بلومبرغ
ينال المستثمرون الأفراد الذين يشاركون في اكتتابات شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص والتي لا تملك أنشطة تجارية، فرصة للمشاركة في الاستحواذ على حصةٍ في الشركات الناشئة سريعة النمو قبل طرحها للاكتتاب العام.
تُشكّل شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة إحدى أكثر منتجات السوق المالي الأمريكي "وول ستريت" جاذبية، إذ تمد الشركات الصُوَرية المتداولة - شيك على بياض - الأثرياء والمشاهير برأس المال اللازم للبحث عن صفقات مذهلة بضربة واحدة.
وقد كان ذلك سبباً فيما دعا إليه "لورا ديميتروفا" من كلية الأعمال في جامعة إكسيتير، من خلال ورقة بحثية عام 2016، لأن تُطلق على شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة اسم "صناديق الملكية الخاصة للفقراء"، وذلك لأنها تُيسر للمستثمرين العاديين سبل المشاركة في شراء شركة جذّابة قبل طرح أسهمها للاكتتاب العام؛ وهي ميزة لا ينعم بها سوى الأثرياء.
ويبدو أنّ الأمر منطقي! فأبواب عالم رأس المال المخاطر موصدة أمام "الرجل الفقير"، في حين تحافظ الشركات الناشئة سريعة النمو على وضعها كشركة خاصة لمدة أطول. لذلك، يلجأ الأفراد إلى شركات "الشيكات على بياض" كبوابة للاستثمارات البديلة.
كما أن أصداء طفرة العام الماضي ماتزال تتردد في الأرجاء دون أدنى إشارة إلى موعد تلاشيها. فقد شهد أول شهران من عام 2021، طرح 188 شركة استحواذ ذات الأغراض الخاصة للاكتتاب العام ونجحت في جمع تمويل بمقدار 60 مليار دولار، وهذا من شأنه أن يعزز من فرص تجاوز الأرقام التي سُجلت في عام 2020 ومقدارها 83 مليار دولار، وفق البيانات التي جمعتها بلومبرغ، وسط دلالة على أن شركات "الشيكات على بياض" تستقطب أموالاً أكثر من الطريقة التقليدية للطرح العام الأولي.
كثافة التداولات
وتنشط صناديق التحوط في تعاملات شركات الشيك على بياض، وكذلك الأمر بالنسبة للمستثمرين الأفراد؛ إذ يستحوذ هؤلاء "الرجال الفقراء" على نحو 40% من التداولات في منصة التداول الخاصة بـ"بنك أوف أمريكا سيكيورتيز". كما حققت تداولات شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في المتوسط أكثر من 6% في أول يوم للتداول هذا العام، أي أكثر من السنة الماضية بنسبة 1.6% في إشارة تدل على كثافة التداولات الفردية.
وبحسب اللوائح المنظمة لتلك النوعية من الشركات فينبغي لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة العثور على شركة مستهدفة للاستحواذ وإغلاق الصفقة خلال عامين من تاريخ التأسيس، وإلّا فيتعين عليها إعادة الأموال للمستثمرين بالإضافة إلى الفوائد.
وغالباً ما تقدر قيمة الشركة المستهدفة بقيمة تقدر بثلاثة إلى خمسة أضعاف النقد الذي تم جمعه في عملية الاكتتاب على أقل تقدير. واستنادًا إلى هذه المعادلة، وبالنظر إلى أن متوسط ما تم جمعه من الاكتتاب العام لهذه الشركات بلغ 355 مليون دولار لكل شركة العام الماضي، فهذا يعني أنّ على مئات من هذه الشركات البحث عن شركات خاصة تُقدّر قيمتها بنحو مليار دولار أو أكثر.
القطاعات المستهدفة
كانت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة تبحث عن تحقيق القيمة في مجالات مثل الطاقة والصناعات والخدمات المالية. أما الآن، فنجد أن معظم الشركات باتت تستهدف قطاعات التقنية والرعاية الصحية وقطاع السلع الاستهلاكية الكمالية. وفي هذا الإطار، يبدو أن الشركات الناشئة لصناعة المركبات الكهربائية تحظى بجاذبية كبيرة، لاسيما بالنظر إلى ما شهده العام الماضي من اندماج 26 شركة تصنيع سيارات كهربائية بما فيها شركة "نيكولا كورب." و"لومينار تكنولوجيز إنك." مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، كما تظهر البيانات التي قدمتها شركة "بيتشبوك داتا إنك". وشهدت أسهم شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة "تشيرشيل فور" ارتفاعًا كبيرًا بمجرد تقديم مقترح للاندماج مع شركة تصنيع السيارات الكهربائية "لوسِد موتورز".
من جهة أخرى، تسعى 10 شركات استحواذ ذات أغراض خاصة إلى شراء شركات ناشئة في قطاع القنب الهندي وفقًا لموقع "نيو كانابيس فينتشرز"، وقد تضاعفت أسهم شركة "سيلفر سبايك أكويزشين كورب." هذا العام بعد أن وجدت ضالتها في شهر ديسمبر. كما تعد شركات ألعاب الفيديو مجالًا جاذبًا آخر؛ فقد أصبحت أسهم شركة الرهانات الرياضية "درافت كينغز" متداولة بسعر يقارب 60 دولار للسهم الواحد، أي ما يشكل ارتفاعًا بمقدار ثلاثة أضعاف عن أول تداول لها بالبورصة في شهر أبريل.
ويبدو أنّ المستثمرين الأفراد يتطلعون إلى أشياء أخرى غير مألوفة؛ ولن تنجح شركة عادية تُعنى بالخدمات اللوجستية أو الرهن العقاري باستقطاب اهتمامهم. ومن هنا، لا بد للملياردير الذي يطلق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أن يطلق العنان لتفكيره بعيدًا عن المألوف.