بلومبرغ
في عام 2018، لم تكن "ميغان ليتر" تجني سوى ما يقارب 400 دولار شهرياً من نشرها مقاطع فيدبو وهي تلعب لعبة المحاكاة الواقعية "ذا سيمز" (The Sims) على "يوتيوب". ومن أجل زيادة دخلها، كانت تفكر في العمل كمتدربة في مجال بيع الزهور لحفلات الزفاف، قبل أن يتحول اهتمامها إلى "روبلوكس" (Roblox)، وهي منصة ألعاب إلكترونية تجذب الكثير من الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سنّ المراهقة، وتسمح للمستخدمين ببرمجة ألعاب فيديو خاصة بهم، وإتاحتها أمام مستخدمين آخرين.
هذا التحول إلى "روبلوكس"، جعلها تجني آلاف الدولارات في غضون أشهر قليلة، إذ تقول "ليتر" التي كانت تُعرف سابقاً باسم عائلتها "ليدز" قبل أن تتزوج من "زاك ليتر": "لقد طرأ تغير فوري على مستوى الدخل الذي أحققه، وبات بإمكاني فعلياً دفع الفواتير المستحقة علي".
الصعود السريع
"ميغان" التي اشتهرت على الإنترنت بلقب "ميغان بلايز" (MeganPlays)، وهو اسم الفتاة المفعمة بالحيوية ذات الشعر الوردي والبنفسجي التي تمثل أدوار الشخصيات أثناء ممارسة الألعاب عبر منصة "روبلوكس"، باتت تجني ملايين الدولارات سنوياً من نشر مقاطع الفيديو على "يوتيوب"، حيث يصل عدد المشتركين في قناتها على الموقع إلى 3.6 مليون مشترك.
خلال العام الماضي، بدأت "ميغان" وزوجها "زاك"، نشر ألعاب "روبلوكس" الخاصة بهما، بما في ذلك لعبة "أوفرلوك باي" (Overlook Bay) التي حققت نجاحاً سريعاً، وهما يقولان إن الاستوديو الخاص بهما، في طريقه لتحقيق دخل يفوق 8 ملايين دولار في عام 2021، وهذا فضلاً عن أن الزوجين يديران حالياً متجراً عبر الإنترنت باسم "ستاي بيتشي" (Stay Peachy) حقق أرباحاً بأكثر من مليون دولار في عام 2020.
تألق وسط الجائحة
جاءت جائحة كورونا التي فرضت على الكثير من العائلات حجراً منزلياً طوعياً، لتدفع بالأطفال نحو الألعاب الإلكترونية، حيث استعاض الكثير منهم عن الحفلات المدرسية وأعياد الميلاد بقضاء أوقات طويلة على منصة "روبلوكس". ارتفع عدد مستخدمي المنصة النشطين بنسبة 85% عام 2020، حيث باتت تستقطب نحو ثلثي الأطفال الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاماً، ما يجعل منها بحق، منجم ذهب للمؤثرين الإلكترونيين (الإنفلونسرز) والمطورين، وللشركة نفسها.
هذا الأمر، شجع "روبلوكس" التي تتخذ من مدينة "سان ماتيو" في كاليفورنيا مقراً لها، على طرح أسهمها للاكتتاب العام في 10 مارس الماضي، لتصل قيمتها السوقية اليوم إلى حوالي 41 مليار دولار، أي ما يعادل تقريباً القيمة السوقية لشركة الألعاب الإلكترونية العملاقة "إلكترونيكس أرتس".
تعدد المواهب
يذكر أن هناك الملايين من المطورين ومبتكري الألعاب النشطين على منصة "روبلوكس"، وقد جنى نحو 1250 منهم 10 آلاف دولار أو أكثر خلال العام الماضي، فيما جنى ما يزيد على 300 شخص 100 ألف دولار أو أكثر من "روبوكس" (Robux)، وهي العملة المستخدمة على المنصة، والتي تقول الشركة إنه يمكن تحويلها إلى أموال نقدية وفقاً لشروط معينة.
أما "ميغان ليتر"، فهي تعتبر شخصية فريدة، كونها "مؤثرة"، ولاعبة، ومطورة ألعاب في الوقت ذاته. وهذا سمح لها بالترويج بنفسها لمنتجاتها. في هذا السياق، يقول "دورون نير"، الرئيس التنفيذي لشركة "ستريم إلمنتس" (StreamElements) التي تقدّم خدمات لمنشئي محتوى مقاطع الفيديو:
لم تحصر "ليتر" اهتماماتها في مكان واحد، بل تعددت لتشمل تصميم الألعاب، ثم جمعت كل هذه المهارات لإطلاق علامتها الخاصة، والتي لاقت قبولاً جيداً، أولاً من متابعيها الشخصيين، وثانياً من مستخدمي "روبلوكس" على نطاق واسع.
شغف الأطفال
في الحديث عن نفسها، تقول "ليتر" البالغة من العمر 26 عاماً، وهي من مواليد مدينة "أرلينغتون" في ولاية تكساس وتعيش الآن في دالاس، إنها كانت شغوفة بهذا النوع من الألعاب منذ أن كانت طفلة في الثانية، حيث كانت البداية مع لعبة "شارع سمسم"، ثم تطور الأمر إلى ألعاب "باربي" ثم "نينتندو" (Nintendo). تحولت "ليتر" فيما بعد إلى إعداد مقاطع فيديو أثناء دراستها للفنون الجميلة بجامعة تكساس في "أرلينغتون"، قبل أن تبدأ بعد التخرج، في التركيز على إطلاق فيديوهات على "يوتيوب"، حيث كانت تصور نفسها وهي تلعبُ ألعاب "روبلوكس" مثل "أدوبت مي" (Adopt Me) التي تقوم على فكرة "تبني" حيوانات أليفة من قبل اللاعبين.
وبحسب ما تقوله "ليتر"، فإن الشخصية التي تظهر فيها على الشاشة، مستوحاة من تجربتها فيما يعرف بـ"الأخويات النسائية"، حيث قامت بتصميم العديد من مقاطع الفيديو لتشعر وكأنها تجري حديثاً مع صديقاتها. أما جمهورها الذي يوجد نحو 70% منه اليوم في الولايات المتحدة، فهو يتكون في الغالب من فتيات لم يصلن إلى سن المراهقة، وأخريات في بداية عمر المراهقة.
سمات شخصية مشتركة
من جانبه، يدير زوج "ليتر" استديو "وندر ووركس" في الوقت الذي تنشغل هي في إنتاج الألعاب، كما يساعد في ابتكار مفاهيم العمل الجديدة. وقد أصدر الاستوديو لعبة "أوفرلوك باي" كأول لعبة من إنتاجه خلال العام الماضي. تتيح هذه اللعبة للمستخدمين، جمع الحيوانات الأليفة، وتزيين منازل أحلامهم، وكسب الأحجار الكريمة، واستكشاف عالم اللعبة مع الأصدقاء. ومنذ إطلاقها وحتى اليوم، سجلت صفحة "أوفرلوك باي" نحو 160 مليون زيارة وفقًا لمنصة "روبلوكس".
كذلك، نشر استديو "وندر ووركس" لعبة أخرى هي "ترايتور" (Traitor)، والتي تسجل حوالي 14 مليون زيارة شهرياً. ويحاول الاستوديو جمع 10 ملايين دولار من الأموال من أصحاب رؤوس الأموال، على أساس تقييم سوقي للاستوديو بنحو 40 مليون دولار. وفي هذا الشأن تقول "ليتر": "نحن نبتكر بطريقة أو بأخرى الألعاب التي نرغب نحن في أن نلعبها، وبالتالي، من الطبيعي أن تجذب هذه الألعاب الأشخاص الذين نتشارك معهم السمات الشخصية".
تعتقد "ليتر" بأن ألعاب تمثيل الأدوار، تمنحها وسيلة لاستكشاف الموضوعات الصعبة مع مشاهديها، لكنها أيضاً جربت أشياء كثيرة أخرى على نطاق واسع، حيث أنتجت مقاطع فيديو تتكون من كل شيء بدءاً من دروس حول مستحضرات التجميل، وصولاً إلى جولات داخل منازل فارهة. وتختتم: "ما من شيء قمت به لا يستطيع أحد آخر أن يفعله. الأمر فقط يتعلق بتعلم الشفرة، وفهم الكيفية التي تنجح اللعبة بها، وطريقة ابتكارها.. كل ما عليك فعله هو أن تبدأ".