تعرف على توجهات كامالا هاريس المستقبلية من إرثها

من هي المرأة الساعية لأن ترأس الولايات المتحدة؟ وما الذي ستجلبه للمكتب البيضاوي والاقتصاد والأسواق؟

time reading iconدقائق القراءة - 42
صورة تبدو فيها كامالا هاريس حين كانت في التاسعة من عمرها عام 1973 - المصدر: بلومبرغ
صورة تبدو فيها كامالا هاريس حين كانت في التاسعة من عمرها عام 1973 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بعدما أوقعت كامالا هاريس خصمها دونالد ترمب في فخ خلال مناظرة تلفزيونية جمعتهما في ليل 10 سبتمبر، أخذت تشرح للناخبين ما الذي يجعلها خيارهم الأفضل لرئاسة البلاد. قالت لمشاهديها إن جمهور ترمب يغادر تجمعاته "مبكراً بفعل الملل والإرهاق"، وفيها تجدون أن "الشيء الوحيد الذي لن تسمعوه يتحدث عنه هو أنتم، ولن تسمعوه يتحدث عن احتياجاتكم وأحلامكم ورغباتكم… أنتم تستحقون رئيساً يجعلكم أولويته، وأتعهد لكم بأنني سأفعل".

بعد المناظرة، تركزت التعليقات على كيف جعلت ترمب يحيد عن موضوع سؤال يتناول الهجرة لينطلق ويهاجمها من باب أحجام جماهيرهما، وكيف أدى به ذلك لأن يستحضر معلومة عنصرية مغلوطة مفادها أن المهاجرين في أوهايو يأكلون الحيوانات الأليفة، وكيف مكّنها ذلك كله من استفزازه في تلك الليلة.

أمضت هاريس جزءاً كبيراً من المناظرة في التأكيد على أن الانتخابات تتعلق محورياً بشخصية المرشح وانضباطه، وعلى أنها تمثل فرصة لقلب صفحة يظهر فيها ترمب مرشحاً في ثالث سباق رئاسي يخوضه. يحظى هذا الطرح بجاذبية كبيرة بين أنصار الديمقراطيين، وهم لا يعيرون بالاً للأسئلة عمّا ستفعله إن تولت الرئاسة، إذ يراها كثير منهم على أنها المرأة التي قد تحول بين ترمب وولاية ثانية وربما تحطم الأعراف فتكون أول امرأة ترأس البلاد.

فهل هي ليبرالية أم معتدلة؟ مثالية أم واقعية؟ تحديثية أم أنها تميل للتغيير التدريجي؟ بالنسبة للناخبين المتأرجحين ممن لا يكنّون كراهة تلقائية لخصمها، أو ممن انضموا تواً لمتابعي السباق، فإن أجندة هاريس السياسية، وخاصة لناحية شقها الاقتصادي -أي ما يتعلق بالتضخم والضرائب والتعرفة الجمركية والصين- قد يكون لها الوقع الأكبر.

بيّن استبيان من صحيفة نيويورك تايمز أعدته بالتعاون مع كلية سيينا في 8 سبتمبر أن نحو 30% من الناخبين المحتملين يريدون معرفة المزيد عنها ومن أولئك يرغب 66% بمعرفة المزيد عن سياساتها، وهذا يمثل ثمانية أضعاف من يرغبون بمعرفة المزيد عن شخصيتها.

تصف هاريس نفسها بأنها مرشحة مستضعفة، لكنها تخوض حملتها كما لو أنها المرشحة الأوفر حظاً. وقد باتت مقلّة في مقابلاتها الإعلامية منذ ترشيحها، في رهان أن تأطير سياستها قد لا يخدمها، ولم توافق حملتها على طلبات من أجل مقابلة لإعداد هذا التقرير.

لكن هاريس موجودة في الحياة العامة منذ عقود، ويقدم تاريخها بعض الملامح عن ولايتها العتيدة إن فازت. تحدثت بلومبرغ بيزنسويك مع أناس عملوا معها أو ضدها على مر السنين بحثاً عن مزيد من التبصر، كما استرشدت بعدة مقابلات لكارين بريسلاو من بلومبرغ نيوز مع هاريس ووالدتها وأفراد آخرين من أسرتها في 2005.

فيما يخص الاقتصاد، انتقلت هاريس نحو الوسط ملتفّةً عن بعض مواقفها، وأشارت إلى أنها تؤيد النمو. وهي تروج لفكرة أن تأنيها وإمكانية التنبؤ بتوجهاتها مقاربة أسمى من هوس ترمب بالرسوم الجمركية وفجاجة نهجه المبني على عقد الصفقات، الذي قد يعيد صياغة قواعد الأعمال التجارية الأميركية.

وهي تقترح تخفيضات ضريبية موسعة للشركات الصغيرة الجديدة وموقفاً ألين حيال العملات المشفرة. ولأن نجمها لمع انطلاقاً من منطقة خليج سان فرانسيسكو، فقد اكتسبت معرفةً بالشركات العملاقة، التي تدعم نمو وادي السيليكون، كما أنها تستعرض تاريخها الرقابي، إذ كانت المدعية العامة لولاية كاليفورنيا، وعبر ذلك كانت قد استهدفت البنوك والكليات الربحية بسبب ممارسات إقراض استغلالية.

لقد تعهدت برفع الضرائب على الشركات وأصحاب الدخول العالية وزيادة ضريبة مكاسب رأس المال، وإن كان ذلك بقدر أدنى من هدف بايدن. كما يشير سجلها الحافل إلى أنها ستدفع من أجل تنظيم أشد للشركات ولدعم أجندة مكافحة الاحتكار، التي أثارت سخطاً حتى بين بعض المانحين الديمقراطيين البارزين.

صاحبة مبادئ لكنها واقعية

إذاً، أي نسخة من هاريس قد يحصل عليها الأميركيون كرئيسة؟ الليبرالية أم المعتدلة؟ المثالية أم الواقعية؟ التحديثية أم من تميل لإحداث التغيير تدريجياً؟ يقول مساعدون حاليون وسابقون إن هاريس تريد محاسبة المسيئين، وفي الوقت ذلك تعبر كل تلك الصفات عنها، فهي تسترشد بالقيم ولكنها واقعية ومنفتحة على عقد تسويات.

لم يتبق أمامها إلا وقت قليل وثمين لتعريف ناخبيها عن نفسها وعمّا ستفعله كرئيسة. في الأسابيع الأخيرة من الحملة ستعتمد التأكيد على أنها مدافعة عن الطبقة المتوسطة كرد على سعي ترمب لتصويرها على أنها ليبرالية من ولاية ساحلية، وتقع عليها لائمة ارتفاع التضخم والحدود المخترقة.

حتى لو نجحت في الولايات السبع المتأرجحة التي تحتاجها للفوز بالرئاسة، فإن أجندتها التشريعية تعتمد حتماً على فوز حزبها بمقعد رئيسي لولاية مونتانا في مجلس الشيوخ. قالت هاريس إنها تبني حركة. وإن كان مقدّراً لها أن تصبح ثورةً، فعليها إقناع ناخبين مهمين.

وُلدت هاريس في أوكلاند في 1964 لأبوين مهاجرين، فوالدها آتٍ من جامايكا وأمها من الهند، وكانا طالبي دراسات عليا وناشطين في مجال الحقوق المدنية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي. لقد شكلت حركة الاحتجاج أساساً نشأت عليه هاريس. وصفت والدتها، شيامالا غوبالان هاريس، التي أجرت أبحاثاً عن سرطان الثدي، لبريسلاو كيف كانت تصطحب كامالا في طفولتها إلى المظاهرات: "عندما كنا نردد هتافات مثل ماذا نريد؟ كانت تصيح مجيبةً: الحرية، وكانت تلثغ بها".

كانت تنشئة شيامالا لهاريس وشقيقتها الأصغر مايا، التي أنجبتها في 1967، بها كثير من الحب لكنها كانت تنتظر منهما الكثير أيضاً. وقد لقنت بناتها دروساً، كان أحدها ألا يطلبن المال من أي كان أبداً، وهو نفور كان على هاريس التخلص منه كسياسية. فيما جلب درس آخر لها استحساناً في المؤتمر الوطني الديمقراطي، وكان مفاده "لا تشتكوا أبداً من الظلم، بل افعلوا شيئاً لرفعه“.

نشأة الناشطة السياسية

درست هاريس في واشنطن العاصمة، في جامعة هوارد، وهي مؤسسة غالب مرتاديها تاريخياً من السود، كما انخرطت في جمعية نسائية للسوداوات، وكلاهما بات مصدر قوة سياسية لها اليوم. أثناء دراستها في الكلية، عملت لدى "ماكدونالدز"، وهو بند في سيرتها الذاتية كذّبه ترمب دون تقديم إثبات، وكذلك لدى المكتب الصحفي للجنة التجارة الفيدرالية ولدى مكتب المطبوعات والمسكوكات.

 

 

درست هاريس الحقوق في سان فرانسيسكو. وقد رأت والدتها شيامالا أن هناك عاملاً مشتركاً بين ما اختارته ومهنتها كعالمة هو المنطق. قالت شيامالا في مقابلة في 2008: "لا يمكنك التوصل إلى الاستنتاجات الصحيحة ما لم تكن منطقياً. المشكلة الوحيدة المتعلقة بالقانون التي لا يواجهها العلماء هي عامل التشويش المتأتي من العنصر البشري".

لقد حدد هذا العامل بداية حياة هاريس المهنية. أصبحت مدعيةً عامةً، وبدأت في أوكلاند كنائبة لمدعي عام مقاطعة ألاميدا. وبدا لبعض الناس أن الاختيار يتعارض مع جذورها في العدالة الاجتماعية. قالت هاريس لبريسلاو في 2012: "اعتقد كُثر أن هنالك تفاوتاً… قررت أنه يجب ألا نقبل الخيارات المغلوطة في تفسير أن تكون صوتاً لمن لا صوت لهم". في مقاطعة ألاميدا، تخصصت في قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال.

يأتي التغيير بطيئاً في أميركا ثم يتسارع. في أوائل العقد الأول من الألفية، لم تكن سان فرانسيسكو قد جربت أن تتولى امرأة رئاسة الادعاء العام، ناهيك عن أن تكون من غير البيض. قررت هاريس الترشح للوظيفة على أي حال، واستذكرت هاريس في مقابلة مع نيوزويك في 2005 أن والدتها قالت لها إن الأميركيين لم يسبق لهم أن أوكلوا أمرين للنساء، هما "حماية سلامتهم وحماية أموالهم“.

يمر الطريق إلى السلطة السياسية في كاليفورنيا عبر نخبة ديمقراطية متعصبة في سان فرانسيسكو أنتجت نانسي بيلوسي وديان فينشتاين وغافين نيوسوم وويلي براون، الذي كان عمدة للمدينة وأعلن نفسه زعيماً للجمعية التشريعية للولاية. كانت هاريس مطلعةً على هذا العالم دون أن تنتمي إليه، فقد درست الحقوق مع ابنة بيلوسي وصاحبت براون لفترة وجيزة في أواسط التسعينيات.

انتصار غير متوقع

مع ذلك، فقد هزمت شاغل المنصب تيرينس هالينان، وهو سليل عائلة أخرى عريقة في سان فرانسيسكو، ووصفته بأنه تقدمي متساهل في تعامله مع الجريمة. قالت هاريس بعد بضع سنوات إن الديمقراطيين غالباً ما يعطون "انطباعاً بأن كل ما نريده هو أن نفتح باب السجن ليخرج الجميع. الحال ليس كذلك مطلقاً".

بدأت مسيرتها كمدعية عامة في يناير 2004، حيث عملت في مبنى قاعة العدل، وهو هيكل خرساني سماه المحامون الذين يعملون هناك ”بيروت الغربية“. كان مكتبها آنذاك في نزاع مع إدارة شرطة سان فرانسيسكو بشأن أجندة سلفها التقدمية، ولم تمض أشهر حتى تفجرت أزمة بمقتل إسحاق إسبينوزا، وهو ضابط شرطة متخفٍ، برصاص عضو عصابة مراهق يحمل بندقية كلاشنيكوف (AK-47). أعلنت هاريس قبل جنازة إسبينوزا أنها لن تطلب إعدام الجاني بسبب اعتراضاتها الفلسفية عليها. (وقد وقع آخر إعدام في كاليفورنيا في 2006).

كان لإعلانها وقع قنبلة، فبات الشرطيون العاديون يشيحون أنظارهم عنها في قاعة العدل، وانتقدت فينشتاين قرارها في جنازة إسبينوزا لكنها تمسكت بموقفها وكتبت في صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل: "لا مكان لاستثناءات في المبادئ". قاضى مكتبها قاتل إسبينوزا، وحُكم عليه في 2007 بالسجن مدى الحياة دون فرصة لإفراج مشروط، وفازت هاريس بولاية ثانية في ذلك العام بلا منافسة.

تميزت فترة عملها كمدعية عامة بجهودها الرامية إلى تعزيز معدلات الإدانة في الجرائم العنيفة، وتحويل مرتكبي الجرائم غير العنيفة لأول مرة إلى برنامج إعادة تأهيل من إعدادها. كما تميزت بتركيزها على رعاية الأطفال، حتى أنها أنشأت غرفة انتظار بها كراسي صغيرة وألعاب على شكل دببة وكتب يمكن للأطفال قراءتها بينما يقوم ذووهم بأعمالهم المزعجة في المبنى.

الأطفال محور أساسي 

قالت لبريسلاو في 2012: "يتعين علينا دائماً التفكير بالأطفال لأن الواقع هو أنهم لا صوت لهم على الإطلاق في كثير من الأنظمة… إن أي تأثير على الطفل سيؤثر لمدى الحياة على إنسان سيصبح بالغاً بعد وقت قصير جداً". أحد مقترحاتها الرئيسية في هذه الانتخابات هدفه رفاه الأطفال، وهو زيادة الإعفاء الضريبي للأسر خلال السنة الأولى من حياة مواليدها بمقدار 6000 دولار.

لقد عرّفت هاريس نفسها بأنها "ذكية في التعامل مع الجريمة"، وأصبح هذا عنوان كتاب شاركت في تأليفه ونشرته في 2009. قالت بعد عقد من ذلك: ”هذا جزء من منهجيتي… دعونا نحاول تحديد الخيارات المغلوطة ونحاربها".

حتى عندما كانت مدعيةً عامةً، كانت هاريس تتجه بنظرها إلى السياسة الوطنية، حيث عملت في حملة جون كيري وطرقت الأبواب لصالح باراك أوباما في ولاية أيوا. كما كانت ترمم علاقاتها مع من يمكنهم مساعدتها في الوصول إلى تلك المرحلة، ولا سيما فينشتاين. قالت هاريس في 2008: "إنها نموذج يُحتذى به بحق… عندما تكافح المرأة كي تُؤخذ على محمل الجد وأن يُفهم أنها قوية وصلبة، لكنها تتحاشى أن يجلب ذلك لها وصمةً".

في حين أن ثقافة التقنية في كاليفورنيا تفضل الشباب الذين يحدثون تغييرات جذرية، فإن الثقافة السياسية المتصلبة في الولاية تجعلهم ينتظرون. أمضت هاريس ثلاثينيات وأربعينيات عمرها تنافس شاغلي المناصب الأكبر سناً.

كان معها نيوسوم، وكانا يشكلان تلاقي نقيضين حيث إن أحدهما من خارج السور والآخر من أبناء كاليفورنيا الأصيلين، فقد كان من الجيل الخامس لعائلة بارزة في سان فرانسيسكو.

أصبح عمدة في نفس الشهر الذي أصبحت فيه مدعية عامة وكان يشق طريقه ليصبح حاكماً لكاليفورنيا. قال براين بروكاو، وهو استراتيجي ديمقراطي عمل في حملات لكلا الحزبين: "كانا مثل أشقاء متنافسين سياسياً. وفي النهاية أوجدا أرضيةً مشتركةً“.

 

في عام 2010، وبينما كانت ما تزال متفجعة لوفاة والدتها قبل عام من ذلك، ترشحت هاريس لمنصب المدعي العام. كان سباقاً محتدماً، وتغلبت هاريس على خصمها الجمهوري ستيف كولي بهامش أقل من 1%.

خصم ما يزال مستاءً

يتذكر كولي أنه كان يحظى بتأييد من سلطات إنفاذ القانون وما يزال حتى اليوم يصور هاريس على أنها معادية للشرطة. قال: "لقد حققت صعوداً هائلاً نحو أهم منصب في العالم. أعتقد أنه لم يكن على أساس الجدارة. لقد كان على أساس حساباتها الذكية… أعتقد أن مؤهلاتها برمتها لا تخولها ذلك“.

حين كانت مدعية عامة، استمرت هاريس بالتركيز على شؤون الأطفال والأسباب الجذرية للجريمة، وشملت جهودها مقاضاة آباء الطلاب الذين عادةً ما يتغيبون عن المدارس وتشكيل مكتب عدالة الأطفال في 2015، وكان هدفه منع ظاهرة دخول الطلاب إلى السجون بمجرد خروجهم من المدارس، وتحديد المشكلات الأساسية التي تجعل الأطفال عرضةً للفشل.

تتذكر جيل هابيغ، نائبتها في إدارة العدل في كاليفورنيا، أن اهتمام هاريس كان غالباً ما ينصبّ على الأطفال في ما تنظره من قضايا. قد تكون هابيغ تتحدث عن "معدلات الحجز العقاري ومعدلات الإخلاء ومقدار المال الذي يحصّلونه للعائلات"، فتجد هاريس تطرح أسئلة مثل "ماذا نعرف عن أطفال هذه العائلات؟".

تقول هابيغ إن أشد ما رأته من غضب هاريس كان خلال قضية ضد كورينثيان كوليدج، وهو منظومة جامعية ربحية مقرها في جنوب كاليفورنيا، وقد أثقلت كاهل الطلاب الضعفاء بالديون. تتذكر هابيغ أن هاريس قالت: "هؤلاء أناس يحاولون أن يفعلوا شيئاً صحيحاً. إنهم يحاولون أن يستثمروا في تعليمهم وفي معيشتهم المالية، وهم كمن يجذب رباط حذائه على أمل أن يرتفع بذلك درجة، ويريدون أن يعيشوا الحلم الأميركي… إنهم يتعرضون لخداع عند كل منعطف“.

فازت هاريس بتسوية بقيمة مليار دولار ضد كورينثيان- وهو نصر كثيراً ما تستشهد به إلى جانب ذكرها قضية جامعة ترمب، وهي مشروع فاشل، وافق ترمب فيها على دفع 25 مليون دولار كتسوية بعد مزاعم بأنها جامعة الطلاب.

انتصارها للطلاب المعوزين

كان الأمر الأكبر، على الأقل من الناحية المالية، هو معركتها ضد كبار المقرضين العقاريين بشأن ممارساتهم في حبس الرهن العقاري، والتي شهدت فوزها بتسوية بقيمة 18 مليار دولار، بالإضافة إلى 2 مليار دولار إضافية كجزء من قضية اتحادية.

كان شريكها في هذه المعركة المدعي العام لولاية ديلاوير بو بايدن، ما جعلها تحت أنظار والده جو بايدن. 

طلبت من ممثلة ولاية كاليفورنيا كاتي بورتر، التي كانت آنذاك أستاذة في جامعة كاليفورنيا في إيرفين، مراقبة ما إذا كانت أموال التسوية تصل إلى الضحايا. قالت بورتر: "جاءت هاريس إلى جامعة كاليفورنيا في إيرفين وجلست مع أشخاص فقدوا منازلهم… لقد خصصت وقتاً لتستمع إلى الناس الأكثر تضرراً".

 

في كتاب هاريس الصادر في 2019 بعنوان: ”الحقائق التي نتمسك بها: رحلة أميركية“، كتبت أنها استمتعت بعملها نيابة عن المستهلكين: "لقد أحببت أن أكون صوتاً ومدافعةً عن أشخاص أُسيئت معاملتهم… كان المحامون في فريقي يعرفون مدى جديتي بشأن محاسبة المفترسين من الشركات. كانوا يمزحون بأن كلمة كامالا تعني احصلوا على مزيد المال من هذه التسوية“.

تعارفها مع الشركات

كانت لهاريس زيارات مبكرة إلى كل من ”إي بي إن بي“ (Airbnb) و“دروبوكس“ (Dropbox) و“نتفلكس“ و“بالانتير“ (Palantir) وبدأت تُعتبر تقدمية حيال التقنية ومهتمة بالإمكانات الثورية لهذه الشركات الناشئة.

وقد بلغت مدة اجتماع إعلامي لها مع مع رئيس ”بالانتير“ التنفيذي أليكس كارب أكثر من 3 ساعات رغم أنه كان يُفترض أن يكون لنصف ساعة، وفقاً لما رواه ترافيس لوبلانك، الذي كان مستشاراً لهاريس بصفتها المدعية العامة. قال لوبلانك إنها أدركت "أنه مهم السماح بميدان لعب للثوريين حتى يكونوا ثوريين". من ناحية أخرى، كانت تعلم "أنه لم يكن من المفترض أن يصبح ذلك من قبيل الإنفلات".

قال لوبلانك إن هذا النهج كان واضحاً في الاتفاق الذي أبرمته هاريس مع مطوري تطبيقات الأجهزة المحمولة في 2012، وهو يتطلب أن تتضمن تطبيقاتهم إفصاحات واضحة عن الخصوصية، وكذلك في اجتماع عقدته في لوس أنجلوس بعدما اشتكت استوديوهات هوليوود من أن سوق ”أمازون“ يسهّل بيع أقراص الفيديو الرقمية المقرصنة. بعد الاجتماع، بدأت ”أمازون“ مشروعاً تجريبياً يسمح للاستوديوهات بتحديد بائعين معتمدين لتتمكن من اتخاذ إجراءات صارمة ضد من لا يتعاملون معها. قال لوبلانك: ”لديها كثير من الأدوات في صندوقها، وتستخدم الأداة التي تعتقد أنها الأنسب“.

 

التقت هاريس مع دوغ إيمهوف في موعد دون سابق معرفة، ثم تزوجته في 2014. مع استقرار حياتها الشخصية، رفعت أهداف حياتها المهنية. كانت الشائعات تدور حول أن السناتور باربرا بوكسر لن تسعى لولاية أخرى، وقرر كوري بوكر -صديق هاريس والديمقراطي الأسود الوحيد في مجلس الشيوخ- أن يشجعها على الترشح. قال: "لقد أذهلني مدى الافتقار إلى التنوع".

التقيا وكانا توّاقين لأن يتحدثا. يستذكر بوكر أنه كان الأول في الإدلاء بدلوه، وقال: "لقد أعطيتها كثيراً من الحكمة التي اكتسبتها… تعالي إلى هنا، ترشحي لمجلس الشيوخ، اخرجي مبكراً، ستكتسحين الميدان".

الأسرة هي الأهم

استمعت هاريس حتى جاء دورها لتتحدث. لم تكن تريد مناقشة مقعد بوكسر. يتذكر بوكر ضاحكاً: "لقد أخبرتني أنني بحاجة لأن أتزوج. لقد أرادت حقاً أن تقول لي بؤساً للحياة العامة، إن الحياة العامة والواجب العام مهمان حقاً، لكن أهم شيء في الحياة هو العثور على شخص جيد والزواج. ... لقد تزوجت من حب حياتها. كانت حقاً سعيدةً“.

غادر بوكسر، وترشحت هاريس واكتسحت الميدان كما توقع بوكر، بفضل تأييد أوباما وغيره من الديمقراطيين البارزين. في يناير 2017، انضمت إلى مجلس الشيوخ، وهي مؤسسة صعبة، وفيها كانت واضحة التململ، لكنها صنعت لنفسها اسماً عبر استجواباتها في لجنة القضاء.

تلطيف وتشديد للمواقف

لقد برزت خلفيتها التقدمية وفي الملاحقة القضائية في عشرات مشاريع القوانين التي اقترحتها، رغم أن معظمها تعطل، وهي تجربة شائعة بين أعضاء مجلس الشيوخ. (أُقر أحدها بعد تعديله خلال خدمتها كنائبة للرئيس، وهو يقضي بزيادة عقوبة جريمة الإعدام خارج نطاق القانون).

لقد سعت لتعزيز حق المهاجرين في الحصول على محامٍ، وزيادة استخدام شرطة الحدود لكاميرات محمولة لمراقبة تصرفهم، ولمنع وزارة الأمن الداخلي من استخدام الأموال الاتحادية لتوسيع مراكز احتجاز المهاجرين.

وقد اقترحت مشروع قانون كان من شأنه أن يمنح المدعين العامين للولايات سلطة التحقيق في البنوك الوطنية وآخر لإلزام بنوك الاحتياطي الفيدرالي بمقابلة ما لا يقل عن امرأة واحدة وشخص من غير البيض عند البحث عن رئيس جديد.

كما اقترحت تشريعاً لإعفاء ضريبي للطبقة المتوسطة وإعفاء ضريبي سخي لمن يستأجرون مساكنهم. كان هدف كثير من القوانين التي اقترحتها مساعدة الأطفال، ومن ذلك مشروع قانون يهدف إلى دراسة كيفية التخفيف من فجوات الرعاية من خلال تحسين تماشي اليوم الدراسي مع يوم العمل.

لقد حاولت توحيد العقوبات على مشاركة الصور الحميمة دون موافقة مسبقة، وكذلك إلزام الشركات بوضع ملصقات باللغة الإسبانية على المبيدات الحشرية.

أشارت كل هذه الجهود بأنها تحاول أن تغازل الجناح الأيسر للديمقراطيين خلال حملتها الرئاسية لعام 2019. لقد أعلنت دعمها للصفقة الخضراء الجديدة، وهي نسخة من الرعاية الصحية للجميع وبعض عمليات إعادة شراء الأسلحة الإلزامية، فضلاً عن حظر التكسير الهيدروليكي، وبحلول عام 2040، منع بيع السيارات التي تعمل بالبنزين. وتحدثت دفاعاً عمّن يعبرون الحدود مخالفين للقانون. وبالكاد ذكرت وقتها كمدعية عامة، بما يتماشى مع عصر حيث استولى الحزب الديمقراطي على قضايا العدالة الجنائية ويواجه دعوات لحجب تمويل الشرطة.

لقد فشلت مساعيها الرئاسية قبل الانتخابات التمهيدية الأولى، إذ وجدت نفسها محاصرة بين معسكري التقدميين والمعتدلين حتى داخل طاقمها. لكن بايدن، الذي كان يتطلع للاستفادة من خلفيتها كمدعية عامة ولجذب النساء والملونين اختارها مرشحةً لتكون نائبة الرئيس.

تعزو هاريس تحولها عن مواقفها في 2019 إلى بناء الإجماع الذي يفضله رئيسها، الوسطي الرائد للديمقراطيين. تقول إحدى مساعداتها السابقات وحليفتها منذ فترة طويلة، السناتور لافونزا بتلر من كاليفورنيا: "ما يصفه الصحفيون بأنه تغيير في الموقف هو حقيقة أنها تعرفت على مزيد من الناس في هذا البلد“.

وهي تصف هاريس بأنها "أكثر خبرة"، مضيفة، "عندما تتمكن من إيجاد أرضية مشتركة بين مزارعين كنت تعمل بجد لحمايتهم والدفاع عنهم بصفتك المدعي العام [و] مزارعين آخرين لم تقابلهم قط من آيوا ... فهذا يوسع بالتأكيد خبرتك ومنظورك".

بدلاً من الرعاية الطبية للجميع، أكدت هاريس على الدفاع عن قانون أوباما كير وتفضيل تدابير مثل توسيع القيود على النفقات المباشرة. تقول إنها ستسعى إلى حظر الأسلحة الهجومية وإلى مزيد من إجراءات التحقق من خلفية المشترين، ولكنها لن تسعى لإعادة شراء الأسلحة إلزاماً.

ولم تعد تريد حظر التكسير الهيدروليكي والتزمت الصمت بشأن التخلص التدريجي من محركات الاحتراق الداخلي. فيما يتعلق بالهجرة، فهي تدعم مشروع قانون يؤيده الحزبان، وقد انهار تحت ضغط من ترمب، وكان من شأنه إضافة آلاف من موظفي إنفاذ القانون، وتسريع طلبات اللجوء وتمويل بناء جدار حدودي.

يقول مساعدو هاريس إنها لا تأبه بالضجة حول التفاصيل غير المستقرة فيما خص البرامج بقدر ما تهتم بنتائجها. قالت بتلر: "ستفكر في الناس الذين هم في محور أي سياسةٍ فيما يُعتبرون في كثير من الأحيان مجرد كلمات على صفحة".

 

كانت لهاريس بعض الكبوات في تولي مهام دورها كنائبة للرئيس، ومن ذلك أنها تصدرت للحد من الهجرة من غواتيمالا وهندوراس والسلفادور، لكن عدد المعابر الحدودية زاد بشكل كبير.

وقد دافعت عن مبادرات اقتصادية مثل إلغاء ديون الطلاب وتنظيم التزامات رأس المال للمقرضين المجتمعيين، والتي تراها كوسيلة لتحفيز نمو الأعمال الصغيرة لرجال الأعمال الذين قد ترفضهم البنوك الكبرى.

دفعها قرار المحكمة العليا في قضية دوبس إلى دائرة الضوء بشأن حقوق الإجهاض، وهي قضية رئيسية للديمقراطيين منذ ذلك الحين. كما عززت علاقاتها مع المشرعين السود البارزين، وكانت في قلب لحظات تاريخية مثل الموافقة على كيتانجي براون جاكسون في 2022، وهي أول امرأة سوداء تخدم في المحكمة العليا الأميركية.

تعويل على زملائها

بينما كانت هاريس ترأس تصويت مجلس الشيوخ على ذلك، اجتمعت مع مشرعَين أسودين، هما بوكر ورافائيل وارنوك، القس الذي ساعد فوزه في جولة الإعادة في جورجيا في منح الديمقراطيين أغلبية مطلقة في المجلس.

اعتاد بوكر ووارنوك منذئذ أن يرويا كيف حثتهما هاريس على كتابة رسالة إلى الجيل المقبل. 

وصف وارنوك ذلك في تجمع انتخابي لهاريس خالطاً بين تعبير هزلي وطرح جدي: "لقد أشارت علينا بأن نفعل ذلك على وفقاً للطريقة التي تقترح بها النساء السوداوات أمراً“ فقد أتت بأوراق عليها ترويسة نائب الرئيس وأعطت ورقة لكل منهما.

كتب وارنوك على الفور إلى ابنته. ومرت أسابيع قبل أن يكتب بوكر رسالته، وفي حديثه إلى وفد خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي، وصف طلب هاريس بأنه استعارة لتضحيات الأجيال الماضية. قال: "لقد كتبوا لنا رسائل الحب، وكتبوها بالدموع، وكتبوها بالعرق، وفي بعض الأحيان كتبوها بالدم. الآن، تريد كامالا هاريس منا أن نكتب رسالتنا“.

إنها تفكر حقاً في المساءلة… مثل، كيف نبني سوقاً واقتصاداً حيث تستطيع الشركات أن تبتكر وتبني أعمالاً تجارية وهي تعلم أنها لن تقوضها شركة أخرى تغش.

 

مساعدة هاريس السابقة هابيغ

 

تحدثت هاريس عن كيف يساعد التنوع، بما في ذلك بين موظفيها، في اتخاذ قرارات أفضل، حتى مع تجاهلها للأسئلة حول خلفيتها متعددة الأصول وتتعامل معها على أنها غير ذات أهمية. قالت في 2008: ”إنها تعبير عن كل شخصيتي… يصعب على الآخرين أن يفهموا ذلك أكثر من صعوبة فهمي له. هذه هي حياتي". ومع ذلك، فهي ترى أيضاً الحاجة إلى كسر الحواجز. عندما تصطدم بها، قالت لجمهور من المنظمات الآسيوية الأميركية وأبناء هاواي وجزر المحيط الهادئ في وقت سابق من هذا العام، "عليك أن تكسر ذلك الباب اللعين".

كان صعود هاريس مصحوباً بمنافسات مستمرة وعلاقات طيبة مع بعض أعضاء الحزب، بما في ذلك بيلوسي. قال شخص يوالي كلتا المرأتين وطلب عدم ذكر اسمه فيما يتناول علاقات شخصية: “لم نر كامالا أبداً في أي من فعاليات نانسي“.

رداً على سؤال لشبكة ”سي إن إن“ في سبتمبر 2023، عما إذا كانت هاريس "أفضل امرأة لوظيفة" نائب الرئيس، قالت بيلوسي إنه لطالما يظن بايدن ذلك، ”فذلك ما يهم“.

أتى هذا التعليق فيما كانت حملة إعادة انتخاب بايدن العسيرة تستعد للانطلاق.

حين أصبح تقدم سن بايدن موضوعاً في الحملة، لم تبد هاريس على الدوام كوريثة بيّنة بلا منازع له. قفز ديمقراطيون بارزون، ومنهم منافسها القديم الودود نيوسوم، إلى الساحة، وتموضعوا استعداداً لسباق ما بعد بايدن.

بعدما أذكت مناظرة الرئيس الكارثية في يونيو مع ترمب تنافسية الساسة، بدأ الديمقراطيون يقولون علانية إنه ينبغي أن يتنحى بايدن. وأتت دعوة صريحة من بيلوسي لبايدن بأن يعيد النظر بشأن الاستمرار في السباق وكان لها وقع كبير في نفسه.

ولاء هاريس لبايدن

قال بوكر مشيراً إلى هاريس: "لم نسمع منها أي تلميح بعدم الولاء". عندما نشر بايدن أخيراً عبر منصة ”إكس“ يوم الأحد 21 يوليو أنه سينسحب من السباق تلا ذلك تأييده لها بعد 27 دقيقة فقط. لم تضطر لأن تركل الباب لتدخل. لقد تحدثا في ذلك الصباح، وكانت هاريس في المنزل تستعد لتركيب قطع أحجية مع أحفاد أختها. بدأت على الفور في حشد الدعم، ومرة ​​أخرى اكتسحت الميدان.

شملت مكالماتها في ذلك اليوم محادثة مع النائبة حديثة العهد جاسمين كروكيت من تكساس، التي اكتسبت شهرةً، كما هاريس، جرّاء مناوشات مع الجمهوريين في جلسات الاستماع. تشير كروكيت إلى أنه كان بوسع هاريس أن تكرس ذلك الوقت للاتصال بمتبرع أو زعيم في الكونغرس. تقول: ”لست من تلك الفئات، لكنها خصصت وقتاً بطريقة ما لتتصل بي".

دخول سريع وسلس

واجهت هاريس احتمالية خوض معركة أولية محفوفة بالمخاطر، ربما كانت لتزيح أول امرأة ملونة تقترب من الرئاسة، لكن لم يتقدم أحد لمنافستها. بحلول الإثنين، كانت تتولى زمام حملة بايدن-هاريس، ودخلت إلى مقر الحملة الرئيسي في ويلمنغتون بولاية ديلاوير، على أنغام أغنية بيونسيه ”فريدوم" أي حرية، وكأنما كانت صدى لصرخات طفولتها في كاليفورنيا.

ارتفعت معدلات جمع التبرعات، وتضخمت صفوف المتطوعين. وبدأت الحشود تتجمع لحضور مسيراتها، بمفردها ومع زميلها في الترشح، حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز. كما أيدتها بيلوسي، وظهرت معها في حملة لجمع التبرعات.

 

في محادثة على هامش تجمع جماهيري في ويسكونسن، نقلت كيلي روبنسون، رئيسة حملة حقوق الإنسان، وهي منظمة غير ربحية تركز على مناصرة مجتمع الميم والعمل السياسي، عن نائبة الرئيس قولها: "هذه ليست مجرد حملة، إنها حركة“.

يعترف الجمهوريون بأن هاريس أعادت ضبط السباق، لكن بعضهم ما يزال معجباً بفرصهم. قال ميك مولفاني، القائم بأعمال رئيس موظفي البيت الأبيض لترمب منذ أكثر من عام بقليل: "في نهاية المطاف، إنها ما تزال ليبراليةً من كاليفورنيا… لذا ما لديها لتقدمه قليل".

في مواجهة هجمات ترمب بشأن الهجرة والتضخم وسجلها الليبرالي، التزمت هاريس بشكل أساسي بمحطات حملتها وتجمعاتها، محطمة أرقام جمع التبرعات بينما تجنبت المقابلات ولم تقدم سوى قليل من الالتزامات السياسية.

هذا الغموض الاستراتيجي هو طريقها لتجميع التحالف المتباين من الناخبين الذين تحتاجهم لصد ترمب وقاعدته المتحمسة. وستسعى لتحقيق مكاسب بين الناخبين في الضواحي وإقبال قوي من المستقلين والسود والحد من الخسائر في المناطق الريفية ذات الأغلبية البيضاء.

تركيز على الطبقة المتوسطة

خلال الحملة الانتخابية، تزور هاريس بشكل متكرر شركات صغيرة، ومن ذلك مطعم شواء في جورجيا وآخر مكسيكي في أريزونا وثالث يبيع الشطائر في بنسلفانيا. إنه تحول عن بايدن، الذي فضل اعتبار التصنيع تلخيصاً لصحة الاقتصاد الأميركي. تقول هاريس إنها تريد إنشاء "اقتصاد الفرص" -استخدمت العبارة ثلاث مرات خلال مناظرة 10 سبتمبر- سيشمل ذلك زيادة الخصوم الضريبية المتعلقة بالأطفال وكذلك الشركات الصغيرة الجديدة، وإقرار مساعدات قدرها 250000 دولار لمشتري المنازل لأول مرة.

قالت حملة هاريس إنها تدعم تقريباً جميع الضرائب الجديدة التي وردت في أحدث ميزانية لبايدن، ما يمهد الطريق لموقف ابتدائي لمفاوضات 2025 بشأن قانون الضرائب إن فازت بالرئاسة. ستغطي الإيرادات الجديدة على مدى عقد وهي تُقدر بنحو 5 تريليونات دولار ما يربو على تكلفة التخفيضات الضريبية وحسومات الأسر ذات الدخل المتوسط ​​​​والمنخفض. ستأتي هذه الأموال جزئياً من زيادة معدل ضريبة الشركات من 21% إلى 28%، ومن زيادة الضرائب على المليارديرات وجمع المزيد من ضرائب الرعاية الطبية من أصحاب الأعمال وأصحاب الدخول المرتفعة.

فيما تستهدف مثل هذه التدابير الأثرياء، تقول حاكمة نيويورك كاثي هوشول إن وول ستريت لا ينبغي أن تقلق لأن هاريس ستقدم "ما تحصل عليه دائماً في ظل الإدارات الديمقراطية: اقتصاد قوي وأسواق أسهم قوية".

وصف بريان نيلسون، أحد كبار مساعدي هاريس في السياسة، توسيع الطبقة المتوسطة على أنه بوصلتها، و"هذا يعني قواعد مستقرة، وهذا يعني إدارة اقتصادية سليمة". تعهدت هاريس بملاحقة الشركات التي تتواطأ لرفع الإيجارات وشركات الأدوية التي تفرض أسعاراً استغلاليةً.

قالت هابيغ، نائبة هاريس السابقة في كاليفورنيا: "إنها تفكر حقاً في المساءلة… مثلاً، كيف نبني سوقاً واقتصاداً حيث تستطيع الشركات أن تبتكر وتبني أعمالاً تجارية وهي تعلم أنها لن تقوضها شركة أخرى تغش“.

لين تجاه العملات المشفرة

يمتد هذا أيضاً إلى نهج هاريس تجاه العملات المشفرة، وهو قطاع منزعج من تشكك رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة غاري غينسلر. قال نيلسون إن هاريس "ستدعم السياسات التي تضمن استمرار نمو التقنيات الناشئة وهذا النوع من الصناعة"، بما في ذلك "القواعد المستقرة". هذا الموقف الألين هو انتصار لمناصري العملات المشفرة مثل النائب رو خانا، وهو تقدمي من منطقة خليج المكسيك ومؤيد لهاريس. قال خانا: "أعتقد أنها خطوة في الاتجاه الصحيح… آمل أن يبنوا عليها“.

لم تتطرق هاريس إلى اختيارها لمساعديها في توجيه الاقتصاد. لقد تجنبت ذكر من يراهم جمهور الحزب أبطالاً مثل الثنائي المناهض للاحتكار لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، التي دعا بعض المانحين الديمقراطيين البارزين إلى إقالتها، ومساعد المدعي العام جوناثان كانتر.

إن عدم تطرق متدربة سابقة في لجنة التجارة الفيدرالية كانت تعمل في إنفاذ مكافحة الاحتكار مثل هاريس لدعم عمل خان يُظهر مدى تحفظها. قال مساعدوها إن تحفظها يرجع جزئياً إلى أنها لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تعتبر أن وصولها إلى البيت الأبيض أمر مسلم به، لكن هذا ترك المانحين والنقاد في حيرة.

في مسعى هاريس لجذب الناخبين من الطبقة المتوسطة والولايات المتأرجحة، تحولت حملتها بشكل صارخ عن حملة بايدن في جانب واحد: لقد اتشحت، وكذلك والز، بما يرمز للولايات المتحدة، واكتست تجمعاتهما بالأحمر والأبيض والأزرق.

قال والز في فعالية لجمع التبرعات في ميريلاند في أواخر أغسطس: “ليس لديهم حق احتكار العلم. لقد استعدناه“، (كما أضاف: "لقد استعدت كرة القدم. لقد سئمت من اعتقادهم أنهم يمتلكونها“).

زعامة وقوة أميركا

كانت المناشدات بالوطنية بارزة في خطابها في مؤتمر الحزب الديمقراطي، حيث قالت إنها بصفتها القائدة العليا ستضمن أن "أميركا لديها دائماً أقوى قوة قتالية وأكثرها فتكاً في العالم" وأن "أميركا، لا الصين، ستفوز بالمنافسة في القرن الحادي والعشرين وأننا سنعزز زعامتنا العالمية، لا أن نتنازل عنها". وقد استخدمت عبارة "القوة القتالية المميتة" مرة أخرى في ملاحظاتها الختامية في مناظرة 10 سبتمبر.

ما تزال مواقف هاريس في السياسة الخارجية تتشكل، لكنها سافرت إلى الخارج في مهام دبلوماسية 17 مرة كنائبة للرئيس، وطلبت أحياناً أن يمر موكبها بأعلى محكمة في البلاد في إشارة إلى ماضيها كمدعية عامة. كانت على نفس خطى بايدن في دعم المساعدات والأسلحة لأوكرانيا، وكان لها اجتماع اطلاعي مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي قبل خمسة أيام من غزو روسيا لبلاده.

يتذكر السناتور كريس كونز، حليف بايدن، أنها تحدثت بقوة عن الصراع في مؤتمر ميونيخ للأمن. قال: "كانت نائبة الرئيس واضحةً وحازمةً بشأن الحاجة الملحة للدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا“.

كما تتبنى هاريس نفس موقف بايدن تقريباً بشأن الحرب في إسرائيل، فقد دعت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وحمّلت حماس معظم الملامة على مجريات الأمور، لكنها سعت للتأكيد على محنة الفلسطينيين وغزة، وذلك تماشياً مع النشاط المحموم لبعض منتقدي إسرائيل من الديمقراطيين.

في قضايا أخرى، كانت مواقفها أقل تبلوراً، بما في ذلك بشأن الصين، حيث استبدلت إعلان المواقف السياسية بعبارات عبر موقع الحملة على الإنترنت مثل عدم التسامح مع "ممارسات التجارة غير العادلة من الصين أو أي منافس يضر بالعمال الأميركيين“.

عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حاولت حملة هاريس نقل شخصيتها من خلال اختيار لحظات عفوية منها. غالباً ما سلطت المنشورات الضوء على شغفها بالطعام. وقد ظهرت في مقاطع مصورة خلال رحلة حديثة إلى جورجيا فيما تنظر إلى كعكة كراميل في مقهى بوتيك ومتجر هدايا، وفي مقطع فيديو آخر شاركت بحماس وصفتها للخضراوات مع صلصة تاباسكو.

قال بوكر، الذي تلقى ذات مرة درس طبخ افتراضي من هاريس في الطبخ: "إنها واحدة من أفضل من يعلمونك الطهي، ولا ننسى أنها حاولت إنقاذي من عزوبيتي".

في نوفمبر، أعدت هاريس عشاءً في مقر إقامتها لرجال ملونين مؤثرين في وسائل الإعلام. قال أشخاص مطلعون على اللقاء إن الممثل الكوميدي دي إل هيوغلي والمعلق رولاند مارتن ومغني الراب فات جو كانوا بين ضيوفها.

صبرها حيال المعلومات المغلوطة

كان هيوغلي ممن لهم تحفظات على ماضي هاريس كجزء من نظام لاحق الرجال السود قضائياً بشكل غير متناسب. استذكر كيف أصبحت المحادثة ”شائكة“ في مايو. بعد أن اتهمها زوراً بسجن مئات الرجال السود بتهم تتعلق بالماريغوانا، "وضعت يدها على كتفي وطلبت مني أن أتحقق من معلوماتي".

اعتذر هيوغلي لاحقاً لهاريس لكونه "سمح لرواية إعلامية بالاستيلاء" على وجهة نظره عنها. لقد شاركها، وكذلك فعل فات جو ومشاهير آخرون، في أسفار حملتها وشاركوا في حوارات يديرها طرف محايد للترويج لسياسات الإدارة.

كما تحدث هيوغلي نيابة عن هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي، وشارك مارتن، الذي لديه برنامج يومي يستهدف مواطنيه من السود، في استضافة أربع مكالمات على الأقل لجمع التبرعات لها في بث مباشر. تضم جميع الولايات المتأرجحة تقريباً عدداً كبيراً من السكان السود -ومنها جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا- لذا فإن جهودها لتعزيز دعمهم مهمة جداً.

 

أعادت هاريس فتح السباق في عدة من الولايات السبع المتأرجحة في مرحلة ما بعد بايدن، ويمكنها الفوز إن استمالت ثلاثاً منها فقط، وقد أصبح الديمقراطيون متفائلين بأن الإقبال القوي على تجمعاتها يشي بأن هاريس متجهة نحو الفوز وأنه سيمكنهم من استعادة السيطرة على مجلس النواب.

تبدو فرصهم في مجلس الشيوخ أصعب، وقد يكون الحسم في ولاية مونتانا، حيث يحاول الديمقراطي جون تيستر الاحتفاظ بمقعد فاز به لأول مرة في 2006. وإن خسر فإنه يكاد يكون حتمياً أن الديمقراطيين سيحصلون على 49 مقعداً، وذلك يلغي أغلبيتهم هناك فيحبط عديداً من خطط هاريس، إن لم يكن كلها.

مع الوقت المتبقي لها لتقديم قضيتها، ستستمر بالتركيز على الشخصية -ابنة الطبقة المتوسطة مقابل ابن المليونير ومدعية عامة مقابل مجرم- وعلى ربط تجاربها بتجارب الناخبين بأي طريقة ممكنة.

في أغسطس، في مدرسة في جورجيا، تحدثت هاريس إلى فرقة موسيقية تؤدي فيما يسير أفرادها أرتالاً متجاورة، وكانت القاعة تضم مشجعات ورياضيين.

قالت: "كل ما تفعلونه يتطلب تدريباً وممارسة كثيرين، لساعات طويلة. أليس كذلك؟ أحياناً تجدون أنفسكم وقد نجحتم بعزف النغمة الصحيحة، وفي أحيان أخرى لا تنجحون. أحياناً تتقنون خطوات صحيحة، وفي أحيان أخرى لا تنجحون بذلك. أحياناً تفوزون بالمباراة، وفي أحيان أخرى قد لا تفوزون. لكنكم تعلمون أن عليكم ألا تدعوا أي ظرف يثنيكم أو يبطئكم. فأنتم تثابرون على ما تفعلون".

تصنيفات

قصص قد تهمك