سام ألتمان يفتح صندوق "تشات جي بي تي" الأسود

مؤسس "أوبن أيه آي" يتحدث في أوسع مقابلة معه عن إيلون ماسك والذكاء الاصطناعي في عهد ترمب

time reading iconدقائق القراءة - 46
صورة تعبيرية يبدو فيها سام ألتمان مؤسس أوبن إيه آي المشارك - بلومبرغ
صورة تعبيرية يبدو فيها سام ألتمان مؤسس أوبن إيه آي المشارك - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بقلم: Josh Tyrangiel

في 30 نوفمبر 2022، كان موقع "أوبن إيه آي" بالكاد يتلقى زيارات، وكانت الأجواء في الشركة الصغيرة الناشئة هادئة جداً لدرجة أن مالكيها لم يكلفوا أنفسهم عناء متابعة تعداد الزوار. لكن ذلك كان آخر يوم هادئ في تاريخها، فما كاد يمرّ شهران حتى غصّ موقعها بأكثر من 100 مليون زائر يحاولون اسكتشاف تطبيق "تشات جي بي تي" الذي أذهلهم. ومنذ ذلك اليوم لم يبق أي شيء على حاله، بالأخص بالنسبة لسام ألتمان. 

يتحدث ألتمان في أوسع مقابلاته كرئيس تنفيذي لـ"أوبن إيه آي" عن ملابسات إقالته الشهيرة من الشركة لأربعة أيام، وطريقة إدارته لها، وخططه في ما يتعلق برئاسة ترمب–ماسك وسعيه الدؤوب لتطوير الذكاء الاصطناعي العام الذي ما يزال في الإطار النظري، واستعداده للمرحلة المقبلة من الذكاء الاصطناعي الذي سيمكّن الآلة من أداء أي مهمة ذهنية يقوم بها البشر.

  • رأى فريق عملك أن الوقت قد يكون مناسباً لاستعراض مجريات العامين الماضيين، والتطرق لبعض الأحداث والقرارات لتوضيح بعض الأمور. لكن قبل ذلك، هل يمكنك أن تخبرنا مجدداً عن مأدبة العشاء التي مهدت لإنشاء "أوبن إيه آي"؟ يبدو أن القيمة التاريخية لذلك الحدث تزداد يوماً بعد يوم.

يرغب الناس بسماع حكاية شيقة عن لحظة واحدة محددة حصل فيها كل شيء. لكن أقول بتحفظ، كان هنالك ما لا يقل عن 20 عشاء تأسيسياً في ذلك العام (2015)، كان لأحدها أن يبرز عمّا سواه ويتحدث عنه الجميع. بالنسبة لي شخصياً، العشاء الأهم كان الذي جمعني مع إيليا وحدنا في مطعم "ذا كاونتر" في ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا. (في إشارة إلى إيليا سوتسكيفر، الشريك المؤسس لـ"أوبن إيه آي"، وأحد أهم الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد شارك بصفته عضواً في مجلس الإدارة في إقالة ألتمان في نوفمبر 2023، ليعود ويعلن ندمه بعد أيام، ثمّ غادر "أوبن إيه أي" في مايو 2024).

بالعودة بالزمن أكثر قليلاً، لطالما أثار الذكاء الاصطناعي اهتمامي، فقد كان جزءاً من دراستي الجامعية. تلهيت عنه قليلاً، لكنني عدت إليه في 2012. عمل إيليا وآخرون على "أليكس نت" (AlexNet)، ورحت أراقب هذا التقدم وأقول في خلدي: "التعلم العميق يبدو حقيقياً وقابلاً للتوسع. إنه أمر هائل جداً ولا بد أن يطوره أحد".

["أليكس نت" التي أنشأها أليكس كريزيفسكي وإيليا سوتسكيفر وجيفري هينتون، استخدمت شبكة عصبية التفافية عميقة، وهي نوع قوي وجديد من البرمجيات الحاسوبية، للتعرف على الصور بدقة غير مسبوقة. هذا الإنجاز كان نقطة انطلاق رئيسية لتحقيق تقدم كبير في مجال الذكاء الاصطناعي].

بدأت بعقد لقاءات مع عدد كبير من الناس، أسألهم إن كانوا يوافقون على العمل على هذا المشروع. لا يمكنني أن أبالغ في وصف كم كانت فكرة الذكاء الاصطناعي العام خارجة على المألوف في 2014. كان الناس يخشون الحديث معي لأنني كنت أتكلم عن عزمي انشاء كيان لتطوير الذكاء الاصطناعي العام. بدا أن الأمر قد يعرضك للإلغاء أو يدمر مسيرتك المهنية. لكن كثيرين قالوا لي إن إيليا هو الشخص المناسب لأتحدث معه، لذا تتبعته في أحد المؤتمرات وتمكنت من محادثته في ردهة، وكان انطباعي أنه رجل ذكي جداً. أخبرته عمّا كنت أفكر به، واتفقنا أن نلتقي على العشاء. في أول عشاء لنا، تحدث، ولو ليس بنفس المصطلحات التي قد يستخدمها اليوم، عن استراتيجيتنا المتعلقة بطريقة بناء الذكاء الاصطناعي العام.

  • ماذا بقي اليوم في الشركة من روح ذاك العشاء؟

بشكل ما كلّها، كما أضيفت عليها أمور أخرى. الفكرة العامة هي أننا آمنا بالتعلم العميق، وآمنا بنهج تقني معيّن يوصلنا إليه، وبطريقة محددة للقيام بالبحوث والأعمال الهندسية معاً، وقد أدهشني حجم النجاح الذي حققناه.

حين تخطر لك هذه الأفكار، هي لا تنجح عادة، وطبعاً كانت هناك بعض الأمور في رؤيتنا الأصلية التي لم تنجح بتاتاً، منها بنية الشركة على سبيل المثال. [تأسست "أوبن إيه آي" عام 2015 كمؤسسة لا تبغى الربح، هدفت لضمان أن تستفيد كل البشرية من الذكاء الاصطناعي العام، ولكن ذلك طرح إشكالية، سنتطرق إليها لاحقاً]. أما اليقين بأن الذكاء الاصطناعي العام ممكن، والمراهنة على هذا النهج، والثقة بأنه إذا تحقق، فسيكون مهماً جداً للمجتمع، ففي ذلك أصبنا تماماً.

  • أبرز نقاط قوة طاقم "أوبن إيه آي" الأصلي كانت قدرته على استقطاب المواهب، فقد تمكنتم بطريقة ما من السيطرة على السوق وجذب عدد كبير من أفضل الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي مقابل أجر أقل بكثير مما يقدمه المنافسون. ما العرض الذي قدمتموه؟ 

كان العرض ببساطة أن يأتوا لبناء الذكاء الاصطناعي العام. وقد نجح ذلك، ولا أستطيع المبالغة في شرح كم كانت مقولة أننا سنبني ذكاءً اصطناعياً عاماً خروجاً عن السرب، وبها كنّا نقصي 99% من الأشخاص ولا نستقطب إلا مفكرين موهوبين ومبدعين حقاً. وهنا تكمن القوة.

فإذا كنت تعمل على شيء يعمل عليه كلّ الآخرين، مثلاً إذا كنت تبني التطبيق رقم 10000 لمشاركة الصور، سيصعب عليك استقطاب المواهب.

ولكن إذا أقنعتني أن لا أحد يقوم بهذا العمل، وركزت على مجموعة صغيرة من الموهوبين حقاً، فستقنعهم جميعهم بالانضمام إليك، وسيرغبون جميعاً بأن يعملوا معاً. لذا كان لدينا في وقتها عرض جريء أو حتى عجيب، نفر منه أصحاب الخبرات في المجال ولكنه جذب مجموعة من الشباب المتنوعين والموهوبين المستعدين للعمل على المشروع. 

  • كم من الوقت تطلب الاعتياد على أدواركم؟

كان معظم الأشخاص يعملون بدوام كامل، ولكنني كنت مرتبطاً بوظيفة أخرى.

[في 2014، كان ألتمان الرئيس التنفيذي لمسرع الشركات الناشئة "واي كومبينايتر" (Y Combinator) الذي أسهم في إطلاق شركات مثل "إير بي إن بي" (Airbnb) و"دروبوكس" (Dropbox) و"سترايب" (Stripe) وغيرها].

لذا كانت مشاركتي محدودة جداً في البداية، لكن مع الوقت ازددت شغفاً بالمشروع. وبحلول 2018، كنت قد انخرطت تماماً في العمل. مع ذلك، ظللنا لفترة من الوقت نعمل وكأننا رابطة أخوية. كان إيليا وغريغ يديران المشروع [في إشارة إلى غريغ بروكمان، أحد المؤسسين الشركاء لـ"أوبن إيه آي" ورئيسها الحالي]، فيما كان كل شخص مسؤولاً عن عمله.

  • يبدو أنك تحنّ إلى السنوات الأولى؟

لا شكّ أن تلك السنوات كانت الأمتع في تاريخ "أوبن إيه آي". ولا أعني أن الأمور لم تعد ممتعة، لكن أن تكون جزءاً من مرحلة أعتقد أنها ستكون واحدة من أعظم حقبات الاكتشاف العلمي من حيث التأثير على العالم بأسره، هي تجربة تحصل مرة في العمر إذا كنت محظوظاً جداً. 

  • أصبحت الرئيس التنفيذي في 2019، كيف حصل ذلك؟

كنت أحاول أن أجمع بين عملي في "أوبن إيه آي" و"واي كومبينايتر"، وكان ذلك شاقاً. ثمّ سحرتني فكرة أننا سنبني الذكاء الاصطناعي العام.

الطريف أنني حينها كنت أتصور أننا سنحقق ذلك بحلول 2025، ولكن ذلك كان مجرد رقم عشوائي، مبني فقط على فكرة أن 10 سنوات ستكون قد مرت منذ باشرنا العمل. يمزح الناس قائلين إن جلّ ما كنت أفعله في تلك الفترة كان الدخول إلى الاجتماعات لأطلب منهم الانكباب على زيادة القدرات، هذا ليس صحيحاً، ولكن هكذا كانت روحية الفترة.

  • التاريخ الرسمي لإطلاق "تشات جي بي تي" كان 30 نوفمبر 2022، هل تشعر كما لو كان ذلك قبل مليون سنة أو في الأسبوع الماضي؟

(يضحك). سأبلغ 40 سنةً العام المقبل. يوم عيد ميلادي الثلاثين، كتبت مدونة تحت عنوان "الأيام طويلة، لكن العقود قصيرة". تواصل معي أحدهم عبر رسالة إلكترونية هذا الصباح ليقول إن هذه تدوينته المفضلة وإنه يقرأها كلّ عام، وسألني ما إذا كنت سأكتب تحديثاً لها حين أبلغ الأربعين. أضحك لأنني قطعاً لن أكتب أي تحديث، لكن لو فعلت، فسيكون عنوانه: "الأيام طويلة والعقود طويلة جداً"، لذا أشعر أن وقتاً طويلاً قد مرّ.

  • حين تبين أن المشروع سيكون ضخماً جداً مع بدء تدفق المستخدمين، هل مرّت عليك لحظة قلت فيها يا للهول؟

لا بدّ أن أذكر أمرين. أولاً، كنت أعتقد منذ البداية أن المشروع سيحالفه النجاح، ولكن بقية من في الشركة كانوا يسألون "لماذا تجبرنا على إطلاقه هكذا؟ إنه قرار سيئ، ليس جاهزاً بعد". نادراً ما أتخذ قرارات آمرة، لكن كان هذا أحدها.

كان لدى "واي كومبينايتر" رسم بياني شهير كان يرسمه P.G [إشارة إلى بول غراهام، مؤسس "واي كومبينايتر" الذي يعدّ أشبه بفيلسوف في مجال الشركات الناشئة والتقنية]، يتضمن خطوطاً متعرجة تشير إلى الإمكانيات، ثمّ تلاشي حداثة المنتج، ثمّ انخفاضه لفترة طويلة، ثمّ تعرجات تظهر اتخاذ المنتج مكانته الحقيقية في السوق، وبعدها ينطلق.

ذلك جزء من إرث "واي كومبينايتر". خلال الأيام القليلة الأولى التي طرحنا فيها "تشات جي بي تي"، كان يسجل استخداماً في النهار أكثر من الليل، وكان الفريق يهزأ قائلاً إنه يتعثر. ولكن إذا تعلمت شيئاً خلال عملي في "واي كومبينايتر" هو أنه إن كان كلّ انخفاض يكون إلى مستوى أعلى من الذروة التي سبقته، يعني ذلك أن ثمة أمراً مختلفاً يحصل. بدا الأمر كذلك خلال الأيام الخمسة الأولى، وأدركت أن ما لدينا هو أمر لا نوفيه قدره".

دفعنا ذلك إلى المسارعة للحصول على قدرة حاسوبية أكبر لم تكن لدينا حينذاك [في إشارة إلى قوة المعالجة والموارد، مثل وحدات المعالجة المركزية (CPUs) ووحدات معالجة الرسوميات (GPUs) ووحدات معالجة التنسور (TPUs) اللازمة لتدريب وتشغيل أو تطوير نماذج التعلم الآلي] لأننا أطلقنا البرنامج دون أن يكون لدينا نموذج عمل أو حتى فكرة عن نموذج العمل.

أتذكر في أحد الاجتماعات في ديسمبر قلت: "أنا منفتح على أي فكرة تمكننا من تسديد هذه التكلفة، ولكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو".

طُرحت أفكار رديئة جداً، ولم تُطرح أي أفكار جيدة. لذا قلنا: "حسناً، فلنجرب اعتماد الاشتراكات، وسنرى ما يحصل". وهذا ما حدث. أطلقنا في البداية "تشات جي بي تي 3.5" وكنا ندرك أن تشات "جي بي تي 4" مقبل، وكنا نعرف أنه سيكون أفضل. وحين بدأت أتحدث مع المستخدمين عن أسباب استخدامهم، أدركت أن بإمكاني تحسين هذه الأمور أيضاً. استمرينا في تحسينه بسرعة، وقد قاد ذلك إلى لحظة الانتشار الإعلامي العالمي أو ما تريد أن تسميه.

 

  • هل أنت شخص يستمتع بالنجاح؟ هل تمكنت من الاستمتاع به أم شعرت بالقلق حيال المرحلة المقبلة من التوسع؟

هنالك أمر غريب بشأني أو بشأن مسيرتي المهنية. المألوف هو أن تدير شركة كبرى ناجحة، ثمّ حين تبلغ خمسيناتك أو ستيناتك وتتعب من العمل الشاق، تتجه للاستثمار المغامر. من النادر أن تكون مستثمراً مغامراً في البداية، ولديك تاريخ مهني طويل في هذا المجال، ثمّ تدير شركة.

الأمر قد يحمل سيئات من عدة نواح، لكن بالنسبة لي كانت هناك ناحية إيجابية، وهي أنك ستكون مدركاً لما سيحصل لك لأنك سبق ورأيته يحصل لغيرك، وقدمت نصائح لأشخاص كثر بشأنه. أدركت أنني شديد الامتنان ولكنني أيضاً مقيّد إلى صاروخ، وحياتي ستنقلب رأساً على عقب، وهذا ليس ممتعاً. تلقيت كثيراً من الدعابات السوداء بشأن هذا.

قال ضاحكاً: كان شريكي في الحياة يتلو حكايات عن تلك الحقبة حين كنت أعود إلى البيت فأجده يقول: "هذا أمر عظيم"، فأجيب: "هذا سيئ جداً، وهو سيئ جداً عليك أيضاً، ربما لا تدرك ذلك لكنه سيئ جداً عليك".

  • أنت تتمتع بالشهرة في وادي السليكون منذ مدة طويلة، ولكن انطلاقة "تشات جي بي تي" منحتك شهرة عالمية بسرعة لم يحظ بها إلا نجوم مثل سابرينا كاربتنر أو تيموتيه شالاميه. هل عقد ذلك قدرتك على إدارة القوة العاملة؟

لقد عقّد ذلك قدرتي على عيش حياتي. ولكن في الشركة، سواء كنت رئيساً تنفيذياً مشهوراً أو غير مشهور، كل ما سيسألونك عنه هو "أين وحدة معالجات الرسومات الخاصة بي؟".

أشعر بوجود هذه المسافة في كلّ نواحي حياتي الأخرى، وهذا أمر غريب بالنسبة لي. أشعر بذلك حين أكون مع الأصدقاء القدامى أو الجدد، أو أي شخص عدا المقربين. وربما أشعر بذلك أيضاً في العمل حين أتواجد مع أناس لا أتعامل معهم عادةً، مثلاً إذا اضطررت لحضور اجتماع مع أشخاص لا ألتقي بهم عادة، أحس بهذه المسافة. لكنني أقضي معظم وقتي مع الباحثين، وصدقني إن رافقتني إلى اجتماع الباحثين بعد هذه المقابلة، فلن ترى من حولك إلا عدم الاحترام، وهذا أمر رائع.

  • هل تذكر اللحظة التي خطر لك فيها للمرة الأولى بأن شركة ربحية تتلقى استثمارات خارجية بمليارات الدولارات تخضع إلى مجلس إدارة غير ربحي قد تطرح مشكلة؟

كانت هناك لحظات كثيرة على الأرجح، لكن ذلك العام كان ضبابياً جداً، لدرجة أكاد لا أذكر الوقائع بين نوفمبر 2022 ونوفمبر 2023. أشعر حرفياً وكأننا بنينا شركة كاملة من الصفر تقريباً خلال 12 شهراً، وبطريقة علنية جنونية. 

حين أعود بالذكرة إلى الوراء، أجد الدروس التي استخلصتها هي أن الجميع يرددون أنهم لن يقعوا في الخطأ عند ترتيب الأولويات بين "المهم والعاجل"، لكن الجميع يهتمون بالعاجل.

[يُقال إن دوايت أيزنهاور كان دائماً ما يكرر عبارة "ما هو مهم نادراً ما يكون عاجلاً، وما هو عاجل نادراً ما يكون مهماً" لدرجة أنها أدت لابتكار "مصفوفة أيزنهاور"، وهي أداة لإدارة الوقت تقسم المهام إلى أربعة أقسام:

عاجل ومهم: مهام يجب تنفيذها على الفور.
مهم ولكن غير عاجل: مهام يجب جدولتها لوقت لاحق.
عاجل وغير مهم: مهام يجب تفويضها لآخرين.
غير عاجل وغير مهم: مهام يجب تجاهلها.
عادة ما تكون الشركات الناشئة مدركة لحكمة "مصفوفة أيزنهاور" لكنها تتجاهلها عندما تزدحم الأمور عليها].

لذا يمكنني أن أقول إن لحظة اعترافي بالواقع وبأن هذا النهج لن ينجح كان عند حوالي الساعة 12:05 ظهر يوم الجمعة ذاك.

[في 17 نوفمبر 2023، عند حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً بتوقيت كاليفورنيا، أبلغ مجلس إدارة "أوبن إيه آي" سام ألتمان بإقالته فورياً كرئيس تنفيذي. وقد تلقى الإخطار بذلك قبل إعلانها رسمياً بنحو 10 دقائق، وكان ذلك في اجتماع عبر "جوجل ميت" بينما كان يشاهد تغطية سباق الجائزة الكبرى للسيارات في لاس فيغاس].

  • حين انتشر خبر إقالتك من منصبك كرئيس تنفيذي، أحدث ذلك حالة صدمة، لكنك تبدو شخصاً لديه ذكاء عاطفي قوي. هل استشعرت بأي توتر قبل ذلك؟ وهل كنت تعرف أنك أنت مصدر هذا التوتر؟


لا أعتقد أنني شخص لديه ذكاء عاطفي قوي، ولكن بالنسبة لي كان الأمر جلياً. لطالما كانت لدينا طريقة للتنسيق بين الأمان والقدرات ودور مجلس الإدارة وكيفية التوفيق بين كلّ هذه الأمور. لذا كنت أدرك أن ثمة توتر، وأنا لست بشخص ذي ذكاء عاطفي عال، لذا على الأرجح كانت هناك إشارات إضافية أخرى. 

حصلت أمور مزعجة عدة في عطلة نهاية الأسبوع تلك. ربما لا أتذكر جيداً بعض تفاصيل ذلك الوقت، لكن ما حدث أنهم أقالوني ظهر الجمعة، وبحلول المساء، كان عدد من الأشخاص قد قدموا استقالاتهم. وفي الليل، ارتأيت أن نتجه إلى تأسيس مشروع جديد للذكاء الاصطناعي العام. وفي وقت لاحق من ليل الجمعة، كان بعض أعضاء الفريق التنفيذي يقولون "نعتقد أنه بالإمكان التراجع عمّا وقع، اطمئن وانتظر".

صباح السبت، اتصل بي عضوان من مجلس الإدارة للحديث معي عن عودتي. في البداية كنت غاضباً جداً، فرفضت. ولكنني عدت وقبلت لاحقاً لأن أمر "أوبن إيه آي" يهمني كثيراً، ولكنني اشترطت أن يوافق كامل مجلس الإدارة. أتمنى لو أنني اخترت مساراً مختلفاً، ولكن في ذلك الوقت بدا هذا الطلب ملحاً.

ثمّ اختلفنا حول مجلس الإدارة لفترة، وكنا نحاول التفاوض حول مجلس إدارة جديد. اقترحوا بعض الأفكار، ولكنني اعتبرتها سخيفة، وطرحت أنا بعض الأفكار، اعتبروها هم سخيفة. ولكنني ظننت أننا توصلنا إلى اتفاق عام. بلغت أقاصي غضبي في كلّ تلك المرحلة يوم الأحد، فبين السبت والأحد، كانوا يرددون: "شارف الأمر على الانتهاء، ونحن بانتظار المشورة القانونية فقط، وموافقة أعضاء مجلس الإدارة قيد الصياغة". ظللت أقول لهم: "إنني أحافظ على الشركة، ولديكم كل السلطة، هل حقاً تقولون الحقيقة؟" وكانوا يجيبون "نعم، ستعود". لكن في المساء، أعلنوا فجأة تعيين إيميت شير رئيساً تنفيذياً وبذلك بلغ السيل الزبى، لأن ما حدث كان خداعاً حقيقياً. بحلول صباح الإثنين، حين لوّح كثيرون بالاستقالة، أدركوا أن عليهم تغيير مسارهم. 

  • قال المجلس إنه أجرى تحقيقاً داخلياً واستنتج أنك "لم تكن صريحاً دائماً" في تواصلك معهم. هذا كلام محدد. هم يعتقدون أنك كنت تكذب أو تخفي معلومات عنهم، ولكنه مبهم أيضاً بما أنه لا يشير بالتحديد إلى الأمر الذي لم تكن صريحاً بخصوصه. هل تعلم ما الذي يقصدونه؟

سمعت قصصاً مختلفة، منها مثلاً "لم يبلّغ سام المجلس أنه سوف يطلق "تشات جي بي تي"، ولكنني أتذكر ذلك وأفسره بطريقة مختلفة. مع ذلك، الحقيقة هي أنني قطعاً لم أقل "سنطرح هذا المنتج وسيكون عظيماً". وأعتقد أن بعض الأمور فُسرت على هذا المنوال بشكل غير عادل. وما أدركه أكثر أنني واجهت مشاكل مع عدد من أعضاء مجلس الإدارة حول ما أرى أنها نزاعات أو سلوكيات إشكالية، واستاءوا من الطريقة التي حاولت فيها إخراجهم من المجلس. وقد تعلمت درساً من ذلك.

  • هل يمكنني أن أطرح نظريتي؟

طبعاً.

  • أدركتَ في مرحلة ما أن هيكلية "أوبن إيه آي" تخنقها وقد تقتلها في مهدها، لأن شركة لا تبغي الربح دافعها تحقيق رسالة ولا يمكنها التنافس للحصول على القوة الحاسوبية، أو خوض التحولات السريعة اللازمة من أجل ازدهار "أوبن إيه آي". أما مجلس الإدارة فكان يتألف من أشخاص مؤمنين بالفكرة الأصلية، يفضلون الحفاظ على النقاء أكثر من البقاء. لذا بدأت تتخذ قرارات تمكّن "أوبن إيه آي" من المنافسة، ما تطلب قدراً من مخادعة مجلس الإدارة.

لا أعتقد أنني كنت أوارب. أقصى ما يمكنني قوله هو أن ذلك كان خدمة لسرعة الحركة، لم يكن لدى المجلس الصورة الكاملة. ثمّ بدأ الحديث عن أن "سام يملك صندوق الشركة الناشئة ولم يخبرنا". وما حصل هو أنه لدينا بنية معقدة. إذ أن "أوبن إيه آي" نفسها لا يمكنها امتلاك الصندوق، ولا يمكن لمن يملك أسهماً في "أوبن إيه آي" أن يملكه. بما أنني كنت الشخص الوحيد الذي لا يملك أسهماً، أصبحت بشكل مؤقت المالك أو الشريك العام للصندوق إلى حين إنشاء هيكل مناسب لنقل الملكية. [وفقاً لتقرير مُقدم إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات في 29 مارس 2024 عُيّن إيان هاثاواي شريكاً عاماً جديداً لصندوق استثمارات الشركات الناشئة التابع لـ "أوبن إيه آي". يملك الصندوق حوالي 175 مليون دولار مكرسة للاستثمار في الشركات الناشئة المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي].

لدي رأي مختلف حيال وجوب إطلاع مجلس الإدارة على ذلك أو عدمه. لكن إذا كنت تسألني هل وجب التصرف بوضوح أكثر عند التواصل حول مثل هذه الأمور لتجنب أن يبدو الأمر مريباً؟ نعم، أقبل هذه الملاحظة. لكن هذا ليس خداعاً. كانت سنة جنونية، أليس كذلك؟ إنها شركة تسير بسرعة مليون ميل في الساعة بطرق مختلفة جداً. أشجعك على الحديث إلى أعضاء مجلس الإدارة الحاليين وسؤالهم عمّا إن كنت قمت بأي تصرفات مخادعة، لأنني أحرص على عدم القيام بذلك.
[يضم مجلس إدارة "أوبن إيه آي" الحالي إضافة إلى ألتمان كلاً من:

  • بريت تايلور (رئيس المجلس) وهو رئيس تنفيذي سابق لشركة "سيلزفورس"(Salesforce) وأحد مؤسسي "فريند فيد"( FriendFeed)
  • آدم دانجيلو: المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "كورا" (Quora)
  • لورانس سامرز: وزير الخزانة في عهد بيل كلينتون والرئيس السابق لجامعة هارفارد.
  • سو ديسموند-هيلمان: الرئيسة التنفيذية السابقة لـ"مؤسسة بيل وميليندا غيتس".
  • نيكول سيليغمان: النائبة التنفيذية السابقة للمستشار العام في شركة "سوني".
  • فيدجي سيمو: الرئيسة التنفيذية ورئيسة مجلس إدارة "إنستاكارت" (Instacart).
  • بول ناكاسوني: المدير السابق لوكالة الأمن القومي (2018-2024).
  • زيكو كولتر: عالم حاسوب متخصص في التعلم الآلي وأمان الذكاء الاصطناعي.]

أعتقد أن مجلس الإدارة السابق كان صادقاً في قناعته وقلقه من وقوع خطأ في تطوير الذكاء الاصطناعي العام.

إحدى السيدات الأعضاء في مجلس الإدارة حينذاك قالت للفريق هنا في نهاية ذلك الأسبوع أمراً أثار سخرية البعض منها، وهو أن تدمير الشركة ربما يتوافق مع مهمة مجلس الإدارة غير الربحي. [أفادت تقارير بأن هيلين تونر، العضو السابقة في مجلس إدارة "أوبن إيه آي"، صرحت بوجود ظروف قد تجعل تدمير الشركة "متماشياً مع مهمة المجلس. وكان سام ألتمان قد تواجه مع تونر حول ورقة بحثية كتبتها، انتقدت فيها "أوبن إيه آي" لإطلاقها "تشات جي بي تي" بسرعة. كما أشادت تونر في الورقة بشركة "أنثروبيك" (Anthropic)، منافسة "أوبن إيه آي"، لتريثها وعدم "إثارتها الضجة حول الذكاء الاصطناعي"، حيث فضلت تأجيل إطلاق روبوت المحادثة الخاص بها]. 

أرى في ذلك شجاعة في التعبير عن الرأي، أعتقد أنها صادقة. ورغم أنني أختلف مع كلّ الاستنتاجات والإجراءات المحددة التي اعتُمدت، فأنا أحترم هذه القناعات، وأعتقد أن المجلس كان ينطلق من قناعة حقيقية بما يظنون أنه الصواب، رغم أنه لم يكن في محله. ربما كانوا مقتنعين أيضاً أن الذكاء الاصطناعي العام أصبح وشيكاً، وأننا لم نكن نتعامل معه بمسؤولية كافية. لذا، أحترم مواقفهم، رغم اختلافي مع تفاصيل كافة الأمور الأخرى.

  • واضح أنك خرجت منتصراً لمجرد جلوسك هنا. ولكن من قبيل التعاطف، ألم تشعر بالألم بسبب ما حصل؟

بلى، بالتأكيد. الجزء الصعب لم يكن المرور بهذه التجربة، إذ يمكنك تحقيق الكثير بفضل رعشة أدرينالين تستمر أربعة أيام. وكان جميلاً أن أرى الشركة ومجتمعي الأوسع يدعمونني، ولكن الأمر انتهى سريعاً وبات عليّ التعامل مع فوضى عارمة، كان الوضع يزداد سوءاً يومياً. فأتعامل مع تحقيق حكومي تلو الآخر، وتسريب أخبار مزيفة من قبل أعضاء مجلس الإدارة القديم إلى الإعلام. كلّ من شعرت أنهم طعنوني وطعنوا الشركة قد غادروا، والآن عليّ أن أنظف الفوضى التي أحدثوها. وقعت هذه الأحداث في مثل هذا الوقت من السنة (شهر ديسمبر)، وكان الظلام يحل عند الساعة 4:45 مساءً، وكان الجوّ بارداً وممطراً. كنت أسير وحدي في منزلي في الليل، أشعر بالإحباط والتعب. شعرت بالظلم. كان جنونياً أن تمرّ بكلّ ذلك ولا يكون لديك أي وقت للتعافي لأن النيران مشتعلة من حولك.

 

  • حين عدت إلى الشركة، هل شعرت بالحرج حيال اتخاذ قرارات كبرى أو القيام بإعلانات مهمة بسبب قلقك حيال الطريقة التي سيُنظر إليك فيها؟ لأطرح هذا السؤال بطريقة أبسط. هل شعرت أن بعض الناس سيعتقدون أنك سيئ، وشعرت بحاجة لإقناعهم أنك جيد؟

كان الأمر أسوأ من ذلك. تحسن الوضع حين انقشع الضباب. ولكن في الأيام القليلة الأولى، لم يكن أحد يعرف أي شيء.

حين كنت أمشي في الممرات، كان الناس يشيحون بأنظارهم. شعرت وكأنني مصاب بسرطان مميت. كان الناس متعاطفين ومشفقين، لكن لم يكن أحد يدري ما يجب أن يقول. كان ذلك صعباً جداً، لكنني أدركت أن أمامنا عمل معقد، وسأستمر في أداء مهمتي.

  • هل يمكنك أن تصف كيف تدير الشركة فعلياً؟ كيف تقضي أيامك؟ هل تتحدث مع المهندسين بشكل فردي؟ هل لديك وقت للتجول فيها؟

دعني أنظر إلى جدول أعمالي. نعقد اجتماعاً لفريق الإدارة التنفيذية لمدة ثلاث ساعات كل يوم إثنين. أما بالأمس واليوم، فقد عقدت ستة اجتماعات ثنائية مع المهندسين. لدي اجتماع بحثي مباشرة بعد هذه المقابلة. غداً، سنعقد عدة اجتماعات كبيرة تتعلق بالشراكات، بالإضافة إلى كثير من الاجتماعات حول الحوسبة، إذ أنني سأحضر خمس اجتماعات عن تعزيز قدرات الحوسبة. كما لدي ثلاث جلسات عصف ذهني تتناول تطوير المنتجات، وأختتم اليوم بعشاء مهم مع شريك رئيسي في مجال الأجهزة. هذا تقريباً هو نمط العمل. 

  • كم من الوقت تخصص للتواصل، سواء الداخلي أو الخارجي؟

الوقت الذي أخصصه للتداول الداخلي أكبر بكثير. لست كاتب رسائل إلكترونية ملهماً، ولكن أعقد كثيراً من الاجتماعات الصغيرة الثنائية، وأنفذ كثيراً من الأمور عبر تطبيق "سلاك".

  • فليكن الله في عونك. هل تدخل في التفاصيل عبر "سلاك"؟

أستخدم "سلاك" كثيراً، يمكنك جمع بيانات كثيرة من خلال التبادلات التي تحدث هناك. صحيح أن لا شيء يضاهي عقد اجتماعات مع فريق بحثي صغير من أجل التعمق في موضوع ما. ولكن إذا ما أردت الاطلاع على المعلومات على نطاق واسع، يمكنك الاستفادة كثيراً من هذه الطريقة.

  • سبق أن ناقشت مسألة تدخلك بقوة في ما يجب أن يبدو عليه "تشات جي بي تي" وتجربة المستخدم. هل هناك نواح تشعر فيها أن مهاراتك تلزمك بأن تكون لاعباً منخرطاً، لا مجرد مدرب؟

على هذا المستوى؟ ليس فعلاً. تناولت العشاء مع فريق "سورا" (Sora) [وهو برنامج متقدم لتوليد البصريات بواسطة الذكاء الاصطناعي، طُرح للجمهور في 9 ديسمبر 2024]، وكنت أحمل معي صفحات من الاقتراحات التفصيلية، لكن الأمور لا تجري هكذا عادة.

في الاجتماع الذي سيلي هذه المقابلة، سأحمل اقتراحاً محدداً جداً للفريق البحثي حول ما أعتقد أنه يجب أن يركزوا عليه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مع كثير من التفاصيل الدقيقة، لكن هذا أيضاً استثنائي.

  • تحدثنا قليلاً عن كيفية تعارض البحث العلمي أحياناً مع البنية المؤسساتية للشركات. لقد فصلت قسم البحوث عن باقي الشركة ووضعته في مبنى مستقل على بعد كيلومترات. هل من غاية رمزية وراء ذلك؟

كلا، الأمر يتعلق فقط باللوجستيات والتخطيط للمساحة. سننتقل إلى مجمع كبير جميعنا في مرحلة ما، وسيبقى لفريق البحوث منطقته الخاصة. فحماية البحوث الجوهرية مهمة جداً لما نفعل. 

  • حمايتها من ماذا؟

تقليدياً، تنطلق الشركات في وادي السليكون من التركيز على منتج واحد، وحين تتقنه، تنتقل إلى طرحه على نطاق واسع. وفيما توسع نطاقك، طبيعي أن يتباطأ نموّ الإيرادات كنسبة مئوية. وفي مرحلة ما، قد يخطر للرئيس التنفيذي إنشاء مختبر بحثي لتطوير أفكار جديدة وزيادة النموّ.

نجح ذلك بضع مرات عبر التاريخ، وأشهر الأمثلة على ذلك "بيل لابز" (Bell Labs) و"زيروكس" (Xerox)، لكن في أغلب الأحيان، لا ينجح الأمر. في أغلب الأحيان، تكون الشركة التي تركز على منتج جيدة جداً ويكون مختبرها البحثي رديئاً جداً. نحن محظوظون لأن الشركة التي ارتبطنا بها هي شركة التقنية الأسرع نمواً في التاريخ ربما، أو أقله منذ وقت طويل جداً. لكن يمكن لذلك أن يطغى بسهولة على سحر البحوث، ولا أنوي السماح بحدوث ذلك.

نحن هنا من أجل بناء الذكاء الاصطناعي العام والذكاء الخارق وأكثر أيضاً. وسنصادف أموراً مذهلة في طريقنا نحو ذلك، يمكن لأي منها أن تشتت انتباهنا عن الجائزة الكبرى. وأنا أعتقد أنه مهم جداً ألا يتشتت انتباهنا.

  • لقد توقفتم كشركة عن الحديث عن الذكاء الاصطناعي العام، وبدأتم تتحدثون عن الذكاء الاصطناعي ومستوياته، ولكن على الصعيد الشخصي تتكلم عن الذكاء الاصطناعي العام.

أعتقد أن مصطلح "الذكاء الاصطناعي العام" أصبح يستخدم عشوائياً. إذا نظرت إلى مستوياتنا الخمس، ستجد أشخاصاً يشيرون إلى كلّ منها على أنها ذكاء اصطناعي عام، أليس كذلك؟ والهدف من هذه المستويات هو توفير أساس محدد أكثر لفهم مكاننا وطريقة تقدمنا، بدلاً من الانشغال بالسؤال هل هذا ذكاء اصطناعي عام أم لا.

  • عند أي حدّ ستقول"حسناً، لقد توصلت إلى الذكاء الاصطناعي العام؟"

بشكل تقريبي، يمكنني القول إن ذلك سيتحقق حين يتمكن نظام ذكاء اصطناعي من فعل ما يفعله بشر شديدو البراعة ويشغلون وظائف مهمة... ذلك ما سأصفه بالذكاء الاصطناعي العام. ولكن سيلي ذلك عدّة أسئلة، مثل هل يجب أن يتمكن من القيام بكامل العمل أو بجزء منه؟ هل يمكن أن يبدأ مثلاً كبرنامج كمبيوتر، ثم يقرر أنه يريد أن يصبح طبيباً؟ هل يجب أن يضاهي الأشخاص الأفضل في مجالاتهم أو 98% منهم فقط؟ ما مدى استقلاليته؟

لا أملك أجوبة عميقة واضحة بعد، ولكن إذا بت قادراً على توظيف برنامج ذكاء اصطناعي يعمل بشكل ممتاز عن بعد كمهندس برمجيات، أعتقد أن كثيراً من الناس، سيوافقون على أن هذا نوع من الذكاء الاصطناعي العام. سنواصل الدفع قدماً بالأهداف، ولهذا السبب الأمر صعب، ولكن هذا هو الجواب الذي أتمسك به. عندما أفكر في الذكاء الفائق، ما يهمني حقاً هو: هل يمكن لهذا النظام أن يزيد بسرعة من معدل الاكتشافات العلمية التي تحدث على كوكب الأرض؟

  • لديكم الآن أكثر من 300 مليون مستخدم، ماذا تعلمتم من سلوكياتهم وساعدكم على تغيير فهمكم لـ"تشات جي بي تي"؟

استفدنا كثيراً من الحديث مع الناس حول أسباب استخدامهم "تشات جي بي تي" والأسباب التي لا يستخدمونه من أجلها، وذلك من أجل التخطيط لمنتجنا. ما اتضح لنا هو أن الناس كانوا يحاولون كثيراً استخدام "تشات جي بي تي" لأغراض بحثية، ولم يكن مثل هذا الأمر قد خطر في بالنا حين أطلقنا المنتج، حتى أنه كان شنيعاً في هذه المهمة. لكن اتضح أن بناء هذه الناحية مهم جداً. وللصراحة، منذ أطلقنا خاصية البحث في "تشات جي بي تي"، لم أعد أستخدم "جوجل" تقريباً. لا أعتقد أنه كان واضحاً لي أن "تشات جي بي تي" سيحلّ مكان "جوجل" قبل إطلاقه، حين كنا في مرحلة النموذج الأولي الداخلي.

كما اكتشفنا من المستخدمين أن عدداً هائلاً من الناس يعتمدون عليه للحصول على المشورة الطبية. يتلقى كثير من العاملين في "أوبن إيه آي" رسائل شكر من أناس مفادها من قبيل: "كنت أعاني من المرض لسنوات، ولم يخبرني أي طبيب ممّا أعاني. وأخيراً شاركت كلّ أعراضي ونتائج اختباراتي مع (تشات جي بي تي)، وأخبرني أنني أعاني من مرض نادر، ثمّ ذهبت إلى الطبيب وأعطاني شيئاً ما، فشفيت تماماً". هذا مثال استثنائي، لكنه يحدث كثيراً، وقد أظهر لنا أن الناس يرغبون بذلك، ويجب أن نواصل تطويره.

  • تراوحت أسعار منتجاتكم بين مجانية و20 دولاراً، وصولاً إلى 200 دولار. وقد أشارت بلومبرغ إلى احتمال طرحكم لمنتج بسعر 2000 دولار. كيف تحددون الأسعار لتقنية لم تكن موجودة من قبل؟ هل يتم ذلك من خلال دراسة السوق؟ أم هو مجرد تخمين؟

أطلقنا "تشات جي بي تي" مجاناً، ثم بدأ الناس يستخدمونه بكثافة، واضطررنا لإيجاد طريقة لتغطية التكاليف. أعتقد أننا جربنا 20 دولاراً و42 دولاراً، ووجدنا أن الناس اعتبروا 42 دولاراً مفرطاً بعض الشيء، وكانوا راضين بدفع 20 دولاراً. لذا اخترنا 20 دولاراً. كان ذلك ربما في أواخر ديسمبر 2022 أو أوائل يناير. لم يكن الأمر دراسة تسعير دقيقة مثل توظيف من يدرس تحديد السعر.

هناك اتجاهات أخرى نفكر فيها. يقول كثير من العملاء إنهم يفضلون التسعير القائم على قدر الاستخدام. مثلاً، "في بعض الأشهر قد أحتاج أن أنفق 1000 دولار على الحوسبة، وفي أشهر أخرى أريد أن أنفق مبلغاً أقل". في هذا العمر، أتذكر أيام الإنترنت عبر الاتصال الهاتفي، حيث كانت شركة "إيه أو إل"(AOL) تقدم لك 10 ساعات شهرياً أو خمس ساعات شهرياً حسب الباقة التي تختارها. كنت أكره أن أكون محكوماً بوقت محدد، فلا أريد خلق جوّ مشابه لدينا. مع ذلك، أعتقد أنه توجد خيارات أخرى منطقية للدفع حسب حجم الاستخدام.

 

  • كيف تبدو لجنة الأمان لديكم الآن؟ وكيف تغيرت خلال عام أو 18 شهراً؟

إحدى الأمور المربكة، حتى بالنسبة لنا داخلياً، هي وجود عدة لجان معنية بالأمان. لدينا مجموعة استشارية تعنى بالأمان الداخلي فقط، تجري دراسات فنية للأنظمة وتعرض وجهة نظرها. لدينا أيضاً لجنة السلامة والأمن، وهي جزء من مجلس الإدارة. إضافة إلى ذلك، لدينا "مجلس سلامة التشغيل" مع "مايكروسوفت" [يضم هذا المجلس أعضاء من "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت" مناط به الموافقة على طرح النماذج الجديدة التي تتجاوز قدرات محددة]. بالتالي، توجد هيئة داخلية وهيئة مرتبطة بمجلس الإدارة، وأخرى مشتركة مع "مايكروسوفت". نحن نحاول إيجاد طريقة لتبسيط هذه العمليات.

  • هل أنت عضو في اللجان الثلاث؟

هذا سؤال جيد. المجموعة الاستشارية للسلامة الداخلية ترسل تقاريرها إليّ، ولكن لا أعتقد أنني عضو رسمي فيها. مع ذلك، الإجراءات تقوم على إعدادهم التقرير ثمّ إرساله إلي، ويعود لي أن أوافق عليه أو أرفضه، وأطلب إرساله إلى مجلس الإدارة. لست عضواً في مجلس السلامة والأمن، ولكنني عضو في "مجلس سلامة التشغيل". والآن بعد أن باتت لدينا صورة أوضح عن شكل عملية الأمان، أتوقع أن نتوصل إلى طريقة لتبسيطها. 

  • هل تطوّر منظورك حول المخاطر المحتملة؟

ما تزال لدي نفس التصورات العامة حول المخاطر على المدى القصير والمتوسط والطويل. ما زلت أتوقع أن نواجه مشاكل خطيرة في مجالات الأمن السيبراني والمواضيع البيولوجية، أو أقله مشاكل قد تكون خطيرة على المدى القصير ولا بدّ من معالجتها.

[أقرت "أوبن إيه آي" في سبتمبر 2024 أن نماذج الذكاء الاصطناعي الأحدث التي طورتها، تحمل مخاطر أعلى لناحية احتمال استخدامها لصنع أسلحة بيولوجية. وفي مايو 2023، انضم ألتمان إلى مئات الموقعين على بيان يسلط الضوء على المخاطر الوجودية التي يطرحها الذكاء الاصطناعي].

على المدى الطويل، عندما نفكر في نظام قدراته استثنائية، هناك مخاطر قد يصعب تخيلها أو نمذجتها بدقة. لكن في الوقت ذاته، أستطيع أن أرى أن هذه المخاطر حقيقية، وأعتقد أن الطريقة الوحيدة للتعامل المناسب معها هي إطلاق المنتج والتعلم منه.

  • عندما نتحدث عن المستقبل القريب، يبدو أن القطاع حدد ثلاثة عوائق رئيسية محتملة أمام التقدم: توسيع نطاق النماذج، ندرة الرقاقات، شحّ الطاقة. أعلم أن هذه العوائق مترابطة، لكن هل يمكنك ترتيبها حسب مستوى قلقك؟

لدينا خطة أنا راض عن معالجتها لكلّ هذه الجوانب. فيما يتعلق بتوسيع النماذج، نواصل إحراز تقدم في التقنية والقدرات والسلامة، مجتمعةً. أعتقد أن 2025 سيكون عاماً مذهلاً. هل أنت مطلع على تحدي "مركز أبحاث المحاذاة" حول الذكاء الاصطناعي العام؟ طرحت المجموعة هذه الجائزة الموجهة لإنارة الطريق نحو الذكاء الاصطناعي العام، وقد أرادوا تحديد معيار ارتأوا أن بلوغه سيكون صعباً جداً. النموذج الذي أعلنا عنه تجاوز هذا المعيار.

[أعلنت "أوبن إيه آي" عن إطلاق النموذج o3 في 20 ديسمبر، ويُتوقع أن يصبح متاحاً للمستخدمين في مطلع 2025. كان النموذج السابق يحمل اسم o1، لكن تقارير إعلامية أشارت إلى أن "أوبن إيه آي" تجنبت استخدام اسم o2 لتفادي أي تعارض محتمل مع شركة الاتصالات البريطانية (O2)].

بقي هذا التحدي بلا حلّ لخمس سنوات، وهو يتألف من مسائل مثل هذه.

[فتح ألتمان موقع تحدي "مركز أبحاث المحاذاة" بشأن الذكاء الاصطناعي العام على كمبيوتري المحمول، وعرض سلسلة شبكات تجريدية مربكة. الفكرة وراء هذا التجريد هي أنه لتحقيق الذكاء الاصطناعي العام وحل هذه الشبكات، يجب أن يعتمد نموذج الذكاء الاصطناعي على المنطق بدرجة أكبر من اعتماده على بيانات التدريب].

قالوا إن كان معدلك 85% في هذا التحدي نعتبرك ناجحاً. تمكن نظامنا دون أي تخصص، هكذا كما هو، من تحقيق 87.5%.

[وفق تحدي مركز أبحاث المحاذاة حول الذكاء الاصطناعي، "حقق النظام الجديد o3 من "أوبن إيه آي"، الذي تم تدريبه باستخدام مجموعة البيانات العامة (ARC-AGI-1)، نتيجة مميزة بنسبة 75.7% في مجموعة التقييم شبه الخاصة، وذلك ضمن لوحة التصنيف العامة لدينا مع تحديد حد لموارد الحوسبة قدره 10000 دولار. أما عندما تم استخدام حوسبة عالية (بزيادة قدرها 172 مرة)، فقد حقق النظام نسبة 87.5%"].

عملنا بجهد على صعيد سلسلة إمداد الرقائق مع كل الشركاء. لدينا فرق لبناء مراكز البيانات وصنع الرقائق. ونبذل جهودنا الخاصة على صعيد صنع الرقائق هنا. لدينا شراكة رائعة مع "إنفيديا"، وهي شركة مذهلة. سنتحدث عن ذلك في العام المقبل، ولكن الآن الوقت لتعزيز العمل على الرقائق. 

  • وبخصوص الطاقة...

الاندماج النووي سينجح.

  • الاندماج النووي سيتحقق خلال أي إطار زمني؟

قريباً. سيكون هناك عرض لإثبات إمكانية توليد طاقة إيجابية من الاندماج النووي. بعد ذلك، يجب بناء نظام لا يتعطل، وتوسيع نطاقه. يجب أيضاً بحث كيفية بناء عدد من المصانع، والحصول على الموافقات التنظيمية. سيستغرق ذلك عدة سنوات إجمالاً. لكنني أتوقع أن تثبت "هيليون" قريباً أن الاندماج النووي قابل للنجاح.

[(هيليون) شركة ناشئة متخصصة بالطاقة النظيفة أسسها ألتمان مع داستن موسكوفيتز وريد هوفمان، تركز على تطوير الاندماج النووي].

  • باختصار، هل من طريقة لدعم نموّ الذكاء الاصطناعي دون التراجع عن أهداف المناخ؟

نعم، ولكن برأيي ولا واحدة منها جيدة بقدر السماح بإنشاء مفاعلات الاندماج النووي بسرعة. أعتقد أن نوع الاندماج النووي الذي نعتمده رائع، وعلينا المسارعة لتحقيق ذلك، والانتهاء من الأمر.

  • كثير مما ذكرت يتداخل مع الحكومة. لدينا رئيس جديد قادم. لقد تبرعت شخصياً بمليون دولار لصالح صندوق تنصيب الرئيس. لماذا؟

هو رئيس الولايات المتحدة، وأنا أدعم أي رئيس.

  • أتفهم ما قد يدفع "أوبن إيه آي" لتظهر نفسها على أنها تدعم رئيساً يُعرف عنه أنه يعلق أهمية كبيرة على من يدعمه، لكن هذا كان تبرعاً شخصياً. يعارض دونالد ترمب كثيراً مما سبق أن أعلنت تأييدك له. هل أنا مخطئ في الاعتقاد أن التبرع ليس نابعاً عن قناعة وطنية بل هو إعلان بيعة؟ 

أنا لا أدعم كل ما يفعله ترمب أو يقوله أو يفكر فيه، كما أنني لا أدعم كل ما يقوله أو يفعله أو يفكر فيه جو بايدن. لكنني أدعم الولايات المتحدة الأميركية، وسأعمل بما أستطيع مع أي رئيس من أجل مصلحة البلاد. وخاصة من أجل مصلحة ما أعتقد أنها لحظة مهمة يجب أن تتجاوز أي قضايا سياسية. أعتقد أنه قد يتم تطوير الذكاء الاصطناعي العام خلال ولاية هذا الرئيس، ومن المهم جداً الحرص على أن يحصل ذلك بطريقة صحيحة. دعم التنصيب ليس بالأمر المهم نسبياً. لا أراه قراراً كبيراً في أي حال، ولكن أعتقد أن علينا جميعاً تمني النجاح للرئيس.

  • قال إنه يكره قانون الرقائق، فيما أيدت أنت ذلك القانون.

في الواقع، أنا لا أؤيده بالكامل. أعتقد أن قانون الرقائق كان أفضل من لا شيء، لكنه ليس ما كان علينا فعله. وأعتقد أن هناك فرصة حقيقية للقيام بأمر أفضل بكثير كخطوة تالية. لا أعتقد أن قانون الرقائق كان فعالاً بقدر ما أملنا جميعنا.

  • واضح أن إيلون سيلعب دوراً ما في هذه الإدارة. هو يقاضيك ويتنافس معك. رأيت تعليقاتك في "ديل بوك" (DealBook) حيث كتبت أنك تعتقد أنه أكبر من أن يستخدم منصبه للقيام بأي أمر مريب يتعلق بالذكاء الاصطناعي.

أعتقد ذلك حقاً.

  • لكن لو سمحت لي، خلال الأعوام الماضية اشترى "تويتر" ثم ذهب إلى القضاء ليتراجع عن ذلك. وقد أعاد إتاحة منصة لأليكس جونز، وتحدى مارك زوكربرغ إلى مباراة ملاكمة داخل قفص. ما هذا إلا غيض من فيض أمور مريبة أقدم عليها، فهل تعتقد حقاً أنه ...

أعتقد أنه سيقوم بكثير من الأمور السيئة. أعتقد أنه سيستمر في مقاضاتنا، ثم سيتراجع عن الدعاوى، ويرفع دعاوى جديدة وغيرها من الأمور الأخرى.

لم يتحدني في مباراة ملاكمة داخل قفص بعد، لكنني لا أعتقد أنه كان جاداً كثيراً حيال ملاكمة "زوك" أيضاً. كما قلت، هو يتفوه بأمور كثيرة، يبدأ بها، ثم يتراجع عنها، يتعرض للمقاضاة، ويرفع دعاوى قضائية، ويتواجه مع الحكومة، وتفتح الحكومة تحقيقات بشأنه. هذه طبيعة إيلون.

كان السؤال عمّا إذا كان سيسيئ استخدام نفوذه السياسي كرئيس شريك، أو مهما كانت الصفة التي يطلقها على نفسه الآن، من أجل الإضرار بشركة منافسة؟ لا أعتقد أنه سيقوم بذلك، حقاً لا أعتقد ذلك. قد أكون مخطئاً.

 

  • عندما كنتما تعملان معاً في أيامكما الجيدة، كيف تصف طبيعة علاقتكما؟


ربما يمكن وصفها بروح تكاملية. لم يكن لدينا تصور دقيق عما سيكون عليه هذا المشروع أو ما سنفعله تحديداً أو كيف ستتطور الأمور، لكننا كنا متفقين على أهمية ما نفعل، وعلى الاتجاه العام الذي ينبغي السير فيه، وكيفية تصحيح المسار عند الحاجة.

  • أنا مهتم بمعرفة طبيعة العلاقة العملية بينكما.


لا أذكر وجود أي خلافات كبيرة مع إيلون حتى وقع الخلاف الذي أدى إلى مغادرته. لكن قبل ذلك، ورغم كل القصص المتداولة عن طريقته في توبيخ الناس وانفجاراته الغاضبة، لم أشهد أياً من ذلك.

هل فاجأك حجم رأس المال الذي استطاع جمعه، لا سيما من الشرق الأوسط، لصالح "إكس إيه آي" (xAI)؟


لا، لا. لديهم الكثير من رأس المال. وهذه صناعة يرغب بها الجميع. إيلون هو إيلون.

  • لنفترض أنك محق وأن لدى إيلون والإدارة نوايا إيجابية. ما هو أهم ما يمكن أن تفعله إدارة ترمب لدعم الذكاء الاصطناعي في 2025؟

الاستثمار في بنية تحتية مصنّعة في الولايات المتحدة وبكميات كبيرة. الشيء الذي أتفق عليه تماماً مع الرئيس هو مدى صعوبة بناء مشاريع في الولايات المتحدة، سواء كانت محطات طاقة أو مراكز بيانات أو غيرها من المشاريع.

أفهم أن البيروقراطية تتراكم بمرور الوقت، لكنها لا تساعد البلاد بشكل عام. وهذا العائق يبرز أكثر عندما نفكر في ما تحتاجه الولايات المتحدة لتتصدر مجال الذكاء الاصطناعي، وثمة ضرورة ملحة لأن تقود الولايات المتحدة الذكاء الاصطناعي.

تصنيفات

قصص قد تهمك