أجهزة تحسين السمع تداني نظارات القراءة انتشاراً

أسهم تحديث القواعد الناظمة والتقنيات التي طرحتها شركات السمعيات في رواج استخدام أجهزة تحسين السمع

time reading iconدقائق القراءة - 10
سماعات \"إتش بي هيرينغ برو\" (إلى اليسار) وجهاز \"سينهايزر أول داي كلير سليم\" المساعد على السمع - المصدر: بلومبرغ
سماعات "إتش بي هيرينغ برو" (إلى اليسار) وجهاز "سينهايزر أول داي كلير سليم" المساعد على السمع - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

زارني في نيويورك أخيراً أصدقاء لم ألتقهم منذ سنين، وارتأيت أن صالة "غوتو" يابانية الأجواء في حي لور إيست سايد هي أنسب ملتقى نتسامر فيه، إذ تضفي إضاءتها الكهرمانية بهاءً على مرتاديها كما أن قوائم ما تقدمه من أفضل ما تجده في هذه المدينة.

عادةً ما تكون موسيقاها خفيضةً، لكن في تلك الأمسية كانت أغنية (God Was Never on Your Side) لفرقة "موتورهيد" تصدح عبر مكبرات الصوت، وإن لم تبلغ شدة صخبها ما يثقب طبلة الأذن، وذلك مما تشتهر به تلك الفرقة. مع ذلك، بالكاد أمكنني أن أسمع من يحدثونني على بعد نحو متر، إذ أنني بتّ أواجه صعوبة في تبادل أطراف الحديث وسط الضجيج حين أخرج للسهر، وسبب جزء من ذلك هو الأمسيات التي لا تعدّ ولا تحصى التي أمضيتها في نوادٍ صاخبة وفي حفلات فرقة "موتورهيد" التي حضرتها.

لكن بدل أن يفوتني الحديث أو أن اضطر لأن أميل بجسدي كي أسمع، استخدمت سمّاعات الأذن "هيرينغ برو" (Hearing Pro) من "إتش بي" التي تبدو كسمّاعات عادية وغالباً ما تُستخدم لتلك الغاية، فتمكّنك من الاستماع إلى الأغاني أو تلقّي الاتصالات، إلا أنها تنتمي في الواقع إلى موجة جديدة من الأجهزة المساعدة على السمع. فهي تأتي بتقنية حجب ضجيج مكنتها من تخفيت صخب الموسيقى إلى ما يشبه تمتمة في الخلفية، فيما وجهت الميكروفونات نحو من كنت أتحدث معهم من خلال خاصية تركيز يديرها تطبيق.

تباطؤ الطلب يدفع "ميتا" إلى خفض أسعار سماعات الرأس "كويست"

ضعف إقبال تاريخي

"إتش بي" هي واحدة من شركات الإلكترونيات المشهورة الكثيرة التي تعاونت مع صنّاع أجهزة تحسين السمع لجعل استخدام هذه الأجهزة منتشراً بقدر استخدام نظارات المساعدة على القراءة.

طرحت شركة "سوني" العام الماضي سمّاعات (CRE-C10s) التي تتموضع غير ظاهرةً في قناة الأذن ولها بطاريات تدوم لما يداني 70 ساعةً. أما جهاز مساعدة السمع "أول داي كلير سليم" (All-Day Clear Slim) من "سينهايزر إلكترونيك" (Sennheiser Electronic) فيجمع جزءاً يوضع خلف الأذن وجهاز استقبال أشبه بسمّاعة لا يلج قناة الأذن برمته، ويمكنك أن تستخدم هذا الجهاز للاستماع إلى الموسيقى أو الحديث عبر الهاتف أو حتى أن توصله بالتلفاز.

بحسب المركز الوطني للشيخوخة، يعاني نحو 48 مليون أميركي قدراً من ضعف السمع، ولكن 20% منهم فقط يسعون لمعالجة ذلك، وتقلّ هذه النسبة بين المصابين بضعف سمع خفيف، وهم الأكثر بين من يعانون ضعفاً في أسماعهم.

تصل عادةً الفترة الفاصلة بين الاشتباه بفقدان جزء من السمع وإعداد جهاز تحسين سمع ملائم إلى حوالي 10 سنوات. قال نايلز غرانهولم- ليث، رئيس قسم بحوث الملكية الخاصة في بنك "كارنغي" الاستثماري: "إنها سوق لا يحبّذ المستهلك أن يكون جزءاً منها". ويعزى جزء من هذا التردد لارتفاع أسعار أجهزة السمع تاريخياً، بحيث يبلغ معدل سعر زوج من سماعات مساعدة السمع 4672 دولاراً، بحسب مسح أجراه حديثاً موقع "هيرينغ تراكر" (HearingTracker).

الهند تبدأ تصنيع مكوّنات سماعات الأذن لـ"أبل"

تغيير القوانين الناظمة

ولكن هذا الأمر بدأ يتغير منذ العام الماضي حين سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية ببيع أجهزة مساعدة السمع للمستهلكين في الولايات المتحدة دون حاجة إلى وصفة طبية. فيما كان ينبغي شراء هذه الأجهزة من قبل من خبير يفحص السمع ثم يعدّ سمّاعات تناسب صاحبها.

قال نيك كلوبير، المؤسس الشريك لشركة "ليكسي هيرينغ" (Lexie Hearing) في جنوب أفريقيا التي تعاونت في 2022 مع شركة "بوز" (Bose) لتطرح مجموعة أجهزة مساعدة للسمع تباع دون وصفة طبية: "تضاعفت أعمالنا عشر مرات بين ليلة وضحاها حين تغيرت هذه القواعد التنظيمية". إن جهاز "ب 2" (B2)، الذي طرحته الشركة بسعر 999 دولاراً، أكثر راحةً عند استخدامه طوال اليوم مقارنةً بالسماعات العادية، ويشمل التطبيق المصاحب له دعماً عبر برنامج دردشة ونصوص وفيديو، ويرى كلوبير ذلك مهماً لأن العملاء يرغبون ببيئة متكاملة، وليس بجهاز فحسب.

تقدم معظم شركات صناعة أجهزة مساعدة السمع اختبارات سمع بسيطة عبر مواقعها الإلكترونية تنبّه من يعانون ضعفاً أشد في السمع لضرورة السعي لرعاية طبية اختصاصية. كما يمكن لبعض الأجهزة مثل سمّاعات "إتش بي" التي كنت أستخدمها أن توفر فحصاً للسمع خلال الإعدادات الأولية، التي تساعد على تصميم خدمة تناسب احتياجاتك، ويشمل ذلك عرضاً مرئياً ذكياً يبين لك الترددات التي تعجز عن سماعها.

تأتي معظم التقنية التي تقف خلف هذه الابتكارات من شركة "نوهيارا" (Nuheara) الأسترالية التي تعاونت مع "إتش بي" عام 2020. أمّا سعر سماعات "هيرينغ برو" فيبلغ 499 دولاراً فقط.

وصمة اجتماعية

أمّا السبب الثاني الذي يحدّ من الإقبال على أجهزة مساعدة السمع فهو ما يصاحبها من وصمة اجتماعية. لكن لحسن الحظّ فإن هذا يتغير أيضاً، فطرح هذه الأجهزة بأسعار مقبولة واقترانها بعلامات تجارية معروفة يساعد على استقطاب جمهور جديد. قال كلوبير: "ما يزيد عن 90% من عملائنا يستخدمون أجهزة مساعدة على السمع للمرة الأولى... إن عمر مستخدمي أجهزة مساعدة السمع يبلغ عادة بين 70 و71 عاماً، ولكن بحسب البيانات التي رأيناها فإن جلّ عملائنا، وعددهم عشرات الآلاف، هم أصغر بنحو تسع سنوات من ذلك".

ينسجم استقطاب المستخدمين الشباب، لا الأصغر سناً فقط، مع تغير الصورة حول صحة السمع. فقد أظهرت الدراسات أن أبناء جيل الألفية والجيل "زد"، الذين نشأوا وهم يستعملون سماعات الأذن طوال الوقت، يعانون ضعف السمع بنسب 10% و17% على التوالي.

قالت ليزا يونغ، مديرة التقنية الاستهلاكية لدى شركة استشراف التوجهات المستقبلية "دبليو جي إس إن" (WGSN): "نحن نرى عقليات وآراء متباينة تماماً بين الأجيال فيما يخص أجهزة تحسين السمع... أصبح المستخدمون أصغر سناً اليوم، وقلّت الحواجز التي تعترض التقبل. فالجيل القديم أكثر خجلاً، لكن الشباب معتادون على ارتداء سماعات الأذن، لذا يعتبرون أجهزة مساعدة السمع مجرد جهاز صوتي آخر".

"أبل" تطلق جيلاً جديداً من سماعات "Airpods"

خيارات واسعة

قد يكون التمييز بين الضوضاء والصوت الذي يلزم تعزيزه تحدياً عند استعراض المواصفات، فلو بحثت عبر موقع "أمازون" عن أجهزة مساعدة للسمع تباع دون وصفة طبية، ستقع على عشرات النتائج، كثير منها تطرحها "مصادر رديئة" لا تحظى بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، حسب ما رصده الاستشاري في القطاع توماس باورز الذي أعدّ أجهزة مساعدة سمع الرئيس رونالد ريغان وغيره من الرؤساء الأميركيين.

قال باورز إن بعض تلك المنتجات تزعم أنها تساعد على استعادة السمع الطبيعي ومعالجة فقدان السمع الشديد، وأضاف أن أغرب ما وجد كان "من يزعمون أنهم يستخدمون تقنية من وكالة الاستخبارات المركزية... لم أعمل قطّ لدى وكالة الاستخبارات المركزية ولكن لا أعتقد أنها ترخّص تقنياتها للاستخدام التجاري".

ما يزال هناك مجال واسع لإحداث تحوّل في السوق التي تقدّر قيمتها بـ7.71 مليار دولار ويتوقّع أن يتضاعف حجمها خلال العقد المقبل. خلال الفصل الأول من 2023، شكّلت أجهزة مساعدة السمع المباعة دون وصفات طبية 1% فقط من إجمالي أجهزة مساعدة السمع التي باعها أعضاء في جمعية الصناعات السمعية.

أعلن باتريك كوين، نائب رئيس شركة "جي في سي كينوود" (JVCKenwood) أن الشركة ستطرح هذا الشهر جهاز مساعدة السمع (EH-Z1500) بسعر ألف دولار، وهو مزوّد بدعم مستهلكين عبر الفيديو وبرنامج دردشة مدعومين بالذكاء الصناعي، إلى جانب خدمات استشارية صحية عبر الإنترنت على مدار الساعة طوال الأسبوع.

هناك أيضاً شركة "أبل" الرائدة في سوق سمّاعات الأذن اللاسلكية، وقد كان لها 32% من مبيعات العام الماضي، حسب شركة "كاناليس" (Canalys) التحليلية. إذ تعمل "أبل" على إعداد خاصية لفحص السمع تبثّ نغمات وأصوات مختلفة لتتيح للسمّاعات تحديد مدى قوة سمع المستخدم.

حتى شركة صناعة النظّارات "إسيلور لوكسوتيكا" (EssilorLuxottica) التحقت بالركب، بعدما استحوذت على الشركة الإسرائيلية الناشئة "نوانس هيرينغ" (Nuance Hearing) من أجل تطوير نظارات تقليدية بإطارات مستطيلة مزوّدة بأجهزة مساعدة للسمع. إذاً سيمكنك أن تبدو مثل كلارك كنت وأن تتمتع بإحدى قدرات "سوبرمان".

[object Promise]

  • " سينهايزر أول داي كلير سليم" (Sennheiser All-Day Clear Slim)

تجمع بين جسم يوضع خلف الأذن وجهاز استقبال على شكل سمّاعة توضع على مدخل قناة الأذن، ما يعني أن استخدامها قد يكون مريحاً أكثر لبعض الناس. يتضمّن التطبيق أدوات تحكّم بسيطة، تقتصر على موازن أصوات لثلاثة نطاقات وزر تبديل لتقليل ضوضاء الريح. كما تتيح خاصية الاتصال عبر البلوتوث إجراء الاتصالات الهاتفية والاستماع إلى الموسيقى. يمكن شحن الجهاز داخل علبة على شكل قوقعة يتعين وصلها بالكهرباء لثلاث ساعات تتيح استخدامه لـ16 ساعة. السعر: 1500 دولار.

  • "إتش بي هيرينغ برو" (HP Hearing Pro)

يُنصح الأشخاص غير المتأكدين مما إذا كانوا بحاجة لجهاز مساعدة سمع متكامل بأن يفكروا بهذا الجهاز، إذ أن أداءه مثير للإعجاب نسبة لسعره، ومع أن حجمه أكبر من الأجهزة الأخرى الواردة على القائمة، فهذا لا يؤثر عليه حيث يبدو كالسمّاعات العادية. (يمكنك حتّى أن تغلق خاصية مساعدة السمع وتستخدمه كسمّاعات عادية). يمكن شحن هذا الجهاز داخل العلبة، وهذا أمر مفيد نظراً لأن أمد التشغيل هو 8 ساعات عند استخدامه كجهاز مساعد للسمع، وما يصل إلى خمس ساعات للبثّ عبر "بلوتوث". السعر: 499 دولاراً.

  • "جبرا إنهانس بلس" (Jabra Enhance Plus)

صُمّم جهاز مساعدة السمع هذا على شكل سمّاعات غير ملفتة بها أربع ميكروفونات ومعه عدة أقماع بأحجام مختلفة لتناسب قطر مدخل قناة السمع وله قدرات حجب ضجيج تفوق السائد. كما أنه يوفر تجربة استماع مريحة كسماعة أذن. وعلى الرغم من حجمه الصغير، إلا أنه يمكن استخدامه لـ12 ساعة بعد شحنه، ويمكن لبطارية علبة الجهاز أن تشحنه لمرتين تقريباً كما الحال مع "إير بودز"، ما يعني أن البطارية ستكفيك لمدة طويلة. كما أن تخصيص إعداداته سهل وواضح، لكن هذا الجهاز لا يعمل إلا مع "أيفون". السعر: 799 دولاراً.

[object Promise]
تصنيفات

قصص قد تهمك