بلومبرغ
عندما حصلت باولا سانتانا على منحة "فولبرايت" قبل عقد من الزمان، انتقلت من جمهورية الدومينيكان إلى العاصمة واشنطن للحصول على درجة الماجستير في قانون المشتريات الحكومية.
بعد تخرجها، توقعت سانتانا أن تقوم بإصلاح الأنظمة الحكومية المختلة من خلال العمل في الحكومة، ولكن آل بها الأمر، بدلاً من ذلك، إلى تأسيس شركتين ناشئتين في وادي السيليكون، متخصصتين في معالجة أوجه القصور الحكومية في دعم المنتج المحلي.
وفي عام 2017، أطلقت سانتانا في سان فرانسيسكو أحدث مشاريعها، "سوشيال غلاس" Social Glass، بهدف تطوير برنامج للعاملين في الحكومة، لكي يُسّهل عليهم القيام بوظائفهم.
وينصب تركيز سانتانا الحالي على إطلاق السوق الإلكترونية، "غلاس كوميرس" Glass Commerce، والتي سيستخدمها المشترون الحكوميون في شراء منتجات تتراوح من أقنعة N95 إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة، من شركات يُشترط فيها أن تكون مملوكة محلياً أو مملوكة للنساء. كما تُسهل السوق الإلكترونية على أصحاب الأعمال، الذين يفتقرون إلى الخبرة التعاقدية، البيع لحكومات الولايات والحكومات المحلية. إلا أن هذه المهمة قد تبدو شاقة للغاية بالنسبة لأي شخص ليس على دراية بطرق المشاركة ببرامج المشتريات الحكومية.
تقول باولا إن "أسلوب حديث الحكومات يكون أقوى بكثير عندما تتطرق إلى التحدّث عن كيفية إنفاق أموالها،" وترى أن تعافي الاقتصادات المحلية المتضررة من وباء كورونا سيكون سريعاً للغاية، إذا حاول المشترون من الحكومة والحكومات المحلية توجيه المزيد من مئات الملايين من الدولارات التي ينفقونها سنوياً إلى الشركات الصغيرة في مجتمعاتهم.
برامج المشتريات الحكومية
تبدو رؤية سانتانا لتشجيع المنتج المحلي بعيدة النظر للغاية، في ظل إغلاق مئات الآلاف من الشركات الصغيرة بشكل دائم بعد مرور عام على عمليات الإغلاقات الناتجة عن الوباء.
يقول كينيدي سميث، الباحث الأول في معهد الاعتماد المحلي على الذات "Institute for Local Self-Reliance"، الذي كان يتابع تطور "غلاس": "أصبحت الكثير من المدن أكثر جرأة بشأن التأكد من ذهاب أموال مشترياتها إلى الشركات المحلية. لا تدرك الكثير من الشركات الصغيرة أن لديها أشياء قد تهم الحكومات، ولكن العديد منها يملك تلك الاشياء فعلاً". ويعتقد سميث أن خطوات الرئيس بايدن بشأن تشجيع المزيد من شراء السلع الأمريكية ستساعد أيضاً.
في شهر فبراير، أصدر عمدة بوسطن مارتي والش، أمراً تنفيذياً يهدف إلى توجيه 10% من قيمة التعاقدات السنوية للمدينة إلى الشركات المملوكة للأقليات، و15% لتلك المملوكة للنساء. بدورها، بدأت فيلادلفيا بتنفيذ قانون في شهر نوفمبر يهدف إلى دعم الشركات المحلية التي تأمل في التعافي من الوباء. وتتخذ الولايات الأخرى مبادرات مماثلة، حيث سنّت ماريلاند أمراً تنفيذياً في شهر يناير لتفضيل الشركات الصغيرة في بعض العقود، فيما يحاول حاكم ولاية فرجينيا رالف نورثهام، تحديد هدف بمنح 23% على الأقل من عقود ولايته إلى شركات مملوكة للأقليات والنساء.
المساعدة على تجاوز تداعيات الوباء
عزّز الوباء من شركة سانتانا الناشئة، حيث أصبح المشترون الحكوميون في أشد الحاجة للحصول على الإمدادات اللازمة لإبطاء انتشار كوفيد-19، وبدت العشرات من الشركات المحلية أكثر استعداداً لمساعدة فريق سانتانا في عملية البيع. وبلغت إيرادات شركتها 3.6 مليون دولار في عام 2020، وتتوقع سانتانا وصولها إلى ما لا يقل عن 7 ملايين دولار في عام 2021. واليوم، يُمكن للمشترين الحكوميين، بما في ذلك مقاطعة بيرس بواشنطن ومختبر بيركلي الوطني وكلية ريتشموند المجتمعية في نورث كارولينا، طلب عروض الأسعار ومقارنتها، والتسوق لمعظم احتياجاتهم عبر أكثر من 200 بائع متواجد في "غلاس". وبحلول نهاية العام، تهدف سانتانا إلى زيادة عدد الشركات المحلية في سوقها الإلكتروني إلى حوالي 10 آلاف.
بينما تركز "غلاس" بشكل أساسي على الكيانات الحكومية والمحلية، حاولت الشركات والوكالات الأخرى بما في ذلك إدارة الأعمال الصغيرة Small Business Administration، منذ فترة طويلة زيادة عدد الشركات الصغيرة والمملوكة للأقليات التي تبيع للحكومة الفيدرالية. وكان الدافع وراء سعي تلك الأطراف الوصول للمشتريات الحكومية التي تم تحديدها لأول مرة منذ عقود، والتي قضت بمنح الشركات الصغيرة ما لا يقل عن 23% من قيمة العقود الفيدرالية. وتقول رينا باتيا، مؤسسة "بروبوزال هيلبر" في عام 2010، المتخصصة في مساعدة الشركات الصغيرة على استكمال العروض: "إن الحصول على العقود الفيدرالية أمر معقد، فأنت تحتاج إلى فهم كيفية كتابة العرض وفهم قواعد اللعبة. تنشر الحكومة كل شيء بشكل رائع، ولكنها لا تُسهل على الناس فهمه".
وتوسّعت شركة باتيا، المكوّنة من 60 شخصاً والتي تتعلق 70% من أعمالها بالحكومة الفيدرالية، لتساعد في العطاءات الحكومية والمحلية والتجارية، ولتخدم كل صناعة تقريباً، بما في ذلك إدارة الفعّاليات وخدمة الطعام والإنشاءات. وفي مارس 2020، أطلقت باتيا شركة الامتيازات التجارية، "بيد إكسيكز" BidExecs، من أجل المزيد من التوسّع. وتنصح باتيا أصحاب الأعمال الراغبين في الحصول على عقود ولكنهم غير قادرين على تحمل تكاليف الاستشاريين، بالتوجه للحصول على مشورة مجانية من البرامج التابعة لمؤسسات مثل "سكور" Score و"إس بي إيه" SBA في مراكز توعية المحاربين القدامى للأعمال ومركز الأعمال النسائية، اللذان يتواجدا في عدة مواقع بجميع أنحاء البلاد.
تحقيق المستهدف
نجحت الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة في تحقيق هدفها البالغ 23% في مخصصات المشتريات من الشركات الصغيرة رغم عجزها عن الوصول إلى أنواع قليلة من الشركات الصغيرة، وفقاً لتقرير خدمة الأبحاث في الكونغرس الصادر في شهر فبراير. ووجد تقرير صادر في عام 2015 عن مجموعة المناصرة، "بابليك سيتيزين" Public Citize، أن الحكومة الفيدرالية "تعتمد على منهجيات تقدم انطباعاً خاطئاً عن النسبة المئوية للمشتريات التي تتلقاها الشركات الصغيرة بالفعل". وأشار مقال صحفي عن الموارد في شهر فبراير إلى أن دراسات التباين، التي تُبيّن أوجه قصور واضحة في المشتريات البلدية، "لا تعني دائماً أن البلدية ستعالج التمييز المنهجي المتسبب في تفاوت الشراء بالمقام الأول". كما قال مقال نشرته "برو بابليكا" في وقت سابق من هذا الشهر، إن قرارات المحكمة الفيدرالية أضعفت التفضيلات العرقية في المشتريات، مما صعّب من تعافي بعض الشركات الأكثر تضرراً من الوباء.
تُسلط تلك الحقائق الضوء على أهمية تحسين طريقة عثور المشترين الحكوميين على الشركات الصغيرة المستوفية للمعايير المطلوبة. وتقول سانتانا: "يرغب المشترون الحكوميون المحليون في الشراء محلياً لأنهم يريدون إعادة توزيع دولارات دافعي الضرائب في المجتمع، ولكنهم لم يحصلوا على طريقة سهلة للقيام بذلك".