بلومبرغ
سعدت غريس سين بتقاعدها بعد أن قضت حياتها المهنية تعمل مسؤولة تنفيذية في مجال الموارد البشرية في هونغ كونغ. تمضي سين، 84 عاماً، وقتها في دار المسنين "هونغ كونغ جوكي كلَب هلبينغ هاند جاوتشينغ هوم فور ذا إلدرلي" (Hong Kong Jockey Club Helping Hand Zhaoqing Home for the Elderly)، وتتحدث مع المقيمين والعاملين هناك، وتمارس لعبة ما جونغ، وتتنزه في أراضي الدار الفسيحة، وتقطع سبعة آلاف خطوة يومياً، كما أنها تتسلى أحياناً بتجربة فن الخط والكاريوكي.
رغم ذلك، لم تعد سين تعيش في هونغ كونغ. تقع الدار، رغم اسمها، في مدينة جاوتشينغ في مقاطعة غواندونغ بالبر الرئيسي للصين على مسافة 193 كيلومتراً من هونغ كونغ. انتقلت سين للعيش هناك في أكتوبر، إذ جذبها ذلك المجتمع ومستوى الرعاية والمساحات الأكبر المعروضة هناك. قالت: "كل شيء هنا مريح، وبإمكاني أن أسافر بسهولة إلى هونغ كونغ كلما أردت. المنازل في هونغ كونغ صغيرة، وهناك أعداد كبيرة جداً من الناس".
تُعتبر سين من بين عدد متنامٍ من كبار السن من هونغ كونغ ممن ينتقلون إلى دور المتقاعدين في البر الرئيسي للصين، بعد أن جذبتهم شبكات النقل المتطوّرة والمنازل الأرخص والأفضل وتغير السياسات الحكومية. تعاني هونغ كونغ من أزمة نقص حادة في أماكن إقامة المسنين، فهنالك 16 ألف شخص على قائمة الانتظار لخدمات الرعاية المدعومة المقدّمة في السكن، ويستغرق الانتقال فترة قد تصل إلى 16 شهراً.
تحول في السياسات
خلال الأشهر المقبلة، تعتزم حكومة هونغ كونغ أن تبدأ السماح لكبار السن باستخدام قسائم للنفقات الطبية في سبعة منشآت للرعاية الصحية في منطقة الخليج الكبرى، التي تضم تسع مدن في غواندونغ. يهدف ذلك التحول في السياسات إلى مساعدة هونغ كونغ، التي يتمتع سكانها بأحد أطول متوسط الأعمار في العالم، في التعامل مع التزايد السريع في أعداد كبار السن. بحلول 2046، سيكون عمر أكثر من واحد من بين كل ثلاثة مقيمين في المدينة 65 عاماً أو أكثر.
اقرأ أيضاً: دُور رعاية المسنّين الفاخرة في الصين تجذب استثمارات بالملايين
يدفع المقيمون نحو 5100 يوان صيني (708 دولارات أميركية) شهرياً، وهي نحو ربع التكلفة في هونغ كونغ، مقابل غرفة مساحتها نحو 17 متراً مربعاً تطل على الحديقة وملحق بها حمام خاص. تضم الدار صالة ألعاب رياضية وحديقة خضروات وبعض الماعز والقطط لكي يلعب المقيمون في الدار معها.
يتحدث كل العاملين في الدار لغة سين الأم، وهي الصينية الكانتونية، التي أضحت نادرة بشكل متزايد في البر الرئيسي في ضوء الهيمنة المتنامية للغة الصينية المندرينية. مع استئناف السفر بالقطار السريع بعد الجائحة، تقلصت مدة الرحلة إلى النصف لتصبح ساعتين، ما يزيد من سهولة الالتقاء بالأقرباء والأصدقاء.
مخاوف في هونغ كونغ
قال ساندي مكاليستر، الرئيس التنفيذي لمنظمة "هلبينغ هاند" (Helping Hand) غير الحكومية التي تدير دور المسنين وتقدم الدعم لكبار السن من سكان هونغ كونغ: "في الماضي، لم يكن هناك من يعلم عنها، أو كانت أبعد من اللازم ومخيفة بما يفوق التقبل". كانت إحدى المشاكل هي أن من أتوا ليجربوا الإقامة كانوا يخاطرون بخسارة مركزهم في قائمة الانتظار الحكومية لفرصة الإقامة في دار رعاية في هونغ كونغ. قال مكاليستر: "فجأة باتت الحكومة ترى الميزات".
اقرأ أيضاً: شركة رعاية مسنين أميركية تتهددها الشكاوى
أحد المخاوف في هونغ كونغ هو عدم وجود أراضٍ مخصصة تحديداً لإسكان كبار السن. يعني ذلك أن دور المتقاعدين لا بد أن تُبنى في أماكن يمكن استخدامها لأي غرض، ويُفضّل المطورون عادةً المشروعات التي يمكن بيعها أو تأجيرها إلى فئات عمرية أصغر، وفقاً لتقرير من معهد الأرض الحضرية.
قال ألان بيب، الرئيس التنفيذي المسؤول عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ في المعهد الذي يضم شبكة من خبراء القطاع العقاري: "إحدى التوصيات الرئيسية لدينا هي أن تكون السياسة أكثر مراعاةً، أن نفكر في طرق يمكن من خلالها أن يعمل القطاعان العام والخاص معاً بشكل بنّاء أكثر".
توسعات مستقبلية
قالت مجموعة "تشاينا تايبينغ إنشورانس" (China Taiping Insurance Group) إن دار رعاية المسنين الخاصة بها في غوانجو استقبلت أول مقيم بها من سكان هونغ كونغ في يناير، وطوّرت الشركة سياسات تأمينية تستهدف كبار السن في هونغ كونغ ممن يعتزمون التقاعد في منطقة الخليج الكبرى.
اقرأ أيضاً: كبار السن أكثر قلقاً من التضخم لهذه الأسباب
أما في "هلبينغ هاند"، فارتفع عدد الاستفسارات عن الإقامة في الدار إلى الضعف منذ 2022، وتأمل الدار التي تقع في مدينة جاوتشينغ أن يبلغ عدد المقيمين فيها 110 أشخاص بحلول ديسمبر، بارتفاع من 95 شخصاً اليوم. تهدف الإدارة لزيادة أماكن الإقامة بنحو 30% هذا العام، كما تلقت في فبراير موافقة على الإعانات الحكومية لتغطي تكاليف الرعاية التمريضية للاحتياجات الطبية الأعقد.
بالنسبة لكبار السن في هونغ كونغ، أضحت الجولات في دور رعاية المسنين وتجارب الإقامة فيها في غوانغدونغ أشبه برحلات ترفيهية. تجلب رابطة جمعيات الأقاليم الجديدة، وهي مجموعة شاملة تضم مئات المنظمات المجتمعية، كبار السن ممن يعيشون في هونغ كونغ إلى أحد الدور الواقعة في شنجن، حيث يمكن للمشاركين أن يتلقوا علاجات الطب الصيني التقليدية ويحضروا جلسات التمارين الرياضية ويستمعوا إلى نقاشات عن التقنية.
إن رحلات اليوم الواحد هذه مجانية، وتبلغ تكلفة الإقامة لمدة ليلة نحو 300 دولار هونغ كونغ (38 دولاراً أميركياً). قال ليونغ تشي تشيونغ، رئيس المجموعة: "أغلب المشاركين لدينا ما يزالون في سن صغيرة نسبياً، في أوائل الستينيات. لكنهم يرغبون في رؤية ما نعرضه".