أو المتدفقة، والتي لا يزال يفضلها الوسط الطبي.
قد يؤدي ظهور الاختبارات القائمة على أخذ عينة من اللعاب إلى إضعاف نمو مبيعات بيوريتان إلى حد ما، حيث يكون الحصول على العينة عبر البصق في أنبوب أو على شريط من الورق أقل إزعاجاً إلى حد كبير من أخذ مسحة من الأنف. لكن اختبارات اللعاب لها عيوبها، حيث يمكن أن تعاني مثلاً من التسرب أثناء نقلها، كما ستستمر بيوريتان في الاستفادة من اتفاقها المربح مع الحكومة الأمريكية.
رغم الفوائد التي جنتها شركة بيوريتان من وراء انتشار الوباء القاتل، وفرصة العمل غير العادية التي أتيحت لها، إضافة إلى ضخ ربع مليار دولار من التمويل الفيدرالي فيها، إلا أن هذا لم يهدئ نزاع أبناء العمومة.
انتظار الوقت المناسب
تظهر سجلات المحكمة أنهما تشاجرا حتى على مكان التقاضي، حيث سعى كارترايت لنقل القضية إلى مقاطعة بيسكاتكيس، حيث يعيش، لكن تمبلت طالبه ببقاء القضية في مقاطعة كمبرلاند حيث يعيش. وعندما قدمت بيزنس ويك طلباً للإطلاع على ملف القضية، اختلفا حول ذلك أيضاً. وحاول كارترايت منع وصول بيزنس ويك لملف القضية، واختارت تمبلت عدم القيام بذلك.
في شهر مارس من الماضي، مع بدء فرض قيود الإغلاق، أراد تمبلت تسريع القضية بسبب الدور الحاسم الذي تلعبه بيوريتان في التصدي لوباء كوفيد-19. واعترض كارترايت على ذلك، وفي شهر أبريل، مع ارتفاع معدلات الإصابة، قدم كارترايت دعوى مضادة رفض فيها جميع مزاعم تمبلت، بما في ذلك وصول العلاقة بينهما إلى طريق مسدود، وطلب من المحكمة بدلاً من ذلك أن تطلب من تمبلت إعادة بيع حصته إلى الشركة، واعترض تمبلت على هذا الطلب.
اتهم كارترايت تمبلت بالبحث عن فرص عمل "سراً" وتقديم الشكوى الأصلية، وإرسال بيان صحفي لاحق، كجزء من "حملة تشويه" ضده. ويزعم كارترايت أن تمبلت أراد بيع الشركة وليس حمايتها، وقال في رده: "تمبلت يصر على أنه يجب على كل من يملك مصلحة في هذه الشركة العائلية أن يوافق على البيع؛ لأن جون كارترايت لا يتفق كثيراً مع تمبلت، ويمكن لتمبلت جني المزيد من المال عن طريق البيع لطرف ثالث، حتى يضايق أي شخص آخر في العائلة".
تشير الوثيقة التي تقدم بها تمبلت في شهر مايو الماضي إلى أن الوباء أدى إلى تفاقم الخلاف بين أبناء العم، وقالت الوثيقة: "الزيادة الهائلة في الطلب على مسحات بيوريتان، والحاجة إلى اتخاذ قرار حاسم للاستجابة لهذا الطلب، من بين العوامل الأساسية التي تسببت في صراع مستمر وخطير بين كارترايت وتمبلت".
في شهر يوليو الماضي، مع ارتفاع عدد القتلى في الولايات المتحدة إلى أكثر من 150 ألفاً، طلب تمبلت فترة توقف مؤقتة؛ حتى لا تشتت القضية انتباه بيوريتان. ولكن كارترايت اعترض على هذا الطلب، وزعم أن تمبلت أراد تأخير القضية حتى يتمكن من "تحديد أرقام الوباء على أنها أرقام المبيعات". وقال كارترايت: "تمبلت اختار هذه المعركة ويجب ألا يُسمح له بالتراجع عنها؛ لأن ذلك سيكلفه بعض الوقت والمال، ولأنه يريد مزيداً من الوقت ليرى ما ستؤول إليه الأمور، قبل أن يقرر ما إذا كان داخل أو خارج شركة العائلة".
ويقول أحد الأقارب إن أبناء العم "يتسامحون" مع بعضهم البعض، ويتواصلون فقط عند الضرورة. وقال القاضي: "لقد كانوا قادرين على تنحية خلافاتهم جانباً - على الأقل في الوقت الحالي - من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن ترتيب استثنائي ومربح على الأرجح". ولا تزال الشركة مشغولة بالإنتاج، والقضية معلقة، وتمبلت وكارترايت ينتظران الوقت المناسب.