الروبوتات تهدّد العاملين في خدمة العملاء حول العالم

time reading iconدقائق القراءة - 6
الذكاء الاصطناعي يخترق مجال خدمة العملاء - المصدر: بلومبرغ
الذكاء الاصطناعي يخترق مجال خدمة العملاء - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كانت جائحة فيروس كورونا قاسية على مجال خدمة العملاء الهاتفية على مستوى العالم، خصوصاً في الفلبين التي تتصدر العالم في هذا الميدان. يطرح مئات آلاف الموظفين في المستعمرة الأمريكية سابقاً تساؤلاتٍ من الجانب الآخر من الكوكب، وخلال العام المنصرم اضطُرّ كثير منهم إلى العمل بمفردهم من المنزل ليلًا، وهم يعانون الانقطاع المتكرر للكهرباء والعزلة عن الأصدقاء وشخير ذويهم، ومكوث الشركاء والأشقاء أو الأطفال في أماكن ضيقة جداً، والأرجح أن ما سيأتي بعد جائحة "كوفيد-19" سيكون أسوأ بكثير.

أدّت عمليات الإغلاق العام الماضي إلى تسريع التحول إلى أتمتة أكبر في الردّ على استفسارات المقرضين وشركات التأمين ومشغلي الاتصالات. المتصلون الذين يبحثون عن مساعدة في فاتورة أو كشف حساب بنكي يتواصلون بتزايُد مع روبوتات تعمل بالذكاء الصناعي. وعندما يتواصلون مع أحد الموظفين فغالباً ما يكون هذا من خلال نافذة للدردشة مع شخص منخرط في عدة محادثات في نفس الوقت.

زيادة الاعتماد على روبوتات الدردشة

يوضّح مايك سمول، المسؤول التنفيذي عن عملاء الشركات الأمريكية والكندية لمجموعة "سيتل" في ميامي، وهي مشغّل خدمة العملاء الذي يضمّ 100 ألف موظف 20% منهم في الفلبين، أنه قبل ظهور الوباء كان العملاء يستخدمون الدردشة وروبوتات الذكاء الصناعي بأقل من 10% من الوقت، غير أن هذا ارتفع إلى 25% تقريباً، ومن المرجح أن يصل إلى 35% بحلول نهاية العام. كما أضاف سمول الذي لم يزد عدد الموظفين منذ عام 2019 أنه "بسبب الوباء، استغرق تنفيذ الخطط عدة أشهر بعد أن كان من المفترض أن تأخذ من أربع إلى خمس سنوات".

يهدّد الاستغناء عن موظفين الخدمة الصوتية 1.3 مليون شخص يعملون لدى الشركات التي تستعين بمصادر خارجية في الفلبين، نصفهم تقريباً موظفو خدمة العملاء. ووفقاً لمجموعة أوكسفورد للأعمال، فقد نما هذا القطاع ليشكل 9% من الناتج المحلي الإجمالي، بسبب استفادة الشركات من الأجور المتدنية في البلاد، والتقارب الثقافي مع الولايات المتحدة، والطلاقة في اللغة الإنجليزية على نطاق واسع، مما حقّق 26 مليار دولار من الإيرادات عام 2019.

الذكاء الاصطناعي يتحدى البشر

يتنامى التهديد مع قدرة الذكاء الاصطناعي على تمكين الروبوتات من أن تكون فعالة -ومتعاطفة- مثل البشر في عديد من المعاملات الأساسية.

يتوقع بنك التنمية الآسيوي أنه مع حلول عام 2030 يمكن للذكاء الصناعي والتقنيات المشابهة أن تحلّ محلّ 286 ألف عامل، أو ما يقارب ربع العاملين في مجال الإسناد الخارجي في الفلبين اليوم، على الرغم من أن البنك يُفيد بأن مكاسب الإنتاجية قد تخلق وظائف أخرى.

كما تتوقع جمعية تكنولوجيا المعلومات والعمليات التجارية أن يوظّف القطاع 1.4 مليون شخص العام المقبل، بعد 1.6 مليون كانت متوقعة قبل الوباء. تنوّه ميلين كابالونا، رئيسة شبكة موظفي الصناعة "بي بي أو"، وهي نقابة لموظفي خدمة العملاء، قائلةً: "نحن قلقون من أن يؤدي ذلك إلى إلغاء هائل في الوظائف".

يُصِرّ بعض المديرين التنفيذيين في الصناعة المحلية على أن الوضع ليس مريعاً كما يتوقع كثيرون. يقول جوناثان دي لوزورياغا رئيس جمعية صناعة البرمجيات في الفلبين، إن الذكاء الصناعي لا يزال بعيدًا عن الحلول محل البشر في المكالمات الصوتية أو المحادثات الأكثر تعقيداً، كما يتوقع أن الشركات التي تخاف المردود البطيء من التكنولوجيا باهظة الثمن سوف تتمسك بالعمالة الرخيصة المتوافرة أساساً في دول مثل الفلبين، ويضيف: "روبوت الدردشة في أسفل السلم، والمشاركة عالية المستوى التي قد تقتل هذه الصناعة لم تحصل حتى الآن".

التحول لنشاطات أكثر تعقيداً

يؤكّد آرثر نواك المسؤول عن موظفي الفلبين في شركة "تي تي إي سي هولدنغز"، وهي شركة إسناد خارجي مقرها إنغلوود في كولورادو يبلغ عدد موظفيها في الأرخبيل الفلبيني نحو 20 ألف موظف، أن تطوير هذه الأنظمة وتمكينها يحتاج إلى عمال. ويضيف أنه على الرغم من صحة إمكانية أتمتة ما يقارب 40% من المعاملات البسيطة عبر تطبيق التقنيات الحديثة وأن الضبط الدقيق لها قادر على زيادة 5% أو أكثر كل سنة، إلا أن هذا يحوّل تركيز الموظفين في "تي تي إي سي" في الفلبين إلى الحفاظ على عمل الروبوتات بسلاسة. يشير نوفاك الذي بقي عدد موظفيه ثابتاً العام الماضي مقابل نموّ بمعدل 3-5% يحصل في العادة، أن "جزءاً من العمل الآن ليس فقط الرد على استفسارات العملاء، بل أيضاً العمل مع الفرق على تحديد المجالات التي تعوق فيها الفجوات الرقمية تجربة العملاء".

لتلبية الاحتياجات المتطورة للصناعة، تكثّف الحكومة في مانيلا جهودها من أجل إعادة تدريب الموظفين المعرضين للاستبدال بالروبوتات، وتحول تركيزها إلى نشاطاتٍ أكثر تعقيداً من إسناد العمليات التجارية. يعمل الرئيس رودريغو دوتيرتي على زيادة المنح الدراسية في اختصاصات العلوم والتكنولوجيا، كما يرغب في تقديم حوافز ضريبية لشركات الإسناد الخارجي التي تركز على الخدمات غير الصوتية والتي تُعتبر أقلّ تعرضاً لخطر الأتمتة مثل إدارة معلومات الرعاية الصحية وتطوير الألعاب. يقول كارل تشوا، سكرتير التخطيط الاقتصادي، إن البرامج "ستوفر القدرة على خلق قوة عاملة فلبينية قادرة على التكيف أفضل مع الاضطراب الناتج عن زيادة الأتمتة. ويمكن أن تنتقل الفلبين من خدمات الإسناد الخارجية إلى معالجة وتحليل البيانات الضخمة".

تصنيفات