كيف جعلت "أبيليتي" دراسة إدارة الأعمال ممتعة وسهلة؟

شركة التدريب تعتمد على برامج المحاكاة لتدريس فصول الإدارة وتنمية مهارات موظفي الشركات في المناصب القيادية

time reading iconدقائق القراءة - 8
جانب من مناقشات الطلاب خلال برنامج المحاكاة في\"أبيليتي\"  - المصدر: بلومبرغ
جانب من مناقشات الطلاب خلال برنامج المحاكاة في"أبيليتي" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ما الذي يجعل من عالم الإدارة التنفيذية شديد الضغوط والمخاطر مجرد لعبة؟ حين اجتمع مديرو شركتي "كومبيولاين" (Compuline) و"نانوتيل" (Nanotel) الناشئتين في أحد أمسيات مايو لإدارة مجموعة منتجاتهم الحالية والتخطيط لإطلاق أخرى جديدة، كان حالهم هكذا.

لم يكن هؤلاء المديرون قادة شركات حقيقيين، بل كانوا مشاركين في أحد البرامج الشاملة التي تقدمها شركة "أبيليتي" (Abilitie) لتدريب موظفي الشركات الواعدين عبر الإنترنت. تسمي الشركة برنامجها "ماجستير إدارة الأعمال في ثلاثة أشهر"، وهو قائم على محاكاة سيناريوهات واقعية لاتخاذ قرارات الشركات وإدارتها.

يلقى تطوير برامج ماجستير إدارة الأعمال البديلة عبر الإنترنت رواجاً كبيراً حالياً، لا سيما في ظل ارتفاع تكلفة هذه البرامج في كليات إدارة الأعمال التقليدية بالتزامن وتراجع جاذبيتها. تستخدم "أبيليتي" هذا البرنامج وعناصره المختلفة لتدريس مهارات التحليل المالي والإدارة للموظفين الواعدين في الشركات الأميركية الرائدة منذ 2019.

نتائج واعدة

يأخذ مديرو الموارد البشرية نتائج هذه الألعاب بجدية شديدة، ما يتجلى في اتساع قاعدة عملاء "أبيليتي". تقول الشركة إن إيراداتها السنوية تضاعفت ثلاث مرات تقريباً، حيث قفزت من 4.5 مليون إلى 12 مليوناً منذ مطلع 2020.

اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تطرح بديلاً غير تقليدي لماجستير إدارة الأعمال

وزادت المشاركة في دورات وبرنامج محاكاة القدرات من "أبيليتي" بشدة، إذ انخرط فيها 35 ألف شخص العام الماضي ارتفاعاً من 20 ألفاً فقط في 2022. كما نشر الرئيس التنفيذي لشركة التدريب بيورن بيلهارت وكبير مسؤولي الأبحاث ناثان كركلاور، في فبراير، كتاباً في 350 صفحة بعنوان "ماجستير إدارة الأعمال في ثلاثة أشهر" استناداً إلى البرنامج.

قالت جينيفر أليسيا، كبيرة مسؤولي التدريب لدى شركة "آرتشر دانيلز ميدلاند" (Archer-Daniels-Midland)، التي تستخدم محاكاة "أبيليتي" في إطار برنامج لتنمية المهارات القيادية لثلاثة آلاف مدير خلال ثلاث سنوات: "قادتنا يحبون التنافس. إنهم يستمتعون بالتنافس مع نظرائهم، ويقدرون الجانب الممتع لكونها لعبة... يوفر البرنامج بيئة آمنة، حيث يمكن للمتدربين ارتكاب أخطاء وتجربة مهارات جديدة" بلا عواقب حقيقية.

أشارت إلى أن ما يقرب من 1300 موظف من المديرين التنفيذيين وكبار مديري الشركات خضعوا لبرنامج القيادة سالف الذكر حتى الآن. كشفت تقييمات بعد ستة أشهر من التدريب استناداً إلى إجابات المديرين والمرؤوسين والمشاركين أنفسهم، عن ارتفاع نسبة المديرين الذين أظهروا سلوكيات قيادية مثل تدريب الآخرين وإلهامهم واتخاذ قرارات فعالة، بما تراوح بين 17 و29 نقطة مئوية.

احتياجات السوق

انتقلت "آرتشر دانيلز ميدلاند" في الخريف إلى محاكاة أحدث يدخل فيها الذكاء الاصطناعي يصعب التنبؤ بمجرياتها لوجود موظفين منهم من يسعون للترقيات ومنهم من يتجنبونها. قالت أليسيا: "الآن، يتفاعل المتدربون عملياً مع شخصيات رمزية بشكل مباشر، حيث يتعين عليهم الكتابة أو التحدث في إطار المحاكاة للرد على ما تقوله تلك الشخصيات. يشعر الناس أحياناً بعدم الارتياح عند المشاركة في لعب الأدوار. لكن بهذه الطريقة، يصبح المشاركون أشد انخراطاً".

قال بيلهارت إن "أبيليتي" لا تسعى لأن تجعل برنامجها بديلاً عن برامج ماجستير إدارة الأعمال التقليدية، حيث تقدم تلك البرامج المرموقة قيمة كبيرة لمن يستطيعون تحمل تكاليفها. غير أن كليات إدارة الأعمال في الولايات المتحدة تمنح قرابة 150 ألف درجة ماجستير في إدارة الأعمال سنوياً مقارنةً بنحو 1.1 مليون منصب إداري شاغر.

بين الرئيس التنفيذي لشركة "أبيليتي" أن: "ثمة سوقاً ضخمةً تعاني نقصاً في الخدمات ولا يستطيع حاملو ماجستير إدارة الأعمال التقليديون تلبية احتياجاتها. فيما يتبقى 850 ألف شخص يضطلعون بإدارة الشركات، ويفتقرون جميعاً إلى الوقت والموارد اللازمة للانخراط في برامج ماجستير إدارة الأعمال على مدى عامين".

اقرأ أيضاً: أفضل كليات إدارة الأعمال ليست بالضرورة الأفضل لك

كان بيلهارت قد طور أولى تجارب المحاكاة عندما كان طالباً في كلية "هارفرد" لإدارة الأعمال في 2001، وقد صممها لتغطي منهج إدارة سلسلة التوريد الذي تدرسه أستاذته جان هاموند. تناولت المحاكاة عوامل مثل تقييم الطلب المتوقع، وجدوى سرعة التوريد مقارنةً بارتفاع التكاليف من بين أمور أخرى. حققت المحاكاة نجاحاً كبيراً لدرجة أن هاموند ما زالت تستخدمها في التدريس حتى الآن.

استراتيجية متأنية

قالت هاموند: "غطت المحاكاة معظم المفاهيم التي يناقشها المنهاج حتى الآن. مع ذلك، غالباً ما تغيب هذه المفاهيم عن الأذهان عندما يُطلب من الطلاب اتخاذ قرارات. يجب عليهم التعامل مع تعقيدات هذه العوامل المترابطة". بيّنت هاموند أن دار "هارفرد بيزنس بابليشنغ" (Harvard Business Publishing) للنشر، التابعة لكلية إدارة الأعمال، اشترت برنامج المحاكاة من الرئيس التنفيذي لشركة "أبيليتي" في 2015، ثم باعت حقوق استخدامه لما يقرب من 350 كلية حول العالم خلال العام الماضي.

لم يكن بيلهارت متلهفاً لتمويل شركته الخاصة لتطوير برامج المحاكاة برأس مال استثماري عندما تخرج في ذلك الربيع، كما أن ذلك لم يكن خياراً متاحاً بعد انفجار فقاعة "الدوت كوم" على أي حال. لذلك، اختار مساراً أقل اعتماداً على رأس المال، فأسس بالتعاون مع اثنين من أصدقائه في الكلية شركة "إنسباير" (Enspire) للاستشارات، والتي تخصصت في تطوير مناهج تدريب موظفي الشركات.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة "أبيليتي": "بالنسبة لي، كان دائماً الابتكار وتطوير محتوى جذاب حقاً أهم من امتلاك شركة عامة." كان بيلهارت رفض استثماراً بقيمة مليوني دولار في 2007، ما أدى إلى تعليق خطته لتطوير برامج المحاكاة مسبقة الإعداد لسنوات.

ثم حُسم منطق بيع برامج المحاكاة على نطاق واسع بحلول 2015. قال بيلهارت: "لقد ظللنا نسمع نفس نقاط الضعف تكراراً: يفتقر مديرونا إلى المهارات الإدارية الفعالة، أو موظفونا لا يعرفون كيف يفهمون ما هي القيمة وكيفية قراءة البيانات المالية". في تلك المرحلة، بلغت إيراداتنا 5 ملايين دولار تقريباً، لذلك كانت لدينا فكرة كافية بشأن ما تريده الشركات من حيث الوعي التجاري والمهارات القيادية."

اقرأ أيضاً: برامج ماجستير إدارة الأعمال تستهدف التنوع في دراسات الحالة الواقعية

ثم قرر بيلهارت بيع "إنسباير" من أجل التركيز على تطوير برامج تدريبية شاملة لإدارة الشركات. قال: "ندمج هذا المفهوم في مناهجنا الدراسية، حيث نسأل المتدربين: كيف تريد لشركتك أن تكون؟". أُطلقت "أبيليتي" أواخر 2015 بكتابة مختلفة وهي (Abilitie)؛ لأن عنوان (Ability.com) سبق تسجيله، ويٌكلف شراؤه 3 ملايين دولار.

أهمية المحاكاة

تمثل البرامج التدريبية التي تقدمها "أبيليتي"، والتي غالباً ما يُدَرِسها مستشارون ومديرون تنفيذيون متقاعدون، نحو 35% من مبيعاتها. يقضي طلاب ماجستير إدارة الأعمال، الذي يستغرق 10 أسابيع دراسية تقريباً بتكلفة 2350 دولاراً، ما يزيد قليلاً عن 60 ساعة في التدريب. يخصص نصف هذا الوقت لبرامج المحاكاة، حيث يستثمر الطلاب عادة 25 ساعة في دراسة المواد التدريبية، فيما يخصص البرنامج أسبوعين إضافيين للقراءة والتحضير قبل بدء الدراسة.

كانت المحاكاة في ذلك المساء من مايو محور منهج مدته أسبوعين حول مهارات "قيادة الفرق متعددة الوظائف".

تحدثت بيج مونتيماير، مديرة الموارد البشرية لدى شركة "ريان" (Ryan) لاستشارات ضرائب الشركات في دالاس، عن دورها في المحاكاة كنائبة الرئيس التنفيذي للبحث والتطوير في شركة "كمبيولاين": "نعمل مع أشخاص لا نعرفهم، ومن خلفيات مختلفة تماماً. لم تتسم الطريقة التي نتواصل بها مع بعضنا بعضاً بالتناغم. كما عرقل ضغط الوقت تقدمنا بسرعة كبيرة".

شاركت مونتيماير، 28 عاماً، في محاكاة أخرى بعد بضعة أيام مع مجموعة مختلفة من الطلاب، لكن هذه المرة بصفتها الرئيسة التنفيذية لشركة "كومبيولاين". وضع الفريق في بداية المحاكاة شروطاً لكيفية إجراء المناقشات، مع إعطاء الأولوية لتفويض مسؤوليات اتخاذ القرار قدر الإمكان.

قالت مونتيماير: "لقد أتاح لنا ذلك التعامل بمرونة وتغيير مسارنا"، خاصة عندما جلب البرنامج تحديات غير متوقعة مثل الكشف عن خرق بيانات عملاء "كمبيولاين" أثناء المحاكاة. فاعترف مدير البحث والتطوير لدى الشركة علناً بالخطأ، ودفعت الشركة غرامة. تابعت مونتيماير: "حتى لو اتخذنا القرار الخاطئ، فقد مكنتنا تلك الشروط من التعامل مع المشكلة سريعاً ومواصلة تحقيق إيرادات لهذا الربع".

تصنيفات

قصص قد تهمك